انواع الشعر الشعبي العراقي :
أحببت أن أعرّفكم بأصناف الشعر الشعبي العراقي و أطرح بعض الأبيات التي أعتبرُها و يعتبرُها العراقيون
من الأبيات الرائعة كونها تـُحاكي المجتمع العراقي و كأننا نقرأ حالة إجتماعية موجزة في بيتين من الشعر
كتبَها أحد الشعراء و قد يَجد له ردّاً من شاعر آخر..
أولاً / الشعر الشعبي العمودي :
و هو مَبني على صَدر و عَجز و قافية واحدة أو أكثر و تـُستعمَل فيه كل اللهجات العراقية المُختلفة
مثل اللهجة البغدادية أو المُوصِلـّية أو لهجة أهل الجزيرة أو لهجة أهل الرمادي أو لهجة أهل الجنوب ...
حسب إنتماء الشاعر الجغرافي . و هو من أكثر أنواع الشعر الشعبي شيوعاً و إنتشاراً و يُعالج المواضيع المُختلفة.
و هُـنالك آلاف القصائد من هذا النوع و هذه قصيدة للمُبدع مالك الحزين يُصَوّر فيها موقف
لمّا أراد أن يُصارح حبيبته بحُبّـه ( لهجة سكـّان الجزيرة - وسط و شمال غرب العراق ) :
إنتَ عينك على شِفـتي ..... و آنة عيني على الشِفايف
و آنة كِل عظامي تِرجف ..... إنتَ خايف و آنة خايف
شلون هَسّة ؟ مِنهو يحچي ؟ ..... مِنهو يبدي بالسوالف
إنتَ لو آني دِخيلك ..... مو هِمِت و گلبيي تالف
أدري بعيونك تحِبني ..... و گلبي لِعيونك مُوالِـف
بَس تعال للـّي يحچي كِلمة ..... بلا خجَل و بلا مَخاوف
ما خِجَلت بيوم مَـرّة ..... و بالحَچي شايف و عايف
و ياما ياما لساني غازل ..... و سَكـّتِت ياما مضايف
و هَسّة أريد أحچيلي كِلمة ..... مِرتِبك جسمي يتراجَف
و إنتَ شو هَم مِثلي تِرجف ..... و بالعَرَگ شو هَم مِثلي طايف
إشصار بينة ؟ إشمَر علينة ؟ ..... شكِثـر مَرّينة بمواقِف
ما خِجَلنة و ما رجَفنة ..... و ما نِبوگ العين طارف
چَنهة مو كِلمة أحبّـك ..... چَن جبَل بگلـَيبي واگف
و أريد أگِلـّك شِنهي هِـيّـة ..... كِلمة لو جُـرُم و مخالِف
شو أحبّـك حيل أحبّـك ..... كافي عَرگانين و ندَوّر مَناشِف
ثانياً / الشعر البدوي :
و ينتشر هذا النوع من الشعر في المناطق الغربية من العراق و لا يقـتصر نظمه على أهل البادية
بل يتعدّاه إلى العديد من الشعراء في المناطق الحضرية . بحُكم أن نِسبة لا بأس بها من
سُكـّان العراق كانوا من سُكـّان البادية و لِحَـدّ الآن .
و لشاعر كلمات كتبها بلهجة بادية العراق الجنوبية الغربية ( أقرب للسعودية ) :
گالت أحبك شوف هذه دَمعتي
گلت الدموع أشكال و تبكي التماسيح
گالت لي والله و گلت و إذيا حَلفتي
يحلف حرامي الليل لأجل التباريح
گالت حياتي ليل و إنتَ شمعـتي
گلت و يا بنت الناس أشري مصابيح
گالت إبّحر الشّوگ تاهَـت رحلتي
گلت البحور تخون خير المَلاليح
گالت وشّو هونت ؟ گلت إشّفهَمتي
ماني بغرامِك كِنت ريشة فوَسَط ريح
گالت و جرح الروح ؟ گلت إنجرَحتي ؟
گالت أجل مِنـّك شِفِـت التِجاريح
گلت و أنة شسَوّيَت ؟ إنتِ غِلطتـّي
حَبّيتي بَس الحُب يَبْـغـي تـَصاريح
گالت و فيه غيري ؟ گِلت إنهِـبَلتي ؟
گلبي خزينة شوگ و ماله مفاتيح
گالت إذَن الفراگ ؟ گلت و حِكمِتي
گالت تِظل نـَدمان ... گلت و فلا بيح
گالت إنتَ مَغرور گِلتِـلهة و إنتِ
كَذابة و تـُودّين في شِباكِك نِطيح
ثالثاً / الدارمي :
وهو صِنف من أصناف الشعر الشعبي و قد إشتهر في المحافظات الجنوبية و خاصة محافظة الناصرية
و يتكوّن من بيتين فقط . و يُقال إنـّهُ سُمّيَ بـ ( دارمي ) نِسبةً إلى بلاد كانت تـُسَمّى ( دار مَي )
و نشأ فيها هذا النوع من الشعر و هو يطرح مشاكل أو مواضيع بإسلوب مُكـَثـّف و جميل .
و يأتي الدارمي لعدة أغراض منها :
1 - الترحيب بالضيف :
أهلاً و سهلاً بيك و أكثر بـِالوياك
الگلب گبل العين فـَـز و تـِلگاك
2 ـ التحذير لِئلاّ يَحزن الذي يزورهم بفراق العزيز :
بالك تمُر بالدار عَـنهة إشمر بعيد
دار العَـزيز هواي نـَوح و بَچي تريد
فـَيُرَد عليه :
عَمْداً أمر بالدار و النوح أزيده
و أسمَع صَداهة يگول راح التِريده
أو :
عَمداً أمر بالدار و أشبَع مَغـَمّة
و أبْچي بَچي المَفطوم من يذكر اُمّه
3 ـ آخر يشكي حَظـّه المُتعـَثـّر :
الدِنية بَس وياي شدّت عَداوة
ولا واحد من الناس لِجروحي داوَة
فيُؤيدهُ آخر :
الدِنية لِلتِهواه ترگِص إمفـَرعـة
و آنة تِجيني بموس و تگِلـّي إبلعَه
4 ـ آخر يَشكي فـُرقة الأخوان :
يا عازة الخـُوّان عازتهة عازة
و الما وراهة صِياح وَحشة الجـِنازة
و يُرَد عليه :
چا شِلـّي بالخـُوّان و الما ينفعون
عود من أموت إيجون وَيّ اليشَيعون
رابعاً / الأبوذيّة:
هو أحد أنواع الشعر الشعبي و يتكوّن من أربعة أشطر تـُسَمّى البيت . الثلاث الأولى تنتهي بلفظ واحد
أو مُتـقارب جدّاً و الشطر الرابع لا بُدّ أن ينتهي بكلمة نهايتها ( يـّة ) و يسَمّى الرباط ولا بُدّ لِلـَفظ المُشترك
في الأشطر الثلاث أن يكون في كلّ شطر يعـطي مَعنىً غير الشطرين الآخرين
و بذلك يكون لفظ واحد بثلاث معاني.
و أوّل من قال و نظم شعر الأبوذيّة هُم أهالي سوق الشيوخ و لديهم باعٌ طويل في نـَظمِه بالإضافة
إلى باقي أنواع الشعر الشعبي. و تـتمَيّز الأبوذيّة أنّها تـُنظـّم في الأحزان و الفـُراق و لِذا أخذ
إسمه مِنها ( أبو الأذيـّة ) و شاعت الأبوذيّة بهذه الصيغة نتيجة اللـّهجة العاميّة لِلمَنطقة.
مثال على ذلك :
ياروحي لِليُودّچ حَيَل وِدّيه
إله حِنـّي و چثير الشوگ وَدّيه
عَلي واجب لزوم أگضيه و أدّيه
إلك ياللـّي كِثـَر فـَضلك عَلـيّة
و حَگ آية عَصا موسى و سينا
إلك حَثـّت رجايبنه و سينا
إلك حِسن النبي يوسف و سينا
إلي و النور إلك و النار إلِـيّة
كِل مُغـرَم برَت عِلـّته وناله
سعيد اللي حِضة بشَخصك و ناله
الطارِش من سِمَع نوحي ونى له
تِرَك شِغله و بچة رَحمة عَليّة
بنار الهَجر يا مُهجة دِموعاي
على مصابي السِمَة تمطر دموعاي
شما هَلـّن يادندوشة دموعاي
حَسناتـِچ تِتبَدّل بألف سَيّة
ياروحي بَسّچ من اللـّوم عِنـّي
و طارش لِليوِدّچ دوم عَنـّي
شلون أنشِد على الما نِشَد عَنـّي
أوِنـّن عَاليوِن دايم عَليّـــــة
و الأبوذيّة أنواع :
* المطلق و المولد :
هاتان التسميتان هما لنمط واحد من الشعر و هو النمط التقليدي للأبوذيّة و لكن يكمن الفرق
بأن الأبوذيّة المطلق تأتي من فِـكر الشاعر و إحساسِه كما في هذه الأبوذيّة :
تشوف همومي بعيونك و تـَرها
و تغيب و تِگطع بروحي وَترها
يرَهّيك الوكِت ياسْمر وَترها
وتصير إنتَ أبو الرّاهي عَليّة
* أما الأبوذيّة المولد فيكتبها الشاعر مُستعيناً بخيال غيره من شعراء الفـُصحى و ذلك بأن يبدأ
الأبوذيّة ببـيـت أو بـيتيـن من الشعـر الفصيح و من ثم يـبني عليهم أبوذيّـته كما في المثال التالي :
يقولون لـَثم الغانيات مُحَرّمٌ و سَفك دَماءِ العاشقين مُباحُ
لا بُدّ من حي الحبيب زيارة ولو رُكّـزت حولَ الخيامِ رماحُ
روحي برَشِف خـَدّك من عداهة
أحب وَصلك و أهابك من عداهة
فراگك يوم أحمله من عداهة
أزورك لو تصير أحزاب إليّـة
* الأبوذيّة المِشط :
هي مجموعة من الأبوذيّات المُتصلة المُترابطة و كل ثلاثة أشطر تليها ثلاثة أشطر أخرى أما الشطر
الرابع المُكَمّـل للأبوذيّة فهو يأتي في نهاية المطاف بعد أربع أو خمس أبيات و أكثر كما في هذا المثال :
الدَهر يا صاح بالفـُرگة ولانة
ولا نوبة إنكِسَر گلبي و لانة
لا إنتَ عرَفِت الحُب ولا نة
نِسينا الشوگ و أخلفنا وَعَدنة
وعلى الهِجران رَدّينة و عِدنة
هذا من الوكِت و الحب وَعَدنة
يفـر بـيّـة الوكِت نوبة و أفر بيه
و من ثلج العمر دَربي وَفـَر بيه
أشرد وَيَن أنة بگلبي و أفـُر بيه
بـدَرُب مَسْدود و مَتية مَحَلـّة
دموعي چَم ذنب گلبك محله
بعد طير بضباب أبداً محله
ولا أظن بعد نِتلاگة سُويّـة
* الأبوذيّة المدوّرة :
يُطلق على الأبوذيّة بالمدوّرة عندما يكون المَعني بالشطر الثالث غير واضح و مَبتـور فيُـكمّله
البيت الرابع كما في المثال الآتي :
عَگلي يا ترِف حُبّـك و جَن بيك
من الجوري يامَحبوبي وَجَن بيك
إجيت إنتَ على وَعدك و إجَن بيك
ليالي الفـَرَح و أيّـامي زِهِـيّـة
* التطريز بالأبوذيّة :
فن التطريز فن قديم تواجَد في الشعر العربي الكلاسيكي و تواصل إلى الأبوذيّة و يُقصد منه
بأن يبدأ جميع الأشطر بأحرف إسم مُعيّن كإسم الحَبيبة أو الصديق أو ما شابَه ذلك كما في
هذا المثال المُطـَرّز بإسم زينب :
ز - زهرة بغـصِن عُمري تفوح بـِتـنة
ي – يا صورة على وسادة فـَرَح بـِتنة
ن – نـَغـَم رافـَگ بتوت الگـلب بتنة
ب - بشاير فرَح مِنهة تهـِل عَـليّـة
خامساً / الزهيري :
و هو من أنواع الشعر العراقي الجميلة و فيها يكون الزهيري مُكَـوّن من سَبعة أبيات الثلاثة الأولى
تنتهي بكلمة و الثلاثة الثانية تنتهي بكلمة أخرى ... لِـيعود البيت السابع ليُخـتـَم بنفس الكلمة
في المَجموعة الأولى بشَرط أن تـتـشابه كـُل مجموعة من الكلمات لفظياَ و تختلف في المعنى .
و هذا البيت من الزهيري مثال على ذلك ( بلهجة أهل الرمادي ) :
بغداد ما تِنحني لا تظن تِذلها الهَمَر
بغداد تـُبقة عـَلم و شكـَم غـزو إلهة مَر
خـَيْرات تِسگي البشر و إللـّي أنسكة إلهة مر
تِسألني ظـَلـّت زِلِـم ؟ إي والله ظـَلـّت أجَـل
تِضرب و يشهَد زُحَـل ما نال مِنهة وِجَـل
سيفك يَخَي جَرْدَه كِـل روح و إلهة أجل
حتـّى الگلب ينمرد لـَمّن يشوف الهَمَر
أو البيت الآخر للشاعر المُمَيّـّز مالك الحزين ( لهجة وسط و شمال غرب العراق ) :
ما رحتي هذا الگلب بوصال مَرّة إنتِ
و مَرّنتي گلبي على الهجران مَرّنتيه
رِدنة تـُمِرّين مَرّة بشوگ مَرّة إنتِ
ما رِدنة مِنـّچ ذهب بَس شوف وَجهـِچ بس
و شَحّـيتي بمواصلِـج ليما هِرشنة يبَس
حِلوة و شَبيهة گـُمَر و عيون تِسحَر... بَس
مَرّة إنتِ رُغم الحَلاة البيـچ مُـرّة إنتِ
و تـتفرّع عن الزهيري أنواع أخرى مثل اللغـز و الذي تكون فيه كلمات الزهيري
مُشتـقـة من كلمة واحدة
مثل قول الشاعر :
عيونك دِيرتي تِدري و داري
و دِرَت ديرَتنة يا دِرّتي أداري
بيك و ما داري و أداري
دموع العين لو سالت و سالت
سؤال تريد ما تسإل و سالت
سَل عَـنـّي تِسَلـّي روح سَلـّت
سِألتـك بالـذي عالِـم و داري
و كذلك قول آخر لمالك الحزين :
دُور بدينـَك يا غالي الروح في دينك
إنك تِجافي الذي مَديون إله ديَـنك
بالعَجَل جَـتـّي النهاية و تـَونة بادينك
ورَيَت گلبي و لا عالماي تِحضَرني
و طيوفك بشوگ كِل مِشوار تِحضرني
چانت اُمنيتي گبل لا أموت تِحضرني
تِغـَمّض لي عيني يا ساهي العين بإيدينك
سادساً / العتابة :
و هي تشبه الأبوذيّة من ناحية إشتمالها على أربعة أبيات إلا أن البيت الأخير ينتهي بكلمة
تنتهي بالمقطع ( اب ) و هذا النوع غالباً ما يزدهِـر في المناطق الوسطى و الشمالية من العراق
و مثال ذلك قول الشاعر (لهجة وسط و شمال غرب العراق _ بادية الجزيرة ) :
ما غاب طـَيف الولِف من يوم وَدّعتو
و گليبي بيدو أمانة وياه وَدّعتو
و نِخيت رَبّ العَـرش يا عالي و دِعيَـتو
تِلهَم رويحي الصَبر و تِـرجّع اللي غاب
هَمّيتو گلبي بعشِگ و بشوگ ما رِحتوه
و إن رحتو عن ناظري عن بالي ما رِحتو
ساري بدروب العشِگ و أدريني ما رَح توه
لاني دِليلي العشگ و الشوگ للأحباب .
المصدر / شـــبكة النّبأ العظيــم الثّقافيّــــــة .