محمد خلف المزروعي علامة الثقافة والإعلام الإماراتية الفارقة “أبو خلف” كان ينتمي إلى ذلك الجيل من الشباب الإماراتي الذي آمن با
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60486مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: محمد خلف المزروعي علامة الثقافة والإعلام الإماراتية الفارقة “أبو خلف” كان ينتمي إلى ذلك الجيل من الشباب الإماراتي الذي آمن با السبت 15 نوفمبر 2014 - 5:11
محمد خلف المزروعي علامة الثقافة والإعلام الإماراتية الفارقة
“أبو خلف” كان ينتمي إلى ذلك الجيل من الشباب الإماراتي الذي آمن بالعلم والكدّ والعمل وكان يسعى لتوظيف نجاحه في خدمة الإمارات.
العرب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]خيرالله خيرالله [نُشر في 15/11/2014، العدد: 9739، ص(12)]
'أبو خلف' رجل العام وكل عام
هناك رجال تتعرّف عليهم، منهم من يبهرك، ومنهم من لا يعني شيئا، كما لا يمكن أن يعني لك شيئا، لا اليوم ولا غدا ولا في يوم من الأيّام. هناك في المقابل من يزداد الإعجاب به كلّما زادت معرفتك بالشخص وبتواضعه وشهامته وأخلاقه ووفائه وحبّه للآخر وقدرته على العطاء والتعالي على السخافات والسخفاء في الوقت ذاته. كلّما اكتشفت هذا النوع من الرجال أكثر، زاد إعجابك بهم. الوطني الصادق بين هؤلاء، بين رجال الرجال، محمّد خلف المزروعي (أبو خلف) الذي فقدناه قبل أيّام. كان رجلا مختلفا. لم يكن كريم النفس أوّلا في كلّ شيء فحسب، بل كان أيضا وطنيا صادقا على استعداد لبذل حياته من أجل دولة الإمارات وما تمثّله من إرث حضاري في منطقة ندر فيها الأوفياء من الذين انتموا إلى مدرسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وساروا على خطاه وعلى خطى أبنائه. كان “أبو خلف” ينتمي إلى أولئك الذين وضعوا الوفاء والشهامة فوق كلّ اعتبار. كان بكل بساطة من مدرسة الشيخ زايد الذي لم يكن شيء يحدّ من عطائه ووفائه وحبّه لبلده. كان من مدرسة أبناء الشيخ زايد أيضا، من مدرسة تجمع بين البساطة والتواضع والإيمان بالإماراتيين والقدرة على الاعتماد عليهم في بناء الدولة ومؤسساتها. البحث عن المشروع تتعلّق بـ”أبو خلف” الذي يبهرك انضباطه وطريقة عمله والتنظيم الدقيق الذي يرافق كلّ مشروع يتولاه ويؤمن به، خصوصا إذا كان مشروعا ثقافيا أو مرتبطا بالتراث أو الإعلام. الرجل كان بين القلائل الذين جمعوا بين حبّ التراث ومعرفة كيف تكون المحافظة عليه وتنميته من جهة وبين كلّ ما هو عصري من جهة أخرى. يبدأ الانضباط عند “أبو خلف”، بـ”أبو خلف ” نفسه. يبدأ ببساطة الرجل وتهذيبه ومواعيد الأكل في بيته المفتوح. الغداء عند الظهر تماما. العشاء في الثامنة مساء. في أبوظبي، في استطاعة أي شخص دخول المنزل الأنيق والمتواضع في الوقت ذاته والتوجه مباشرة إلى غرفة الطعام أو إلى المجلس. في استطاعة أي شخص اكتشاف مدى تعلّق “أبو خلف” ببلده والتأكّد من ذلك، من خلال اللوحات التي تزين غرفة الاستقبال الكبرى في المنزل. أشخاص في شخص كان “أبو خلف” منفتحا على الجميع. كان مجلسه يجسّد هذا الانفتاح. تجد العراقي واللبناني والسعودي والسوري، وتجد بين حين وآخر شخصيات عالمية على علاقة بالثقافة والسينما والإعلام. كان الرجل أشخاصا عدّة في شخص واحد. كان قادرا على الدخول في حوار مع البدوي البسيط “مربوع” الموجود دائما في مجلسه،ومع كبار رجالات صناعة السينما في هوليوود.
محمد خلف المزروعي في سطور
◄ ولد محمد خلف المزروعي عام 1969 بمدينة زايد، وأكمل تعليمه الدراسي في المدارس الحكومية للإمارة، وتابع دراسته في الولايات المتحدة لعدة سنوات وتخرج بعدها بدرجة الماجستير في الإدارة من ولاية أوريغون، ثم عمل مديرا عاما لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومستشارا للثقافة والتراث بديوان ولي عهد أبوظبي، بالإضافة إلى أكاديمية الشعر العربي، وهي أول أكاديمية متخصصة في المنطقة تعنى بدراسات الكتب وجدوائية النقد وتأريخ الموروث. وشارك الراحل المزروعي في تأسيس مشاريع ثقافية، مثل مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، ومشروع «كلمة» وهو مشروع ترجمة للكتب والأعمال العالمية للغة العربية، ومشروع «قلم» ويُعنى برعاية المواهب الإماراتية الشابة، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال في مجالات أدبية وثقافية وتراثية أخرى، لم يكن أقلها أهمية إطلاق المعرض الدولي للصيد والفروسية في العام 2003 حيث تحول المعرض خلال فترة وجيزة من مناسبة محلية إلى مهرجان اقتصادي وسياحي وفلكلوري من الطراز الأول ببعدين إقليمي وعالمي، وكان للمزروعي الدور الأبرز في إطلاق اثنين من أنجح البرامج التلفزيونية في العالم العربي «شاعر المليون» للشعر النبطي ـ الشعبي و«أمير الشعراء» للشعر. كثيرة هي المشاريع، خلال فترة وجيزة، من تنظيم معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومشروع موسيقى أبوظبي الكلاسيكية ومهرجان «مزاينة الظفرة» ومهرجان ليوا للرطب ومجلة «شواطئ» باللغتين العربية والإنكليزية وتأسيس أكاديمية الشعر وبيت العود العربي إلى إعادة افتتاح قلعة الجاهلي بعد ترميمها وتحويلها إلى منارة ثقافية وتعزيز مشاريع التنقيب عن الآثار وترميم المباني التاريخية ومشروع تجميع الثقافة الإماراتية المكتوبة والشفاهية.
كان ابن بيئته وكان في الوقت ذاته ينتمي إلى العالم. كان يتنقل مرتاحا في البادية، كما كان يتنقل مرتاحا في بيروت وباريس ولندن وجنوب فرنسا أو في هذه المدينة الأميركية أو تلك. كان في كلّ مكان يحلّ فيه مع رفاقه الشخص ذاته، خصوصا متى تعلّق الأمر بالتهذيب والبساطة والتواضع والانفتاح على الآخر والاستماع إليه. صنع النجاحات ما ميّز محمد خلف المزروعي في كلّ وقت ومكان كانت تلك القدرة على صنع النجاح. في النهاية، لا شيء ينجح مثل النجاح. كان نجاحه يزداد نجاحا عندما كان يُوظّف في مصلحة بلده. وقد كافأه بلده عندما سمّي “رجل العام” في الدولة. لم يكن يعتقد في أيّ لحظة أن النجاح نجاح لشخصه. كان يفكّر في كلّ لحظة كيف يمكن توظيف هذا النجاح في خدمة الإمارات. انتمى “أبو خلف” إلى ذلك الجيل من الشباب الإماراتي الذي آمن بالعلم والكدّ والعمل. لم تخدعه مظاهر الثروة. كان يؤمن، من خلال الحديث معه، بأنّ العمل المنتظم والمنضبط للشاب الإماراتي المتعلّم هو الثروة الحقيقية للبلد. فأي ثروة طبيعية يمكن أن تنضب يوما. ما يبقى هو ثروة الإنسان. كان يعمل يوميا على تنمية الثروة الإنسانية عن طريق العلم والعمل. أكثر من ذلك، كان يحضّ الإنسان الإماراتي على الرياضة. كان معظم الذين في مجلسه من الشباب من ذوي الأجسام الرياضية. كانوا يسعون دائما إلى السير على خطاه في مجال ممارسة الرياضة، بما في ذلك اللحاق به عندما يركب درّاجته. غياب “أبو خلف” خسارة لا تعوّض. الخسارة ليست للثقافة فقط ولمن كان وراء “شاعر المليون” الذي جسّد بالملموس عملية إحياء التراث الشعبي في الخليج. الخسارة هي خسارة رجل كان يمتلك رؤية سياسية مبنية على خبرة طويلة. لم يتردّد يوما في الدفاع عمّا كان يؤمن به، ولكن بهدوء وتعقّل كبيرين. لكنّ أكثر ما كان يعرفه ويدركه يتمثّل في أن دولة الإمارات التي أسسها الشيخ زايد، هي دولة الاعتدال قبل أي شيء آخر. إنّها دولة حضارية تستثمر في شبابها وفي تطوير البرامج التعليمية. تستثمر في تعليم الشاب وتثقيفه وجعله يتقن اللغات العالمية، على رأسها الإنكليزية. الأهمّ من ذلك، أنّه كان يحثّ على التخلي عن الاتكالية والتزام دوام العمل بدقّة، بغض النظر عن المغريات. وما أكثر المغريات لمواطن إماراتي…
اقتباس :
كان نجاح المزروعي يزداد نجاحا عندما كان يوظف في مصلحة بلده. وقد كافأه بلده عندما سمي "رجل العام"
يصعب العثور على صديق مثل “أبو خلف”. كان رجلا محبّا بكلّ معنى الكلمة. كان يشرف بنفسه على الاهتمام بتفاصيل التفاصيل. يسألك هل أكلت جيدا؟ هل أنت مرتاح؟ هل هناك ما ينقصك؟ لم يعرف الكره. كان يحتقر الكره والحقد والنميمة. من غاب عن مجلسه من الانتهازيين، سرعان ما عاد إليه. كان العائد يُستقبل بالطريقة نفسها، أي بالترحاب. لم يكن هناك من يريد إشعاره بأنّه كان لغيابه أي أثر من أيّ نوع كان. ليس غياب “أبو خلف” مجرّد غياب لصديق عزيز يذكّرك كلما جلست إلى جانبه بأن هناك من تستطيع الاعتماد عليه. “أبو خلف” الذي غاب كان أكثر من صديق. كان الوفاء في عالم صارت فيه هذه الصفة عملة نادرة. بين القادة والبسطاء من غاب كان رجلا ليس كبقية الرجال. كان بين القلائل الذين يستطيعون أن يكونوا الشخص المتواضع ذاته في حضرة الملوك والأمراء والشيوخ وكبار الشخصيات العالمية، ومن خلال التعامل مع الشخص البسيط الذي يخدم ضيوفه في منزله. كان بالنسبة إلى معظم الذين عرفوه، الأخ والصديق. كان فوق ذلك كلّه رمزا للوفاء والوطنية والنجاح. إنّه رجل العام وكلّ عام آت، في عالم قلّ فيه الرجال. “أبو خلف” رجل لا يعوّض. كان يختم حديثه معك بعبارة “الله لا يحرمنا منك”. حرمنا الله منه. لا ظلم لنا، نحن أصدقاؤه، أكبر من هذا الظلم.
محمد خلف المزروعي علامة الثقافة والإعلام الإماراتية الفارقة “أبو خلف” كان ينتمي إلى ذلك الجيل من الشباب الإماراتي الذي آمن با