|
| الكنيسة الكلدانية / تأمّل في إنجيل الأحد الأول من الصوم: الصوم والصراع الروحيّ | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
siryany عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 8408 مزاجي : تاريخ التسجيل : 13/09/2012 الابراج :
| موضوع: الكنيسة الكلدانية / تأمّل في إنجيل الأحد الأول من الصوم: الصوم والصراع الروحيّ السبت 1 مارس 2014 - 21:38 | |
|
الكنيسة الكلدانية
تأمّل في إنجيل الأحد الأول من الصوم: الصوم والصراع الروحيّ
الأب فريد بطرس
لاتخلو حياة إنسانيّة إيمانيّة مهما ارتقت روحيّاً وتقدمت فضيلةً من صراع تعيشه بين ذات تسعى لكي تكون أمينة لحياة النعمة وعمل الروح القدس والبنوة الإلهيّة , وبين صوت شيطاني يغريها لكي تتمرد وتنساق وراء إغراءات الشر والخطيئة. يأتي المؤمن الصادق العميق إلى الصوم وكلّه رغبة بالتحرّر من استعبادات الخطيئة والميول المنحرفة , والوصول إلى حالة من السلام الداخلي وتوقف الصراع الروحيّ , فيُفاجىء وإذا بالصوم يدفعه إلى مزيد من المواجهة الداخلية بين روح الحياة وشر الموت. فإذا كان الصوم طريقاً للتجرّد واكتساب الفضائل والتجلّي الإلهي , فأنّه يؤدي في الوقت نفسه إلى بشرية ضعيفة, تفتح الباب أمام استقبالين أساسيين: أمّا أن تكون الذات الإنسانية مستقبلة لابل مستسلمة لطاعة إلهيّة أبويّة, أو قد تكون مخترقة بالشيطان وتجاربه. إنّ يسوع بمسيرته البنويّة الإلهيّة والبشرية الواقعيّة, يقودنا إلى صيام أربعيني, يحّررنا من أوهام الكبرياء الروحي والقدرات البشرية الخارقة, ويبدد الطروحات والأفكار المجتمعيّة بانتظار مسيح سياسي وملك أرضي قوي. يدخل يسوع بإنسانيته الكاملة في مغامرة روحيّة , يقودها الروح القدس الذي نزل عليه في المعمودية, فيتحدى طغيان الشيطان , ويؤكّد بنوته الإلهيّة وأمانته لرسالته الروحيّة, التي لاتخضع لقوى الجسد والعالم وكبرياء الذات . إنّ يسوع بصيامه ومواجهته لتجارب الشيطان , يدخلنا في قلب صراع روحيّ إنسانيّ لابد من قبوله , لتعميق إيماننا وتجديده. يظهر هذا الصراع في ثلاث تجارب تواجهنا: فالصراع الأوّل يواجه جسدنا بحاجاته إلى الأكل والشرب والملبس والمسكن والجنس , والصحة الجسديّة والنفسيّة والاجتماعيّة..يأتي الشيطان ليستخدم تلك الحاجات كوسيلة إغرائيّة للوقوع في شباك الخطيئة. عاش يسوع جسدانيته الإنسانيّة بكل مافيها من ضعف وتعب وألم, ولكنه لم يسمح لها لتكون وسيلة للخضوع للشيطان, لان حاجته الاهم كانت حاجة إلى خبز الكلمة الإلهيّة وليس الخبز الدنيوي .. عندما تكون كلمة الله الحيّة خبزاً يومياً لحياتنا, لانشبع من أكله, تجعلنا طائعين لله , أقوياء في مواجهة حاجات الجسد, قادرين على التمييز فيما يجعلنا أبناء الروح وليس أبناء الجسد. ويستمر الشيطان في تجاربه, فيأخذ يسوع إلى شرفة الهيكل المقدس, مكان العبادة الرئيسي, المكان الاهم لحضور الأنا الإلهيّة.. أن يلقي يسوع بنفسه, فيجرب الله بعنايته, تضع الله في موقف المتلقي لطلباته بالتدخل والحماية من خلال ملائكته, فتؤدي إلىروح الكبرياء والتسلط بدلاً من روح الطاعة والخدمة... ينتصر يسوع على هذه التجربة, لأنه يعرف ارتباطه الكياني والوجودي بأبٍ, أتى ليخدم رسالته الخلاصية , لا ليتسلط ويظهر مجده الذاتي..لنسأل هنا أنفسنا:هل عندما نزداد دوراً او مركزاً او سلطة , نزداد اتضاعاً وخدمة أم نزداد تسلطاً وتكبرا؟ وتأتي التجربة الثالثة, لتبين أصالتنا الإنسانيّة في قدرتها على التجرّد عن ممتلكات هذا العالم المادي. يطلب إبليس من يسوع خضوعاً وسجوداً, ليعطيه مالاً وملكية ومجداً, فلايقبل يسوع إلّا بالسجود والعبادة للربّ الإله. يتسابق عالمنا على الماديات والتقنيات والاستهلاكيات, وشراء الممتلكات وتجميع المال بطريقة استعبادية, ظاهرها تحقيق للتطلعات والسعادة, ولكن باطنها خضوع للشيطان وابتعاد عن عبادة الله. سنبدأ مسيرة الصوم, وسترافقنا هذه الصراعات الثلاث بطريقة متباينة بقوتها ومختلفة من شخص إلى اّخر, وسيأتي الشيطان ومن معه ليجذبنا إلى عالم الجسد وشهواته, وكبرياء الذات وتسلطها, ونزعة التملك واستعبادها.. لابد من عيش الصراع الروحيّ بين الثبات والنمو في نعمة البنوّة بقوة الروح القدس ؛وتضليل الشيطان وخداعاته, وإخراجنا من حقيقتنا , وابعادنا عن خلاصنا. لايأتي انتصارنا إلّل باتّباعنا ليسوع في طاعته للكلمة الإلهيّة , والثقة بالاّب ومحبته, وبعبادته روحاً وحقا.وانتصارنا هذا يعني إنساناً جديداً وحياة جديدة.
| |
| | | | الكنيسة الكلدانية / تأمّل في إنجيل الأحد الأول من الصوم: الصوم والصراع الروحيّ | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |