أوضاع الأقليات
أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في 26 أيلول/سبتمبر 2014؛ أنه "تتواصل معاناة المجموعات العرقية والدينية والمجموعات الأخرى الضعيفة من جراء الهجمات المتعمدة، يجب على جميع أطراف النزاع بذل جهود عاجلة من أجل حماية هذه المجموعات بالامتثال التام لقواعد ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني".
ويقف العراق اليوم والذي يضم منذ القدم الكثير من الجماعات ذات الخلفيات الثقافية والدينية المتنوعة، في مفترق طرق بسبب المخاطر الكبيرة التي تهدد تماسكه الاجتماعي ووحدته،
وأكدت (إيرينا بوكوفا) المديرة العامة لليونسكو بكلمة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، في لقاء بأربيل مع ممثلين لمجتمعات محلية وأقليات مختلفة في العراق بأنه؛ "لا يمكننا السماح بحدوث ذلك، بل علينا الاعتراف بالمساهمة الحيوية لكل مجتمع محلي في ضمان رفاه المجتمع ككل وفي مستقبل العراق".معربة عن قلقها البالغ إزاء الاضطهاد المنهجي الذي تتعرض له الأقليات وإزاء الهجمات التي تستهدف التراث الثقافي والديني لهذه الجماعات، مكررةً نداءها لوقف التطهير الثقافي الذي ترتكبه الجماعات المتطرفة وإنها تشكل انتهاكاً مباشراً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وإن "ما نشهده هو محاولات مرفوضة تماماً ترمي إلى تدمير التنوع الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من هذا البلد ويشهد على تاريخ مديد من التعايش والحوار بين الشعوب والمجتمعات المحلية، على اختلاف خصوصياتها الثقافية ومعتقداتها الدينية".
وكان المدير العام لجمعية "كاريتاس الأردن" قد أوضح في 20/10/2014، أن من المتوقع أن يصل عدد مسيحيي العراق المهجرين في الأردن، إلى حوالي أربعة آلاف خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط تحول عدد من كنائس المملكة الى "مخيم لاجئين" مؤقت وفي بيوت تم استئجارها لإقامتهم المؤقتة.
من جهة أخرى تظاهر العشرات من سكان قرية (بابيوخ) التابعة لناحية بعشيقة شمال الموصل والتي يسكنها شبك في 26/4/2014 مطالبين بفتح تحقيق عاجل حول التفجيرات التي استهدفت قريتهم، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة (68) مواطنا مدنيا.
الخدمات والبنى التحتية والفساد المالي والإداري
أعلن صندوق النقد الدولي (IMF)P إن الاقتصاد العراقي سيتعرض للانكماش هذا العام بسبب المعارك التي تعصف بالبلاد، مغيرا بذلك توقعاته السابقة بحدوث نمو معافى في البلاد. وأشار الصندوق في تقريره لشهر تشرين الأول/ 2014 الى إن " هناك توقعات بانكماش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للعراق لهذا العام بنسبة (2.7) % ،ما يشكل هبوطا عن توقعات نمو الاقتصاد العراقي بنسبة (5.9) % خلال شهر نيسان"، ورغم أن معظم الإنتاج النفطي يتمركز في جنوب العراق بعيدا عن المعارك الدائرة في شمال وغرب العراق، وان معدلات الإنتاج النفطي لم تتأثر بشكل مادي؛ فان مغادرة العمالة الماهرة ستعمل على تقييد قدرة العراق على التوسع أو ربما حتى عدم المحافظة على مستوى الإنتاج الحالي.
ولم تكن تحذيرات المركز العالمي للدراسات التنموية البريطاني، عن اتجاه العراق إلى الإفلاس في العام 2017، سوى صفارة إنذار لقرب انهيار الاقتصاد، وبان العد العكسي الحقيقي للانتكاسة الاقتصادية قد بدأ منذ نهاية 2010، خصوصاً أن نسبة العجز في الموازنة العامة لعام 2015 بلغت أكثر من (50) مليار دولار، وان الاقتصاد العراقي ظل مرتبطاً بشكل كبير بالقطاع النفطي في ضوء المعطيات والمؤشرات عن المساهمة الضعيفة التي تقدمها القطاعات الاقتصادية الأخرى، والتي لا تتجاوز (5%) من إجمالي النشاط، فإن سهولة خرق الاقتصاد العراقي تبدأ من خلال ضرب القطاع النفطي.
كما أكد رحيم العكيلي الرئيس السابق لما تسمى (هيئة النزاهة) في 29/11/2014: "إن هيئة النزاهة كانت بيد المالكي وتستهدف خصوم السلطة وتبيض وجوه الفاسدين، وان القضاء يساهم في ظلم الناس وهو أداة للقهر والتصفية بيد السياسيين الفاسدين"، مبينا إن "انتشار الفساد يعدّ العامل الرئيسي في إضعاف الاقتصاد، حيث أهدرت ثروات البلد وسرقت موارده من خلال ممارسات الفساد التي انتهجتها الأحزاب السياسية الفاسدة التي استولت على الحكم بعد عام 2003" كما "أن الإنفاق العسكري يشكل الثقب الأسود الأكبر الذي ابتلع أموال وواردات العراق منذ الثمانينات على حساب القطاعات الأخرى الأكثر أهمية كالتعليم والصحة والبنى التحتية".
واعترفت اللجنة الاقتصادية البرلمانية ، في 24/2/2015؛ بأن تراجع الأداء الحكومي وترهل مؤسسات الدولة يعود الى سوء التخطيط فيه، وأوضح رئيس اللجنة (حارث شنشل) إن "من أكبر المشاكل التي تواجه عمل وزارة التخطيط هو مغادرة أكثر من (16) خبيراً الى خارج العراق خلال السنوات العشر الماضية، مما تسبب بضعف عمل هذه الوزارة إذ حل مكانهم أشخاص غير كفوئين".
وأشارت المصادر الرسمية الحكومية الى أن معدل الفقر في العراق ارتفع إلى (30)% في العام 2014، جاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة التخطيط الحكومية (عبد الهنداوي) في حديث صحفي إن "معدل الفقر في العراق عام 2012، كان (19) %، بينما ارتفع في الوقت الحالي إلى (30) % ".
وجاء العراق في ذيل قائمة المنطقة في مؤشر منظمة الشفافية الدولية لعام 2014، وحل في المرتبة (170) عالميا، بعدما سجل (16) درجة، وفق مؤشر «مدركات الفساد» الذي أصدرته المنظمة المعنية بمكافحة الفساد والتي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا لها.
وأشار (خوزيه أوغاز) رئيس الشفافية الدولية: أنه “يُظهر مؤشر مدركات الفساد 2014، أن النمو الاقتصادي يتقوض وأن جهود وقف الفساد تتراجع عندما يسيء القادة وكبار المسؤولين استخدام الأموال العامة لتحقيق مكاسب شخصية”، مما "تتطلب أن تقوم المراكز المالية الرائدة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالتعاون مع الاقتصادات سريعة النمو من أجل منع إفلات الفاسدين من جريرة أفعالهم".
كما كشف تقرير صادر عن (معهد الحُكومة) في بازل بسويسرا، أن العراق احتل المرتبة (السادسة) عالميا من حيث الدول الأعلى خطرا في غسيل الأموال، وذكر المعهد في تقرير نشر على موقعه الالكتروني في 3/9/2014 إن "العراق احتل المرتبة السادسة عالميا من بين الأكثر خطرا في هذا الجانب"، مشيرا الى أن "هذه البلدان شملت دول إيران، وأفغانستان، وكمبوديا، وطاجيكستان، وغينيا بيساو، والعراق، ومالي، وسوازيلاند، وموزمبيق، وميانمار”.
وشمل التقرير الذي أصدره المعهد (19) دولة عربية جاءت (10) منها فوق المتوسط، بينما جاء العراق والسودان واليمن في المراتب الثلاث الأخيرة، وتم تصنيفها من بين العشرين دولة الأكثر عرضة للخطر في العالم، حيث تضمن التقرير (162) دولة.
الى ذلك كشف الخبير الاقتصادي العراقي عباس البهادلي في حديث صحفي في 24/2/2015؛ عن وجود مواطن خلل كبيرة في السياسة النقدية للبنك المركزي، تمثلت ببيع الدولار في المزاد العلني حصراً للمصارف الأهلية، وان هذه الإجراءات يمكن وصفها بـ"الهدر الكبير للمال العام وتخريباً وتدميراً للاقتصاد الوطني وتعد غسلاً للأموال من خلال الاحتكار وتعطيل الاقتصاد الوطني، فضلا عن توقف المشاريع الإستراتيجية والتحتية في البلاد".
وأكد بأن " تخبط قرارات البنك المركزي يؤدي بالضرورة الى نشوء أزمات تعطل التنمية الاقتصادية للبلاد منذ العام 2005 وحتى الآن، حينما شرع بخطة تطبيق نظام الاستثمار المالي عبر احتساب فائدة مجزية للمصارف والبنوك الخاصة وصلت إلى (22)% "، حيث "إن الضرر الناتج عن هذا الإجراء الذي أقدم عليه البنك المركزي يفوق الفائدة منه بدليل تحول أموال المصارف الأهلية لعملية بيع وشراء الدولار نظرا للربح الكبير والسريع بأرقام تعادل ميزانية دولة مجاورة، ما أدى إلى توقفها عن التعاملات المصرفية الأخرى كافة".
وكشف عضو اللجنة المالية النيابية الحكومي (مسعود حيدر) أن هناك عملية غسيل أموال وتهريب واسعة تجري لأموال العراق من خلال عملية بيع العملة بالمزاد في البنك المركزي العراقي، حيث تقوم مصارف أهلية بشراء العملة وتحويلها إلى الخارج بحجة شراء سلع وبضائع لا يصل منها إلى العراق سوى القليل، كما لم يظهر أي مردود استثماري على الواقع الخدمي العراقي مقابل المبالغ المرسلة للخارج، وأن حوالي "(360) مليار دولار تم بيعها في مزاد العملة الذي ينظمه البنك المركزي العراقي، جرى تحويلها إلى خارج البلد عن طريق شركات أهلية ومكاتب صيرفة"، وأشار - على سبيل المثال - إلى حالة قيام شخص واحد غير معروف بشراء العملة الصعبة من المزاد وتحويل مبلغ (550) مليون دولار إلى خارج البلد خلال سنة واحدة.
وكانت إشارات قد وردت من البنك الدولي بأن العراق يتعرض إلى استنزاف في عملته بشكل خطير سيؤدي إلى انهيار اقتصاده، محذرا من أن ما يجري يعتبر بمثابة إرهاب ضد الدولة من خلال هدر عملتها الصعبة.
وكشف (جابر الجابري) الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة الحكومية، بأن المالكي ترك ثلاثة مليارات دينار فقط في ميزانية الدولة في 30/11/2014، وان مئات المليارات تم تهريبها الى خارج العراق، والآن العراق عاجز عن دفع رواتب الموظفين أو إيواء النازحين.
واتهم نائب رئيس الجمهورية الحالي " إياد علاوي" , في 25/3/2015, حكومة المالكي السابقة بهدرها ملايين الدولارات على ما أسمتها مشروع المصالحة، لأنه مشروع واهم، وان " الحكومة السابقة خصصت مبلغ (360) مليون دولار الى لجان أطلقت على نفسها لجان المصالحة ولكنها في الواقع لم تحقق شيئا".
وأشارت صحيفة "الحياة" اللندنية" في عددها الصادر في2 كانون الثاني 2015؛ الى أن مصدرا في لجنة النزاهة البرلمانية ابلغها بأن "لدى اللجنة الكثير من الأدلة والوثائق التي تؤكد تورط شخصيات سياسية في الحكومة السابقة (حكومة نوري المالكي) بتهريب بلايين الدولارات إلى الخارج وسيتم تقديم تلك الوثائق إلى المحاكم المختصة لتبت فيها".
وكشفت عضو اللجنة المالية النيابية الحكومية (ماجدة التميمي)، عن سرقة أكثر من (288) تريليون دينار عراقي منذ 2003 ولغاية 2014، مصروفة لتسعة ألاف مشروع غالبيتها وهمية، وإن "اللجنة سجلت تسعة ألاف مشروع انطلق منذ 2003 ولغاية العام الحالي مابين مشروع متلكئ ووهمي ومشاريع أخرى سرقت الأموال المخصصة لها" ، ودعت الكتل البرلمانية إلى" إبعاد المحاصصة في الكشف عن الفاسدين وملاحقتهم من اجل إعادة الأموال التي سرقت من الشعب العراقي ".
ورغم كل ما تقدم؛ أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى الحكومي (مدحت المحمود)، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد نشر في 25/11/2014 ، أنّ "التحقيق في قضية الأسلحة الروسية قد تم إغلاقه بشكل نهائي"، مبيناً أنّ "سبب إغلاق الملف هو عدم كفاية الأدلة المقدمة".
وتعتبر صفقة الأسلحة الروسية، التي وقعها رئيس الحكومة السابقة، نوري المالكي، خلال زيارة قام بها إلى موسكو في عام 2012، بقيمة (أربعة مليارات و200 مليون) دولار، من أكبر صفقات الفساد التي أثيرت حولها شبهات الرشوة من قبل مسؤولين كبار ومقربين وأفراد من عائلة من المالكي، كانت قد أطاحت بوزير الدفاع الروسي.
ووصف القيادي الكردي، شوان محمد طه، اللجان التحقيقية التي شكلت للتحقيق في قضية الأسلحة الروسية والانتهاكات والفساد وغيرها بأنها "لم تكن حياديّة"، وأنّ "نتائجها غير واقعية أو لم تعلن أساساً".
وبين أنّ "كثرة تلك اللجان في حكومة المالكي كان هو بيت القصيد، وهي خطة لإضاعة الحقائق وتزييفها"، وأنّنا "لم نر ولم نسمع حتى الآن بأية نتائج لكل اللجان المشكلة، فلم يكشف عن فساد ولا عن مفسدين"، عادّاً تشكيل تلك اللجان "هو الفساد بعينه".
واعترف وزير النفط الحكومي بأن وزارته تدار بقوانين وضوابط وتعليمات أكل الدهر عليها وشرب، وان "سوء التخطيط أو بسبب تطبيق قيود وتعليمات وإجراءات عمل بالية فإنها تخسرنا أكثر مما تحمينا أو تدافع عن مصالحنا"، عادا ذلك "الفساد الحقيقي وهذه هي الخسائر الكبرى والهدر الحقيقي للأموال وهذا هو الغياب الحقيقي للتخطيط والإدارة الرشيدة". جاء ذلك في معرض كشفه في30 آذار/مارس 2015 عن إن العراق خسر (14) مليارا و(448) مليونا و(146) ألف دولار وبمعدل (3.6) مليار دولار سنويا منذ عام 2011 ولنهاية 2014 "كتعويضات للشركات النفطية، نتيجة تعطيلات تتحمل هي مسؤوليتها".
وكان ذات الوزير قد كشف في 1-3-2015 أن العراق مدين لشركات النفط العاملة في البلاد بنحو (20) مليار دولار أميركي، وسط التراجع الحاد في أسعار النفط الذي يشكل الغالبية العظمى من موارد البلاد، وإنه في حال "لم نوفر المبالغ فهناك عقوبات ستحصل وتخفيض للإنتاج أو الذهاب إلى المديونية".
وكانت وزارة النفط الحكومية في 7-6- 2014 قد أعلنت في بيان لها أن العراق تعرض لخسائر مالية تجاوزت (34) مليار دولار من جراء عدم تسليم حكومة إقليم كُردستان أموال النفط المنتج في الإقليم في الأعوام بين 2010-2014، وأن حكومة إقليم كُردستان لم «تعلن عن مصير هذه الأموال وإلى أين ذهبت وعلى وجه الخصوص في الأعوام الأربعة على الرغم من حصول الإقليم على حصته كاملة من الموازنة الاتحادية وبنسبة (17) % للأعوام المذكورة.
كما أن لجنة الطاقة النيابية الحكومية اعترفت إن العراق يستورد (50) % مما يستهلكه من المشتقات النفطية كالبنزين والكاز، وهذا يكلف الخزينة العراقية أموالا كبيرة، وأكدت إن "العراق يستورد اغلب الزيوت من الخارج، مع العلم أننا بلد نفطي".
وأعلن عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية (عثمان دوسكي) في 13 آذار/مارس 2015، إن العراق يستورد (99%) من الموارد ويصدر (1%) فقط، داعيا الى "ضرورة الوصول الى الاكتفاء الذاتي من إنتاج النفط وتفعيل ثورات البلد الأخرى من القطاعات الاقتصادية كالصناعة والزراعة والسياحة لدعم الاقتصاد العراقي وعدم الاعتماد على النفط بدعم الموازنة".
واعتبر الرئيس السابق لقسم دراسات الطاقة لمنظمة أوبك (سعد الله فتحي) في تصريحات أوردها موقع "إراك بيزنس نيوز" البريطاني، إن "شركة غاز البصرة بطيئة جدا في إعادة تأهيل وصيانة محطات شمال الرميلة وخور الزبير"، موضحا أن "هناك مشروعا مشتركا بقيمة (17,2) مليار دولار كان يجب أن يقام منذ عام 2011، لجمع الغاز المصاحب لثلاثة حقول جنوبية وهي الرميلة وغرب القرنة الأول والزبير، المملوكة لشركة غاز الجنوب بنسبة (51) % وشركة شل بنسبة (44) % وشركة ميتسوبيشي بنسبة (5) % "، وفيما رجح أن اكتمال المشروع سيستغرق خمس سنوات منذ الآن، أكد أن العراق سيخسر خلال هذه الفترة بين (70) و(100) مليار دولار بسبب احتراق الغاز.
وكانت شركة "شل" الهولندية أعلنت، في 4 تموز 2012، أن ما ينتج من الغاز المصاحب من الحقول النفطية الجنوبية في العراق يتجاوز مليار متر مكعب قياسي، وأن خسائر البلاد جراء احتراق كميات الغاز تبلغ خمسة ملايين دولار يوميا.
ويأتي العراق في المرتبة العاشرة بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي وتبلغ الاحتياطيات نحو (112) تريليون قدم مكعب.
وكان خطاب ضمان مزور ومحرر لإحدى شركات وزارة الصناعة الحالية نشر في 11/12/2014 ، قد كشف عن هدر مبلغ بقيمة (6) مليارات و(400) مليون دينار، بذريعة مناقصة لإنشاء (65) مدرسة في عدد من المحافظات .حيث "أن السلف التشغيلية بقيمة (15) مليار دينار لشركة الإخاء العامة التابعة لوزارة الصناعة للبدء بتنفيذ المدارس، وليس مقابل تقديمها مخططات بناء المدارس فقط، إلا أن الشركة المنفذة لم تقم بأي أعمال بناء بالرغم من استلامها ما يقارب من ستة مليارات دينار كسلف تشغيلية لبدء العمل".
وكشفت النائبة (عالية نصيف) إن "هناك (276) قضية فساد على وزارة الصناعة والمعادن، قد أحيلت إلى لجنة النزاهة، حيث تختلف هذه القضايا بين المالي والإداري وخروقات بتعيين مدراء عامين" وأن "هناك لجنة في داخل هيئة النزاهة تبحث في ملفات فساد وزارة الصناعة التي أصبح فسادها غير طبيعي".
كما اعترف وزير الشباب والرياضة الحالي في تصريح صحفي في 18/12/2014، بوجود فساد مالي وإداري كبيرين في وزارته، وعلى سبيل المثال ذكر إن " الوزارة تمكنت من رصد حالة ابتزاز لأحد المقاولين في المشاريع الرياضية من قبل أحد موظفي الوزارة الذي حصل على صك بمبلغ (150) مليون دينار عراقي مقابل خدماته التي يقدمها للمقاول المذكور".
وذكر تقرير لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي في30 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أن حكومة المالكي السابقة، أهدرت أكثر من (7) مليارات و(900) مليون دولار العام السابق نتيجة للفساد المستشري في الجيش الحكومي، الذي يحتوي على جنود وهميين يقبض الضباط الفاسدون رواتبهم، وأنه في الوقت الذي قدمت الولايات المتحدة أموالاً ومعدات عسكرية لحكومة المالكي السابقة وذلك منذ انسحاب قوّاتها أواخر سنة 2011 وحتى الآن؛ فقد بدّدت تلك الحكومة ما يقرب من ثمانية مليارات دولار على وزارة الدفاع سنة 2013، والتي لم يكن لها وزير طوال السنوات الأربع من عمرها.
وفي تحقيق نشرته صحيفة (النيويورك تايمز) الأميركية، في 24/11/2014 عن الفساد المستشري في داخل القوات الأمنية حسب شهادات مسؤولي أمن ونواب حكوميين ومسؤولين أمريكيين؛ بينت أن في الجيش الحكومي هناك جنرال يطلق عليه (جنرال الدجاج) لأنه يبيع الجنود مؤنهم من الدجاج، وهناك آخر يطلق عليه (جنرال العرق) لأنه يستمتع بشرب الخمر أثناء العمل، وثالث أطلق عليه (جنرال الدفتر) لأنه يبيع الجنود عمولات، وتضيف إن الجيش الحكومي وقوات الشرطة التي نهبها قادتها الفاسدون انهارت هذا الصيف أمام مجموعات مسلحة، رغم ما أنفقته الولايات على تأهيلها وتدريبها (25) مليار دولار أمريكي.
وكان رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي قد كشف عن وجود ,(50,000) منتسب"فضائي" ضمن أربع فرق عسكرية، يتلقون رواتبهم الشهرية بانتظام، وذكر خلال حديثه أمام مجلس النواب بأنه و"خلال فترة زمنية قياسية، خلال شهر واحد استطعت أن اكتشف من خلال التدقيق الورقي، خمسين ألف فضائي، في أربع فرق عسكرية". وأضاف «أشعر بالأسى لما حدث … الجنود يقاتلون ويقتلون وغيرهم يستلم الرواتب، وأضاف "تمكنا من خلال تدقيق بسيط اكتشاف ذلك، وإذا أجرينا تفتيشا على الأرض فسنرى العجائب والغرائب". وان هناك أعداد مضاعفة لهذه الإحصائية - على حد قوله-.
وأكدت مصادر مطلعة، أن تكلفة الميزانية العراقية لـ(50) ألف جندي "وهمي" تصل الى أكثر من (600) مليون دولار سنوياً، وإن "هذه الأموال يتقاسمها آمرو الأفواج مع آمري الألوية وقياداتهم الأعلى".
وأكد قائد القوات البرية السابق الفريق علي غيدان خلال جلسة استجواب نشرت بعض تفاصيلها في 2/ كانون الأول 2014؛ إن مكتب رئيس الوزراء السابق كان على علم بملف الجنود الفضائيين في وزارتي الداخلية والدفاع، وان نسبة ثابتة تصل الى (40 %) من رواتب الفضائيين كانت تستقطع وترسل الى مكتب القائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي، وإن هؤلاء الفضائيين كانوا موزعين على أمراء الفرق والألوية والأفواج وحتى ضباط السرايا والفصائل, وبواقع (250) جندي لآمر الفرقة و(200) لآمر الفوج و(75) لآمر السرية وعدد اقل لأمراء الفصائل والسرايا ، وشدد على إن المالكي كان على علم بهذا الموضوع وانه اخبره شخصيا” كما انه أمر لي بمكافئة (25) مليون دينار لتنبيهه على هذا الموضوع دون أن يتخذ أي إجراء فعلي.
وأعلن قائد عمليات وزارة الداخلية السابق: بأن مدير مكتب القائد العام بشخصه هو المسؤول عن كل عمليات الفساد في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وان الجنود الوهميين وخلال فترة حكم نوري المالكي البالغة ثمان سنوات كلفت خزينة الدولة العراقية مبلغ (9) مليارات و(600) مليون دولار، كما انه ومن خلال قانون دمج المليشيات في الأجهزة الأمنية منح القائد العام صلاحية منح الرتب العسكرية كيفما شاء، حيث بإمكانه منح من هو برتبة ملازم رتبة فريق في الجيش.
وكشفتِ اللجنة المالية النيابية، الأحد 17/1/2015، عن وجود (90) ضابط برتبة فريق في وزارة الدفاع، يتمتعون بميزات مالية مشابهة لتلك التي يحصل عليها وكلاء الوزراء، وإن "تلك المخصصات المالية الضخمة أرهقت موارد الدولة في الأعوام السابقة". حيث إن "هذا العدد من الضباط برتبة فريق لا مثيل له في جيوش عالمية، وهو سبب في ترهل المؤسسة العسكرية"، وأضافت إن "هذه الرتب من الصعب تقليصها أو إلغاء المميزات المالية المخصصة لها بسبب التوافقات السياسية".
من جهة أخرى كشفت وزارة الكهرباء وعلى لسان وزيرها في 17 كانون الأول/ديسمبر 2014، عن وجود ما يقارب الـ (1500) موظف فضائي ضمن تشكيلات الوزارة يتقاضون رواتب من الوزارة من دون وجود حقيقي لهم، وإنها عازمة على الاستمرار في الكشف عن المزيد من الموظفين الفضائيين الآخرين، ما يسبب هدراً في المال العام في وقت تشهد فيه البلاد أزمة مالية ".
وأكد مجلس محافظة النجف، إن (90%) من مشاريع الوزارات متلكئة أو يتم انجازها بطريقة سيئة جدا علما إنها كلفت ميزانية الدولة المليارات، وإن "تداخل عمل بعض الوزارات مع الحكومات المحلية، وعدم إقرار الموازنة الاتحادية حتى الآن، يعدان من أهم المشاكل التي يواجهها مجلس محافظة النجف"، مبينا إن "الوزراء في بغداد لا يعلمون ماذا يجري في المحافظات ولا يتابعون مشاريع الوزارات".
وفي إقليم كردستان العراق كشف الرئيس السابق لحكومته والقيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني، (برهم صالح) عن، وجود فساد واستخدام غير قانوني للسلطة في الإقليم.
وأشار في 14 شباط/فبراير 2015 الى إن "إقليم كردستان بحاجة إلى إصلاح بنيوي في القطاعات الصناعية والسياسية، مطالبا بإعادة الأموال المهربة من إقليم كردستان، بطريقة غير قانونية"، مبينا أن "الأزمة الاقتصادية التي يمر بها إقليم كردستان، خطيرة وتحتاج إلى إصلاح اقتصادي فوري". وان "الفساد والاستخدام غير القانوني للسلطة واحتكار السوق، من أهم المشاكل التي تواجه الإقليم".
كما وأعلنت غرفة التجارة والصناعة في السليمانية في 15/2/2015، عن غلق (90%) من معامل محافظة السليمانية، لعدم تقديم حكومة إقليم كردستان مساعدات لها، وبين مدير غرفة التجارة والصناعة في السليمانية إن "حكومة إقليم كردستان لم تقدم أية مساعدة للمعامل في السليمانية، كما فتحت كل حدودها أمام استيراد مختلف أنواع البضائع الخارجية، وهو ما أدى إلى انخفاض أسعار السلع المحلية"، مشيرا الى أن " هذا الأمر أدى الى إغلاق قرابة الـ90% من المعامل في السليمانية". ويذكر أن هناك (3765) معملاً في محيط السليمانية، بينها (1298) معملاً كبيراً، و (735) معملاً صغيراً، والبقية مشاريع صناعية.
الى ذلك طالب نائب عن ما يسمى (التحالف الوطني) الحكومة في24 شباط/فبراير 2015؛ بمنع سفر المديرة العامة للمصرف العراقي التجاري TPI (حمدية الجاف) "لوجود سرقة بأكثر من ملياري دولار تم تحويلها الى إقليم كردستان" حيث قامت المديرة العامة للمصرف بإقراض البنك المركزي في حكومة كردستان - والذي هو أصلا غير تابع مصرفياً للحكومة المركزية - قبل عدة شهور مبلغا قدره (2,5) مليار دولار". لافتا الى إنها " قدمت القرض بدون ضمانات تذكر".
وكانت الهيئة المكلفة بمتابعة قضايا الفساد في العراق قد أوضحت في تقريرها السنوي الذي نشر في 20/1/2015، أنها حققت خلال عام 2014 بما مجموعه (9147) قضية، فيما بلغ عدد القضايا المحالة من قبل الهيئة إلى محاكم التحقيق المختصة بقضايا النزاهة في عموم العراق (129)، وأنّ عدد المحاكمين بقضايا فساد العام الماضي قد بلغ (2846) متهماً أفرج عن (1110) منهم في حين حكم بالإدانة والعقوبة على (1736) متهماً، وكان من ضمن المحكومين (4) وزراء أو بدرجتهم و(53) مديراً عاماً فأعلى أو بدرجتهم، وأشارت إلى أنّ مبالغ قضايا الفساد هذه بلغت أكثر من (330) مليار دينار عراقي، تم استرداد بعضها، وما زالت الهيئة تسعى لاسترداد الباقي موضحة وجود قسم منه خارج العراق.
الوضع التربوي والتعليمي والثقافي:
عبرت منظمة «اليونيسيف» عن قلقها من أوضاع التعليم في العراق عامة وفي مناطق تواجد النازحين خاصة حيث يتعذر استمرار التعليم سواء لطلاب المدارس التي يشغلها النازحون أو بالنسبة لأبناء العائلات النازحة.
ومع بدء العام الدراسي في العراق وتوجه ملايين الطلبة إلى المدارس برزت مشكلة مزدوجة للنازحين وللطلاب معا، فقد وجد مئات الآلاف من النازحين الهاربين من مناطقهم بسبب المعارك أو بسبب التهجير في مباني المدارس ملاذا وملجأ يحتمون فيه من حر الصيف وحر أسعار إيجار العقارات والفنادق .
ورغم إن الدراسة بدأت في العراق لا يزال النازحون مقيمين في بنايات المدارس ولا يبدو أن بقاءهم فيها سينتهي قريبا في ظل استمرار المعارك بين القوات الحكومية والتنظيمات المسلحة في الكثير من المدن والمناطق وفي ظل استمرار الميليشيات والمسلحين في سياسة التهجير الطائفي مما يجعل عودة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم شبه مستحيلة الآن.
وأكد حسن اللامي المسؤول الإداري في إحدى مديريات تربية بغداد ؛ عدم وجود إستراتيجية حكومية سريعة لمواجهة هذه المشكلة المعقدة فلا الحكومة تستطيع إيجاد سكن بديل مؤقت يكفي لهذه الأعداد الكبيرة من النازحين كتوفير مخيمات وتجهيزها بالمستلزمات الضرورية كالماء والمواد الغذائية والمعدات ولا تستطيع ترك الطلبة بعيدا عن مدارسهم كما لا توجد إمكانية مالية لدى معظم النازحين في تأجير أماكن سكن.
من جانب آخر وفي تقرير استقصائي لإحدى الصحف اليومية المحلية نشر في13/11/2014 ذكرت أنه: يشكوا طلبة ومدرسون نقص المواد الدراسية، وتأخر وصولها والمستلزمات المدرسية بشكل كامل من المديريات والوزارة، محذرين من تنشئة جيل غير متعلم بسبب تلك المعيقات، إضافة الى تأخر بدء العام الدراسي، الذي يعرقل الخطة اليومية والسنوية للمدرس، دفع المدرسين الى القيام بتسريع المنهج ما "يشكل خطورة على مستقبلنا، وفرص نجاحنا وفهمنا للمواد العلمية". لاسيما طلبة المراحل المنتهية، لأنهم مطالبون بإتمام دراسة المنهج العلمي".. وأن الطلبة يعانون الأمرين؛ تأخر بدء الدراسة من جهة، وقلة التجهيزات والمستلزمات المدرسية، وبالتالي فإن هذه المشكلات، ستؤدي الى "صنع طلبة لم يأخذوا حقهم الكافي من التعلم"، إضافة الى عرقلة سير العملية التربوية في العراق.
من جانبه، لفت (حسين العبّودي)، مدير تربية الرصافة الثالثة، الى أن بعض مديريات التربية "تتلكأ" باستلام مستلزماتها، كما أن "بعض إدارات المدارس لم توزع الكتب المنهجية كاملة، على الرغم من أنها تسلمت حصصها من المخازن"، عازيا ذلك الى "غياب المتابعة الدقيقة من قبل الإشراف التربوي ودوائر التجهيزات".
بدوره، أشار (غالب الزاملي)، رئيس لجنة التربية في مجلس محافظة بغداد، الى إن "الوزارة تتحمل المسؤولية الكاملة عن تأخر وصول المستلزمات المدرسية والكتب الى الطلبة". وأن "غياب عنصري المهنية والتنظيم في عمل الوزارة في الفترة السابقة، أثرا سلبا على سير العملية التربوية في البلد"، منبها الى "وجود فساد كبير في عمليات طبع وتوزيع الكتب منذ الدورة السابقة للوزارة".
من جانب آخر وبعد زيادة أعداد حاملي الشهادات المزوّرة، حيث وصل عددهم الى نحو (30,000)، منهم (2000) من ذوي المناصب العليا، من بينهم (70) موظفا ودبلوماسيا في وزارة الخارجية، يحملون شهادات دراسية وأكاديمية مزورة؛ وجهت أمانة مجلس الوزراء أخيرا، مجلس القضاء الأعلى والوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات ومجالسها كافة، بتحريك شكوى جزائية بحق المشمولين بقرار مجلس الوزراء المرقم (250) لسنة 2010 ".
ولكن " وبرغم مرور أربع سنوات على القرار المذكور، إلا انه بقي في أدراج الحكومة السابقة دون تفعيله، وبقي المزوّرون في مناصبهم متمتعين بالامتيازات والرواتب الضخمة، خاصة بعد مطالبات عدة كتل سياسية في الدورة البرلمانية السابقة بتقديم مقترحات بعدم معاقبة حملة الشهادات المزوّرة لأنهم بالآلاف ولا تصح محاسبتهم".
الى ذلك وتعقيبا على نشر خبر مفاده أن (184) تدريسيا من جامعات العراق هم أعضاء في هيئات تحرير مجلات عالمية، - في الوقت الذي لم يكن قبل عشرة سنوات أكثر من أصابع اليد الواحدة - والذي يدل دلالة قاطعة على إن التدريسيين العراقيين بلغوا مستويات عالمية متطورة لكي يتبوؤا مراكز مهمة كهذه، عقب أحد الأكاديميين العراقيين البارزين المتخصصين بأنه "مع الأسف أقول انه من خلال مراجعتي في السنوات الأخيرة لادعاءات كثير من التدريسيين في الجامعات العراقية بعضوية هيئات تحرير مجلات عالمية تبيَّن لي أنها من نوع المجلات الزائفة Fake Journals، والتي تحمل أحيانا عامل تأثير زائف Impact Factor وتتبنى موقعا الكترونيا يضم بالعادة عددا كبيرا من المجلات المختصة، داعيا الوزارة والجامعات الى ضرورة توخي أهمية وتأثير الخبر قبل نشره والتأكد من رصانة المجلة العلمية لغرض الترقية أو المكافئة.
وبعد أن كانت الجامعات العراقيّة تُعرف بازدهارها العلمي والتقني في ستينيات القرن المنصرم وسبعينياته، وكانت تخرّج أفضل الاختصاصيّين في مختلف الفروع العلميّة في العالم العربي، وكان يقصدها كذلك مئات الطلاب من البلدان العربيّة بسبب شهرتها ومكانتها المرموقة، فقد ضاعت هذه السمعة الطيّبة منذ ثمانينيات القرن الماضي بسبب الحروب المستمرّة والحصار.
وحتى اليوم، لا تلوح في الأفق أي بارقة أمل قد تنبئ بتطوّر نوعي لاستعادة المكانة العلميّة للجامعات العراقيّة. ويرجع السبب في ذلك إلى أزمات العراق في فترة ما بعد العام 2003، بالإضافة إلى السياسات غير الناجحة لوزارة التعليم العالي والمؤسسات الحكوميّة الأخرى المعنيّة بهذا الحقل.
ويظهر تقييم أداء الجامعات العراقيّة من قبل المؤسسات العالميّة المتخصصة بهذا الأمر مثل (المجلس الأعلى للأبحاث العلميّة في أسبانيا)، أنها في مرتبة متدنية جداً مقارنة بنظيراتها في العالم. حيث لا تسجّل أي مشاركة علميّة فعالة من تلك الجامعات في المشاريع البحثيّة العالميّة، ولم تذكر أي واحدة منها في التقارير العلميّة في مختلف حقول العلوم والمعارف.
وقد أوجز أحد الأكاديميين المختصين حال الجامعات العراقية بأنها: ورغم الميزانيّة المخصّصة للبعثات والتي بلغت (450) مليون دولار أميركي في العام الحالي، وكذلك اتجاه الوزارة إلى تأسيس جامعات جديدة وتخصيص (مليار) دولار لتجهيز الجامعات العراقيّة بمختبرات حديثة تمّ إنشاء بعضها والبقيّة قيد التنفيذ؛ فان إعادة بناء الحقل الأكاديمي العراقي بحاجة إلى رؤية معمّقة أكثر من التخصيصات الكميّة التي تقوم بها حالياً الحكومة الحاليّة، وان ما يفتقده العراق هو أولاً فتح باب التواصل مع العالم الأكاديمي المتحضّر على مصراعَيه، وتحديث المناهج بشكل واسع برؤية مهنيّة وليس دينيّة أو سياسيّة، إضافة لتوجيه البحث العلمي بحسب المعايير العالميّة وليس مجرّد نشر مواد فارغة من القيمة العلميّة، وكذلك ترغيب الجامعات العالميّة بالاستثمار في قطاع التعليم العالي في مختلف أنحاء العراق.
واحتلّت جامعة بغداد المرتبة (701) بين أفضل (800) جامعة بحسب تصنيف "كيو أس"، وهي تُعد من أكبر الجامعات العراقية وتم تأسيسها في أواخر الخمسينات. وتتضمن العديد من الكليات من بينها كلية الطب، الهندسة، الفنون الجميلة، التربية والزراعة.
من جهة أخرى لازال مسلسل استنزاف العقول الأكاديمية العراقية بالقتل إضافة للتهجير مستمرا، ففي 21/6/2014 تم العثور على جثة أستاذ الفيزياء في الجامعة المستنصرية (د.أسامة الراوي) في البياع ببغداد، بعد أقل من 24 ساعة على اختطافه مع اثنين من أبنائه من قبل قوات المالكي في حي الجامعة ببغداد.
وفي إقليم كردستان أقرت وزارة التربية في حكومته في 1/6/2014، بأن ظاهرة ترك الأطفال للدراسة سواء للعمل أم التسول وغيرها من الأسباب، تشكل "ثغرة" لا بد من معالجتها لإعادة دمجهم في المدارس الاعتيادية أو تلك المخصصة للكبار، حيث أكدت منظمة (روانكة) الخيرية بمناسبة اليوم العالمي للأطفال أنها تواصل جهدها لتوعية أولئك الأطفال بالمخاطر التي تهددهم وصقل مواهبهم وإكسابهم مهارات مفيدة.
وفي التقرير السنوي للهيئة العامة المستقلة لحقوق الإنسان في إقليم كردستان العراق ونشر في 29/3/2015؛ أكد أن "قطاع التربية هو أيضاً يعاني العديد من النواقص، منها أن المدارس غير مناسبة للتدريس كما أنه ولغاية الآن هناك طلبة يتعرضون الى الضرب والعنف في بعض المدارس من قبل التدريسيين، ويتعاملون مع الطلبة بشكل غير حضاري".
أما فيما يخص الوضع التراثي والثقافي وفي تحقيق موسع لعالم الآثار العراقي (حسين عمران)، والذي سبق وأن أشار وكتب بأن آثار العراق في خطر، لكن لا أحداً سمع صوته، ولا أحداً انتبه لصراخه؛ ها هو اليوم يكرر صراخه ويرفع صوته عالياً عسى ولعل تنتبه الجهات المختصة للخطر المحدق بآثار العراق.
ورغم إن المتحف العراقي يعدّ الأقدم في المنطقة والعالم، حيث تأسس في عام 1923، وافتتح فعلياً في 1966.
وانه لم يعرف الإغلاق منذ افتتاحه إلا في 1991، عندما سقطت قذائف القوات الأمريكية في عام 1990 فتم إغلاقه احترازياً، إلا أنه يتحوّل هذا المتحف العريق إلى أثر بعد عيـن، عقب الغزو الأمريكي في عام 2003 وإلى مرتع للصوص عالميين.
واعترفت وزارة السياحة والآثار الحكومية بتعرض آلاف من مواقعنا الآثارية الى التخريب، حيث أعلنت عن تعرض أكثر من (4370) موقعاً أثرياً تتوزع في خمس محافظات شملت الموصل وديالى وكركوك والأنبار وصلاح الدين للتخريب والتهريب المنظم من قبل عصابات الآثار الدولية والإقليمية وحتى المحلية، إضافة الى الأضرار المادية الناجمة عن العمليات العسكرية.
وفي الوقت الذي تم خلاله سرقة الآثار المهمة من بناية المتحف العراقي في 2003، في ذلك الوقت بالذات قامت القوات الأمريكية التي احتلت مبنى المخابرات العراقية في الحارثية بالاستيلاء على الأرشيف اليهودي العراقي الذي كان موجوداً في المبنى، ثم بالتوجه إلى موقع تخزين كنز نمرود الخرافي، في أحد أقبية البنك المركزي العراقي والاستيلاء على(650) قطعة ذهبية أثرية مختلفة الأحجام لا تُقـدَّر بثمن.
وكشفت وثيقة نشرها موقع ويكيليكس مؤخرا، أن ميليشيات تابعة لإحدى دول الجوار وبمساعدة أحزاب متنفذة عراقية متورطة في سرقة الآثار، وبالتوازي مع ذلك كشفت مصادر في دائرة السياحة في الموصل، عن إرسال ابن إحدى الشخصيات - المتنفذة جداً- عدداً من حماياته الشخصية إلى مواقع آثارية موصلية، للكشف عن الآثار الموجودة هناك بالقوة! وأن تلك القوة دخلت المواقع، يرافقها آثاريون مجهولو الهوية، مدعية أنها تحمل تخويلاً للتنقيب عن الآثار المفقودة، وبعد مغادرتها تبيّن لدائرة السياحة والآثار في الموصل أن آثاراً ذات قيمة عالية فُقدت من المكان.
وليس هذا فحسب، إذ الغريب أن عمليات السرقة التي ترافقت مع عملية الغزو الأمريكي متواصلة بأشكال وألوان أخرى. وقد صرح مصدر عراقي مسؤول أن آثاراً كثيرة يستعيدها العراق"يسرقها ثانية مسؤولون حكوميون"والأدهى والأمَرّْ أن عمليات السرقة هذه تتم بعلم جهات حكومية مسؤولة!!!.
أما عن السرقات التي تحدث بين فترة وأخرى في بعض المحافظات، فإن الجهات المعنية تتحمَّل سرقة الآثار، وذلك بسبب عدم توفر الحراس الأمينين الذين مهمتهم حراسة المواقع الآثارية.
فعلى سبيل المثال اتهمت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار - التي تضم نحو (1200) موقع أثري- عدداً من حراس المواقع في المحافظة بـ "سرقة الآثار أو التواطؤ مع السارقين". ويؤكد أحد أعضاء اللجنة أن "تكرار عمليات سرقة المواقع الأثرية في المحافظة، يُشير الى احتمال تورط حراس المواقع في عمليات السرقة".
في حين كشف المدير العام لشرطة ميسان أن "مفارز قسم الآثار والتراث التابعة لمديريته تمكنت من ضبط (27) قطعة أثرية معدَّة للتهريب قرب المزار اليهودي في منطقة العزير، بعدما استغلّ "المهرب المتخصص بسرقة الآثار وعورة المنطقة للتخلص منها تاركاً صندوقاً يحتوي على القطع".
كما حذر رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة من استمرار سرقة الآثار وتهريبها في المحافظة، مناشداً وزارة السياحة أن تفي بوعودها بزيادة عدد الحراس المتخصصين لحماية المواقع الأثرية البالغ عددها أكثر من (400) موقع موزعة في مناطق المحافظة.
ولأهمية استعادة آثارنا المسروقة صرح وكيل وزارة الثقافة الحكومي (فوزي الأتروشي)، إن الوزارة لديها اتصالات مباشرة مع معظم دول الجوار تكللت باسترجاع عدد كبير من الآثار العراقية المسروقة، وبخاصة من الأردن وسوريا ولبنان بالإضافة الى دول أجنبية كألمانيا والصين وغيرهما.
مصدر في وزارة السياحة والآثار بين بأن حكومات ما بعد 2005 تحديداً، عمدت إلى محاولة إضفاء طابع الجدية على محاولاتها لإعادة الآثار المسروقة، وكثيراً ما كانت ترفق ذلك بحملة إعلامية واسعة، تتحدث عن نجاحاتها في استعادة آثار مسروقة من هنا أو هناك، إلا أن خبراء آثار عراقيين، كثيراً ما كانوا يشككون بصدقية تلك الإعلانات الحكومية، وإنْ صدقت، فإنهم كانوا يتحدثون عن آثارٍ تبقى قيمتها أقل بكثير من آثار أخرى تعرضت للسرقة الممنهجة. وقد أُعلن أخيراً أنه جرت استعادة نحو 15 قطعة آثارية من بين أكثر من 200 ألف قطعة مسروقة.
هل تم فعلا استعادة بعض الآثار المهمة والمسروقة من العراق؟ هل هناك مسؤول عراقي يقول ويدَّعي بأن الأرشيف اليهودي سيعود الى العراق؟
الإجابة وبكل أسف كلا، وكاذب مَن يدَّعي بأن الأرشيف اليهودي سيعود الى العراق بعد إجراء عملية الصيانة له في أمريكا إذ أعلنت دويلة (إسرائيل) إنها (استعادت) الأرشيف اليهودي من الأمريكان وذلك في احتفال أجرته منظمة 'العــاد' اليهودية معتبرة هذا الحدث بـ'الانتصار الحقيقي للأمة اليهودية'.
وللتقرير تتمة..
الهيئة نت
ج