هل يختفي مسيحيو العراق ؟
زعزع تقدم الجهاديين الملحوظ في العراق سهل نينوى حيثُ يعيش عددٌ كبير من المسيحيين !.
أليتيا
AFP PHOTO/KARIM SAHIB
23.06.2014
بغداد / أليتيا (aleteia.org/ar) -
زعزع تقدم الجهاديين الملحوظ في العراق سهل نينوى حيثُ يعيش عددٌ كبير من المسيحيين.
في العاشر من يونيو وعند الساعة الحادية عشر ليلاً ، هربت عائلةٌ من جملة الكثير من عائلات الموصل التي
اصبحت في قبضة الجهاديين المدينة سيراً على الأقدام .
وصلت العائلة في اليوم التالي عند الساعة الثالثة من بعد الظهر الى بلدة قراقوش المسيحية حيثُ التجأت اكثر من 300 عائلة .
وهرب ما يُقارب الــ 500 ألف شخص ومنهم آلاف المسيحيين في ظرف يومَين من الموصل متوجهين الى المنطقة الكردية .
ويتعرض المسيحيون منذ سنوات عديدة للتهديد والخطف والقتل في بعض الأحيان في هذه المدينة التي أصبحت شيئاً فشيئاً
مرتعاً للقاعدة ومن ثم معقلاً للدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) . ولا يزال بعض المسيحيين متواجدين في الموصل
وتجدر الإشارة الى ان الكنائس لم تُدمر حتى الساعة إلا ان حكم الشريعة دخل حيز التنفيذ !
وفي الواقع ، لم يكن هجوم الجهاديين الحدث الأول الذي أجبر المسيحيين على مغادرة المدينة والاستقرار
في مدن عراقية أخرى أو في الخارج .
فلم ينفك عددهم يتقلص منذ العام 2003 إذ كان عددهم يُلامس الـ 1.2 مليون قبل سقوط نظام صدام حسين ؛
ليتراوح الآن بين 400 و500 ألف موزعين على مدن وبلدات سهل نينوى ؛ وخاصةً قراقوش التي يبلغ عدد سكانها 50 ألفاً ،
أغلبهم من المسيحيين بالإضافة الى تواجد البعض منهم في كركوك وبغداد . وأدى النزاع بين السنة والشيعة الذي
يجعل من المسيحيين كبش محرقة بالإضافة الى هجمات الإرهابيين التي تستهدفهم بشكلٍ خاص الى مقتل ألف مسيحي
ومنهم ستة كهنة وأسقف . ويشهد الوضع منذ سنتَين نوعاً من الاستقرار إلا ان الآفاق ملبدة . وتتأوه سنة وهي مسيحية من بغداد
قلقة من تقدم الجهاديين السريع نحو العاصمة بالقول : " لقد اكتفينا " كما تؤكد ريتا , وهي مسيحية كلدانية من كركوك
متحدثةً بلسان المسيحيين : " ننتظر أعجوبة . حتى الساعة نستمر في العمل لكن من يعلم الى اين قد تتجه الأمور؟
" وقد فضلت بعض العائلات التوجه الى العاصمة الكردية أربيل الأكثر أمناً .
ويقول الأب أمير جاجي رئيس الآباء الدومينيكان في العراق إن " خوف المسيحيين مزدوج .
فهم يخشون الاسلام المتطرف الذي قد يفرض الشريعة ويجعل من المسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية كما يخشون
تقسيم البلاد الى ثلاث مناطق : سنية وشيعية وكردية . فمن شأن ذلك ان يكون خطيراً جداً على الأقليات !
الآفاق ملبدة والرؤية غير واضحة ... " وفي هذا السياق ، ما هو المستقبل الذي ينتظر مسيحيي العراق ؟
ينضم لاجئوا الموصل الى مسيحيين آخرين في قراقوش . فكيف عساهم يجدوا عملاً ومنزلاً في مدينةٍ مكتظة تضاعف
عدد السكان فيها في غضون عشر سنوات ؟ . يقول الأب جاجي :
" نحن لا نُدين بطبيعة الحال الأشخاص الذين يختارون الرحيل فحياة الانسان أغلى من أرضه ,
إلا أنه علينا ان نصبر وعلى الكنيسة بذل كلّ الجهود لمساعدة هؤلاء من أجل تمكينهم من العيش حياة كريمة هنا " .
فبالنسبة لهذا الآب الدومينيكاني من غير الممكن تصور العراق من دون المسيحيين , إذ يعتبر ان " وجودنا علامة رجاء للبلد بأسره
وإن اختفينا واصبحت العراق من لونٍ واحد ولن تكون العراق إذ يحتاج المسلمون المعتدلون إلينا لإحداث التغيير" .
ويُشير باسكال غولنيش ، مدير دار اعمال المشرق الى حيوية الكنيسة العراقية فيقول :
" من الواجب التركيز على ما تبقى! فللكنائس المشرقية في العراق مدارس ومستشفيات واكليريكية ورهبانات .
إن الكنيسة العراقية ليست بالميتة إذ هي كنيسةٌ ديناميكية " . ويقول الأب جاجي من جهته إن
" الكنيسة العراقية لطالما عرفت كيف تنهض وتستمر" .
خاصةً وان التاريخ المسيحي شهد في العراق أكثر من أي مكانٍ آخر التجارب والاضطهاد " والسؤال في المدى المنظور ,
لا يتعلق بتجريد العراق تماماً من المسيحيين بل بصورة العراق التي نعرفها " .
* نشر بلغته الرئيسية بقلم : لورانس دي جوايو أما الترجمة فخاصة لموقع أليتيا .