الضربات الجوية الأميركية ضد 'داعش' آتت أكلها لكنها ليست كافية
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: الضربات الجوية الأميركية ضد 'داعش' آتت أكلها لكنها ليست كافية الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 - 2:38
الضربات الجوية الأميركية ضد 'داعش' آتت أكلها لكنها ليست كافية
خبراء يرون أن استعادة المناطق التي سيطر عليها داعش يتطلب مقاتلين مدربين تدريبا خاصا ودعما من قبل سكان المناطق التي استولى عليها التنظيم.
العرب [نُشر في 02/09/2014، العدد: 9667، ص(6)]
التغطية الجوية الأميركية للقوات الكردية حالت دون سيطرة جهاديي 'داعش' على أربيل
باقرتا (العراق) – بعد الهجوم الخاطف الذي شنه مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق في يونيو الماضي، بدؤوا يستعرضون قوتهم في شوارع مدينة الموصل التي سقطت بين أيديهم وهم يلوحون بالأعلام من سيارات “الهمفي” الأميركية التي استولوا عليها ومن عربات مدرعة وعربات “بيك اب” مزودة بمدافع رشاشة ثقيلة، إلى أن استهدفتهم الغارات الجوية الأميركية الأخيرة، فانقلبت الأمور، وعادوا ليغيروا تكتيكاتهم في الحرب والظهور. اليوم يقول بعض سكان المدينة إنّ الكثيرين من مقاتلي “الدولة الإسلامية” تخلوا عن العربات ذات المظهر العسكري، التي قد تجعل منهم أهدافا سهلة للضربات الجوية الأميركية واتجهوا للاختلاط بالسكان المحليين. وفي هذا الإطار، كشفت تقارير تمعن أصحابها في الضربات الجوية الأميركية المستمرة منذ ثلاثة أسابيع، عن تغيرات كبيرة في أسلوب عمل تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ انضمام الولايات المتحدة للقتال ضده، وكانت أوضح العلامات البارزة؛ ظهور أعداد أقل من المتشددين في شوارع الموصل. ومن غير الواضح كيف ستتغير تكتيكات “الدولة الإسلامية” نتيجة استرداد قوات الحكومة العراقية وقوات البشمركة الكردية سد الموصل الاستراتيجي، وكذلك استعادتها لمدينة آمرلي التي كان الآلاف محاصرين فيها دون إمدادات غذائية ومياه، لكن من الواضح أن استراتيجيات القتال تتطور على الجانبين. ويوضح تكيف “الدولة الإسلامية” مع التغيرات مدى المشاكل التي يواجهها كلّ من الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزارة الدفاع (البنتاغون) وكذلك القوات العراقية والكردية في سعيهم لاستعادة الأراضي التي استولى عليها المتشددون. فبعد صياغة ترتيبات عمل مع جماعات سنية مسلحة أخرى، ومقاتلي العشائر الساخطة على الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد، أصبحت “الدولة الإسلامية” الآن القوة المهيمنة في عدّة مناطق من شمال العراق وغربه، وتقول تقديرات حكومية عراقية أن عدد مقاتليها يتراوح بين ثمانية آلاف و20 ألف مقاتل.
اقتباس :
جهاديّو الدولة الإسلامية يحققون مكاسب كبيرة في سوريا، بما في ذلك الاستيلاء مؤخرا على قاعدة جوية كبيرة.
من جهة أخرى، فقد أصبحت مساحات شاسعة من الأراضي تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية المنشق عن تنظيم القاعدة وسيكون من الصعب انتزاعها منه، إذا فشل القادة السياسيون من الشيعة في استرضاء العراقيين من السنة الساخطين الذين لجأ كثيرون منهم إلى أحضان “الدولة الإسلامية” بعد “سياسة التمييز والاضطهاد التي عاشوها على حدّ تعبيرهم”. ويقول مسؤولون أمنيون عراقيون وخبراء إنّ إخراج الجهاديين بالكامل سيتطلب على الأرجح العمل على محورين أحدهما يشمل قتالا بريا في العراق تخوضه قوات الأمن العراقية ورجال العشائر ومقاتلو البشمركة الأكراد، ربما بتوجيه من قوات العمليات الخاصة الأميركية ومستشارين أميركيين. والثاني يتطلب شن هجمات جوية على معاقلها في سوريا، وهو أمر محفوف بالمخاطر بما في ذلك سقوط كثير من الضحايا بين المدنيين في ضوء عدم كفاية معلومات الاستخبارات الأميركية على الأرض. من جهته، قال علي الحيدري الخبير الأمني والضابط السابق بالجيش العراقي: “استعادة مساحات يستلزم ما هو أكثر من الضربات الجوية، فهو يتطلب مقاتلين مدربين تدريبا خاصا ودعما من قبل سكان المناطق التي استولى عليها التنظيم.” وقالت حياة ألفي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بكلية الحرب البحرية الأميركية في نيوبورت برود آيلاند، بدورها، “إنّ واشنطن بحاجة إلى أن تقرر إن كانت تريد وقف الدولة الإسلامية واحتواءها أم تريد القضاء عليها قضاء مبرما”. وأضافت: “إذا كانوا يريدون فعلا القضاء على الدولة الإسلامية… فلابد أن يكونوا أكثر التزاما بهذا الأمر بكثير.”
الغارات الجوية
ومنذ الثامن من أغسطس شنت الطائرات الحربية الأميركية عدة هجمات، بشكل يومي في العراق، تركزت حول ثلاثة مواقع قتالية رئيسية في شمال العراق، هي العاصمة الكردية أربيل وسد الموصل وجبل سنجار الذي يمتد مسافة 65 كيلومترا وكان الجهاديون قد حاصروا فيه آلاف الإيزيديين.
كما نفذت المقاتلات إف/ ايه 18 من حاملة الطائرات الأميركية جورج اتش.دبليو بوش، أول الهجمات حول سنجار، فيما قالت الولايات المتحدة إنه مسعى لحماية الإيزيديين الذين كانت تخشى أنهم يواجهون خطر الإبادة. ويقول مسؤولون أميركيون إن طائرات حربية تنطلق من قواعد على الأرض وطائرات دون طيار تنطلق من قواعد أخرى في المنطقة أصبحت تشارك الآن في الهجمات الجوية. ويقول دوغلاس أوليفانت، رئيس الوحدة المسؤولة عن العراق في مجلس الأمن القومي الأميركي، في عهد الرئيسين جورج دبليو بوش وأوباما: “حتى الآن تركزت الضربات الجوية على منع الدولة الإسلامية من التقدم.” ويضيف “وقد حققت نجاحا على الأقل داخل العراق، أما سوريا فمسألة أخرى.” من جهتهم، قال مسؤولون عراقيون وغربيون إنه كان لتزايد استخدام القوة الجوية بوصول طائرات هجومية روسية الصنع من طراز سوخوي-25 لسلاح الجو العراقي أثر ملموس، وإن كان من الصعب تقدير الخسائر في صفوف مقاتلي الدولة الإسلامية.
جوانب شائكة
في الموصل نفسها التي تقطنها أغلبية سنية لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يتباهى بوجوده. وقال أحد السكان، امتنع عن ذكر اسمه خوفا من رد فعل عناصر الدولة الإسلامية: “انتشارهم أقل من ذي قبل. وهم يتجنبون استخدام المدافع الرشاشة على سيارات البيك اب لأنها أهداف واضحة للطائرات.” من جهة أخرى، فقد ساعدت الضربات الجوية الأميركية القوات والميليشيا العراقية على شن هجوم منسق على مدن تحت سيطرة الدولة الإسلامية قرب مدينة آمرلي الشمالية التي حوصر فيها ألاف الشيعة من التركمان وانقطعت عنهم إمدادات الغذاء والمياه والدواء لمدة شهرين. وقد عادت هذه المدينة، مؤخرا، تحت سيطرة القوات الحكومية. ومع تدخل الطائرات الأميركية لمساعدة هذه الحملة العسكرية برزت جوانب شائكة لكل الأطراف، إذ أن الجيش الأميركي ساعد في واقع الأمر؛ لا القوات العراقية فحسب، بل عناصر ميليشيات شيعية حاربت القوات الأميركية من قبل، ويتهمها السنة بارتكاب فظائع في قتالها ضد الدولة الإسلامية بما في ذلك عمليات قتل خارج النظام القضائي.
دوغلاس أوليفانت : "حتى الآن تركزت الضربات الجوية على منع الدولة الإسلامية من التقدم".
من جهتها، تقول القوات الكردية إنه لولا الغطاء الجوي الأميركي لكانت واجهت صعوبات في وقف تقدم الدولة الإسلامية نحو أربيل. وبدلا من ذلك واصل الأكراد الضغط واستعادوا في الـ 24 من أغسطس الماضي قرية باقرتا الواقعة على مسافة 70 كيلومترا من عاصمتهم. وقالت مصادر في الموصل إنّ عددا من قيادات الدولة الإسلامية قتلوا. كما أوضحت الحكومة الكردية أنّ مقاتليها شاهدوا عربات محترقة، وقد كان المتشددون يكافحون لإخلاء قتلاهم وجرحاهم. وفي هذا سياق متصل قال نجات علي صالح، المسؤول الكبير بالحزب الديمقراطي الكردستاني، في قضاء مخمور قرب باقرتا: “نحن نشعر بأننا أقوى منهم.”
الطائرات الروسية
مع بداية هجوم الدولة الإسلامية، كانت القوة الجوية العراقية محدودة تقتصر على طائرات هليكوبتر هجومية، وعدد محدود من طائرات سيسنا الّتي تطلق صواريخ هلفاير. غير أنه بنهاية يونيو الماضي، أعلنت روسيا والعراق عن إتمام صفقة لتزويد سلاح الجو العراقي بطائرات سوخوي هجومية من طراز سو – 25. ورغم أن هذه الطائرات بسيطة وبطيئة وضخمة، إلا أنها مزودة بدروع ثقيلة وهي مثالية لمهاجمة تجمعات القوات في المناطق المكشوفة. ويقول المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن، بعد فحص مجموعة من الصور المختلفة، إنّ دفعة ثانية من هذه الطائرات وصلت في يوليو الماضي بألوان مموهّة وعلامات يستخدمها الحرس الجمهوري الإيراني. ولم تعلق الحكومتان العراقية والإيرانية على مصدر هذه الطائرات أو من يقودها. من جهته، قال علي عبدالكريم، العقيد بالجيش العراقي “إنّ الطائرات أوقفت تقدم الدولة الإسلامية صوب بغداد في الشهر الماضي”. ورغم أن الطيارين العراقيين أقل خبرة من نظرائهم الأميركيين، كما أن أسلحتهم أقل دقة، فقد قال العقيد عبدالكريم “إنّ التنسيق مع القوات البرية يتحسن”.ورغم ذلك، يرى مراقبون، أنه لن يكون من السهل إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية في العراق.
جيش إرهابي
يبدو أنّ الحملة الجوية الأميركية أثارت سخط الدولة الإسلامية أكثر على الأكراد. فقد نشرت “الدولة” مقطع فيديو يوم الخميس عرضت فيه 15 أسيرا كرديا وعملية إعدام واحد منهم. وحث ثلاثة من الأسرى رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، على إنهاء التحالف العسكري مع الولايات المتحدة.
اقتباس :
بعض المقاتلين السنة الذين دربتهم القوات الأميركية يحاربون الآن في صف داعش
وفي هذا السياق، قال مسؤول كردي كبير: “ما نحاربه الآن جيش إرهابي مدرب تدريبا جيدا ومسلح تسليحا جيدا.” وأضاف “ولابد لنا من الاعتراف بأنهم في غاية المهارة في قتالهم. فهم يريدون أن يشغلونا على جبهات عديدة فيتجهون إلى جبهة ويريدون منا التركيز على تلك الجبهة، ثم يخترقوننا من جبهة أخرى.” في سياق آخر، يبدو أن استرداد المناطق السنية أمر صعب المنال، فبين عامي 2007/ 2008 كانت القوات الأميركية قد تعاونت تعاونا وثيقا مع بعض الجماعات السنية ضد تنظيم القاعدة. ويقول مقاتلون من السنة وقيادات عشائرية إنّ بعض من دربتهم القوات الأميركية يحاربون الآن في صف الدولة الإسلامية. ورغم أن الدولة الإسلامية فقدت كميات كبيرة من عتادها الثقيل، يقول مقاتلون أكراد “إنّ القوات المتقدمة صوب مواقع الدولة الإسلامية وأغلبها من القوات الكردية عثرت على عدد من الجثث أقل ممّا توقعت”. من جهتهم، يقول بعض المسؤولين الأكراد إنّه من المحتمل أن يكون الجهاديون المتقهقرون سارعوا إلى نقل الجثث، وإن كان من المحتمل أيضا أن يكون عدد مقاتلي الدولة الإسلامية الذين تعرضوا للهجمات الجوية أقل من التوقعات. وبإلقاء نظرة على الجانب السوري، يرى مراقبون أنّ الجهاديين يحققون مكاسب كبيرة في سوريا، بما في ذلك الاستيلاء في 24 أغسطس على قاعدة جوية كبيرة. هذا الأمر دعا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي، الجنرال مارتن ديمبسي، إلى القول في 21 أغسطس الماضي، “إنّ هزيمة الدولة الإسلامية في العراق يتطلب تحقيق النجاح في مواجهتها في سوريا، وهو أمر يدرسه المسؤولون الأميركيون في الوقت الحالي”. لكن الخوض في عملية عسكرية في سوريا يواجه عقبات هائلة على النقيض من العراق، حيث تتمتع الولايات المتحدة بخبرة مباشرة ترجع إلى سنوات عدّة كما أنّ لها أصدقاء يمكن التنسيق معهم.
الضربات الجوية الأميركية ضد 'داعش' آتت أكلها لكنها ليست كافية