الطوباويّ يوحنّا بولس الثاني (1920-2005)، بابا روما الإرشاد الرّسولي "الكنيسة في أوروبا (Ecclesia in Europa)"، العدد 13 يوحنّا المعمدان شَاهِدُ الإيمان
أريد أن أعرض عليكم مرّة أخرى، لكيلا يتم نسيان هذا الأمر أبدًا، علامة الرّجاء الّتي شكّلها العديد من شهود الإيمان المسيحي الّذين عاشوا في القرن العشرين في الشّرق كما في الغرب. لقد عرفوا أن يعيشوا حياة الإنجيل في ظروفٍ عدائيّة وظروف اضطهاد، أدّت في كثير من الأوقات إلى أن يشهدوا الشّهادة الأخيرة بسفك دمائهم. إن هؤلاء الشّهود، وبخاصّة من سلك منهم درب الاستشهاد، يشكّلون علامة بليغة ورائعة، مطلوبٌ منّا أن نتأمّلها ونقتدي بها. لقد شهدوا أمام أعيننا على حيويّة الكنيسة؛ لقد بدوا كنورٍ للكنيسة وللإنسانيّة، لأنّهم جعلوا نور الرّب يسوع المسيح يسطع في الظّلمات. وكونهم ينتمون إلى كنائس مختلفة، فإنّهم بذات الفعل يسطعون كعلامة رجاءٍ من أجل المسيرة المسكونيّة، في وقت نحن فيه على يقين أن دماءهم تشكّل بذرة وحدة للكنيسة. وبصورة أكثر جذريّة، يقول لنا هؤلاء الشّهداء أن الاستشهاد هو التّجسيد الأسمى لإنجيل الرّجاء. بالفعل، فإنّ هؤلاء قد بشّروا بالإنجيل وبشهادة حياتهم حتى الاستشهاد، لأنّهم كانوا واثقين أنّهم لا يستطيعوا أن يحيوا من دون الرّب يسوع المسيح وأنّهم مستعدّين للموت من أجله وفقًا لقناعتهم بأنّ يسوع هو الرّب وهو مخلّص البشر وأنّ به وحده يستطيع الإنسان أن يجد ملء الحياة الحقيقيّ. هكذا وحسب قول القدّيس بطرس أظهروا أنّهم "مُستَعِدِّينَ لأَن يَرُدُّوا على مَن يَطلُبُ مِنهم دَليلَ ما هم علَيه مِنَ الرَّجاء" (1بط 3: 15). في سياقٍ آخر، فإنّ الشّهداء يحتفلون بإنجيل الرّجاء لأنّ تقدمة حياتهم تشكّل التّجلّي الأكبر والأبرز لتلك "الذَبيحَة الحَيَّة المُقَدَّسة المَرْضِيَّة عِندَ الله. فهذِه هي عِبادَتُهمُ الرّوحِيَّة" (رو 12: 1) وهي مصدر وروح وقمّة كل الاحتفالات المسيحيّة. وأخيرًا، فإنّهم يخدمون إنجيل الرّجاء لأنّهم، باستشهادهم، فإنّهم يعبرّون إلى أقصى حدود الحبّ وخدمة الإنسان بما برهنوه بأنّ الطّاعة لشريعة الإنجيل تولّد حياةً أخلاقيّة وصداقة تُشَرِّفان وتحثّان على كرامة وحرّية كل إنسان.
الإنجيل اليوميّ بحسب الطقس اللاتينيّ/الجمعة 07 شباط/فبراير 2014