لرمزية العملة كمظهر للقوة والوحدة…: أزمة اليونان ستدفع الاتحاد الأوروبي نحو اندماج أفضل Posted: 11 Jul 2015 02:05 PM PDT
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: لرمزية العملة كمظهر للقوة والوحدة…: أزمة اليونان ستدفع الاتحاد الأوروبي نحو اندماج أفضل Posted: 11 Jul 2015 02:05 PM PDT الأحد 12 يوليو 2015 - 17:59
طغى موضوع الديون اليونانية وموقف المقرضين من حكومة أليكسيس تسيبراس الرافضة لحزمة التقشف المقترحة لأخراج اليونان من أزمتها المالية، على النقاش السياسي والعام في أوروبا. ويكتسب الموضوع أهمية كونه يهدد مصير منطقة اليورو الاقتصادية ومصير أوروبا الموحدة. وكشف النقاش العام عن عدد من المستويات لفهم الحالة اليونانية المتداعية منذ عام 2010 وما قبلها والتي نتجت في جزء منها عن سوء إدارة الحكومات اليونانية للمساعدات التي جلبها انضمام بلادهم لمحور اليورو والطريقة التي تعاملت بها الدول الأوروبية مع الحالة اليونانية، حيث أنها لم تقم بوضع آليات لمعرفة كيفية إدارة الحكومة في أثينا حزمة المساعدات المالية وهو ما فاقم الأزمة وأدى بالوضع لحالة المواجهة الحالية. ولكن أزمة الديون اليونانية تكشف في جزء أكبر تكشف عن لعبة اللوم التي حمل فيها معلقون اليوناييين المسؤولية، وقالوا إنهم يستحقون ما جرى لهم. ونسي الكثيرون أن مظاهر الفرحة التي عمت اليونان بعد قرار اليونانيين بـ «لا» على الإستفتاء حول حزمة التقشف تخفي وراءها ردا على الإهانة التي شعر بها اليونانيون جراء الطريقة التي عوملوا بها من الترويكا ـ البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والإتحاد الأوروبي. في قلب النقاش كانت شخصية انجيلا ميركل المستشارة الألمانية، فهذه السياسية الباردة المشاعر، القادرة على ضبط نفسها والقوة الأولى في أوروبا، لم تنجح بمنع تطور الأزمة اليونانية لانها لم تكن مستعدة لتقديم تنازلات. ولعل خطأ ميركل كما أشارت «دير شبيغل» الألمانية كان تركها الأزمة تخرج عن الطور وتعاملها معها بالطريقة نفسها التي تعاملت فيها مع مشاكل ألمانيا الداخلية. استقطاب ومن هنا وبعد الإستفتاء وفي ضوء ما تقدمت به الحكومة اليونانية من خطة لأنقاذ البلاد من الإنهيار المالي الشامل وضمان عدم خروجها من منطقة اليورو وتوسع الشقة بين برلين وأثينا، تحتاج الأزمة لوسيط لتجنب الصدام الذي حصل منذ البداية بين حكومة سيريزا وبروكسل التي تقف وراءها ألمانيا. ولا تزال هناك فرصة للحوار والتشاور، حيث سيجتمع قادة محور اليورو اليوم الأحد لمناقشة الخطة اليونانية والبحث في تنازلات. وترى صحيفة «الغارديان» (7/7/2015) أن حالة الإستقطاب حول اليونان وصلت لمدى كبير مما يجعل من الصعوبة بمكان العثور على طرف محايد للعب دور الوسيط بين الأقطاب المتصارعة. والمرشح الذي يمكنه لعب الدور هو فرنسا ورئيسها الإشتراكي فرانسوا أولاند. فمنذ الإستفتاء طلب من وزرائه الحديث عن أهمية إبقاء اليونان في محور اليورو. ويظل أولاند مرشحا أفضل للتعامل مع الحكومة اليسارية في أثينا من ميركل المحافظة، ولن تكون الأخيرة قادرة على رفض المبادرة لأن فرنسا هي ثاني دولة في محور اليورو ولأن باريس لعبت دورا مهما في جلب اليونان للمجموعة الأوروبية الاقتصاديةعام 1981. وقد تجد اليونان سهولة في التعامل مع فرنسا بدلا من الإستماع لإملاءات دولة لا تزال لم تدفع التعويضات عن الأضرار التي تسببت بها النازية لليونان في أثناء الحرب العالمية الثانية. وترى «الغارديان» أن أولاند قد يرحب بلعب دور في حل الأزمة لكن بلاده تعرضت لانتقادات لأنها فشلت بالإلتزام بمعايير الإتحاد الأوروبي في السنوات الماضية فكيف تقوم دولة عملت على تأخير الديون المطلوبة عليها التوسط من أجل دولة يطلب منها الإلتزام وسداد ديونها؟ ومع ذلك فهناك دور لفرنسا يمكن أن تلعبه. ولكن المعوقات تظل ضخمة وليس أقلها معارضة سيغمار غابرييل، رئيس الحزب الإشتراكي الألماني الذي يستفيد من المشاعر المعادية لليونان ويرى أنه ما كان يجب قبول عضوية اليونان في نادي دول اليورو. ومع توسع الفجوة الآن بين أثينا وبرلين فلفرنسا دور ومسؤولية لرأب الصدع بينهما ومنع إفلاس اليونان وخروجها من محور اليورو. معركة على الديمقراطية ويخفي هذا الجدل السياسي وراءه كما يقول المعلق جون مونبيت في «الغارديان» (7/7/2015) معركة تقوم بها النخبة المالية على الديمقراطية . فهو يرى أن الترويكا هي مفلسفة «فمن يقومون بمحاكمة أمة لا سلطة شرعية أو ديمقراطية لديهم». ويشير إلى أن صندوق النقد الدولي هو مؤسسة غير ديمقراطية يسيطر عليها الأغنياء ويحكمون من خلالها الفقراء. ويقوم الصندوق بممارسة اللعبة نفسها مع اليونان كتلك التي مارسها مع الارجنتين وزامبيا. فقد أجبر برنامج التكيف البنيوي الذي تبناه الصندوق عددا من الحكومات المنتخبة على التخلي عن الإنفاق العام وتدمير قطاعات الصحة والتعليم وكل الوسائل التي تمكن المعذبين في الأرض من تحسين أوضاعهم المعيشية. ويرى أن كل بلد استعمره البنك الدولي أجبر على التحكم بالتضخم قبل تحقيق أي من الأهداف الاقتصادية ورفع الحواجز عن التجارة وحركة الرأسمال ولبرلة نظامه المصرفي وتخفيض النفقات الحكومية وتخصيص الأرصدة التي يمكن بيعها للمستثمرين الأجانب. واستخدم الصندوق لغة التهديد مع الحكومات التي يحاول السيطرة عليها من أجل التخلي عن سياساتها التقدمية، وقام منفردا بهندسة أزمة نمور آسيا عام 1997 عندما أجبر الحكومات على رفع القيود عن رأسمال الدولة مما جعل العملات عرضة لهجمات المضاربين، ولم ينج من سياسات صندوق النقد الدولي إلا ماليزيا والصين اللتان رفضتا الرضوخ لمطالبه. والأمر نفسه يصدق مع البنك المركزي الأوروبي الذي يتهمه بأنه مسيس وليس ديمقراطيا وأدت سياساته إلى التأثير على دول محور اليورو الصغيرة. ويعتقد مونبيت أن حزمة التقشف التي فرضت على اليونان اليوم تظل متواضعة مع ما حدث مع أيرلندا والهند في القرن التاسع عشر باسم الأصولية الاقتصادية أو ما يعرف اليوم بالليبرالية الجديدة. وفي الحالة الأيرلندية قتل واحد من كل ثمانية أشخاص من مجموع الشعب لأن بريطانيا رفضت توزيع الطعام ومنعت تصدير الحبوب أو تقديم حزم مساعدات للفقراء. وعندما عم الجفاف في الهند ما بين 1877 ـ 1878 أصرت الحكومة الإستعمارية هناك على تصدير كميات هائلة من الحبوب وهو ما أدى إلى مجاعة قتلت الملايين. ويرى مونبيت أن في قلب السياسات الكارثية قياس سعر العملة بالذهب، وهو ما منع الحكومات في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من زيادة الإنفاق أو تحفيز سوق العمل وهو ما أدى لإبقاء الفقراء على فقرهم وترك الإغنياء يتمتعون بذهبهم. ويقارب هذه الممارسة التي تم التخلي عنها مع بداية الكساد العظيم في سياسة التقشف القاسية الحالية المفروضة على اليونان. وكما قادت تلك السياسات إلى أزمات اقتصادية، فالمواجهة الحالية بين اليونان ومحور اليورو ستترك تفاعلات سلبية، فتشدد المقرضين بشروطهم سيـودي باليونان لحالة الإفلاس وبالتالي خسارة الديون كما أن خروج اليونانيين من محور اليورو الــذي يرحــب البــعـــض به، يعــنــي العودة للدراخما الجديدة حيث سيفقد اليونانيون قوتهم الشرائية التي منحها لهم الإنضمام لمحور اليورو وسيدمر الطبقة المتوسطة ويؤثر على طبقة رجال الأعمال. التماسك الأوروبي ومن هنا فالأزمة في اليونان تحمل إمكانية لهز التماسك في أوروبا، فالمانيا باعتبارها قائدة القارة، تحتاج كما يقول فيليب ستيفن في «فاينشال تايمز» (10/7/2015) إلى «أوروبا منسجمة» وقد فهم هذا المستشار الألماني السابق هيلموت كول بعد سقوط جدار برلين، من أن العملة الموحدة هي ضمان لمستقبل أوروبا وحاجز من عودة القارة لويلات الحروب. وكانت اليورو المقايضة الفرنسية- الألمانية لجعل ألمانيا الموحدة مفتاح أمان لأوروبا وتخيل كول ألمانيا أوروبية وليس أوروبا ألمانية. ويرى ستيفن أن حيلة ميركل عندما اندلعت أزمة اليورو قامت على التضامن مع الدول التي عانت مثل إسبانيا والبرتغال وأيرلندا واليونان. وأقنعت الناخب الألماني أن التضامن مع هذه الدول مهم لإنقاذ اليورو. ونجحت في إسبانيا والبرتغال وفشلت في اليونان. جزء من السبب أن حزم الإنقاذ المستمرة أثقلت اليونان بديون كبيرة لا قدرة لها على سدادها. والجانب الآخر هو البعد السياسي في الأزمة والتعنت الألماني وحكومة سيزيرا التي استفادت من حس الإهانة والضحية ودفعت بالتصويت بلا، رغم رغبة معظم اليونانيين في البقاء في محور اليورو. وبحسب ستيفن كانت هناك صفقة يمكن أن تنهي الأزمة وتدفع بإصلاحات للوضع اليوناني وتوقف الفساد والمحسوبية التي شوهت الديمقراطية اليونانية، لكن تشدد سيزيرا كان السبب. وكما يقول ستيفن فالغضب ليس بديلا عن السياسات الحكيمة. ويعتقد أن المزاج والشعور بالأحباط والعجز هما ما دفعا باتجاه تصويت بلا الإسبوع الماضي ويجب على الساسة في معسكر الوسط الأوروبي الإنتباه، لأن المستفيد من هذه المشاعر هي ماريان لوبان من الجبهة الوطنية الفرنسية، وبيبي غريلو من حركة الخمس نجوم الإيطالية وبوديموس في إسبانيا وبيغيدا في ألمانيا التي تغذي حسا لدى المواطن العادي بأنه بات متفرجا أمام عالم يدار لصالح النخب. ثقل التاريخ لا يكفي حس الغضب لتحليل وقوف الشعب اليوناني وراء الحكومة التي يترأسها تسيبراس بل هناك ثقل التاريخ، فالأزمة كما يرى آدم ليبور في «نيوزويك» (7/7/2015) تكشف عن أمة تعيش في الماضي وسحقها هذا الماضي وتريد الخروج للحاضر. ويحس القارئ في شهادات المثقفين والساسة بأننا أمام دولة «فاشلة» منذ الثورة على العثمانيين في بداية القرن التاسع. والسبب هو أن فكرة الأمة عن نفسها وماضيها انتصرت على فكرة الدولة نفسها. وما تراكم لدى اليونانيين من خبرة في الدولة هو طبقات من الفشل تعجز كل إدارة جديدة عن التعامل معها كما يقول الممثل السابق ونائب عمدة أثينا الحالي أنتونيز كافيتزبولوس. ويتفق معظم من قابلهم ليبور على أن مشكلة اليونان نابعة من الطريقة التي ضخ فيها الإتحاد الأوروبي المال للنخبة السياسية الفاسدة. ويشيرون إلى مخاوف اليونانيين من الغرب والعولمة وعقدة النقص تجاه أوروبا كما يقول يانيس باليوغولوس من صحيفة «كاثمريني». ومع ذلك هناك حس لدى اليونانيين بأن الدول الخارجية هي التي أعاقت مشروعهم، فمنذ الحكم العثماني وحتى اليوم يشعر المواطن بالإنفصام عن فكرة الدولة والميل نحو الماضي. ولعل ما مر على البلاد من أزمات، تهجير السكان المتبادل بعد الحرب العالمية الأولى وتدمير النازية للبلاد في الحرب الثانية والحرب الأهلية ضد الشيوعيين من 1945- 1949 والحكم العسكري المدعوم من أمريكا 1967-1974 والآن الترويكا، تركت أثارا نفسية عليهم. وقد تماهى القتال ضد الترويكا مع فكرة الإستقلال التي يريدها اليونانيون. ومهما كانت أخطاء الحكومات المتعاقبة، ففي نظر غالبية الشعب كانت سياسة التقشف «كارثة» حيث زادت من الفقر والبطالة واليأس. ويرى البرفسور ستاثيز غورغوريس مؤلف «الأمة الحالمة» «نشعر وكأننا عدنا إلى وضع ما بعد الحرب العالمية الأولى عندما قررت القوى العظمى مصير الدول الأخرى». ويعتقد أن فكرة رفض اليونان دفع ديونها مبالغ فيها «فيجب خلق الظروف التي يمكننا سداد الديون وخلق النمو» كل هذا يجب أن يبدأ من الداخل ولا يفرضه الخارج، «أنتجت سياسة التقشف البؤس ولكن المشكلة في طريقة تنفيذها حيث غذت حسا بالظلم». ورغم هذا الحس يرى ساسة أن الطريقة التي عوملت فيها بلادهم من الإتحاد الأوروبي لم تكن عادلة. فجورج باباندريو، رئيس الوزراء من 2009 ـ 2011 يرى أن الأزمة المالية العالمية عام 2008 كشفت عن عدم التوازن في محور اليورو وعن ضعف الحكم في اليونان. وما فاقم الأزمة هو غياب النظام الرقابي في الإتحاد الأوروبي «عندما يعاني الاقتصاد الأمريكي من مشاكل يتدخل الأحتياطي الفدرالي لكن لا يوجد مثله في أوروبا». ويرى أن بلاده لم تحصل على دعم وثقة كافية من الإتحاد الأوروبي، فلو فعل ماريو دراغي مدير البنك المركزي الأوروبي مع اليونان مثلما فعل مع إسبانيا وإيطاليا لتغير الوضع ولما سارعت الحكومة لاتخاذ إجراءات سريعة بدون تركيز. ويتفق باباندريو على أهمية الشروع «ببرنامج إصلاح عميق لإحداث التغييرات التي نريد». ويتفق الجميع على البقاء في محور اليورو لأن العودة إلى الدراخما ستكون كارثة. وفي النهاية من مصلحة أوروبا الحفاظ على استقرار اليونان في ظل انهيار ترتيبات ما بعد عام 1918 والحروب المشتعلة في سوريا والعراق وعموم الشرق الأوسط. إبراهيم درويش [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لرمزية العملة كمظهر للقوة والوحدة…: أزمة اليونان ستدفع الاتحاد الأوروبي نحو اندماج أفضل Posted: 11 Jul 2015 02:05 PM PDT