عدد من العلماء في مجلس الخبراء الإيراني يقترح إقرار مبدأ الذمّة لأهل الكتاب بحق المسيحيين
خلاصة من بحث علي الزين ' الإرساليات التبشيرية في إيران والموقف منها '، ضمن الكتاب 95 ( يناير 2014 ) التبشير
في المشرق وأفريقيا' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
أفضل فترة مرت عليهم بعد الثورة !
ميدل ايست أونلاين :
يصل عدد السكان المسيحيين في إيران إلى 300 ألف نسمة، وقد تراجع عددهم منذ انتصار الثورة الإسلامية 1979 من 5 % إلى 1%.
السبب الأساس في هذا التقلّص كان أولاً الحرب العراقية الإيرانية التي امتدّت ثماني سنوات، ودفعت بالكثيرين إلى الهجرة،
حتى من المسلمين منهم، إلى أوروبا وأمريكا.
العامل الإضافي الذي شجع المسيحيين على الهجرة، هو الأجواء المجتمعية التي تفرض قيماً إسلامية، أشدّها الحجاب الذي تم فرضه
على جميع النساء، ووصلت عملية الأسلمة في فترة ما إلى أن عدداً من الجامعات فرض على الطالبات لبس الشادور
عند دخول الجامعة من دون أي تمييز بين المسلمة والمسيحية.
خلال اجتماعات المجلس التأسيسي أو مجلس خبراء الدستور في العام 1980، اقترح عدد من العلماء التقليديين وضع مادة تقرّ بمبدأ " الذمّة "
لأهل الكتاب، وكانت النتيجة المباشرة لإقرار هذه المادة أخذ الجزية من المسيحيين واليهود والزرادشتيين،
فيما الأخيرون هم السكان الأصليون للبلد.
وتدخل حينذاك عدد من العلماء المثقفين من أمثال الدكتور بهشتي الذي عاش فترة في ألمانيا بصفته رئيس المركز الإسلامي في هامبورغ،
محذّراً من مغبة إقرار هكذا مبادئ فقهية كمواد دستورية، وأنذر بأنه قد تردّ الدول الغربية بالمثل وتقرّ مبدأ الذمة بحق المسلمين
وتؤخذ الجزية منهم بدل منحهم حق المواطنة. حينها كفّ العلماء التقليديون عن إقرار هذا المبدأ.
ويتوزّع المسيحيون في إيران بين طوائف الأرمن والآشوريين والكلدان، وكنائسهم موزّعة بين
الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية.
الأرمن هم أكبر طائفة مسيحية، ولديها تاريخ عريق في إيران.
ومردّ ذلك إلى أن الإيرانيين لا يشعرون بالتمييز بينهم وبين الأرمن،
كون إقليم أرمينيا کان في فترات متقطعة جزءاً من بلاد فارس ( إيران ) ، حتى عقد اتفاقية تركمنشاي بين إيران وروسيا.
ومنذ هذا التاريخ حتى اليوم يُعتبر الأرمن جزءاً من مكونات المجتمع الإيراني.
طائفة الأرمن التي يتراوح عدد المنتمين إليها بين 160 إلى 200 ألف، لديها ثلاث أبرشيات، وهي أصفهان وطهران وتبريز،
وأغلبيتهم ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية. ولا يفوق عدد الأرمن الكاثوليك حدود 10% من مجموع عدد الأرمن.
وللأرمن نائبان في البرلمان الإيراني، واحد عن أرمن طهران وشمال إيران، والثاني عن أرمن أصفهان وجنوب إيران.
وطائفة الأشوريين والكلدان يقدّر عددهم بحوالى 18 ألفاً، ويقطن أغلبهم في مدينة أوروميا مركز محافظة
أذربيجان الغربية في الحدود الإيرانية - التركية - العراقية.
ولجميع الطوائف المسيحية كنائس ونوادٍ ومدارس، كما يسمح للطلبة الأرمن بالتسجيل في المدارس الحكومية، وجمعيات،
وبعضهم لديهم مجلاّت خاصة. ويصل عمر جريدة أراليك الأرمنية إلى 73 عاماً.
كما هناك فنانون بارزون وممثلون ومغنون ولاعبون رياضيون من المسيحيين الإيرانيين.
وللطوائف المسيحية في إيران كامل الحرية في ممارسة طقوسها وشعائرها، إلا أن المضايقات التي يتعرض لها المواطنون
من قبل النظام ليست لطائفة دون طائفة، بل على الجميع بالسوية.
إلا أن المسألة الرئيسية بحق المسيحيين تتعلق في مجال حقوق الإنسان، وتحديداً بالنسبة للمسيحيين الجدد،
إذ يحاول النظام أن يحدّ من ظاهرة الانتماء إلى المسيحية، خصوصاً وأن المسيحية دين تبشيري بامتياز خلافاً لليهود.
والنظام لا يسمح بمظاهر التبشير العلنية، وهو يضغط على الكنائس من أجل عدم تقديم العظات باللغة الفارسية.
خلال السنوات العشر الأولى بعد انتصار الثورة التي كانت إيران منشغلة فيها بالدفاع عن نفسها في حرب فرضها نظام صدام حسين،
لم تشهد ظاهرة التحول من الإسلام إلى المسيحية، وبعد دخول النظام إلى العقد الثاني من عمره، وتحديداً منذ عام 1993 وما بعده،
برز موضوع التحول إلى المسيحية كظاهرة لم تنتهِ بعد عقدين من الزمن وما زال موضوع المضايقات على هذه الفئة
من المواطنين الإيرانيين،يشكل محوراً مهماً من محاور مخالفات حقوق الإنسان.
في 1993 وبعد تحول عدد من المسلمين إلى المسيحية، بدأت اغتيالات بين آباء الكنيسة
من أمثال القس هوسبيان والقس مهدي ديباج
المتحول إلى المسيحية تم اغتياله في العام 1994 وتم الكشف عن جثتيهما في ثلاجة.
والكشف عن هذه الجريمة دب الخوف في قلوب المواطنين،
ولكن سارع النظام إلى ترتيب مسرحية استخباراتية- أمنية ببث اعترافات لثلاث سيدات من أعضاء منظمة مجاهدي خلق اللاتي
تبنين الاغتيالين وتم استجواب المئات من المسيحيين واعتقالهم من قبل الأمن والقضاء.
بطبيعة الحال، المسيحية خلافا لليهود، دين تبشيري والتبشير يشكل جزءاً أساسياً منها، لا يمكن فصلها عنه، وللتبشير
في إيران أساليب جديدة تشمل الإعلام المرئي والمسموع والإعلام المباشر عبر توزيع الكتب والكتابة على الجدران،
ورسم الصليب في الأماكن العامة وتشكيل غرفة الحوار عبر الإنترنت وتقديم العظات في الكنائس المنزلية.