رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس .10-6:2 ومع ذلك فإِنَّنا على حِكمَةٍ نَتَكلَّمُ بَينَ المُؤمِنينَ الرَّاشدين، ولَيسَت بحِكمَةِ هذِه الدُّنْيا ولا بِِحِكمَةِ رُؤَساءِ هَذِه الدُّنْيا، ومَصيرُهُم لِلزَّوال، بل نَتَكلَّمُ على حِكمَةِ اللهِ السِرِّيَّةِ الَّتي ظلَّت مكتومةً في الماضي، تلكَ الَّتي أَعَدَّها اللهُ قَبلَ الدُّهورِ في سَبيلِ مَجْدِنا. ولَم يَعرِفْها أَحَدٌ مِن رُؤَساءِ هذِه الدُّنْيا، ولَو عَرَفوها لَما صَلَبوا رَبَّ المَجْد، ولَكن، كما وَرَدَ في الكِتاب: «ما لم تَرَهُ عَيْنٌ ولا سَمِعَت بِه أُذُنٌ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر، ذلكً ما أَعدَّه اللهُ لِلَّذينَ يُحِبُّونَه» فلَنا كَشَفَه اللهُ بِالرُّوح، لأَنَّ الرُّوحَ يَفحَصُ عن كُلِّ شَيء حتَّى عن أَعماقِ الله.
إنجيل القدّيس متّى .37-17:5 في ذلك الزّمان: قالَ يسوع لِتَلاميذه: «لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ الشَّريعَةَ أَوِ الأَنْبِياء ما جِئْتُ لأُبْطِل، بَل لأُكْمِل. الحَقَّ أَقولُ لَكم: لن يَزولَ حَرْفٌ أَو نُقَطَةٌ مِنَ الشَّريعَة حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيء، أَو تزولَ السَّماءُ والأَرض. فمَن خالفَ وَصِيَّةً مِن أَصْغَرِ تِلكَ الوَصايا وعَلَّمَ النَّاسَ أَن يَفعَلوا مِثْلَه، عُدَّ الصَّغيرَ في مَلَكوتِ السَّمَوات. وأَمَّا الَّذي يَعمَلُ بِها ويُعَلِّمُها فذاكَ يُعَدُّ كبيرًا في ملكوتِ السَّمَوات. فإِنِّي أَقولُ لكم: إِن لم يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفِرِّيسيِّين، لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّموات. سـَمِعْتُمْ أَنَّهُ قيلَ لِلأَوَّلين: «لاتَقْتُلْ، فإِنَّ مَن يَقْتُلُ يَستَوجِبُ القَضـاء». أَمَّا أَنا فأَقولُ لَكم: مَن غَضِبَ على أَخيهِ استَوجَبَ حُكْمَ القَضاء، وَمَن قالَ لأَخيهِ: «يا أَحمَق» اِستَوجَبَ حُكمَ المَجلِس، ومَن قالَ لَه: «يا جاهِل» اِستَوجَبَ نارَ جَهنَّم. فإِذا كُنْتَ تُقَرِّبُ قُربانَكَ إِلى المَذبَح وذكَرتَ هُناكَ أَنَّ لأَخيكَ علَيكَ شيئًا، فدَعْ قُربانَكَ هُناكَ عِندَ المَذبح، واذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك، ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك. سارعْ إِلى إِرضاءِ خَصمِكَ ما دُمْتَ معَه في الطَّريق، لِئَلاَّ يُسلِمَكَ الخَصمُ إِلى القاضي والقاضي إِلى الشُّرطِيّ، فتُلْقى في السِّجْن. الحَقَّ أَقولُ لَكَ: لن تَخرُجَ مِنه حتَّى تُؤدِّيَ آخِرَ فَلْس. في ذَلِكَ الزَّمان: قالَ يَسوعُ لِتَلاميذِهِ: سَمِعْتُم أَنَّه قيل: «لا تَزْنِ». أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: مَن نظَرَ إِلى امرأَةٍ بِشَهْوَة، زَنى بِها في قَلبِه. فإِذا كانت عينُكَ اليُمنى سَبَبَ عَثْرَةٍ لَكَ، فاقلَعْها وأَلْقِها عنك، فَلأَنْ يَهلِكَ عُضْوٌ مِن أَعضائِكَ، خَيْرٌ لَكَ مِن أَن يُلقى جَسَدُكَ كُلُّه في جَهنَّم. وإِذا كانت يَدُكَ اليُمنى حَجَرَ عَثْرَةٍ لَكَ، فاقطَعْها وأَلْقِها عنك، فَلأَنْ يَهلِكَ عُضوٌ مِن أَعضائِكَ خَيرٌ لكَ مِن أَن يَذهَبَ جسدُكَ كُلُّه إِلى جَهنَّم. وقد قيل: «مَن طلَّقَ امرأَتَه، فلْيُعْطِها كِتابَ طَلاق». أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: مَن طلَّقَ امرأَتَه، إِلاَّ في حالةِ الفَحْشاء عرَّضَها لِلزِّنى، ومَن تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةً فقَد زَنى. في ذَلِكَ الزَّمان: قَالَ يَسوعُ لِتَلاميذِه: «سَمِعتُم أَيضًا أَنَّه قِيلَ لِلأَوَّلين: لا تَحْنَثْ، بل أَوفِ لِلرَّبِّ بِأَيْمانِكَ، أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم: لا تَحلِفوا أَبدًا، لا بِالسَّماءِ فهِيَ عَرشُ الله، ولا بِالأَرضِ فهيَ مَوْطِئُ قدَمَيْه، ولا بِأُورَشليم فهيَ مَدينةُ المَلِكِ العَظيم. ولا تَحلِفْ بِرأسِكَ فأَنتَ لا تَقدِرُ أَن تَجعَلَ شَعرةً واحِدَةً مِنه بَيضاءَ أَو سَوداء. فلْيَكُنْ كلامُكم: نعم نعم، ولا لا. فما زادَ على ذلك كانَ مِنَ الشِّرِّير.
المجمع الفاتيكانيّ الثاني "نور الأمم (Lumen Gentium)"، دستور عقائدي في "الكنيسة"، العدد 9 "لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ الشَّريعَةَ أَوِ الأَنْبِياء ما جِئْتُ لأُبْطِل، بَل لأُكْمِل"
"إن ّمَن اتَّقى الله مِن أَيَّةِ أُمَّةٍ كانت وعَمِلَ البِرَّ كانَ عِندَه مَرضِيًّا" (أع 10: 35). غير أن الله قد شاء أن يقدّس الناس ويخلّصهم، لا متفرّقين بدون ما ترابط فيما بينهم، بل أراد أن يجعلهم شعباً يعرفه في الحقيقة ويخدمه في القداسة. فاختار لنفسه شعب إسرائيل شعباً، وقطع معه عهداً، ونشّأه شيئاً فشيئاً، مُظهِرًا له نفسه ومقاصده في غضون تاريخه، ومقدّساً إيّاه لنفسه.
بيد أن هذا كلّه كان على سبيل التهيئة والرمز للعهد الجديد الكامل الذي سيبرم في الرّب يسوع المسيح، وللوحي الكامل الذي سينزل به كلمة الله المتجسد نفسه: " ها إِنَّها تَأتي أَيَّام، يقولُ الرَّبّ، أَقطعُ فيها مع بَيتِ إِسْرائيلَ (وبَيتِ يَهوذا) عَهداً جَديداً... ولكِنَّ هذا العَهدَ الَّذي أَقطَعُه... يَقولُ الرَّبّ، هو أَنِّي أَجعَلُ شَريعَتي في بَواطِنِهم وأَكتُبُها على قُلوبِهم، وأَكونُ لَهم إِلهًا وهم يَكونونَ لي شَعبًا...
وجَميعَهم سيَعرِفوَنني مِن صَغيرِهم إِلى كبيرِهم، يَقولُ الرَّبّ، لِأَنِّي سأَغفِرُ إِثمَهم ولن أَذكُرَ خَطيئَتَهم مِن بَعدُ" (إر31: 31-34). فهذا العهد الجديد هو العهد الذي أبرمه الرّب يسوع المسيح، العهد الجديد بدمه (راجع 1كور11: 25)، داعياً اليهود والأممييّن ليجعل منهم شعباً يجتمع في الوحدة، لا بحسب الجسد بل بحسب الروح، فيصيروا شعب الله الجديد: "ذُرِّيَّةً مُختارة وجَماعةَ المَلِكِ الكَهَنوتِيَّة وأُمَّةً مُقَدَّسَة وشَعْبًا اقتَناه اللهُ"... (1بط2: 9).
وكما أنّ اسرائيل بحسب الجسد قد دعي، فيما كان سالكًا في القفر، بكنيسة الله (عز13: 1، عد20: 4، تث23: 1 وما بعده)، كذلك اسرائيل الجديد، السالك في الدّهر الحاضر، "إِنَّما يَسْعى إِلى مَدينَةِ المُستَقبَل" (عب13: 14)، وقد دعي هو أيضًا بكنيسة الرّب يسوع المسيح (متّ 16: 18)، لأنه هو الذي اقتناها بدمه (أع 20: 28)، وملأها من روحه، وجهّزها بالوسائل المؤاتية لأجل اتّحادها الظاهر والمجتمعّي.
الإنجيل اليوميّ بحسب الطقس اللاتينيّ/ الأحد 16 شباط/فبراير 2014