أَمّا آلغَايَةُ مِمّا أَوصَيْتُكَ بِهِ فَهِيَ آلْمَحَبَّةُ آلنَّابِعَةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ صَالِحٍ وَإِيمَانٍ خالٍ مِنَ آلرِّياءِ.
(1تيموثاوس 1 : 5 )
اسباب الله لخلق العالم---(تكوين-1:1)
بدء الخليقة ---- في آلْبَدْءِ خَلَقَ آللهُ آلسَّمَوَاتِ وآلأَرْضَ
تعد هذه العبارة البسيطة: "خلق الله السماوات والأرض" من اكثر المفاهيم تحدياً في مواجهة الفكر الحديث. ان المجرة الشاسعة التي نحن جزء منها، تدور حول نفسها بسرعة لا تصدق هي 784 ألف كيلومتر في الساعة. ولكن رغم هذه السرعة الرهيبة، فإن مجرتنا يلزمها 200 مليون سنة لتدور حول نفسها دورة واحدة. وهناك أكثر من مليون مجرة شبيهة بمجرتنا.
ويقول بعض العلماء أن عدد النجوم في الكون يساوي عدد حبات الرمل التي على كل الشواطئ في العالم. ومع ذلك فإن هذا العدد اللانهائي من النجوم الدوارة يسير بنظام ودقة متناهيين. والقول بأن الكون "تكون بالصدفة" أو أنه "تطور" يحتاج الى إيمان أعظم من الإيمان بأن الله هو وراء كل هذه الأرقام المذهلة . فالله هو الذي خلق هذا الكون العجيب. ولن يكن الله مضطراً أن يخلق الكون، ولكنه خلقه بأختياره، لماذا ؟ "الله محبة" والمحبة تتجلى في اكمل صورها متى أتجهت لشيء آخر أو شخص آخر. وهكذا خلق الله العالم والناس تعبيراً عن محبته. ويجب ألا نحصر خليقة الله في عبارات علمية وننسى ان الله خلق الكون لأنه أحبنا.
تعلمنا قصة الخليقة الكثير عن الله وعن ذواتنا، فنتعلم أولاً عن الله:
(1) أنه الخالق. (2) وبصفته الخالق فهو متميز عن خليقته، (3) وأنه أزلي أبدي ويهيمن على العالم . ونتعلم عن ذواتنا:
(1) حيث أن الله أختار أن يخلقنا فلابد أن لنا قيمة في عينيه.
(2) فهو اعطانا مكانة اسمى من الحيوانات.
هل خلق الله العالم؟ اذا كان الأمر كذلك، فكيف خلقه؟ ما زال هذا موضوع جدل عظيم. يقول البعض أن الكون وجد على اثر أنفجار عظيم. ويقول اخرون إن الله جعل كل شيء يبدأ في التكوين ثم تطور الكون وأستكمل كيانه على مدى بلايين السنين. ويكاد أن يكون لكل ديانة قديمة قصة تفسر بها كيف نشأ العالم. كما يكاد أن يكون لكل عالم رأيه عن اصل الكون. لكن الكتاب المقدس وحده يعلن أن الله الواحد المتعالي هو الذي خلق السماوات والأرض بدافع من محبته العظيمة وأعطى كل شعب مكاناً معيناً على الأرض. ولن نعرف مطلقاً كل الأجابات عن كيف خلق الله العالم، ولكن الكتاب المقدس يقول لنا ان الله خلقه. وهذه الحقيقة وحدها تعطي الإنسان قيمة وكرامة.
طول أناة الله معنا تدفعنا لنحبه... (تك 19 : 24)
فَأَمْطَرَ آلرَّبُّ عَلّى سَدُومَ وَعَمُرَةَ كِبْرِيتاً وَنَاراً، مِنْ عِنْدِهِ مِنَ آلسَّمَاءِ.
في قصة سدوم وعمورة نرى جانبين من طبيعة الله: صبره العظيم (بالنظر للعفو عن مدينة شريرة لأجل عشرة رجال صالحين)، وغضبه العظيم (بتدميره المدينتين) وعندما ننمو روحياً، لابد أن نجد أنفسنا وقد أمتلأت قلوبنا بخوف عميق من نحو الله (بسبب غضبه على الخطيئة)، ومحبة أعمق له (بسبب صبره عندما نخطيء).
محبة يعقوب لراحيل... (لمحة عن شخصية راحيل... تك 30)
لقد كانت بئر حاران موقعاً لأحداث هامة في تاريخ نفس العائلة. فهنا قابلت رفقة أليعازر عبد أبراهيم الذي جاء ليأخذ زوجة لإسحاق. وبعد ذلك بنحو أربعين سنة، جاء يعقوب بن رفقة ليرد الجميل ويسقي ابنة خاله راحيل وغنمها من نفس البئر. وما حدث بينهما من علاقة، إنما لايذكرنا فقط بأن قصص الحب ليست أختراعاً حديثاً، بل يعلمنا أيضاً بعض الدروس عن الصبر والمحبة. كانت محبة يعقوب صبورة وعملية. فقد صبر يعقوب سبع سنوات طوال واصل العمل فيها من أجلها. وقد أشعل بحبه لراحيل ولاء عميقاً في داخلها، بل لقد خرج ولاؤها ليعقوب عن الحدود وأصبح مدمراً. لقد اصابها الأحباط لعقمها ويأسها من المنافسة مع اختها في الأستئثار بعواطف يعقوب. كانت تحاول أن تحظى من يعقوب بما كان قد أعطاه لها، المحبة المخلصة.
العلاقة ما بين الخوف والمحبة... (خر 20: 20)
فَأَجَابَ مُوسَى: "لاَ تَخَافُوا . إنَّمَا آلرَّبُّ قَدْ جَاءَ لِيَمْتَحِنَكُمْ حَتَّى تَظَلَّ مَخَافَةُ آلرَّبِّ تُلازِمُكُمْ فَلاَ تُخْطِئُوا"
نجد العبارة التالية في جميع اجزاء الكتب المقدس: " لاتخف " فالله لم يكن يريد أن يرعب الشعب، بل كان يظهر قوته العظيمه حتى يعلم بني إسرائيل أنه الإله الواحدد الحقيقي، ومن ثم يطيعونه. والله يريدنا أن نتبعه عن محبة، لا عن خوف. وللتغلب على الخوف، يجب أن نفكر أكثر في محبته. ونقرأ في (1يو.. 4: 18) "لَيْسَ فِي آلْمّحَبَّةِ أَيُّ خَوْفٍ. بَلِ آلْمَحَبَّةُ آلْكَامِلَةُ تَطْرُدُ آلْخَوْفَ خَارِجاً".
الفرق بين المحبة والشهوة... 2 صم 13 : 14 – 15
(أمنون يغتصب ثامار أخت أبشالوم اخيه)
وَكانَ لأَبْشَالُومَ بنْ دَاوُدَ أخت جَمِيلَةٌ تُدْعَى ثَامَارَ، فاحَبَها أَخُوها غَيْرُ الشَّقِيق أمْنُونُ... فَأَبَى أَنْ يَسْتَمِعَ لِتَوسُّلاَتِها، بَلْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا وَآغتَصَبَهَا. ثُمَّ تَحَوَّلَ حُبُّ أَمْنُونَ لِثَامَارَ إلَى بُغْضٍ شَدِيدٍ فَاقَ مَحَبَّتَه لَهَا. وَقَالَ لَهَا: "قُومِي آنْطَلِقِي"!
هناك فرق كبير بين الحب والشهوة، فبعد أن أغتصب امنون أخته غير ألشقيقة، تحوَّل "حبه" الى بغضة. فمع أنه ادَّعى أنه "يحب" كان في الحقيقة مغلوباً من الشهوة، فالمحبة تصبر، أما الشهوة فتطلب الإشباع الجنسي الفوري، والمحبة شغوفة، أما الشهوة فعنيفة. والمحبة لاتطلب مالنفسها، اما الشهوة فتفعل ذلك.
(كو 13: 4 – 17) آلْمَحَبَّةُ تَصْبِرُ طَويلاً، آلْمَحَبَّةُ لَا تَحْسُدُ. آلْمَحَبَّةُ لاتَتَفَاخَرُ وَلَا تَتَكَبَّرُ. لَا تَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ لِيَاقَةٍ، وَلَا تَسْعَى إلى مَصْلَحَتِهَا آلْخَاصَّةِ. لَا تُسْتَفَزُّ سَرِيعاً، وَلَا تَنْسُبُ آلشَّرَّ لآّحَدٍ. لَا تَفْرَحُ بِآلظُّلْمِ، بَلْ تَفْرَحُ بِآلحَق، إِنَّهَا تَسْتُرُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلِّ شَيْءٍ وَتَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيْءٍ .ٍ
يخلط مجتمعنا بين المحبة و الشهوة، ولكن على النقيض من الشهوة، نجد أن ألمحبة التي من الله تتجه الى الخارج إلى الاّخرين، وليس الى الداخل، الى أنفسنا، فلا أنانية فيها بالمرة. وهذه المحبة ليست طبيعية، وغير ممكنة إلا بمعونة خارقة من الله لنطرح كل رغباتنا وغرائزنا جانباً، فنستطيع أن نعطي المحبة دون أنتظار شيء مقابلها، وهكذا كلما أقتربنا أكثر من المسيح، نظهر محبة أكثر للأخرين.
لِيَكْنْ لَكُمْ آلْمَزِيدُ مِنَ آلنِّعْمَةِ وَآلسَّلاَمِ بِفَضْلِ مَعْرِفَةِ آللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا! (بطرس 2 – 1 : 2)