القدّيس مكسيمُس الطورينيّ (؟ - نحو 420)، أسقف العظة 16 التغذّي من الكلمة التي تخرج من فم الله
أجاب المخلّصُ على تجربة إبليس له: "ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيْا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله". هذا يعني: "لا يحيا الإنسان بخبز هذا العالم، ولا بالغذاء المادّي الذي استعملتَهُ لتَغُشَّ آدم، الإنسان الأوّل، لكن بكلمة الله، بكلمته الذي يحتوي على غذاء الحياة السماويّة". لكن كلمة الله هي المسيح ربّنا، كما قال الإنجيليّ: "ففي البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله" (يو1: 1). كلّ من يتغذّى إذًا من كلام الرّب يسوع المسيح، لا يعود بحاجة إلى غذاءٍ أرضيّ. لأنّ ذاك الذي يتجدّد بخبز الربّ لا يمكن أن يرغب في خبز هذا العالم. بالفعل، للربّ خبزه، أو بالأحرى فإنّ المخلّص هو نفسه خبزٌ، كما علّم بهذه الأقوال: "أَنا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء" (يو6: 41). وهذا الخبز جعل النبيّ يقول: "ويُسنِدَ الخُبزُ قَلبَ الإِنْسان" (مز104 [103]: 15).
لماذا يهمّني الخبز الذي يقدّمه إبليس، وأنا لديّ الخبز الذي يعطيه الرّب يسوع المسيح؟ لماذا يهمّني الغذاء الذي أدّى إلى طرد الإنسان الأوّل من الجنّة، والذي جعل عيسو يفقد حقّة بالبكريّة... (راجع تك25: 29 وما يليها)، والذي اختار يهوذا الإسخريوطي كخائن (يو13: 26 وما يليها)؟ بالفعل، فإنّ آدم فَقَدَ الجنّة بسبب الغذاء، وعيسو فَقدَ حقّة بالبكريّة من أجل طبق عدس، ويهوذا تخلّى عن مركزه كرسول من أجل لُقمة: لأنّه عندما أخذ لُقمة، لم يَعُد رسولاً بل أصبح خائنًا... الغذاء الذي علينا أن نأخذه هو الغذاء الذي يفتح الطريق للمخلّص لا للشيطان، والذي يُحَوّل من يبتلعه إلى مُعترف بالإيمان لا إلى خائن.
للرّب الحقّ في القول، في زمن الصوم هذا، إنّ كلمة الله هو الذي يغذّي، ليعلّمنا أنّه علينا ألاّ نمضي صيامنا مهتمّين بهذا العالم، إنّما بقراءة النصوص المقدّسة. بالفعل، مَن يتغذّى من الكتاب المقدّس ينسى جوع الجسد؛ مَن يتغذّى من الكلمة السماوي، ينسى الجوع. هذا هو الغذاء الحقيقي الذي يغذّي النفس ويُشبع الجائع...: هو يعطي الحياة الأبديّة ويُبعِدُ عنّا فِخاخ تجارب الشيطان. إنّ قراءة النصوص المقدّسة هذه، هي حياة، كما شهد الربّ: "الكَلامُ الَّذي كلَّمتُكُم به رُوحٌ وحَياة" (يو6: 63).
وُلدت عام 1384. تزوَّجت وهي شابة فرزقها الله ثلاثة أبناء. عاشت في أيام صعبة، ولذلك وزَّعت أموالها على الفقراء، وخدمت المرضى. كانت عجيبة في حياتها: نشطت في خدمة المحتاجين وفي ممارسة الفضائل، ولا سيما التواضع والصبر. اسَّست عام 1425 رهبنة المكرَّسات بحسب فوانين القديس مبارك. توفيت عام 1440.