النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007)
تعليق على الإنجيل:
القدّيس هيرونيمُس (347 - 420)، كاهن ومترجم الكتاب المقدّس وملفان الكنيسة شرح لإنجيل القدّيس مرقس، 2 "يا صَبِيَّة أَقولُ لكِ: قومي (مر 5: 41)"
"ولَمَّا وَصَلَ إِلى البَيت، لم يَدَعْ أحَداً يَدخُلُ معَه إِلاَّ بُطرُسَ ويوحنَّا ويَعقوبَ وأَبا الصَّبِيَّةِ وأُمَّها"(لو 8: 51). يمكننا أن نتساءل لماذا كان الرّب يسوع يصطحب معه دائمًا هؤلاء الرسل ولماذا يترك الباقين... هكذا، عندما تجلّى على الجبل، كان هؤلاء الثلاثة يرافقونه...اختير بطرس، وعليه بنيت الكنيسة، وكذلك يعقوب، أول رسول تسلّم إكليل الشهادة، ويوحنا، أول رسول بشّر بالبتولية...
"... ودخَلَ إِلى حَيثُ كانَتِ الصَّبيَّة، فأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وقالَ لها: طَليتا قوم! أَي: يا صَبِيَّة أَقولُ لكِ: قومي. فقامَتِ الصَّبيَّةُ لِوَقتِها وأَخَذَت تَمْشي" (مر 5: 40-41). فلنأمل أن يلمسنا الرّب يسوع نحن أيضاً، فنمشي في الحال. إن كنّا مقعدين، أو كنّا نقترف أعمالاً سيئة، فلن يمكننا أن نمشي؛ قد نكون نائمين على سرير خطايانا كما على سريرنا الحقيقي. حالما يلمسنا الرّب يسوع، نشفى في الحال. كانت حماة بطرس تعاني من حمّى قوية؛ "فدنا مِنها فأَخَذَ بِيَدِها وأَنَهَضَها، ففارَقَتْها الحُمَّى، وأَخَذَت تَخدمُهُم (مر 1: 31)... "فأَمَر بِأَن تُطعَم" (لو 8: 55). أشفق علينا يا رب، والمس أيدينا، نحن النائمين، أقمنا عن سرير خطايانا، اجعلنا نمشي. وعندما نمشي، مُرْ بأن نعطى طعاماً. حين نكون راقدين، لا يمكننا أن نمشي، وإذا لم نكن واقفين، لا يمكننا أن نتناول جسد المسيح، الذي له المجد مع الآب والروح القدس، إلى أبد الآبدين.
تذكّرنا الكنيسة، في هذا الأحد، بشفاء المرأة المنزوفة المزمنة، وتعلّمنا أن الإيمان هو المدخل إلى الحياة المسيحيّة الحقّة: لقد آمنت تلك المصابة بنزف دم، طوال اثنتي عشرة سنة، فشُفيت من لمسها لرداء يسوع، لأنّ قوّة عجيبة منه أعادت إليها العزم والحياة، فصارت مثال المؤمن الواثق من الخلاص.
1 - الرسالة (2 قور 7/4-11): تعبّر عن فرح القدّيس بولس، وتعزيته الكبرى برجوع طيطس إليه، حاملاً معه أخبارًا سارّة من مؤمني قورنتس، وقد تابوا على أثر قراءتهم للرسالة القاسية التي سبق بولس فوجّهها إليهم، وفتحوا قلوبهم للنعمة، وعادوا إلى سابق عهدهم في علاقتهم الطبيعيّة ببولس، بعد أن كانوا منغلقين في عتمة كبريائهم وأنانيّتهم ورافضين لبولس وللإنجيل معًا. والتطبيق واضح على واقع تلك المنزوفة المنغلقة على ذاتها في بيتها، المنبوذة والمعتبرة نجسة وخاطئة، لا يحقّ لها مخالطة جماعة شعب الله! فكم كان فرحها عظيمًا عندما شفاها الربّ وأعلى إيمانها ومدحها أمام الجموع كلّها!
رسالة الإثنين (1 طيم 4/9-16) توصية للتلميذ طيموتاوس الخادم المسؤول في بيعة الله، لكي يجاهد ويتعب، ليكون مثالاً وخلاصًا لجميع المؤمنين، على مثال بولس معلّمه، ومثال الربّ يسوع. ورسالة الثلاثاء (2 قور 8/1-9) تركّز على موضوع التبرّعات من كنائس العالم اليونانيّ للكنيسة الأمّ في أورشليم، وهو موضوع عمليّ وحاليّ وخصوصًا في زمن الصوم، غايته مادّيّة، ولكنّه ذو طابع روحيّ وكنسيّ كبير: فهو نعمة وخدمة ومحبّة ومساواة. وفي رسالة الأربعاء (غل 2/1-7) يرى بولس أنّ الشركة بين الكنائس الهلّينيّة التي أسّسها والكنيسة الأمّ في أورشليم كانت أمرًا ضروريًّا، مع التشديد على مبدأ الحرّيّة المسيحيّة في موضوع الختانة. ورسالة الخميس (غل 1/1-10) تشدّد على تعجّب بولس من أهل غلاطية، وتحذيره وتهديده لهم، لأنّهم يحرّفون إنجيل المسيح الحقّ الواحد، الذي صار بولس خادمًا له وعبدًا ليسوع المسيح. ورسالة الجمعة (روم 3/1-7) تركّز على المشكلة الشائكة لبولس وللكنيسة الأولى، ولا تزال حتّى يومنا، وهي إظهار صدق الله وأمانته في مواعيده لشعبه القديم، برغم خيانة هذا الشعب لوعود الله، ورفضه للمسيح، وانحرافه عن خطّ الخلاص. ورسالة السبت (2 طيم3/1-9) تحذّر المؤمنين والمسؤولين من المعلّمين الكذّابين ونشاطهم الإلحاديّ، أمثال ينّيس ويمبريس، رمز الكفر والإلحاد. ولكن للتقوى قوّة محوّلة لا يختبرها إلاّ المؤمن الحقّ في مشاركته للمسيح.
2 - الإنجيل (لو 8/40-56): ربّما كان اختيار شفاء المنزوفة، هذا الأحد، بعد شفاء الأبرص، الأحد الماضي، مسنودًا إلى أنّ البرص في اللحم، والنزف في الدم، يُعتبران كلاهما في نظر الشريعة، مرضًا جسديًّا وروحيًّا معًا، ومُعديًا يحرّم صاحبهما من مخالطة الناس. وبهذا يكون كلاهما رمزًا للبشريّة الخاطئة والصائرة إلى الموت والهلاك. والجمع بين الشفاءين يُظهر أنّ ليسوع وحده السلطان المطلق على شفاء الإنسان، من لحم ودم، أيًّا كان مرضه! الشفاء يتمّ بلمسة من يسوع للأبرص، وبلمسة من المنزوفة لطرف رداء يسوع: وهذا إشارة إلى الأسرار المقدسة التي لها طابع ملموس، ولها أيضًا قوّة روحيّة خفيّة مطهِّرة ومقدِّسة.
إنجيل الإثنين (يو 8/21-27) يشدّد على أنّ الخلاص من الخطيئة والهلاك لا يتمّ إلاّ بالإيمان بيسوع المسيح، الذي له وحده السلطان على الخطيئة والموت. وما الخلاص سوى العبور مع يسوع إلى جوار الآب. وفي إنجيل الثلاثاء (متى 23/1-12) يُقرّ يسوع بما للفرّيسيّين والكتبة من سلطة دينيّة، ولكنّه يرى تفاسيرهم للتوراة، ضيّقة، لا تُطاق ولا يُعمل بها، ويحذّر تلاميذه من طلب السلطة مثلهم، عجبًا بالنفس وكبرياء، لأنّ السلطة في نظر يسوع هي خدمة وبذل للذات. وفي إنجيل الأربعاء (متى 17/10-13) يربط يسوع مصيره بسابقه يوحنّا، ويربط دور يوحنّا بإيليّا النبيّ، الذي كان علماء التوراة يعلّمون الشعب أنّه عائد ليسبق المسيح ويُعدّ الشعب للإيمان به. وإنجيل الخميس (لو 17/20-37) يركّز على السؤال الذي كان يشغل عقول اليهود، ولا يزال، عن مجيء المسيح، وعلى جواب يسوع الصريح أن ملكوت الله بين الناس قد بدأ ببشارة يسوع وآياته، وحضوره حقيقة راهنة وقوّة فاعلة بين البشر. وإنجيل الجمعة (لو 12/16-21) يذكّر بمثل الغنيّ الأحمق، الذي كان همّه أن يخزن غلاّته في الأهراء، بدل أن يوزّعها على الفقراء، فيدّخر له كنزًا في السماء. وإنجيل السبت (متى 12/1-14) يركّز على جدالات في شريعة السبت، بين يسوع والفرّيسيين، فيها يظهر يسوع سلطانه على الشريعة عامّة، وعلى شريعة السبت، كما يفهمها الفرّيسيّون خاصّة.