ما هي علاقة الكورد بالنوروز..؟ الجزء العاشر: النوروز من منظور الإيزيدية
كاتب الموضوع
رسالة
ابو ازاد عضو شرف الموقع
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 130تاريخ التسجيل : 07/12/2009الابراج :
موضوع: ما هي علاقة الكورد بالنوروز..؟ الجزء العاشر: النوروز من منظور الإيزيدية الأربعاء 7 يوليو 2010 - 0:41
ما هي علاقة الكورد بالنوروز..؟ الجزء العاشر
النوروز من منظور الإيزيدية
كتب العديد من المثقفين الإيزيديين وغيرهم ما في جعبتهم حول رأس السنة الإيزيدية، ولكن أحدهم لم يتطرق إلى النوروز من منظور الإيزيدية، ولأن أحدا لا يعرف شيئا عما إذا كانت هنالك علاقة بين الإيزيدية والنوروز، خاصة نحن لم نسمع من الآباء والأجداد ولا من المعمرين بوجود هكذا علاقة.
والتاريخ يؤكد لنا بأن أكثرية الكورد حتى قبل ظهور الإسلام كانوا كورد كوردستانيون أصليون اتخذوا الشمس قبلة لهم وكانوا يعبدون الله يزدان الخالق (ئه زدا) وهؤلاء هم أجداد الإيزيديين ، فإذا كان هنالك اندماج بعض الأقوام القريبة من عنصر الكورد، وقريبا منهم من ناحية العادات والتقاليد واللغة والدين فهم الميديون الذين اعتنقوا الزرادشتية في زمن النبي زرادشت، فمن غير المعقول أن يندمج الميديون بالمجتمع الكوردي الذي يحكمونه، وبيدهم السلطة و منهم الملوك ، ونفوسهم لم يقل عن نفوس الفرس. أكثرية المصادر التاريخية تنسب النوروز إلى الميديين سواء كمنظور فلكي أو كانتصار للملك جمشيد على أعداءه الذين سماهم ( ديڤ) وهي أشارة إلى الكورد الإيزيديين سكان كوردستان الأصليين أو كانتصارهم على الأشوريين، ومن الملاحظ أن الميديين والفرس كانوا يحولون بعض مناسباتهم العظيمة أو بعض انتصاراتهم على أعدائهم إلى نوروز، وبالمقابل ونتيجة ردة فعل لنوروز الميديين والفرس، باشره الكورد أجداد الإيزيدية سرا الاحتفال بذات النوروز كذكرى للثورة والمقاومة ضد انتصار الميديين والفرس الذي يجسده النوروز بالنسبة لهم.
وفي ظل الإسلام أهمل الكورد المستسلمون رأس السنة النيسانية الإيزيدية ذات المنظور الديني والتراثي استجابة للفاتحين الذين أمروا باستحرام بكل ما يربطهم من التراث لما هو قبل الإستسلام، وكرد فعل مضاد أهمل الإيزيديون النوروز بالتدريج، خاصة بعد أن أصبحوا في مقدمة الفاتحين الذين كانوا يشنون عليهم حملات إبادة، وبقدر غياب ثقافة رأس السنة النيسانية (سه سال) عند الكورد المستسلمين، فبذات القدر تغيبت ثقافة النوروز عند الإيزيدية، خاصة بعد أن أصبح الكورد المستسلمون سيفا إسلاميا متسلطا على رقابهم حتى هذا اليوم.
رأس السنة النيسانية عند الإيزيدية: كتب العديد من المثقفين الإيزيديين حول هذا الموضوع، فاخترت مما كتب نموذج واحد، لأن جميع المقالات تدور حول محور واحد وفكرة واحدة، وهذا ما سنجده في مقالة الكاتب خيري شنكالي فاخترت منها هذه السطور : بعد مقدمة طويلة لا أجد ضرورة لذكرها، أتوقف عند قوله: وهنا لسنا بصدد التسمية أو الديانة، ونسرد هنا فقط مدى طول الجذور التاريخية لعيد رأس السنة الشرقية للإيزيديين وقدسية يوم الأربعاء حيث جاء في ميثولوجيا الإيزيدية في وقت كانت الأرض جليدا وصقيعا لا حياة فيها أمر الله طاووس ملك ليهبط على الأرض، ونزل في (كلي لالش النوراني) المقدس ويعتبره الإيزيديون (لالش) خميرة الأرض باعتبارها أول بقعة في الكون بدأت فيها الحياة، وحيث بدأت الثلوج بالذوبان وتكسر الجليد وظهرت قشرة الكرة الأرضية وبدأت الأشجار والنباتات بالنمو وأحياء الكائنات الحية من حشرات وطيور وحيوانات، ويعيد الإيزيديون هذا اليوم المبارك والذي يعتقد بأنه كان هبوط طاووس ملك على الأرض كان يوم أول أربعاء من شهر نيسان الشرقي/ انتهى المصدر.
أهم النقاط التي ذكرها الكاتب خيري شنكالي هي: قدسية الأربعاء الأول من شهر نيسان الشرقي وهبوط طاؤوس ملك على الأرض، ولالش خميرة الأرض، و ذوبان الثلوج التي كانت تغطي سطح الأرض. وباختصار جدا أظهر الحدث من منظور ديني الذي لا علاقة له بالناحية القومية.
وأنا مع الذين يؤيدون القول بأن الرأس السنة الإيزيدية في جوهره منظور ديني، و مع الزمن انطلقت من بيض رأس السنة احتفالات شعبية ذات طابع تراثي قومي، ومع هذا بقي المنظور الديني ، وهو كما أخبرنا به الدليل القولي في النص الديني المسمى (قه ولى زبوني مه كسور) وعبر هذه الفقرات:
1ـ په د شێ من عه زمان بيراسته 2ـ موحه به ت ژقه فدا راستا 3ـ په دشێ من مه كان دانه ته خت فه د كوهاسته * * * 4 ـ په دشێ من ل عه زمانا كربو سه فره 5ـ ئه و بوو چار سه فر كر بوو كه رب كه ره 6ـ كر ركنێ چه ند مه نبه ره * * * 7ـ ئاشقا وه ژى خه به ردا 8 ـ شاخه كێ د ێ زێ به ردا 9 ـ كره ركنێ چه ند عه ردا * * * 10ـ عه رد ما بووه به تى 11ـ خدوو ده كێ خه ددى 12ـ كو: عه زيزێ من. عه رد ب وێ سورێ ناته بتى * * * 13ـ به عدى چل سالێ ب هژماره 14ـ عه ردى ب خورا نه كرت هه شاره 15ـ هه تا لالش ب ناڤدا دهاته خواره * * * 16ـ لالش كو دهاته 17ـ ل عه ردى شين دبوو نه باته 18ـ بێ زه ينين چيقاس كنياته * * * 19ـ كو كنيات بي د زه ينين 20ـ جار قسمه ت تيك هنجنجنين 21ـ ئاخه و ئافا وبايه و ئاكرا 22ـ قالبێ ئاده م بيغه مبه ر ژي نژنژنين * * * 23ـ شه مبوو دانه ئه ساسه 24ـ ئينيي كر خلاسه الترجمة التقريبية: 1_ خلق الله السماء 2_ العدالة تأتي من المحبة 3_ خلق الله عرشه وأستو عليه 4_ طاف الله في السماء 5_ طاف الله الجهات السماوية الأربعة 6_ وجعل هذه الجهات أسس لجميع المنابر 7_ عبر عنها العشاق 8_ وفسروا ذلك تفسيرا 9_ ولا سيما ما يخص الأرض 10_ وبقيت الأرض مضطربة 11_ وكانت قشرتها شقوق و خدودا 12_ قال الملاك لله : ياربي أن الأرض لا تستقر من دون (سرك)..؟ 13_ وبعد أربعين سنة بالعد 14_ ضلت الأرض بلا حياة 15_ و هكذا ظلت حتى أن هبط سر الله (لالش) إليها (وهي إشارة إلى معبد الإيزيدية لالش الذي يجسد لالش عرش الله السماوي) 16_ افترشت الأرض بقشرة خضراء من النباتات "حال هبط سر الله (لالش)" 17_ ازدانت جميع أطراف الأرض بالنباتات 18_ وحالما ازدانت أطراف الأرض بالاخضرار 19_ قرر الله أن يمزج أربعة عناصر ببعضها 20_ وهذه العناصر هي: الماء والهواء والنار والتراب 21_ وخلق الله من هذه العناصر عجينة قالب آدم 22_ وضع الله أساس قالب يوم السبت 23_ أكمل الله قالب آدم يوم الجمعة. * * * الخلاصة: خلق الله أولا السماء وما فيها من النجوم والكواكب، ومن ثم جعل الأرض تتعافى من حمم البراكين وتستقر بسر لالش عرش الله العظيم، فأنبت الأرض النباتات والخضروات والأشجار التي تعتبر "أكسير الحياة"، ومن ثم خلق الله الكائنات الحية وعلى رأسها سيدنا أدم. رجال الديانة الإيزيدية يختصرون هذا الخلق العظيم بقولهم: (سه رێ، دارێ، خه ملي _ بنێ، دارێ، كه ملي) بمعنى: أكمل الله زينة رأس الشجرة ومن ثم أكمل أسفل الشجرة .
يرمز رأس الشجرة إلى السماء، و يرمز أسفل الشجرة إلى إحياء الأرض، وبمعني أخر: أن الله خلق أولا السماء وزينها بالنجوم والكواكب، ومن ثم أحيا الأرض وخلق عليها النباتات والأشجار والحيوانات المختلفة وعلى رأسها الإنسان، وبعبارة أدق: خلق الله السماء وزينها بالنجوم، ومن ثم أحيا الأرض وخلق فوقها الأرزاق وثم الكائنات الحية وعلى رأسها أبا البشرية. وبهذا المنظور الديني يحتفل الإيزيديون كل عام في بداية شهر نيسان، وهي ذكرى أحياء الأرض وخلق النباتات والكائنات الحية وعلى رأسها أبا البشرية، وخلاصة القول الاحتفال هو من أجل تجدد الطبيعة وتجدد الحياة بأنواعها.
بات واضحا من ما قدمناه بأن عيد رأس السنة الإيزيدي النيساني هو: منظور ديني كما هو عيد زكموك السومري النيساني وكما هو في عيد أكيتو البابلي النيساني وكما هو في عيد أكيتو الأشوري النساني، فتبدأ مراسيم الاحتفال بعيد رأس السنة الإيزيدية، بدءا من احتفال داخل معبد لالش (المعبد الإيزيدي الرئيسي في وادي لالش).
في صباح يوم الثلاثاء الأول من شهر نيسان الشرقي، يتوجه إلى وادي لالش المير الحج وجميع سدنة المقامات الموجودة في وادي لالش، وكالعادة يتواجد سادن معبد لالش موجودا في وادي لالش طوال السنة، فيحضر رجال الدين وعشاق هذه المناسبة، ويجتمع الجميع في بناية معبد لالش للتحضير والتهيؤ للاحتفال وكلهم شوق وحماس للاشتراك في حفل رأس السنة الجديدة.
تبدأ المراسيم في معبد لالش في أجواء دينية طاهرة وبما يليق بقدسية المكان وقدسية المناسبة، ويشكل رجال الدين جوق لترتيل أبيات من النصوص الدينية، بصوت سيمفوني واحدة ينشدون ألحان عذبة جدا، ويباشر رجال الدين بإشعال الشموع بدأ من المعبد ومن ثم خارجه، يشاركهم الزوار، ويضعوا شمعة على كل حجرة وكل زاوية داخل معبد لالش وخارجه،
فتتلألأ الشموع في جوف وادي لالش تحت جناحي الظلام ، فيبدو المشهد للناظر كنجوم السماء التي تتلألأ في جناح الليل، ومن هنا جاءت العبارة الفلسفية القائلة: ( أن النور يبدد الظلام)، وفي صباح يوم العيد: يزور أرتال الزوار العتبات المقدسة وعلى رأسهم رجال الدين والكهان والسدنة، ومن ثم يخرج الكل من وادي لالش باستثناء سادن معبد لالش، ويعودوا إلى مناطقهم ومنازلهم للمشاركة مع الأهل والأقارب احتفال عيد رأس السنة الجانب التراثي الشعبي.
يحتفل عامة الناس برأس السنة الإيزيدية، منذ فجر يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان الشرقي، كما هو موروث جيل بعد جيل، وقد تكلمت عن هذا وتكلم الآخرون في هذه المناسبة بما فيه الكفاية، وسأكتفي بذكر بعض الممارسات المهمة فقط.
تقوم ربة الأسر قبل موعد العيد إلى سلق البيض وتلوينه بألوان زاهية جميلة، وهذه الألوان تعبر عن ألوان زينة الربيع، وشكل البيضة يرمز إلى كروية الأرض ومحتوى البيضة التي تحمل بذرة حية يرمز إلى محتوى الأرض التي تحمل بذرة الحياة لجميع مخلوقاتها ، وكالعادة تنهض الفتيات مبكرا، لتذهبن إلى الحقول لقطف باقات من شقيق النعمان وقطف أوراق الكاري الأخضر المر اللاذع، ولدى عودتها تعمل عجينة من طين الأحمر النقي النظيف فتثبت بها باقة الشقيق على عتبة الباب العلوي بعد أن تضيف للباقة قشور البيض الملون، و هذه الباقة هي نيشان الربيع، ونيشان شهر النيسان، شهر رأس السنة الجديدة.
ولا يحق لأحد أن يخلط بين عيد أكيتو ونوروز وبين عيد رأس السنة الإيزيدية، لأن الأول اختفى والثاني تغير معالمه، بينا حافظ أجداد الإيزيدية على عيد رأس السنة النيسانية بالتضحيات الجسيمة، و السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا اختار كهان الإيزيدية القدامى يوم الأرباع الأول من شهر نيسان شرقي من دون بقية الأيام..؟
قبل الإيجابة على هذا السؤال يكون من الأفضل أن نميز فيما إذا كان تقويم رأس السنة الإيزيدية وراثي أم اختياري أو مجرد صدفة، ولمعرفة هذا الموضوع لابد أن نبحث عن قدسية يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان الشرقي السومري بين شعوب التي احتفلت وتحتفل بعيد رأس السنة النيسانية وكذلك الآذارية. من المؤكد نحن الذين في المهجر لا نملك مصادر تفيد بحوثنا، ولكن التطور التكنولوجي الذي صنع شاشة الإنترنيت هي التي سنحت لنا الإطلاع على الكثير من المصادر التي كنا نحلم بها، ومن البديهي أننا نذهب إلى مصادر الشعوب المجاورة كالكدانيين والإيرانيين، و نبحث بين طيات تلك المصادر عن جذور قدسية الأربعاء الأول من شهر النيسان الشرقي، بواسطة (الكوكل) الجهاز السحري المعروف، وإذا به يجيبني عبر مقالة منشورة على موقع باسم (استراحة المدى) لم أتوقها أن أحضا بمثلها، فاخترت من تلك المقالة هذه السطور:
في بلاد فارس هناك عيدان هما (الأربعاء الأحمر) وعيد (النوروز)، وعيد الأربعاء الأحمر يقام في اخر (الأربعاء) من السنة الفارسية، أو الأربعاء الذي يسبق عيد نوروز الذي يقع في 21 آذار من كل عام ، ولعيد الأربعاء الأحمر طقوس خاصة يمارسها عموم الإيرانيين ليلة الثلاثاء على الأربعاء ومنها: أن تقام في مدينة كاملة بمحالها التجارية ومطاعمها ومقاهيها، ويكون الدخول إليها بتذاكر خاصة، ويفتتحها (عمدة) منتخب أو متفق عليه، وللمدينة شرطتها الخاصة، ويتم شراء الطعام والشراب بتذاكر خاصة في مدخل المدينة التي تتجول فيها الفرق الموسيقية أيضا والمهرج (حاج فيروز) وهو يؤدي أغاني ساخرة على إيقاع دف فلكلوري، بعد أن يرتدي زيا خاصا به وطربوشا مخروطيا وثيابا كلها باللون الأحمر، ويستمر الاحتفال حتى ساعة متأخرة من الليل وخلال ذلك يتم إشعال النيران في مواقد معدة لهذا الغرض ويرقص حولها المحتفلون في حلقات تدور وتدور وهي تردد أغاني خاصة فولكلورية ثم يقفز المحتفلون فوق النار حتى تخمد وهم يدعون قائلين: أيتها (النار خذي صفرة وجهي وأعطني حمرة خدودك) ومن المرجح أن جذور هذا العيد تمتد الى الديانة الزرادشتية .(1). الملاحظات: 1ـ أصبح الموضوع واضحا بأن الكورد الإيزيديين والشعوب الإيرانية ذات العنصر الآري، كانوا يحتفلان بعيد يوم الأربعاء الأحمر النيساني الديني، ولكن الجميع بما فيهم الكورد المستسلمون أهملوا إحتفال قدسية الأربعاء الأحمر بعد اعتناقهم الدين الإسلامي، وباتوا يكفرون بكل شيء يربطهم بالدين الإيزيدي، كل ذلك من أجل أرضاء للمسلمين المحتلين الذين رفضوا الرحيل من كوردستان.
2ـ جاء في مقالة الكاتبة سونيا تحت عنوان( عيد النوروز الأصل التاريخي والأسطورة) بأن عيد رأس السنة بالمنظور الديني باللغة السومرية القديمة: يعني ( (itu-barag-yag)، وترجمتها تعني شهر المزار المقدس وشهر البدء بالسنة الجديدة وهو يوم الاعتدال الربيعي". تنطبق هذه الترجمة على ما يفعله الإيزيديون في الطوافات والاحتفالات برأس السنة النيسانية الجديدة الذي يقع في يوم الأربعاء الأحمر (جار شه مبه سوور) حيث تزور النساء وهن تحملن الطعام لزيارة القبور التي تحيط بالمقامات المقدسة. ـــــــ المصادر: 1ـ مقالة فيصل الياسري/ تحت موضوع (أعياد الربيع اكتشفتها الحضارات القديمة. ـــــ الباحث أبو أزاد
ميونيخ ألمانيا
10/ 4/ 2010
ما هي علاقة الكورد بالنوروز..؟ الجزء العاشر: النوروز من منظور الإيزيدية