منذ القرن الثاني عشر، التجأت الكنيسة إلى صلاة الوردية في أوقات الصعوبات والضيقات. وفي عام 1569، كرّس القديس بيوس الخامس صلاة الوردية رسميًا، وعزا إلى تلاوتها سقوط الهرطقة واهتداء الكثير من الناس. وحثّ المؤمنين على تلاوتها في تلك الفترة "المليئة بالهرطقات، والمضطربة كثيرًا بسبب الحروب والفساد الاخلاقي للبشر". كتب ليون الثالث عشر (1878-1903)، المعروف برسائله في القضايا الاجتماعية ومنها "الثورة الجديدة" (1891) حول ظروف العامل، ما لا يقلّ عن 16 وثيقة عن الوردية وبضمنها بعض الرسائل الرسولية. كتب "بابا الوردية" هذا أوّل رسالةٍ رسولية له حول الوردية عام 1883، بمناسبة مرور 25 عامًا على ظهورات لورد. وروى في الرسالة دور القدّيس عبد الأحد الذي ساعدت مواعظه حول الوردية على هزيمة الهراطقة البيجان (Albigensian heretics) في جنوب فرنسا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. وكتب البابا أنّ القديس عبد الأحد "هاجم أعداء الكنيسة الكاثوليكية ليس بقوة السلاح، بل بالوثوق بتلك التقوى وكان أوّل من أطلق عليها اسم المسبحة الوردية". بالعودة إلى الحاجة إلى الوردية في زمنه، كتب البابا أنّ أحد المشاهد المؤلمة كثيرًا هي رؤية العديد من الأنفس، التي تحررت بدم المسيح، تُنتزع من الخلاص بسبب الخطيئة، وأنّ "الحاجة إلى العون الإلهي كبيرة كما كانت عندما أدخل عبد الأحد صلاة الوردية كبلسم يداوي جروح معاصريه". وكرّس البابا بيوس الثاني عشر (1922-1939) رسالته الأخيرة عن الوردية في 29 سبتمبر 1937، وفي ذات السنة كتب رسالةً أخرى انتقدت النازيين، ثمّ رسالة "الفادي الإلهي والتي قال فيها عن الشيوعية الملحدة "أنّها تهدف إلى الإخلال بالنظام الاجتماعي وتقويض الأسس المتينة للحضارة المسيحية".ومن خلال انتقاده لروح العصر وتكبّره، دعا البابا إلى تلاوة صلاة الوردية التي "لها عطر البساطة الانجيلية" وتلك التي "تمنح تواضع الروح". وأضاف: "هناك عدد كبير لا يُحصى من القديسين في كل العصور والأماكن يعتبرون هذه الصلاة ثمينة. تلوها بتقوى كبيرة، وفي كل لحظة استخدموها كسلاحٍ فعّال ليهزموا الشرير، وليحافظوا على كمال الحياة، وليكتسبوا الفضائل، وبكلمةٍ واحدة ليحصلوا على السلام الحقيقي بين البشر". في عام 1951، كتب البابا بيوس الثاني عشر (1939-1958) عن تلاوة الوردية: "لا نتردد في التأكيد علنًا أنّنا نضعُ ثقتنا في صلاة الوردية لطرد الشرور التي يعاني منها عصرنا. ليس بالقوة، ولا بالسلاح، ولا بقوة البشر، بل بالعون الإلهي الذي نحصل عليه من خلال معاني هذه الصلاة، القوية مثل قوس داود، والذي تقدر الكنيسة بواسطته مواجهة العدو الأبدي". "تلاوة هذه الصلاة تسمحُ لنا بتوجيه نظرنا وقلوبنا إلى يسوع وإلى أمّه، المثال الأعلى للتأمل في الابن" هذا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر عام 2010 عند سيدة فاطيما، مضيفاً: "يجعلنا التأمّل بأسرار الفرح، النور، الحزن والمجد بينما نتلو السلام الملائكي، أن نتأمّل في سرّ يسوع العميق، من التجسد مرورًا بالصليب إلى مجد القيامة؛ يجعلنا نتأمّل في مشاركة مريم الحميمة في سرّ حياة المسيح فينا اليوم، الحياة بفرحها وحزنها، بظلمتها ونورها، بخوفها ورجائها"."النعمة تملكُ قلوبنا، تحثنا على تغيير حاسم لحياتنا بحسب روح الانجيل، بحيث نستطيع القول مع مار بولس "الحياة عندي هي المسيح" (فيلبي 1، 21) في شركة حياة مع المسيح".
كيف نشأت صلاة المسبحة الوردية؟ : يا ملكة السلام، صلّي لأجلنا!