AP Photo/Mohammad Hannon
روما / أليتيا (aleteia.org/ar) - اختطف ثلاثة مسيحيون، غاني و نيجيري و قبطي مصري، في ليبيا على يد مجموعة جهادية مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية وفقاً لوكالة أنباء فيدس. وقعت حادثة الخطف هذه في 11 تموز و تم تأكيدها يوم الأحد 19 تموز من قبل محمد حجازي المتحدث العسكري باسم الحكومة الليبية حالياً في طبرق و المعترف بها من قبل المجتمع الدولي.
كما اختطف أربعة إيطاليين في مليته مساء الأحد، و هم أربعة فنيين عاملين في إحدى الشركات النفطية الإيطالية العاملة في شمال إفريقيا. و لا أخبار عن هذه الحادثة حتى الآن.
الأخت إنما مويا من راهبات بنات الإحسان أمضت 15 سنة في ليبيا و عملت في كاريتاس مع الناس الذين حلموا بعبور البحر إلى أوروبا التي يرونها على أنها الحل لجميع المشاكل.
تعيش الأخت إنما الآن في المغرب و تقدم نوعاً مختلفاً من الخدمة الرعوية، و أرادت التحدث إلى أليتيا لتشرح لنا لماذا أصبحت ليبيا بوابة الدولة الإسلامية إلى أوروبا. و قالت الأخت أنه بالرغم من الخوف و انعدام الأمن فإن أمل الكاثوليك في هذا البلد و ثقتهم بالله لم تتغير.
ليبيا: أرض الهجمات الإرهابية و مجازر المسيحيين الأقباط و العنف ... فماذا يحدث في هذا البلد الكبير المجهول؟ ما يحدث بالضبط هو ما كنا نخشاه إن أتى اليوم الذي يختفي فيه العقيد معمر القذافي: البلاد تقع في حالة من الفوضى.
لم يتوقع أحد في ليبيا أن يؤثر "الربيع العربي" على البلاد و أن تصل الأمور إلى هنا بسبب النظام الصارم جداً و الدكتاتور الذي كان يمسك السلطة بيده.
قبل اليوم المقرر للاحتجاج و الذي سمي "بيوم الغضب" كان كل شيء قد بدأ بالفعل. فقد كان هناك احتجاج مؤيد للنظام و بعد أيام قليلة بدأت الانتفاضات في بنغازي لتنتقل إلى ليبيا كلها.
كان هناك سيارات تحترق و ملصقات عليها صور القذافي و متاريس .. كانت أياماً رهيبة فلم يعتقد أحد أننا سنصل لهذا الحال.
و من ثم أطلق العنان للفوضى.
بدأت القصة بنقص في المواد الغذائية في المحلات و كان هناك طوابير طويلة من الناس أمام المخابز للحصول على القليل من الخبز. كان هناك رعب و خوف خاصة خلال ساعات المساء و الليل. و كانت صيحات الشباب تصم الآذان، و القذافي يتحدث على التلفاز على مدار الساعة، و قد رأينا على وسائل إعلام أجنبية صوراً مروعة لما كان يحدث في البلاد. لقد كانت أياماً عصيبة جداً.
كانت السجون تغص بالسجناء الذين نجح بعضهم بالهرب، كالإسلاميين الذي سجنهم القذافي لعدم ثقته بهم و ليتجنب سيطرتهم على البلاد و الإطاحة به.
لم يهاجر الليبيون مطلقاً لأن حاجاتهم الأساسية من الغذاء كان تلبى. كانت رواتبهم منخفضة جداً، حوالي 150 أو 200 دينار ليبي، أي أقل من 150 دولار أمريكي شهرياَ، و مع ذلك لم يشتكِ أحد.
في عام 2013 ساء الوضع، فما الذي حدث؟ تغير كل شيء فجأة عام 2013. بدأ الأمر بثورات و سرقات و انعدام الأمن العام ... و لم يكن هناك من حكومة مستقرة. أقيمت الانتخابات، لكن الشخص المنتخب استغل الوضع، فاستمرت الأمور على هذا النحو حتى عام 2014 حيث عمت الفوضى بشكل كامل.
بدأ بالأمر بنقص في مادة البنزين. بقي النقص في الغاز الطبيعي و الكهرباء لمدة ثلاث سنوات، حيث تقطع المادتان لمدة 15 إلى 18 ساعة في اليوم.
يشهد كل يوم صراعاً في الشوارع بين المجموعات العسكرية المختلفة. و كانت السيارات تسرق بانتظام و من يرفض مغادرة سيارته يقتل...
و عند حلول الظلام من الأفضل ألّا تخرج إلى الشارع إن أردت تجنب المشاكل.
بدأ قتل المسيحيين أيضاً، المسيحيين الأقباط و الفلبينيين، في بنغازي، كما قتل السفير الأمريكي في وقت لاحق و تبعه زوجين على الشاطئ و غيرهم ...
الآن سيطر الإرهاب. ما يحدث الآن هو أن الإسلاميين الجهاديين قد استولوا على السلطة، بسبب عدم وجود حكومة مستقرة منذ الحرب 2011. فعلت الفصائل المختلفة كل ما يحلو لها، و سيطرت على كل شيء. يتنافس الجميع من أجل السلطة، و الشعب لا يعوّل على أحد.
أصبحت ليبيا بلد الفوضى التي بدأ به الجهاديون الخلافة في مناطق مختلفة.
ما عمل مجتمعك هناك؟ يتنوع عملنا هناك. تعمل إحدى الأخوات في المدرسة الفلبينية كمعلمة، و تعمل أخرى مع مرضى الإيدز في مستشفى عام، و تعمل اثنتين من الأخوات بدوام كامل مع المهاجرين الذي يصلون إلى ليبيا للعبور إلى أوروبا.
هل ستكون ليبيا منفذ الدولة الإسلامية على أوروبا؟ قد تكون كذلك. و مع هذا الكم الكبير من المهاجرين، قد لا تعرفهم، فقد يختلطون بينهم ... لكنني أعتقد أن للدولة الإسلامية سبلاً أخرى لدخول أوروبا من خلال الطرق العادية. فلديهم من يساعدهم في الخارج.
فكيف يعيش الناس إذاً وسط الخوف و انعدام الأمن؟ ليس من السهل أن تعيش في الخوف و انعدام الأمن. و حالة انعدام الأمن أسوأ من الخوف، فمن السهل التعامل مع الخوف.
انعدام الأمن في ترك أطفالك في المنزل و عدم معرفتك إن كنت ستتمكن من العودة إلى المنزل .. يقرع باب المنزل و لا تعرف من ستجد في الجانب الآخر.
لكن في الحقيقة، ما من خوف هناك: فالناس على ثقة دائماً و يرددون عبارة "غداً سيكون أفضل من اليوم". و بهذه الطريقة يستطيعون الانتقال من يوم إلى آخر إلى الذي يليه ...
أعطنا كلمة من أمل: ما البذور التي يزرعها الكاثوليك في هذه الأرض؟ البذرة التي يزرعها الكاثوليك في هذا البلاد هي أنه حتى في وجه تلك المعاناة فهم مؤمنون و يردون على الوضع بالخير و الأمل بالله الذي لن يخذلنا أبداً.