قرطاج الشامخة قبالة سحر المتوسط

قرطاج الشامخة قبالة سحر المتوسط

مدينة قرطاج تعدّ من أهم معالم السياحة في تونس، حيث يعانق البحر الربوة أمام أعين القارة الأوروبية ويستنشق السائح في ربوعها الرائعة عبق التاريخ.

العرب

[نُشر في 18/05/2014، العدد: 9562، ص(17)]

قرطاج الشامخة قبالة سحر المتوسط _22962_car3

شواطئ وسواحل قرطاج تمنح السائح نوعا آخر من الحياة طوال السنة وليس في فصل الصيف

تونس - عندما تقرر زيارة مدينة قرطاج التونسية فإنك ستبحر لا محالة في تاريخ يمتد عمره إلى ثلاثة آلاف سنة من ميراث الإنسانية، فإشعاع هذه المدينة ثقافيا واقتصاديا على العالم القديم تواصل إلى القرون الحالية وأصبح جزءا لا يتجزأ من عالمنا الحضاري الجديد.
ومنذ سنين عديدة أصبحت قرطاج معلما من أهم معالم السياحة في تونس الخضراء، هذا البلد الجميل الذي لا يزال يحافظ على مكانته السياحية العربية في دول العالم كله ابتداء من أوروبا ووصولا إلى الأميركيتين وحتى في جنوب شرق آسيا، حيث يفد إلى قرطاج الكثير من السياح اليابانيين سنويا.
يمتد منتزه قرطاج من المعالم البونيقية إلى منطقة حمامات أنطونيوس، ويشمل القصور الرومانية والمسرح الشهير فيها والمتحف الأثري والهضبة والساحل الجميل، مما يعطي السائح فرصة لقضاء أجمل إجازات الصيف في ربوعها الرائعة يستنشق عبرها عبق التاريخ الطويل الممتد عبر سنين طويلة.
وعلى سواحل قرطاج الجميلة تقع قرية سيدي بوسعيد، وهي تقع على امتداد صخري يمتزج مع لون البحر الأزرق الرائع ليشكل لوحة رائعة مزيجا بين اللونين الأزرق والأبيض، يتيح لزوارها استلهام الراحة والهدوء في ظل فيئها الجميل.
وفي بوسعيد ترى المنازل القروية الصغيرة ذات المسحة التونسية الأصيلة تمتد طوال الطرق الصغيرة التي تقطع القرية على أربعة طرق ضيقة، وعبر الطرقات المرصوفة بالحجارة القديمة يكتشف الزائر التشابك الجميل بين المنازل وكأنها جسد واحد يمتد على طوال القرية شرقا وغربا، وتتميز بوسعيد بشبابيكها الزرقاء التي يحرص السياح دائما على التقاط الصور التذكارية لهم عندها، بل إنهم يبحثون عن التذكارات منها بصورة الشباك الأزرق.
وأينما تسير في قرية بوسعيد ترى أمامك الامتداد اللامتناهي لشجرة البوغانفيني.. التي يصل عمرها إلى أكثر من خمسين عاما، وهي ليست امتداد نباتيا فقط، بل امتداد حضاري وتاريخي لشعب بورسعيد الذي لا يزال يحافظ على هويته الأصيلة القديمة.

اقتباس :: لا يمكنك ان تزور قرطاج دون ان تزور قصر "النجمة الزهراء" وهو مركز الموسيقى العربية والمتوسطية، وكثيرا ما احتضن هذا القصر انواعا من المهرجانات والمتلقيات الموسيقية العربية

ولا يمكنك أن تزور قرطاج دون أن تزور قصر “النجمة الزهراء” وهو مركز الموسيقى العربية والمتوسطية، وكثيرا ما احتضن هذا القصر أنواعا من المهرجانات والمتلقيات الموسيقية العربية، وكان ملتقى للموسيقيين العرب والأجانب الذين يأتون إلى قرطاج من أجل أن يستمعوا إلى الموسيقى العربية والمتوسطية في صحنه الجميل.
وعلى شواطئ وسواحل قرطاج تجد نوعا آخر من الحياة، وهذا يكون طوال السنة وليس في فصل الصيف، فابتداء من ميناء “حلق الوادي” إلى شواطئ “قمرت” لن تجد أمامك سوى البحر الأزرق الجميل والرمال الرائعة الهادئة التي تجعل من عطلتك وإجازتك شيئا رائعا وذكرى لا تنسى أبدا.
وعندما تزور قرطاج ستجد نفسك مفتونا دون إرادتك بالجلوس في مقاهيها الممتدة عبر الشاطئ كله وطوله 25 كيلومترا، وتتميز هذه المقاهي بطابعها التونسي الأصيل الفريد.. فهي لا تزال تقوم على أساس الثقافة التونسية الشعبية القديمة، التي تحرص دائما على تقديم ألوان الطعام التونسي الذي يعكس روعة المطبخ التونسي المتوسطي وبالأخص وجبة “الحوت الكاملة”، واعتادت المقاهي التونسية في قرطاج على تزيين واجهاتها بالإضاءات المختلفة والألوان الزاهية لتضفي عليها نوعا من البهجة والفرحة، إلى جانب الديكور المتميز الذي يشعرك أنك جزء لا يتجزأ من عالم قرطاج وتونس على السواء، ومن أشهر المقاهي التي لا تزال موجودة منذ أكثر من مئة وخمسين عاما مقهى “القهوة العالمية” و”سيدي الشبعان” ومن الطبيعي أن ترى على إحدى الطاولات في هذين المقهيين أحد النجوم العرب أو العالميين جالسا وهو يرتدي الحلة التونسية الشعبية.
ومن النادر أن يزور سائحٌ قرطاج ولا يذهب لزيارة أسواقها القديمة التراثية التي تعتبر جزءا من الإجازة الصيفية لغالبية السياح الأوروبيين، الذين يأتون من بلدانهم من أجل التسوق وشرب الشاي التونسي في ربوع هذه الأسواق التراثية التي تفتح أبوابها منذ الصباح الباكر وحتى التاسعة ليلا بتوقيت قرطاج، وفي أيام المهرجانات الفنية التي تحتضنها هذه المدينة التراثية الموغلة في القدم، يكثر زوار هذه الأسواق، وتزدحم بالنجوم والزوار والسياح مما لا يتيح فرصة لأحد بأن يسير دون أن يبحث له عن طريق بين الزوار، وتعتبر هذه الأسواق هي الأكبر حجما والأقدم تاريخيا في أفريقيا بالنسبة إلى بيع التراثيات، فهي تحمل في طياتها عبق ماض قديم وتاريخ بعيد يحمل بين أوراقه خبرة هذه السنين الطويلة.
الوصول إلى قرطاج سهل للغاية، ما عليك سوى حجز تذكرة سفرك على الطيران الذي ترغب فيه، وتستغل التاكسي أو سيارة خاصة لتكون في ربوع قرطاج الجميلة في أقل من 10 دقائق فقط.