في اليوم الاول لمؤتمر حوار الاديان والحضارات
برلمانية ايزيدية وبطريرك السريان الارثوذكس يطالبون المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للاقليات في سهل نينوى
عنكاوا كوم – انتوربين
سانتا ميخائيل
شهدت اعمال اليوم الاول لمؤتمر حوار الاديان والحضارات ، في مدينة انتوربين البلجيكية ، الاحد 7 آيلول ، التاكيد على اهمية السلام كقيمة عالمية واستنكار مايجري من اعمال عنف وقتل بحق الاقليات الدينية في العراق وسوريا وباقي دول العالم ، وناشدت برلمانية عراقية ايزيدية وبطريرك السريان الارثوذكس المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للاقليات في سهل نينوى ، في حين اكد مسؤول اوروبي رفيع المستوى على ان المعركة ليست ضد الاسلام بل حرب الحضارة ضد البريرية ، وشدد مفتي الديار المصرية على ان مايقوم به الارهابيين ليس له صلة بالاسلام .
واستهلت الجلسة الاولى التي عقدت بعد ظهر الاحد في مسرح بانتوربين ، وحضرها عمدة انتوربين ، حاكمة مقاطعة انتوربين ، وزرا ء، مسؤوليين اوروبيين الى جانب غبطة مار لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، عدد من اساقفة اوروبا ، ممثلين عن الاديان الاخرى ، استهلت بكلمات لمسؤوليين اوروبيين وبلجيكيين تطرقو خلالها لاهمية السلام وتاريخ اوروبا .
فقد شدد رئيس مجلس المفوضين الاوروبي، هرمان فان رومبوي على ان "كلمة السلام هي افضل مايجسد المشروع الاوروبي الذي عملنا عليه منذ نهاية الحرب الثانية . المحافظة على السلام معركة مستمرة ..." وتابع "الاتحاد الاوروبي قوة لينة ، اوروبا ليست مثالية لكننا نقدم نصف المساعدات للتنمية في العالم واكبر مانح في العالم للمعونات الانسانية ، لكن عندما تكون الحضارة معرضة للخطر كما هو الحال في اوروبا ينبغي وقتها ولسوء الحظ التحرك بالوسائل العسكرية ولن نتررد في اتخاذ كل الخطوات اللازمة ، هذه ليست معركة الغرب ضد الاسلام بل معركة الحضارة ضد البربرية ".
محذرا من "تعرض اوروبا معرضة للشعبوية والتطرف ونحن بحاجة الى المزيد من النمو الاقتصادي وزيادة الدخل ، الفقر والحاجة ماتزال مرتفعة في العالم والتطرف الديني نتيجة لذلك ، التطرف ايضا يعود لانعدام الامان ، النزاعات الدينية هي دينية فقط بالقشور" .
وحظيت فيان دخيل بتصفيق حاد في بداية ونهاية حديثها ، اذ قالت " من على هذا الكرسي المتحرك اهديكم تحيات ابناء الاقليات في العراق ممزوجة بالحزن والالام والاوجاع التي لاتوصف ، بلا شك انتم على علم بما جرى لابناء الديانات والاقليات في العراق منذ الشهرين الاخيرين ، لكن اكاد اجزم لستم على اطلاع بتفاصيل ماحدث من جرائم مروعة بحق مكون مسالم من ابناء الطائفة الايزيدية ليس في ثقافتهم الدينية والاجتماعية اي شيء يربطه باعمال العنف والقتل فضلا عن ان الديانة الايزيدة تعد من اقدم الديانات في بلاد الرافدين ،ان ماحدث للايزيدين في سنجار على يد اخطر تنظيم معاصر يتنافى اننا في الالفية الثالثة "
فيان استعرضت بالاحصائيات الغير رسمية مأساة أبناء جلدتها وقالت "هناك 400 الف نازح ايزيدي وهم في مخيمات وشوارع اقليم كردستان ،3 الالاف قتلى وضحايا اما قتلو على يد داعش او ماتو عطشا وجوعا في جبل سنجار ،5 الالاف مختطف من النساء والاطفال والعوائل ،المئات من الفتيات تعرضو للاغتصاب وتم بيعهن واعتبارهم سبايا ويحق للتنظيم الارهابي التصرف بهم كيفما يشاء ، تم بيع العشرات من بناتنا في اسواق الموصل وبسعر 150 دولار للفتاة الواحدة كما تم بيع 300 فتاة اخرى في سوريا فضلا عن اعمال اغتصاب لاتحصى ولاتعد ، هل تعلمون ان تنظيم داعش انسحب بدون قتال من مجمع (سيبا شيخ قدر ) قبل 3 اسابيع لان رائحة جثث الايزيديين الذين قتلهم لم تعد تتحمل ،كما وقعت مجزرة بشعة في قرية كوجو ذات الفين نسمة ...رغم تحذيراتنا والاصدقاء من خطورة الوضع الا ان احدا لم يتدخل ،لااحد يتوقع ان يقوم التنظيم الوحشي بجمع المسننين من الايزيديين الذين لم يتمكنو من الهرب وتفخيخهم وتجميعهم في احدى المزارات المقدسة للايزيديين وتفجير الكل " مشيرة الى "ماساة جبل سنجار والتي كانت شاهدة عليها والذي لجا اليه 25 الف عائلة حوصرت لمدة عشرة ايام مما ادى الى موت الاطفال والكبار من الجوع والعطش ".
واستطردت قائلة "نحن الايزيديين تعرضنا الى 72 ابادة جماعية خلال التاريخ واليوم نتعرض للابادة 73 ، الايزديون وعلى مر التاريخ لم يعتدو على احد بل كنا دائما ضحية وندفع الفواتير الباهظة الثمن لا لشيء الا لاننا نختلف عن الاكثرية دينا ".
وناشدت البرلمانية الايزيدية المجتمع الدولي بالقول " اطلب من المجتمع الدولي من خلال مؤتمركم بالتحرك الجدي والفوري والسريع من اجل تحرير اكثر من 5 الالاف امراة وطفل ايزيدي بيد داعش ، اطالب مجلس حقوق الانسان ومجلس الامن الدولي باجراء تحقيق على هذه الحالة من اجل الاعتراف بعملية جينوسايد ( ابادة جماعية ) التي استهدفت الايزيديين ، وتسهيل اجراءات اللجوء للنازحين الايزيديين الراغبين بذلك والذين فقدو كل ذويهم الى البلدان الغربية ومنحهم حق اللجوء الدائم ، كما اطالب المجتمع الدولي من خلالكم بتوفير الحماية الدولية ونشر قوات حفظ السلام لوقف العنف ضد الاقليات في العراق ومناطق تواجدهم وتسليح الاقليات للدفاع عن نفسها ضد العصابات الارهابية ، اطلب منكم باسم الانسانية المساعدة لاكثر من نصف مليون نازح يفتقر للمأوى ".
من جانبه تطرق مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، لمعاناة ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في العراق وسوريا وتركيا ومعاناة الغير مسلمين في الشرق الاوسط ، بقوله " لم يتغير الكثير منذ مئة عام حيث الحرب العالمية الاولى ،اوصلكم سلام الملايين من المسيحيين والغير مسيحيين في الشرق الاوسط ، اصوات السنة الذين قتلو من قبل السنة والشيعة الذين قتلو من قبل الاسلام المتطرف والمسيحيين والايزديين الذين هربو من بيوتهم ومدنهم ، الاطفال الذين فقدو والديهم وملايين الناس الذين يريدون العيش بسلام مع الاخر ، لكن السياسة الدولية والتطرف الديني يمنعهم من ذلك ".
مشيرا الى "خطورة الاحداث التي تجري في العالم بشكل عام والشرق الاوسط بشكل خاص " والتي قال انها " فاقت كل ماحدث في الماضي من فظائع " وتابع "امل الناس في الشرق الاوسط بالعيش بسلام ورفاهية قد تحطم ، المجتمعات الدينية الصغيرة تاثرت بالاحداث التراجيدية ، فاي نوع من المستقبل ينتظر هذه المجتمعات ؟ وهل سيكون لهم مستقبل في بلدانهم ؟ السلام هو المستقبل وبدونه لن يكون مستقبل للانسانية ، بدون السلام ستكون الانسانية في فوضى مزرية ستؤدي الى ابادة ومذابح ... بينما السلام هو مطلب للاخرين فالسلام هو طريقة للحياة عند المسيحيين ...".
واستعرض مار اغناطيوس مشاهداته لاوضاع المسيحيين وغيرهم الذين يعانون في الشرق الاوسط ، مبتدا من العراق بقوله "خلال زيارتين للعراق حيث شعبنا يعاني من الاضطهاد والترحيل ، حيث الاولى كانت لاكثر من 15 الف شخص اجبرو على ترك بيوتهم في الموصل بسبب داعش ( ISIS)ولجأت الى قرى سهل نينوى ظنا منهم انها أمنة ، والزيارة الثانية كانت ضمن وفد بطاركة الشرق الاوسط للناس التي هجرت للمرة الثانية خلال بضع اسابيع حيث كان عددهم اكثر من 150 الف مسيحي بالاضافة الى اقليات اخرى ".وتابع " كما زرنا قرى آرادن حيث عوائل لجات الى كنيسة هناك ...حيث هناك ناس ليس لهم مكان للنوم والمحظوظين منهم ينامون في الكنائس او في بنايات غير منتهية الاعمار ، لكن الناس هناك لايزال لديهم ايمان بقوة ورحمة بالله ".
واشار الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم للمناشدة التي قدموها كوفد لمطارنة الشرق الاوسط للسياسيين المحليين والدوليين ولمجلس الامن الدولي والالمم المتحدة والاتحاد الاوروبي لتوفير الحماية الدولية للنازحين من ابناء شعبنا وغيرهم من الاقليات في سهل نينوى .
كما تطرق لمعاناة مسيحيي سوريا على يد جبهة النصرة وغيرهم من الجماعات حيث تعرضو للقتل والتهجير وتم تدمير الكنائس والتماثيل والرموز الدينية ، مشيرا لما حدث في قرية صدد وغيرها من قرى ابناء شعبنا ، واضاف "اليوم هناك اكثر من 4 مليون سوري يعيشون على مساعدات برنامج الغذاء وغيرهم من المؤسسات الدولية ".
واشار الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم الى مرور اكثر من 500 يوم على اختطاف المطرانيين السوريين يوحنا ابرهيم وبولس يازجي وقال متسائلا "الا يشعر المجتمع الدولي بالعار من الصمت حيال اختطاف المطرانيين وغيرهم من الابرياء؟متى سيسمع العالم ويتعلم ؟".
واستذكر مار إغناطيوس سيفو 1915 بقوله " في بلجيكا نستذكر الذكرى المئوية للحرب العالمية الاولى ، بفترة فصيرة على الحرب نفذ جينوسايد ( ابادة جماعية ) ضد المسيحيين في الامبرطورية العثمانية حيث قتل مليون ونص ارمني واكثر من 500 الف من شعبنا الناطق بالسريانية ، حيث استهدفو ببساطة لانهم مسيحيين ، نحن في الكنيسة السريانية الارثوذكسية نستذكر سيفو ( الابادة 1915 ) لنذكر انفسنا والاخرين بان العالم يجب ان يتحد ضد الارهاب والتطرف وخطاب الكراهية ...".
من جانبه شدد مفتي الديار المصرية شوقي ابراهيم علام، على ان ماتقوم به الجماعات المتطرفة لاصلة له بالاسلام بقوله "في واقع الامر ولا احد من المتطرفين لم يدرس الاسلام في المعاهد الدينية الموثوق بها وانما هم نتاج بيئة مفعمة بالمشاكل ويعول على تفسيرات مشوهة ومنحرفة وهدفهم تحقيق مآراب شخصية سياسية محضة لا اصل لها من ناحية الدين وهمهم اشاعة الفوضى ".
لكن المفتي لم يستخدم خلال كلمته مصطلح "ارهابيين، الجماعات الارهابية "، مؤكدا على ان " الاسلام ضد التطرف وعلى طول الخط ".
كما انتقد مفتي الديار المصرية جهات خارجية ووسائل اعلام لربط الاسلام بالعنف وقال "ان بعض المحللين من خارج العالم الاسلامي نظر لاعمال فئة قليلة لكنها عالية الصوت مثيرة للقلاقل في العالم الاسلامي واعتبروهم ممثثلين لمعتقدات اغلبية المسلمين زاعمين ان الاسلام أساس العنف وللاسف ساهمت بعض وسائل الاعلام في تاكيد هذا الراي ".
مؤكدا على "ان مصدر التكفير المزعوم مرده ليس لتعاليم الاديان بل لمجموعة معقدة من العوامل نحتاج لفهمها بشكل معمق حتى نعالج هذه الظاهر التي تهدد العالم اجمع ".
يذكر أن المؤتمر الذي نظمته لجنة القديس اجيديو ( Egidio )، لمناسبة مرور مئة عام على الحرب العالمية الاولى ، وتحت شعار (السلام هو المستقبل ) ، يستمر لثلاث ايام ، ويشارك فيه ممثلي لرجال دين مسيحيين من مختلف الطوائف من بينهم الاب بولس ساتي راعي كنيسة ماريعقوب المقطع بانتوربين ، ورجال دين مسلمين ويهود وبوذيين وغيرهم ، وسيتم فيه مناقشة مهمة مثل : الاديان والعنف ، المؤمنين والعلمانيين في العالم ، البحث عن السلام ، الشهداء في عصرنا ، آسيا :الاديان وكرامة الانسان ، وحدة المسيحيين والسلام ، الهجرة ، الصراع والاعلام ، العالم يختنق دون حوار ، العراق وأي مستقبل وغيرها من الامور التي تخص حوار الاديان .
3.jpg (163.24 كيلو بايت, 750x562 - زيارته 13103 مرات.)
نقلا عن عنكاوا . كوم