الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 6397مزاجي : تاريخ التسجيل : 24/09/2010الابراج :
موضوع: صلاة من أجل التحرر من الأنانية الثلاثاء 2 يونيو 2015 - 21:55
يغير الروح القدس قلوبنا وطريقة مقاربتنا الحياة كما ويجعلنا أكثر مرونة ويفتح لنا أبواب الروح لكي نحتوي فيها الحب. تحدث فيليب نيري عن هذه التجربة العميقة مع اللّه في حياته. فهو كان قد رأي يوم عنصرة العام 1544 كرة من النار تدخل فمه وتحرق صدره، فشعر القديس ان محبة اللّه الكبيرة تسكنه.
وعندما استعاد وعيه الكامل، اكتشف تورماً في صدره ومنذ ذلك الحين، بدأ فيليبي يشعر بدخول محبة اللّه إليه فتُشعل جسده خاصةً عندما يحتفل بالذبيحة الإلهية ويُعرف ويُبشر. وتم الاكتشاف بعد موته بأن اثنين من اضلاعه منكسرة وذلك لافساح مجال أكبر للقلب. فغير الروح نفسه وقلبه وحياته وعلمه محبة اللّه والناس.
نتمنى ان يحل علينا الروح بطريقة مماثلة. لا نطلب كسوراً في ضلوعنا لكي يكبر قلبنا بل نطلب تعلم الحب الحقيقي. وقال الأب جوزي كينتنيش: "يوجد ملايين من الناس الذين لم يتعلموا المحبة من القلب. يقولون، نحب اللّه، إلا اننا لسنا متأكدين. فمن أحببنا؟ أحببنا فكرة. وهذه مأساة. علينا ان نتعلم كيف نحب البشر. لا نحب شخص ملموس بل نحب اللّه من خلال هذا الشخص. فعلينا احياء هذه العلاقة بين الشخص والمسيح."
محبة البشر في اللّه ومحبة اللّه في البشر. محبة القريب من خلال الحب الذي يعطيني اياه اللّه ونطلب من الروح القدس هذه المحبة كما نطلب منه أن يدخل حياتنا ويغير طريقتنا في المحبة فيصبح قلبنا قادر على نقل الحقيقة ونشرها.
فكيف انا أحب؟ وما نوعية محبتي للبشر واللّه؟ أود أن يكون قلبي كبيراً ورحوماً فأصلي:
"أنا طفلٌ أخرق وأناني إلا أنني أرتعش بقربك يا يسوع! فاهتم بي! اهتم بحياتي لكي تكون مثمرة بين يديك. تعرف أنني أحلم بأمور كبيرة. أشكرك يا أيها الروح القدس الذي يجتاحني ويحبني!
شكراً لأنك تحبني الى هذه الدرجة. أنا لست بطلاً بل بعيد كل البعد عن البطولة. أضع حياتي بين يدَيك، حياتي الصغيرة. أود ان أصل الى اللانهاية ورؤية وجهك وازالة الظلمات. أود ان أبتسم في وجه العاصفة وأرفع اليدان للصلاة وأشعر بالبرد يختلج روحي فيستحيل الثلج ناراً! غطيني ان كنت عرياناً واشعر بما أشعر من شغف وألم. واستقبلني بصياحات الفرح وبكاء الألم والفرح.
ابعدني عن الحياة التي أعيشها ونمي النار التي تحرق روحي وتُبقي شعلتها متقدة. علمني أن اتحدث بكلمات قليلة وابتسم في كل لحظة واتألم مع من يتألم وابتسم مع من يبتسم! علمني أن أضع لنفسي الأهداف واتقبل الفشل وأعيش كل يوم كما ولو كان آخر الأيام. أود ان أعبد يسوع في كل ساعة، أن أضحك وأبكي وأن أدرك ان ليس كل ما في الحياة مهم بل أن الحقيقة وحدها هي المهمة. أود أن أرتجف وتنتابني الشكوك ولا أعرف كل شيء ولا أملك كل الايجابات بل فقط بعضها.
خبئني في جرحك وعلمني السير من جديد والمحافظة على الصمت اليومي والتحدث عن الأمور الجيدة فاعرف كيف اعاني واشارك الحياة وأشق الطرقات الجديدة بثقة. اجعلني افرح بالحياة التي اعطاني اياها اللّه!" ان هذه الصلاة بمثابة صراخ ينبع من الروح وتعرب عن مجبتنا في العيش بقوة الروح. فباستطاعتنا من خلال ناره تغيير نظرتنا وطريقتنا في المحبة فنحب الحياة أكثر ونحلم أكثر.
فكم بلغت الأنانية في هذا العالم؟ لا تسمح لنا الأنانية برؤية اللّه ولا بالتفكير بمن يحبنا بل فقط في ذواتنا وفي ما نحب نحن وما نحتاجه لكي نكون سعداء. لا أعطي للآخر لأنني لا انتظر سوى التلقي. أفكر بأن الآخر هو الأناني لأنه لا يفعل ما أريد. استغرب قلة نضوج البعض الذين لم يتمكنوا مع تقدمهم في السن من رؤية الحياة من منظور اللآخر بل من خلال أنانيتهم ومحبتهم لذواتهم. يتركون الضغينة تتملك بهم الى حد عيش الحياة دون عيشها.
ويقول الأب خوسي كينينيتش: "دائماً ما يقودنا الحب الحقيقي نحو الآخر ونحو البحث عن الخير الذي فيه، فهو لا يقودنا أولاً وباستمرار نحو الأنا. لا يبحث عن الاكتفاء الذاتي بل يبحث عن منفعة الآخر وتقدمه، علماً ان هذا الآخر هو من يحمل نفس اللّه وينشره."
نحن بحاجة الى الحب الحقيقي لكي نعيش حقيقةً. عندما لا نحب بهذه الطريقة، يعني اننا لم ننضج بعد على طريق هذه الحياة وبأن قلبنا لم يتسع بعد، مع مرور السنين الماضية، للمحبة!