طوال 12 عاما من عهد الاحتلال مارست امريكا واسرائيل الشرقية وعصاباتهما الاجرامية وحكومات نصبها الاحتلال ابشع انواع الاضطهاد والابادة الجماعية للبعثيين تحت غطاء ( القانون ) سيء الصيت الذي اصدرته الادارة الامريكية وليس الحاكم الامريكي شخصيا ، وهو ( اجتثاث البعث ) ، نفذته امريكا من خلال عصاباتها الاجرامية التي جندتها الشركات الامنية الخاصة مثل بلاكووتر ، وعصابات اسرائيل الشرقية ، وفرق الاغتيال التي ارسلها الموساد الى العراق بعد غزوه ، وكانت حصيلة جرائم التصفيات الجسدية للعراقيين اكثر من اربعة ملايين عراقي قتلوا بعد الغزو فقط من بينهم اكثر من 150 الف بعثي استشهدوا او اغتيلوا غدرا ! امريكا وعصاباتها تخصصت باغتيال علماء رفضوا التعاون معها والذهاب الى امريكا لخدمتها بالاضافة لاغتيال الاف العراقيين من اجل حرمان العراق من كوادره العلمية والتكنوقراطية والسياسية ، اما اسرائيل الشرقية فقد تخصصت فرق الموت التابعة لها باغتيال الضباط والطيارين من الجيش الوطني الذي الحق بها هزيمة العار في عام 1988 والشخيصات الوطنية البارزة وهو عمل دعمته امريكا بحماس واضح ، وكان دور الموساد هو تصفية العلماء العراقيين لتدمير مستقبل العراق . لم يقتصر اجتثاث البعث على القتل والتصفيات الجسدية الدموية بل شمل وبقرار امريكي رسمي تجويع ملايين العراقيين حتى الموت من اجل تحقيق واحدا من اهم اهداف امريكا وهو الوصول الى الانهيار العائلي والاخلاقي نتيجة شمول الاجتثاث خمسة ملايين عراقي انتموا لحزب البعث اثناء حكمه من وظائفهم وحرمانهم من العمل رغم ان القانون فيه فقرات نظرية تسمح بالعمل لكن التطبيق العملي ومواصلة اغتيال البعثيين منعت تطبيق الفقرات الخاصة بالعمل ، مما يعني ان هؤلاء الخمسة ملايين حزبي وعوائلهم يشكلون رقما يتجاوز نصف الشعب العراقي ، وحتى لو قلصنا العدد فان من عذبوا عمدا بقانون اجتثاث البعث لا يقل عددهم عن ثمانية ملايين عراقي شردوا واعتقلوا وقتل اباءهم واخوتهم ، فماذا كانت النتيجة ؟ هل زال البعث وحوصر وضعف ؟ ام انه زاد قوة وتعاظمت شعبيته ؟ محاولة اصدار قانون جديد تحت غطاء ( تجريم البعث ) يعد مواصلة طبيعية لتطبيق قانون اجتثاث البعث ، ولكن لماذا غير اسمه واصبح ( تجريم البعث ) ؟ بلا تعب او تفكير فان التجريم يعني اصدار احكام ضد طرف مازال موجودا وقويا ويهدد الاحتلال والفساد والظلم والا لم يصدر قانون تجريم طرف ما اذا لم يكن فاعلا ؟ اذن العمل لاصدار قانون تجريمي هو اعتراف رسمي واضح بفشل اجتثاث البعث وبقاءه قويا ويقاتل بلا هوادة الاحتلال وعصاباته وممثليه لدرجة ساد الاعتقاد لدى هؤلاء بان استمرار البعث هو التهديد الرئيس لبقاء الاحتلال والفساد والظلم والتمييز الطائفي البشع والاستبداد المتطرف . هذه الحقيقة الدامغة درس لكل من تصور ان العنف يقضي على حركة وطنية عقائدية مهما كانت درجة قسوته ووحشيته ، والسبب هو ان عقيدة البعث تقوم على اهداف وطنية وقومية واشتراكية وهي اهداف واجبة التحقيق مهما كان الثمن غاليا ، وعندما يستخدم العنف باقصى اشكاله وحشية فان رد الفعل لدى اصحاب العقيدة الاصلاء هو ليس التراجع بل زيادة الاصرار على تحقيق تلك الاهداف ، اما من انتمى للحزب لاسباب انتهازية اثناء حكمه فانهم جزء من ظاهرة الانتهازية التي وجدت منذ ظهر الانسان على وجه الارض ، ومن بقي يقاتل اكثر بكثير من العدد المطلوب لبقاء البعث قويا وقادرا على دحر اعداءه مهما طال الزمن وكثرت التضحيات ومراهنة الشعب العراقي هي على هذه الطليعة المقاتلة الباسلة . بل ان الشعب العراقي الان يتمنى عودة البعث – وهذا ما شاهده الملايين من شاشات التلفاز - بعد ان رأى الحقائق وسقطت الاكاذيب التي روجت لشيطنة البعث من جهة ، وعاش الشعب اقسى تجربة له في تاريخه تحت ظل الاحتلالين الامريكي والفارسي من جهة ثانية ، ولهذا فان قدرات البعث الشعبية والعسكرية تشكل الان الرقم الاصعب في المعادلة العراقية حتى ان كافة العاملين في السياسة في العراق واغلب الاطراف الدولية والاقليمية مقتنعون بانه لا حل لمشاكل العراق بدون البعث وبدور رئيس وحاسم . التجريم اذن ، ومثلما ان الاجتثاث زاد البعث قوة وتعاظما ، لن يضعف البعث بل سيعزز جماهيريته ويعزز القناعة بان كل من تصور بوجود فرصة لماسمي ب ( المصالحة الوطنية ) كان يحرث في البحر وان الحل الواقعي لكارثة العراق هو في الحاق هزيمة عسكرية شاملة بنغول الفرس وباسرائيل الشرقية ، اضافة الى ان التجريم سيكون حبلا مضافا يخنق من يريدون تجريمه ، خصوصا بعد الانهيار الشامل لما سمي بالحكومة التي نصبها الاحتلال ودخول اسرائيل الشرقية رسميا بقواتها تقاتل في العراق مستخدمة اضافة لجنودها الميليشيات الطائفية التي انشأتها ضد فصائل المقاومة العراقية التي تقاتل بلا هوادة من اجل تحرير العراق ،وتسخير القدرات الجوية والصاروخية الامريكية لخدمة الميليشيات التابعة للفرس . من اكبر الحقائق التي فرضت نفسها في العراق وخارجه هي ان البعث هو القوة السياسية الوطنية الوحيدة ذات التنظيم الشعبي الشامل لكل العراقيين من الجنوب الى الشمال ، وانها تملك اذرعا عسكرية قوية وليس ذراعا واحدا وانها تتقدم عسكريا ناهيك عن تمتعها باكبر دعم جماهيري عراقي وفر لها الاستمرارية والاقتدار . في ضوء ما تقدم لابد من توضح ما يلي وعلى من يعرف من يشملهم ما سنقوله ان يبلغهم به كي لا يقول احد انه لم يكن يعلم عندما يأتي وقت الحساب العسير قانونيا وهو قريب جدا : ان تبني قانون التجريم مسؤوليته جماعية وتضامنية وتتحمل مسؤوليته ونتائجه اللاحقة كافة اطراف العملية السياسية ، وهو جريمة مضافة لمن يشارك في العملية السياسية ويتولى مناصب قيادية في الحكومة وبرلمان الاحتلال ، لانه يعني زج الاف البعثيين وانصارهم في السجون لسنوات طويلة وممارسة التعذيب بحقهم وبحق عوائلهم التي ستعاني من الحرمان واكثر مما تعاني الان ، وهذه الحالة لها تبعات ابرزها محاسبة من شارك في صدور القانون . وللتوضيح اكثر نؤكد بان الهروب من العراق اثناء او بعد التحرير لا يعفي من المسؤولية لان العمل كان ضد قوانين العصر وابرزها ( احترام التعددية السياسية ) ومنع اضطهاد افراد لاسباب سياسية والعالم الان لا يقبل بالفاشية الا اذا كان ممارسها قوة عظمى تستطيع منع معاقبتها مثل امريكا ولكن الدول الاخرى تحاسب بصرامة عن جرائم افراد منها ولا تمر ابدا . واذا تصور البعض ان امريكا ستحميه واهم لانها ستسلمه بسهولة عند طلب القضاء له فلا اصدقاء لامريكا سوى من يجلب لها الدولار ، وهذا هو حال بقية الدول ، اما من سيختفي ويموه فسوف تطارده ( عيون ) الدولة العراقية الحرة حتى لو هرب الى المريخ ، تذكروا ان طهران لن تقبل الاف الهاربين اليها بل ستختار بضعة عشرات او اقل فقط وترفض استقبال الاخرين ، لذلك فالحساب قادم ولا رحمة فيه لمن يشارك في اقرار قانون التجريم وسوف يجرم هو بالذات في محاكم عراقية وربما عالمية . من يهتم بمستبقله ومستقبل عائلته عليه ان يتجنب المشاركة في جريمة فاشية يعد لها الان في العراق المحتل .