بغداد - قتل ما لا يقل عن 34 شخصا، أمس السبت، في ثلاث هجمات انتحارية في بغداد وذلك بعد ساعات من رفع حظر التجوال الليلي المفروض منذ سنوات في العاصمة العراقية. ووقع الهجوم الأكثر دموية في مطعم شرق بغداد بعد أن فجر انتحاري حزامه الناسف ما أسفر عن سقوط 22 قتيلا على الأقل وحوالي 40 جريحا. وأوقع هجوم آخر ما لا يقل عن خمسة قتلى و13 جريحا في مركز تجاري في بغداد. وكانت الحكومة قد أعلنت، الخميس الماضي، أن حظر التجوال المفروض في بغداد منذ عشر سنوات سينتهي في منتصف ليل السبت وأن أربعة أحياء ستصبح منزوعة السلاح. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء إنه: أمر بإعادة فتح الجادات الرئيسية في العاصمة لتسهيل تنقل المواطنين وبجعل الكاظمية والأعظمية شمال بغداد مناطق منزوعة السلاح. وتأتي هذه الخطوات في إطار حملة لإعادة الحياة في بغداد إلى طبيعتها وإقناع السكان بأن العاصمة لم تعد تواجه تهديدا من تنظيم داعش الذي سيطر على مناطق واسعة من شمال العراق وغربه العام الماضي. وكان شكل من أشكال حظر التجوال قد فرض منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003 فوضعت قيودا على الحركة التجارية والمدنية، وعلى مر السنين شهدت ساعات حظر التجوال تغيرا كبيرا، وفي الآونة الأخيرة حددت من منتصف الليل حتى الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي. ويأمل أصحاب المطاعم والمقاهي الذين سيسمح لهم باستقبال الزبائن بعد منتصف الليل في زيادة نشاطاتهم مع انتهاء حظر التجوال، إلا أن الهجوم الدموي الأخير ألقي في نفوسهم الكثير من الشكوك. جاء ذلك فيما تواصل القوات العراقية والكردية مدعومة بمقاتلي العشائر السنية وعناصر الحشد الشعبي عملياتها العسكرية ضد التنظيم المتطرف الذي استولى العام الماضي على مناطق واسعة في العراق خصوصا غرب البلاد وشمالها. وقد بحث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس السبت، مع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان التنسيق بين القوات العراقية والبيشمركة الكردية لاستعادة مدينة الموصل، معقل تنظيم “داعش” الرئيسي في شمال العراق. ويعد هذا اللقاء هو الأول من نوعه بين الجانبين منذ تولي العبادي رئاسة الوزراء في سبتمبر العام الماضي، وعقد في مدينة ميونخ الألمانية حيث يشارك المسؤولان العراقيان في مؤتمر للأمن. وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي، إن العبادي استقبل في محل إقامته بمدينة ميونخ الألمانية رئيس الإقليم مسعود بارزاني، مضيفا أن هذا اللقاء هو “للتباحث حول أهمية التنسيق مع الإقليم ومع أهالي الموصل لتحرير المحافظة من ظلم داعش”. ورغم أن معركة استعادة الموصل لا تزال تحتاج لأشهر من الإعداد والتخطيط إلا أنها تحتاج إلى التنسيق بين القوات الحكومية والبيشمركة الكردية فضلا عن عشائر المنطقة. وتعاونت القوات التابعة للحكومة العراقية وقوات البيشمركة في عدد من مناطق البلاد ولا سيما في محافظة ديالى ونجحت في طرد المتشددين من مساحات واسعة. وهذا التعاون لم يكن متصورا قبل أشهر عندما كان نوري المالكي رئيسا للوزراء حيث ساد التوتر بين حكومتي بغداد وأربيل الذي وصل حدّ القطيعة. وأمر المالكي مطلع عام 2014 بقطع حصة إقليم شمال العراق من ميزانية الدولة ردا على تصدير الأكراد النفط من جانب واحد دون موافقة بغداد. وقال المسؤولون الأكراد إنهم نبهوا المالكي مرارا وتكرارا من هجوم يتم التحضير له على مدينة الموصل لكنه لم يلق بالا لتلك التحذيرات. وألقى الأكراد مثل السنّة باللوم على سياسات المالكي في سيطرة تنظيم “داعش” على مساحات واسعة في شمال البلاد وغربها صيف العام الماضي وانهيار الجيش العراقي أمام بضعة آلاف من مقاتلي “داعش”. ويسعى حيدر العبادي إلى التسويق لصورة مغايرة عن المالكي من خلال إعادة جسور التواصل والالتقاء مع الأكراد إلا أن ذلك غير كاف في ظل الإبقاء على حالة التهميش لباقي مكونات المجتمع العراقي وخاصة أهل السنة الذين يعانون من انتهاكات وتجاوزات كبيرة من طرف ميليشيات الحشد الشعبي (مؤلفة من عناصر شيعية) التي تتمتع بغطاء حكومي.
الانتحاريون يختبرون صلابة رفع حظر التجوال عن بغداد العبادي يبحث مع مسعود بارز