«محاولة انقلابية» من نوري المالكي لمنع سقوطه
العراق: دعم دولي لتكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة
August 11, 2014
بغداد ـ «
القدس العربي» من مصطفى العبيدي : أخيرا اقتربت عقدة رئاسة الوزراء من الحل في
العراق، حيث كلف رئيس الجمهورية فؤاد معصوم رسميا القيادي في حزب الدعوة الاسلامية حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة، خلفا لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي نشر قوات تابعة له في مناطق استراتيجية في بغداد، فيما يشبه «محاولة انقلابية» لمنع سقوطه السياسي .
وقدم رئيس الجمهورية كتاب التكليف الى حيدر العبادي في مؤتمر صحافي حضره رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وقادة التحالف الوطني ومنهم ابراهيم الجعفري وباقر جبر صولاغ وأخرون .
وكان التحالف الوطني الشيعي باعتباره الكتلة الأكبر في مجلس النواب قد قدم كتاب ترشيح حيدر العبادي بتوقيع 127 عضوا يمثلون الكتل الرئيسية للتحالف الوطني ، بينهم 38 من حزب الدعوة و34 من الأحرار الصدرية و 31 من المواطن و12 من المستقلين و6 من الاصلاح و6 من الفضيلة مع غياب كتلة بدر التي يرأسها هادي العامري عن قائمة الموقعين .
وكان أول رد فعل على التكليف صدر من رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي إدعى بأنه الممثل الوحيد لائتلاف دولة القانون الذي ينتمي له حيدر العبادي، معلنا تمسكه بحقه في تشكيل الحكومة .
وقبل التكليف عقد اجتماع ضم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس القضاء مدحت المحمود لمناقشة موضوع تحديد الكتلة الأكبر في مجلس النواب التي تكلف بتشكيل الحكومة.
وعلى صعيد آخر منعت الاجهزة الامنية يوم الاثنين حركة سير المركبات في شارعي السعدون وابو نؤاس وسط بغداد دون معرفة الاسباب. وقامت الاجهزة الامنية بشكل مفاجىء بإغلاق شارعي السعدون وابو نؤاس وسط العاصمة يوم الاثنين من الساعة 8 صباحا ، ومنعت حركة العجلات بجميع انواعها ، دون ذكر الاسباب .
وذكر شهود عيان لـ»
القدس العربي» ان قوات امنية خاصة تنتشر صباح الاثنين حول المنطقة الخضراء وتمنع سير المركبات في جميع الشوارع المحيطة بها ، كما شهدت العاصمة العراقية، بغداد، انتشارا أمنيا ملحوظا كثيفا في شوارع المدينة لقوات الجيش ومدرعات عسكرية على ضوء تفاقم الأزمة السياسية بشأن تشكيل الحكومة القادمة .
وفي أعقاب تكليف رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لحيدر العبادي الذي كان نائبا لرئيس مجلس النواب برئاسة الوزراء، أشارت مصادر مقربة من التحالف الوطني في أحاديث لـ»القدس العربي» الى قيام قيادات من التحالف بإجراء اتصالات مكثفة مع القادة العسكريين في وزارتي الدفاع والداخلية للاطمئنان على سلامة موقفهم من التغيير في قيادة القوات المسلحة التي كان يقودها نوري المالكي منذ ثماني سنوات .
وأجريت اتصالات ببعض التنظيمات الموالية للمالكي كعصائب أهل الحق وغيرها لتفادي أية تصرفات أو اجراءات تعرقل سير عملية انتقال السلطة بشكل طبيعي ودستوري .
وقوبل تكليف العبادي تشكيل الحكومة بدعم دولي وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أبدت امس الاثنين تأييدها للرئيس العراقي فؤاد معصوم بعد «انتقادات» وجهها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي له، فيما حملت المالكي مسؤولية «إشعال الأزمة الأمنية».
ومن جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الاثنين إن تشكيل حكومة عراقية مسألة حاسمة لتحقيق الاستقرار. وحث رئيس الوزراء العراقي المنتهیه ولایته نوري المالكي على ألا يؤجج التوتر السياسي .
وقال كيري للصحافيين في سيدني إن «عملية تشكيل الحكومة مهمة فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار والهدوء في العراق، وأملنا هو ألا يثير السيد المالكي القلاقل».
وأضاف «شيء واحد يحتاج كل العراقيين لمعرفته وهو أنه سيكون هناك القليل من الدعم الدولي من أي نوع كان لأي شيء يحيد عن عملية الدستور المشروعة القائمة «.
وقبل اعلان التكليف كان الموقف السياسي يلفه الغموض وخاصة بعد اعلان قناة العراقية الرسمية أن المحكمة الاتحادية العليا في العراق قضت يوم الاثنين بأن كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء المنتهیهة ولایته نوري المالكي هي الكتلة الأكبر في البرلمان، ما يعني امكانية بقائه رئيسا للحكومة لفترة ولاية ثالثة . كما تابع العراقيون بقلق أخبار الانتشار المكثف لقوات النخبة التابعة لرئيس الوزراء حول المنطقة الخضراء والنقاط الحيوية في شوارع العاصمة.
من هو حيدر العبادي؟
نال حيدر العبادي، النائب عن دولة القانون، ثقة البرلمان، ليشغل منصب النائب الأول لرئيسه. ودخل العبادي فجأة كمرشح بارز، بعد مفاوضات ماراثونية شهدها منزل ابراهيم الجعفري، ليقتحم اسمه اخر اجتماع للتحالف الوطني، بعد اصرار دولة القانون على تولي احد اعضائه نيابة رئاستي البرلمان والجمهورية.
هو مرشح التوازنات السياسية التي لا تنفك من العراق في ظل الاوضاع الامنية والازمات الطائفية، ليشكل احد اضلاع هيئة رئاسة البرلمان.
حيدر جواد العبادي ولد عام 1952 في بغداد، في كنف عائلة ذات اصول جنوبية، عرفت في منطقة الكرادة الشرقية بالتجارة ومحلات العطارة. وتدرج بالدراسة الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في بغداد، ونال البكالوريوس من الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية ببغداد عام 1975.
هاجر من العراق بداية السبعينات لاكمال دراسته في
بريطانيا، وحصل على الماجستير عام 1977، ثم الدكتوراة عام 1980 من جامعة مانشستر البريطانية، في تخصص الهندسة الكهربائية، وبقي في لندن منذ ذلك الحين، حتى عام 2003 الذي عاد فيه الى العراق.
اصدر كراسا يشرح فيه مسيرته «الجهادية» مع حزب الدعوة الاسلامية، ضمن حملته للدعاية الانتخابية الحزبية، ذكر فيه انه انتمى الى حزب الدعوة عام 1967، وكان عمره انذاك خمسة عشر عاما. واختير مسؤولا لتنظيمات الحزب في بريطانيا عام 1977، وحصل على عضوية القيادة التنفيذية للحزب عام 1979.
وفي عام 1980 اختير مسؤولا لمكتب الشرق الاوسط للحزب، الذي كان مقره في بيروت، لكنه بقي يدير المكتب من لندن، ما ولد اشكالات داخل الحزب ادت الى استبداله.
سمى حزب الدعوة العبادي متحدثا باسمه، لكنه لا يظهر الى الاعلام، إلا قليلا. وخلال مسيرته في العراق منذ عام 2003، تسنم منصب وزير الاتصالات في الحكومة الانتقالية التي ترأسها اياد علاوي، ثم نائبا في البرلمان عام 2005 وحتى الان.
ترأس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية في برلمان 2005، واللجنة المالية في برلمان 2010، وواجه صراعات سياسية عديدة بخصوص موازنة البلد المالية لعام 2013. طرح اسم العبادي كأحد ابرز مرشحي حزب الدعوة لرئاسة الوزراء عام 2006، اثناء عملية استبدال ابراهيم الجعفري، وعاد ليطرح اسمه من جديد وسط مفاوضات تشكيل الحكومة عام 2010.