القديس بطرس الرسول :
الخلاصة حول علاقة بطرس الرسول بكنيسة رومية :
يكاد يجمع التقليد الكنسي المعترف به شرقًا وغربًا، على أن الرسول بطرس أستشهد في روما حوالي سنة 67م في عهد نيرون...
وكثير من المؤرخين يذكرون أنه قبض عليه في مكان آخر بعيد عن روما باعتباره من قادة المسيحيين، وسيق إلي روما لمحاكمته،
علي نحو ما حدث مع القديس أغناطيوس الشهيد أسقف إنطاكية الذي سيق من إنطاكية إلي روما ليلقي للوحوش سنة 107 م.
وهذا يتفق مع رواية يوسابيوس -نقلًا عن العلامة أوريجينوس - الذي قال عن بطرس "وإذ أتي أخيرًا إلي روما صلب منكس الرأس".
القديس بطرس
هو سمعان بن يونا معني اسمه صخرة وحجر، ولد في قرية بيت صيدا الواقعة على بحر طبرية قبل ميلاد السيد المسيح بعده سنوات،
قد تصل إلى العشرة وتزيد قليلًا. وكان يشتغل بصيد الأسماك شأنه في ذلك شأن الكثيرين من سكان قريته....
يحتمل أنه كان -مع أخيه اندراوس- تلميذًا ليوحنا المعمدان، كان لقاؤه الأول بالرب يسوع، بعد أن أخبره اندراوس أخوه -
بناء على توجيه يوحنا- قد وجدنا المسيا واصطحبه إلى حيث المسيح، وفي ذلك اللقاء قال له الرب " أنت سمعان بن يونا. أنت تدعي صفا "
( يو 1: 35- 42 ) .
أما دعوته للتلمذة فكانت عقب معجزة صيد السمك الكثير، حينما طمأنه الرب بقوله " لا تخف، من الآن تكون تصطاد الناس ".
وحالما وصل بالسفينة إلى البر ترك كل شيء وتبعة هو وأخوه وابنا زبدي
( لو 5: 1-11 ) .
وما لبث أن شرفه الرب بدرجة الرسولية ودعاه " بطرس "، كان بطرس أحد التلميذين الذين ذهبا ليعدا الفصح الأخير،
وأحد الثلاثة الذين عاينوا إقامة ابنة يايروس بعد موتها، وتجلي المسيح علي جبل طابور Mount Tabor،
وصلاته في جثسيماني، وأحد الأربعة الذين سمعوا نبوته عن خراب أورشليم والهيكل.
كان بطرس ذا حب جم لسيده وغيرة ملتهبة ولكنه كان متسرعًا ومندفعًا .
فهو الأول الذي اعترف بلاهوت المسيح والأول الذي بشر بالمسيح في يوم الخمسين.، لكنه في اندفاعه حاول أن يمنع المسيح أن يموت
( مر 8: 31: 33 ) .
ولما قال له المسيح أنه سينكره ثلاثة قبل أن يصيح الديك مرتين، أجاب في تحد "لو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك " .
وفي لحظة القبض على المسيح استل سيفه ليدافع عن ذاك الذي مملكته ليست من هذا العالم !!
كان بطرس والحال هذه بحاجة إلى تجربة مره تهزه وتعرفه ضعفه .
فكان أن أنكر سيده ومعلمه بتجديف ولعن وأقسم أمام جارية ولكنه سرعان ما رجع لنفسه وثاب إلى رشده وندم ندمًا شديدًا
وبكي بكاءًا شديدًا، وقصد قبر معلمه باكرًا جدا فجر يوم قيامته .
وقد قبل الرب توبته واظهر له ذاته على بحر طبرية بعد قيامته وعاقبة في رفق مخاطبا إياه باسمه القديم قائلًا له " يا سمعان بن يونا أتحبني " .
وقد وجه إليه هذه الكلمات ثلاث مرات وذكّره بإنكاره المثلث ورده إلى رتبته الرسولية ثانية بقوله " أرع غنمي "
وعقب تأسيس الكنيسة يوم الخمسين بدأ خدمته بين اليهود من بني جنسه في اليهودية والجليل والسامرة .
وكان الرب يتمجد على يديه ببعض المعجزات كشفاء المقعد عند باب الهيكل الجميل
( أع 3 ) .
وشفاء إينياس في مدينه اللد وإقامة طابيثا بعد موتها في يافا ( أع 9 ) .
وقد فتح الرب باب الأيمان للأمم على يديه في شخص كرنيليوس قائد المائة عقب رؤيا أعلنت له بخصوصه
( أع 10 ) .
فلما خاصمة يهود أورشليم المنتصرون من أجل قبول الأمم، شرح لهم الأمر وقال " بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه .
بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده "
( أع 10: 34، 35 ) .
ومع ذلك فقد ظل ميدان العمل الأساسي لهذا الرسول هو تبشير اليهود
( غل 2: 7-9 ) .
ليس من ينكر الدور الرئيسي الذي قام به بطرس في الطور الأول لتأسيس الكنيسة، فالرسول بولس يذكره مع الرسولين
يعقوب ويوحنا على أنهم معتبرون أعمدة في كنيسة الله ، جال كارزًا بإنجيل الخلاص في جهات متفرقة من العالم القديم ،
كرز في إنطاكية – لكنه ليس مؤسس كنيستها – وطاف بلاد بنطس وغلاطية وكبادوكية وبيثينية، وبعض مقطاعات آسيا الصغرى،
وهي الأقاليم التي وجه إليها رسالته الأولي، أما الروايات التي تثبت لبطرس الكرازة في بلاد اليونان ومصر وروما
وكل جزء هام في العالم، فليست إلا من صنع المسيحيين المتهودين ليجعلوا من بطرس رسول الختان، كارزًا للعالم أجمع ومبشرًا كل الخليقة .
ويكاد يكون ثابتا أن القديس بطرس ختم حياته في روما، حين حكم عليه بالموت صلبًا في عهد نيرون الطاغية وان كنا لا نستطيع
أن نحدد على وجه الدقة تاريخ استشهاده لكنه على أية الحالات بعد يولية سنه 64 ، على أن ذهاب القديس بطرس إلي روما
لم يكن إلا قبيل استشهاده مباشرة.... وهذا يؤكده أقوال آباء الكنيسة ومعلميها الأوائل، وجداول الأزمنة، والأسفار التي قطعها في رحلاته التبشيرية ،
ولا صحة مطلقا لما يدعيه الكاثوليك من أنه أسس كنيسة روما وأنه أسقفها الأول، وأنه أمضي بها خمسًا وعشرين سنة !! .
وقد يكون ذهابه لها في طريقة إلي استشهاده بعد أن قبض عليه في مكان ما في حدود الإمبراطورية، وسيق إلي روما ليلقي حتفه
على نحو ما سيق إليها القديس أغناطيوس الأنطاكي سنة 107 ليلقي للوحوش ، فقد كانت هذه هي عادة الحكام الرومان .
أن يرسلوا إلي بعض البارزين لعرضهم علي الشعب هناك، كنوع من التحقير، إن كل الأدلة تجمع على أنه لم يذهب إلي روما أواخر حياته .
وقد يكون ذهابه إليها بقصد اللحاق بسيمون الساحر الذي كان قد التقي به في السامرة والتصدي له على نحو ما تروي بعض الروايات
وبخاصة كتب الأبوكريفا. فيما كان السيد المسيح يسأل تلاميذه عن عقيدة الناس فيه أعترف بطرس بلاهوته " أنت هو المسيح ابن الله الحي "،
فطوبه السيد وقال له أنت بطرس وعلي هذه الصخرة أبني كنيستي
( مت 16: 13-18 ) .
وهم يقصدون بذلك أن المسيح بني الكنيسة على بطرس كأساس لها .
هل هذا الخلط حدث من تجاور كلمتي " بطرس " و " صخرة " ؟ ! إن " بطرس " هو اللفظ اليوناني، يقابله في الآرامية " كيفا "
وفي العربية " صفا "، فهذه الأسماء الثلاثة واحدة ولكن بلغات مختلفة .
وهذه التفرقة واضحة في اللغات القديمة اليونانية واللاتينية والسريانية والقبطية، هذا والمسيح لم يؤسس كنيسته على بطرس،
لكنه أسسها على هذا الأيمان " المسيح ابن الله الحي " .
وكل من يريد أن يصير مسيحيا يجب أن يعترف أولًا ويبني إيمانه على الصخرة التي هي " أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله الحي " .
أما وضع بطرس في الكنيسة فهو كحجارة في أساسها، شأنه في ذلك شأن باقي الرسل، هكذا صرح يوحنا في رؤياه " وسور المدينة كان له أثني عشر
أساسًا وعليها أسماء رسل الخروف الاثني عشر" ويقول القديس " مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية "
( أف 2: 20 ) .
يجب ألا ننس دائما أن المسيح هو حجر الزاوية، وهو نفسه الصخرة
(1كو 10: 4) .
وهو أساس الكنيسة، هكذا يقول معلمنا بولس
" فإنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذي وضع الذي هو يسوع المسيح "
(1 كو 3: 11 ) .
هذا هو إيمان كل آباء الكنيسة، وكمثال نذكر القديس اوغسطينوس في العظة العاشرة على تفسير يوحنا الأولي .