مفعول التشدد طال كل الأديان، لذلك أيقن الجميع أن التصدي يجب أن يكون جماعيا موحدا
روما - الحال التي يمرّ بها العالم بأسره، والتي نتجت عن تزايد منسوب التطرف بكل أشكاله ومصادره، فرضت على مسؤولي الأديان تكثيف الجهود واللقاءات من أجل الخروج بصيغ واقتراحات وحلول تقي البشرية مفاعيل التشدد والتعصب. حول هذا المشغل عُقدت في روما من الثاني حتى الرابع من الشهر الجاري القمة المسيحية الإسلامية الثالثة للحوار بمشاركة وفدين مسيحيين (كاثوليكي وأنغليكاني) وآخرين مسلمين (شيعي وسنّي). في اللقاء المشار إليه دعا أربعة مسؤولين كبار، كاثوليكي وأنغليكاني وسنّي وشيعي، الخميس الماضي من روما إلى محاربة التطرف الإسلامي والتعصب الديني من خلال التعليم والتعاون بين منظمات غير حكومية مسلمة ومسيحية في مناطق الأزمات. ووقع المسؤولون الأربعة “نداء للعمل” إثر “قمة مسيحية إسلامية” نظمها في روما الكاردينال الفرنسي جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، دعوا فيه إلى نشر السلام ومحاربة التطرف والتعصب الديني عبر التعليم والتعاون بين منظمات غير حكومية مسلمة ومسيحية في مناطق الأزمات. والموقعون الثلاثة الآخرون هم الأمير الأردني الحسن بن طلال راعي الحوار بين الإسلام والمسيحية، وآية الله مصطفى داماد الأستاذ في جامعة بهشتي في طهران، وجون برايسون تشين القس الأنغليكاني. وكان البابا فرنسيس، الذي وجه دعوة إلى “كل القادة المسلمين في العالم، سياسيين ودينيين وجامعيين” إلى “إعلان رفضهم الصريح” لعنف الجهاديين، استقبل المسؤولين الأربعة الأربعاء. وأعلن الأربعة رغبتهم في تنمية تعليم الشباب وتعريفهم بمختلف الأديان والزيارات المشتركة لمناطق النزاعات، وإنشاء شبكة من التعاون المؤسسي بين منظمات غير حكومية مسلمة ومسيحية. وتباحث المؤتمرون على مدى ثلاثة أيام في سبل تعزيز العلاقات ما بين الأديان والثقافات، كما تطرقوا إلى قضايا تتعلق بالصراعات القائمة في العالم، لاسيما بين أتباع الديانتين. وقد ترأس الوفد الكاثوليكي، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان الكاردينال جان لوي توران، فيما ترأس الوفد السنّي الأمير الأردني الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي لدراسات الأديان في عمان، الأردن. أما الوفد الأنغليكاني فترأسه المطران جون برايسون تشين ثامن أسقف أنغليكاني في أبرشية واشنطن، فيما ترأس الوفد الشيعي آية الله مصطفى داماد، مدير قسم الدراسات الإسلامية في أكاديمية العلوم بإيران.
اقتباس :
دعت القمة لتسجيل التقدم الذي أحرز في مشاركة المرأة في الحوار بين الديانات، والاعتراف بدورها في بناء السلام في المجتمعات
وجرت الأعمال حول موضوع “مسيحيون ومسلمون: مؤمنون في المجتمع”. وأكدت الوفود أنها تعي جيدا أهمية الزمن الصعب الذي يعيشه عالمنا المعاصر، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وبعض الدول الأفريقية، حيث تقع أعمال عنف قلّ نظيرها عبر التاريخ. وقد خص البابا فرنسيس الوفود المشاركة في القمة بمقابلة خاصة جرت صباح الأربعاء الماضي قبل مقابلته العامة مع المؤمنين، وقد عبر عن فرحه للقائهم وسروره بانعقاد هذه القمة المسيحية-الإسلامية. وقد تميّز المؤتمر بالاحترام المتبادل والانفتاح والإصغاء إلى الآخر، وشكل رسالة مصالحة وسلام وأخوّة بات عالمنا اليوم بأمس الحاجة لها. وأشاد الكاردينال توران بـ”التعبئة” المتزايدة للمسلمين ضد “الهمجية وليس التطرف فقط”. وقال “فعلنا كل ما ينبغي لحثهم”، مضيفا “يجب أن نكون جميعا مؤمنين ومواطنين، وليس مؤمنين أو مواطنين”. وفي مستهل القمة تحدث الأمير الحسن عن أهمية الحوار، واحترام التنوع والتعددية وتعزيز المشترك وتقبل الآخر، واحترام الاختلاف، وتعظيم الجوامع واحترام الفوارق. وأمل “من قادة العالم أن يطوروا ويعززوا آليات ترتكز على الإيمان، كالزكاة في سبيل إعانة الفقراء حول العالم، بغض النظر عن العرق أو الدين”. وفي إطار تجمع أمم العالم، لاستكمال أجندة التنمية بعد العام المقبل، دعا الأمير الحسن قوى الإيمان الضاغطة التي ما تزال قوية على امتداد العالم للسعي من أجل ضمان الكرامة البشرية التي هي في مقدمة جميع جهود التنمية. الأمير حسن طالب باحترام “مبدأ عدم الغصب في المجال الديني” مقترحا إنشاء “هيكلية” مشتركة تتيح “التعبير عن الاختلافات بصورة حضارية”.
أما آية الله مصطفى داماد فقد أكد أن “الواجب الأساسي للمسؤولين الدينيين هو العمل على إزالة هذه الوجوه البغيضة” التي ألصقتها بالأديان تنظيمات مثل الدولة الإسلامية والقاعدة وغيرها من الجماعات المماثلة. وفي هذا السياق، التقى بابا الفاتيكان فرنسيس الأول بالمؤتمرين في الفاتيكان، إشارة منه إلى دعمه لأهمية القمة، خاصة وأنها تنعقد في ظروف استثنائية ارتفع فيها خطاب الكراهية والعنف. كما ألقى أكاديميون ورجال دين ومفكرون، خطابات عززت أهمية الحوار بين أتباع الأديان والمذاهب، وأكـدت على اتخـاذ خطـوات عملية لتهيئة الظروف المناسبة لبناء الثقة والعيـش المشترك في المجتمعـات. وأعلنوا رغبتهم في تطوير تعليم الشباب وتعريفهم بمختلف الأديان والزيارات المشتركة لمناطق النزاعات، وإنشاء شبكة تعاون مؤسسي بين منظمات غير حكومية مسلمة ومسيحية. وخلصت القمة في ختام أعمالها لخطة اشتملت على مساعدة الشباب وتنمية ثقافة المشاركة والأخلاق الحميدة، وتعزيز التعاون في مجال المساعدة الإنسانية والتنمية، ومعالجة مشكلات الفقر والمرض وتأمين الاحتياجات الإنسانية وبناء شبكة تعاون بين مؤسسات العون والتنمية المسيحية والمسلمة. ودعت الخطة لتسجيل التقدم الذي أحرز في مشاركة المرأة في الحوار بين أتباع الديانات، والاعتراف بدورها الأساسي في بناء السلام في المجتمعات وعلى المستويات كافة، مدينة استغلال الدين والمصطلحات الدينية، لتبرير الأعمال الظالمة باسم الدين وإضفاء الشرعية عليها. وناقشت القمة خلال يومين تحديات التراث الديني وكيفية تعزيز ثقافة قبول الآخر في المجتمعات، مؤكدة على بناء وتعليم ثقافة السلام والانسجام عبر التعاليم الدينية.
القمة المسيحية الإسلامية: مسيحيون ومسلمون، مؤمنون في المجتمع