الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61353مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: عين اللوح جمال هادئ في ربوع المغرب الجمعة 4 أبريل 2014 - 0:49
عين اللوح جمال هادئ في ربوع المغرب
عين اللوح، منطقة تجمع بين جمال المناظر والبساطة في كل شيء، تضم عيون أم الربيع التي تفوق العشرين عينا، تتدفق منها شلالات كثيرة.
العرب فاطمة الزهراء كريم الله [نُشر في 30/03/2014، العدد: 9513، ص(17)]
منابع أم الربيع تروي قلب الزائر وشجر الأرز
عين اللوح (المغرب)- تنتمي المنطقة لإقليم إفران، ولا تبعد كثيرا عن مناطق “آزرو” و”الحاجب”، تعرف ببرودة جوها شتاء، واعتداله صيفا. هي تلك التي وصفوها بالجمال الهادئ، وارتبط اسمها بمنابع أم الربيع أطول نهر في المغرب، سميت بهذا الاسم لكونها منبعا للخشب، ومعظم البيوت فيها مبنية بهذه المادة، التي يطلق عليها سكانها “اللوح”. فكلما سألت واحدا من سكان المنطقة بماذا تبنى البيوت، سيجيبك بكل تلقائية “اللوح”، وكأنه لا وجود لحيز لكلمة الخشب في معجمهم. أغلب الزوار، وخصوصا المغاربة، يقصدون المنطقة بدافع اكتشاف منابع نهر أم الربيع، وذاك كان مبتغانا لما شددنا الرحال من الرباط في اتجاه إفران، التي أمضينا فيها يومين، ثم انطلقنا وكلنا حماس لاكتشاف منابع حكى لنا عنها كل من زارها، الكثير والكثير. بمجرد ما اقتربنا من المنطقة وتراءت لنا لافتة كتب عليها “عين اللوح”، بدت لنا طبيعة ساحرة تنافس روعة مناظر سويسرا المغرب مدينة “إفران”، وتتخذ من سحرها. من بداية المدخل الرئيس تستمتع العين بمشاهدة أشجار الأرز المنتشرة يمينا ويسارا، ويلفت الانتباه قلة المباني والعمران. كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا عندما وصلنا، وعلى الرغم من ذلك كان السكان قد بدؤوا يومهم بنشاط، يروحون ويجيئون، كأنها الظهيرة. التنقل بين أحياء المنطقة يحتاج لياقة بدينة عالية، فلكي تتجول بمحلات المدينة لا بد وأن تنزل من منحدر به العديد من المنعرجات، وعند الرجوع يتطلب الصعود مجهودا مضاعفا. إذا زرت عين اللوح ستظفر بعيش لحظات قليلا ما يجود بها الزمن، وستكتشف منطقة كل شيء فيها ذو طابع محلي، المساكن من خشب محلي، مصدره أشجار الأرز المحيطة بالمنطقة، الملابس تخيطها النساء من مواد محلية كالصوف، والخبز تصنعه النساء بطريقة خاصة، وتعرضه لدى محلات المواد الغذائية التي تبيع هي الأخرى مواد محلية، بالإضافة للهجة، إذ أن السكان يتحدثون أمازيغية خاصة، يصعب على الناطق بـ”السوسية” أو “الريفية”، فهمها إلا بعض كلمات مشتركة كـ”أمان” أي الماء و”أغروم” الذي يعني الخبز، وهي عبارات أضحت معروفة لدى كافة المغاربة عربا منهم وأمازيغ.
اقتباس :
المكان لا يهدأ إلا عندما يسدل الليل خيوطه، فلا يسمع إلا صوت المياه المتدفقة، وصدى أصوات وصيحات حيوانات تتخذ من الغابات المجاورة مأوى لها
يحول اختلاف اللهجة في الوهلة الأولى دون التواصل، لكن طيبة هؤلاء الناس وابتسامتهم التي لا تكاد تفارق محياهم، سرعان ما تذيب هذا الحاجز. الجولة في عين اللوح لا تستغرق وقتا كثيرا، فممراتها معدودة وأحياؤها يمكن أن تزورها في بضع ساعات، وتكتشف كل المحلات التي تبيع منتجات مختلفة كديكورات منزلية وأحجار وأثواب، بأثمنة جد مناسبة. تستقبل المنطقة زوارا خلال مختلف فترات السنة، وخصوصا في الصيف، إذ أن اعتدال جوها وروعة مناظرها تجتذبهم، وعلى الرغم من صغرها إلا أنها تنفتح على مجموعة منتزهات، فبمجرد أن تبتعد كيلومترات معدودة، حتى تستمتع ببحيرات، وغابات شاسعة، بإمكانك أن تختار بأية واحدة تمضي يومك، وأيها تختار. لكن الزيارة لعين اللوح لا تكتمل إلا بعد الوصول لمنابع أم الربيع التي تبعد بحوالي 14 كيلومترا. وأول ما تطأ قدماك المنابع، تنبهر بمنظر طبيعي رائع، مجموعة عيون تفوق العشرين عينا، تتدفق منها شلالات كثيرة. عيون أمّ الربيع توجد على علو 1556 مترا، وتتميز بصبيب مرتفع، تنبع منه مياه عذبة وأخرى مالحة، كما تحيط بها مجموعة عيون متفرقة. وبين الشلالات أكواخ بنيت من القش والأعواد، تعرض فيها نساء المنطقة الحليب والجبن والزبدة والخبز الساخن الذي لم يمض على نضجه سوى لحظات. ويقبل الزوار على هذه الأكواخ، ويتخذونها مكان استراحة، ليستجمعوا أنفاسهم للصعود إلى قمة المنابع. وأنت تحاول الوصول إلى قمة المنابع تصادف كهوفا تغريك بالتوغل لاكتشاف مزيد من سحر المكان، غالبا ما يتنافس الشباب على دخولها والتعرف على أسرارها، في حين يفضل البعض الآخر الاكتفاء بالتقاط صور تظل شاهدة على مرورهم بهذا الصرح الطبيعي الساحر. تعرف المنابع نشاطا طوال اليوم، حركة الزوار، وأصوات الباعة، وضحكات الشباب اختلاط عجيب بين اللهجات. المكان لا يهدأ إلا عندما يسدل الليل خيوطه، فلا يسمع إلا صوت المياه المتدفقة، وصدى أصوات وصيحات حيوانات تتخذ من الغابات المجاورة مأوى لها. هنا، الطبيعة وحدها تتكلم، وتعرض محاسنها، المياه والجبال والخضرة ووجوه الأمازيغيات الحسنة، تشكل لوحة فينة ربانية لا يدرك جمالها إلا من يزور هذه المنابع. عين اللوح، منطقة تجمع بين جمال المناظر، والبساطة في كل شيء قبلة كل من تتوق نفسه للاستمتاع بالطبيعة في جو هادئ.