هامبستيد : عش خارج لندن وأنت وسط لندن

هامبستيد هيث منطقة مرتفعة حافلة بالحقول والغابات

</TD>

هامبستيد: عش خارج لندن وأنت وسط العاصمة

لندن ـ كريستوف دريسن: أين يمكن أن تلتقي في الطريق مع ليام جلاجر المغني الرئيسي بفريق أواسيز الغنائي البريطاني أو نجم الطهاة البارز جيمي أوليفر؟ وأين يمكنك أن تمارس هواية المشي فوق المرتفعات لساعات ووسط حقول وغابات بمكان لا يبعد عن موقع ساعة بيج بن سوى بأربع محطات بمترو الأنفاق؟

الجواب بالطبع هو حي هامبستيد الذي يعد أجمل مكان في العاصمة البريطانية لندن.
وكانت المناطق في هذا الحي التي أصبحت الآن مرتفعة الأسعار إلى حد لا يقدر عليه الكثيرون عبارة عن مساكن عشوائية في الماضي تشبه أماكن مثل نوتنج هيل وإيسلينجتون على سبيل المثال.

ومع ذلك فقد كان حي هامبستيد الذي يقع شمالي وسط لندن موقعا فريدا، ففي القرن الثامن عشر كان عبارة عن المنطقة الترويحية للعاصمة بسبب موقعه المرتفع الذي يعلو على السحابة الضبابية والدخانية سيئة السمعة والتي تحيط بأول منطقة صناعية في العالم.

وحيث أن وحش المناطق الحضرية واصل انتشاره وابتلع في النهاية جميع الأراضي المحيطة بهامبستيد فإن المنطقة المعزولة ذاتها ظلت سالمة، ولا يزال المواطنون يشعرون بأنهم يعيشون في مشارف المدينة إذا لم يكن في المنطقة الريفية ذاتها.

ويرجع ذلك في المقام الأول إلى منطقة هامبستيد هيث وهي منطقة مرتفعة حافلة بالحقول والغابات، ووسط الطقس الجيد يبدو أن نصف سكان لندن يتجهون إلى هذه المنطقة، وتوجد بحيرة يسبح فيها الرجال بينما توجد " بركة مختلطة للجنسين " يمكن أن تسبح فيها السيدات.

وتعد ضيعة كينوود هاوس الفاخرة مقصدا لكثير من الزوار وتوجد بها قاعة لعرض اللوحات الفنية، وفي فصل الصيف يستضيف هذا الجزء من المروج حفلات موسيقية كل يوم سبت يتم الاستمتاع بها بذوق إنجليزي رفيع حيث يجلس الزوار على ملاءات يتناولون عليها الطعام في الهواء الطلق ويستمعون للموسيقى الراقية والتي تكون عادة من نوعية الكلاسيك وهم يتناولون الشراب.
ويتمتع فصل الخريف أيضا بسحره الخاص، وفي فترات بعد الظهر أيام الأحد المشمسة يحب سكان لندن أن يمارسوا ألعاب الطائرات الورقية من أعالي تل البرلمان.
وهذه الطائرات الورقية مختلفة الأشكال وزاهية الألوان تحلق وسط الضوء الناعم للشمس الغاربة وتعلو على المشهد الرائع لوادي نهر التيمس ومدينة لندن التي تبدو وكأنها تمتد بلا نهاية، وعندما تخوض هذه التجربة فيمكنك عندئذ أن تفهم السبب وراء استعداد كثير من الأشخاص لأن يتحملوا المناطق السكنية شديدة الازدحام وقطارات مترو الأنفاق المكدسة بالركاب والحساب المصرفي الذي يتم السحب منه غالبا على المكشوف من أجل العيش في هذه المدينة.
ومثلما هرب كارل ماركس إلى لندن في القرن التاسع عشر فعل ذلك العديد من الألمان حيث شقوا طريقهم إلى هذه الحاضرة العالمية وكان حي هامبستيد دائما أول اختيار لهم، وولد في هذا الحي عام 1921 الممثل الشهير بيتر أوستينوف الذي كان والده يعمل ملحقا صحفيا بالسفارة الألمانية بلندن.
وبعد أن وصل النازي إلى الحكم في ألمانيا عام 1933 بدأت موجة من الهجرة تتدفق من ألمانيا على لندن وظهر عدد من المخابز والأندية والمطاعم الألمانية بالعاصمة البريطانية، ومن بين أبرز القادمين الذين يتحدثون الألمانية عالم النفس الشهير سيجموند فرويد.
وقد وصل فرويد إلى هامبستيد من فيينا التي احتلها النازي وهو يعاني من مرض السرطان عام 1938 تملأه الرغبة في " الموت وسط جو الحرية "، وقد جلب معه كل متعلقاته بما فيها أريكة الطب النفسي التي كان يرقد عليها مرضاه في عيادته ويمكن رؤيتها في فيلا فرويد التي تحولت الآن إلى متحف.
ولم يعد حي هامبستيد اليوم مستعمرة للفنانين مثلما كان الحال لفترة طويلة لأنه ببساطة مرتفع الأسعار إلى حد كبير.
غير أنه أصبح منطقة سكنية يحبها نجوم الغناء وممثلو هوليوود، ويمكن رؤية هيلينا بونهام كارتر صباح يوم الأحد وهي تلقي بالزجاجات الفارغة في حاوية لإعادة تدوير الزجاج بمنطقة لين بإنجلترا بينما لا تزال الممثلة إيما طومسون الفائزة بالأوسكار تعيش في نفس الشارع الذي كبرت فيه خلال الستينات من القرن الماضي.
ويثمن نجوم المجتمع من الشخصيات التي تتمتع بالثروة أو الجمال حقيقة أنهم لا يشعرون بالقلق من تكالب المعجبين عليهم في هامستيد للحصول على التوقيعات في الأوتوجراف، حيث لا يسعى سكان الحي لمثل هذا التصرف بل ويتصرفون وكأنهم لا يعرفون النجوم. " دب أ "
xtrx