أدى استشراء الطائفية في العراق إلى إضعاف عرى الوطنية الجامعة والدولة العادلة، وفسح المجال واسعا للمليشيات والتنظيمات المسلحة المستندة إلى رؤيتها للدين والمذهب والعرق.
ولم يمثل مسيحيو العراق استثناء، فقد دفعوا مثل بقية مكونات بلاد الرافدين ثمن موجات التقتيل والتهجير على الهوية الدينية والطائفية والعرقية.
وطالت الاعتداءات كنائسهم التاريخية وشواهدهم الحضارية حتى تحدثت تقارير عن مخطط لإفراغ العراق من مسيحييه، هدفه القضاء على التنوّع والتعايش في ربوعه.
حلقة الأحد 12/04/2015 من برنامج "الواقع العربي" ناقشت واقع المسيحيين في العراق ومستقبلهم في ضوء هجراتهم المتصاعدة جراء الوضع الأمني المضطرب.
واستضافت الحلقة من أربيل سرود المَقدسي عضو برلمان كردستان العراق والقيادي في كيان أبناء النهرين، ومن بغداد المؤرخ العراقي علي النشمي.
من سيئ إلى أسوأ سرود المقدسي رأى أن أوضاع المسيحيين في العراق تتجه من سيئ إلى أسوأ، ولفت إلى أن الهجمة البربرية التي استهدفت سهل نينوى والموصل أدت إلى نزوح أكثر من 150 ألف مسيحي إلى كردستان العراق وحده.
وتحدث المقدسي بنبرة متشائمة قائلا إن المهجر المسيحي أصبح يرى نهاية النفق مظلمة وهو فاقد للأمل في هذه المرحلة.
وذكر أن مسيحيي العراق تعرضوا منذ بداية القرن العشرين لمجازر ومذابح، وحدث تراجع كبير في عددهم بعد الاحتلال الأميركي في العام 2003.
وأضاف أن عصابات تنظيم الدولة الإسلامية جعلت المسيحيين يفقدون الأمل نهائيا في بلدهم العراق.
وشدد على ضرورة ألا يتشظى المكون المسيحي في التشكيلات العسكرية في مواجهة تنظيم الدولة مثلما هو متشظ سياسيا، وفق تعبيره.
مكون أساسي من جهته بيّن المؤرخ العراقي علي النشمي أن المسيحيين العراقيين هم المكون الأساسي للعراق، مشيرا إلى أنهم تعرضوا تاريخيا لاستهداف ممنهج خصوصا من قبل الفرس والرومان.
وتابع النشمي القول "إنهم في الوقت الراهن يتعرضون لإبادة تامة وتطهير عرقي بما يجعل المرحلة الحالية الأسوأ على الإطلاق".
وفي موقف منتقد للأميركيين، نفى المؤرخ العراقي أن يكون هؤلاء قد ساهموا في حماية أي أقلية في العراق، وذكر أنهم أكثر الناس تحدثا عن الأخلاق وأقل الناس إنفاذا لها.
واعتبر أن موجات هجرة المسيحيين ستتوقف عندما يتعافى الاقتصاد العراقي، وعندما تتشكل حكومة وطنية قادرة، وعندما يتحول سهل نينوى إلى محافظة.
ونبه إلى أنه في حال تواصلت موجات الهجرة بالوتيرة الحالية فإنه لن يبقى مسيحيون بالعراق في غضون عشر سنوات. [/rtl]