قُتل عشرات العراقيين في هجوم بشاحنة مفخخة لتنظيم «الدولة الإسلامية» على سوق في منطقة ذات غالبية شيعية في بغداد، وفي المقابل قُتل عشرة عراقيين في قصف جوي للجيش العراقي على مستشفى للأمراض النسائية في الفلوجة ذات الغالبية السنية، فيما ذكرت وزارة الدفاع الألمانية أن هجوما بالسلاح الكيميائي استهدف قبل أيام مقاتلين أكراداً في العراق. وفي سوريا قتل العشرات من المدنيين في غارات للنظام السوري على ريفي دمشق وحماه، وهي مناطق معارضة تسكنها غالبية سنّية، أول أمس، فيما سقطت صواريخ للمعارضة السورية على مدينة اللاذقية الساحلية، والمعقل الرئيسي للطائفة العلوية، فقتلت اثنين، ولم نذكر الجرحى في كل هذه الحوادث وعددهم بالمئات. في حمّى صراع الرايات السوداء والصفراء (والألوان الأخرى) والمذاهب والايديولوجيات والمصالح والأجندات العالمية والإقليمية والمحلية، على المدن ومصافي الغاز والنفط ومعابر الحدود والنقاط «الاستراتيجية»، يكاد الجميع يشتركون في تبني «استراتيجية» واحدة: احتقار الحياة البشرية للمدنيين الذين لا يملكون فرق حراسة مثل الزعماء والقادة والضباط والمسؤولين ولا تحميهم قوات «سوات» الخاصة ذات البذّات والمعدات التقنية الأمريكية العالية، وليسوا قادرين على بيع قوّة عملهم للميليشيات والأحزاب. وكانت طائرات التحالف ضد تنظيم «الدولة» قد قصفت قبل أيام مخيم أطمة للاجئين وأصابت الكثيرين منهم، وهو ما أثار دهشة السوريين واحتجاج «الائتلاف» المعارض، وأضاف إلى المئات من المدنيين الذين قتلهم التحالف خلال غاراته في سوريا والعراق. حساب المدنيين في الصراعات العسكرية والسياسية الجارية على الأرض العربية يحسب ضمن خانتين: الأولى هي تصنيفهم كـ»طاقة بشرية» للاستهلاك الحربيّ، كما عرّفهم الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الأخير، أو كحاضنات اجتماعية للجيوش والأحزاب والفصائل والمليشيات، وهو ما يعني تبويبهم، إجبارياً، في قائمة الخصوم المحتملين الذين من الحلال الانتقام منهم والتنكيل بهم، وفي الحالة المثلى، إبادتهم عن وجه الأرض. تتبارى هذه الأطراف في أساليب التطهير الديني الطائفي أو القومي (أو الديني والقومي معا كما حصل للأكراد الإيزيديين مع «الدولة الإسلامية»، وحصل مع عرب سنّة سيطر حزب العمال الكردستاني على مناطقهم)، وتتنافس جميعها في الانتساب إلى الله، الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، في العقيدة الإسلامية، والمحبّ للإنسانية الذي أرسل المسيح لإنقاذ البشرية، في العقيدة المسيحية، ولكنّ الأديان، في منطق قادة هذه الأطراف، ومنتسبيها للأسف، تعرّف بالسلب، الذي يقوم على نفي الطرف الآخر وعلى الكره الذي يفضي إلى طرق القتل والانتقام. وإذا كانت التبريرات الدينية للتمييز والإقصاء والتهميش وصولاً إلى البطش والتطهير والابادة لا تكفي فإن خبراء أمريكا وأوروبا في شؤون «الشرق الأوسط» يقدّمون مبررات ناجعة «لتسوية النزاع الطائفي»، كما يقترح رئيس الأركان الأمريكي المنتهية ولايته الجنرال ريموند اودييرنو أول أمس، باعتباره «الحل الوحيد»، وهو ما يعني تقنين وتشريع التطهير العرقي بين السنّة والشيعة والأكراد، وإعطائه المصداقية والمشروعية دولية. رغم أن الحروب تجري باسمهم، وتدّعي الدفاع عنهم كمواطنين في دول، كما تقول الحكومات، أو عن مقدساتهم الدينية، كما تزعم الأحزاب والميليشيات، فإن المدنيين، رجالا ونساء وأطفالا، هم آخر من يستشارون في مصائر بلدانهم وحقوقهم وممتلكاتهم وأرواحهم وأبنائهم الذين يُقتلون كل يوم. كل ما ذكرناه، لا يعني بالتأكيد اعتبار كل ما يجري على الأرض العربية صراعاً بين أشرار، فعلى جانبي المقتلة ترتسم خطوط سياسية بين طغاة عالميين وإقليميين ومحليين ساهموا، بعنفهم الذي يفوق التصوّر، وفي إطلاقهم للمجرمين والمتطرفين من السجون، في خلق هذه الفوضى الإجرامية الكبيرة ليقولوا إنهم لا يختلفون عن خصومهم في شيء. كما أن انجرار أطراف سياسية تدافع عن المصالح العامة للشعوب إلى العنف، لا يعني مساواتها بأولئك الدكتاتوريين الكبار ولكنه لا يعني أيضاً الدفاع عن جرائم تقام باسم الثورات بل يحمل مطالبة شديدة لمن يحملون رايات تمثيل المظلومين ألا ينساقوا إلى أساليب الطغاة المجرمين الذين ثار الناس على ممارساتهم ومظالمهم. كرامة البشر واحدة ولا يمكن قصرها على طوائف وإثنيات وأيديولوجيات، وهي «الفريضة الغائبة» عن الأنظمة المستبدة، وقد جاراها في ذلك الكثير من خصومها، إلا من رحم ربك. رأي القدس [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
التاريخ قصة، وأكذب القصص هي قصة التاريخ، فهي قصة يكتبها الأقوى، هي قصة يكتبها الرجل. اليوم، يراجع العالم المتقدم قصصه، يحاول أن يبعث فيها شيئا من الحيادية والصدق، وعلى الرغم من الصعوبة البالغة في هذه المهمة، الا أن المحاولات، والأهم التساؤلات، مستمرة حول ما حدث وكيف حدث ولأي طريق سيأخذنا هذا الماضي الذي كان. أعتقد حقيقة أن أحد أهم أسباب وضعنا المتجمد في العالم العربي الاسلامي هو رفضنا المطلق لرؤية الوجه الآخر للتاريخ، الرواية الأخرى، حيث نكبر جيلا بعد جيل سائرين في خط طويل منتظم يؤمن بقصة واحدة ذات نهاية واحدة، ومن يجرؤ على مساءلتها يعتبر خائنا أو كافرا. ليس باستطاعتنا أن نأخذ خطوة حقيقية للأمام لأننا لا نسمح لأي صوت بيننا أن يراجع خطوات الخلف، أن يسائلها، على الأقل أن يفكر ونفكر معه فيها. نبقى مجمدين حيث نحن لأننا وصلنا إلى مفترق طرق لسنا قادرين على استبيان أفضل ما يستكمله لأننا نرفض مراجعة ذاك الذي أوصلنا اليه. هل هزيمة 67 هي هزيمة، وهل انتصار 73 هو انتصار؟ كيف تشكلت الدول العربية وتحديدا الخليجية، وكيف وصلت أنظمة الحكم إلى عروشها؟ هل حمى صدام حسين «البوابة الشرقية»، وهل كان هو ضحية الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت ثماني سنوات، أم أننا نقرأ التاريخ بعقلية العرب والفرس التي لا تستطيع أن تخرج من عباءة قبليتها؟ هل زج بإسرائيل في مؤامرة غربية على العالم العربي أم فتحت لها أنظمتنا الباب وبيعت فلسطين بمقابل ولربما من دون مقابل؟ ما هو التاريخ الحقيقي للأسرة العلوية في سوريا؟ ومن هو المسؤول عن المليون شهيد جزائري؟ ماذا حدث في موريتانيا ليجعل قصة العبودية المستمرة فيها إلى اليوم قصة عار ترفض الدولة الاعتراف بها، وفي الوقت ذاته تمنع كل حديث عنها؟ ماذا حدث في مكة في حقبة صدر الإسلام؟ ما هي حقيقة الصراع القبلي في قريش؟ هل كان كبار تلك المدينة أمثال الملقبين بأبي جهل وأبي لهب جهلة حقيرين مستبدين كما يقول التاريخ؟ هل كانت مكة مدينة غائرة في الظلام فعلا أم لها وجه آخر باقتصادها المهم وبترحيبها بالآلهة المختلفة التي كانت منصوبة في الكعبة وقبولها التعددية العبادية لها؟ ما هو تاريخ العبودية في الإسلام؟ كيف ساهمت الغزوات في تدفق سيل العبيد إلى أيادي المسلمين؟ ما هي طبيعة «الفتوحات» الحقيقية، وما مدى اقترابها من فكرة الاحتلال وما مدى دمويتها؟ ما هو تاريخ المرأة في الإسلام؟ كيف تطور وضعها منذ بداية البعثة النبوية؟ ماذا حدث فعلا في عصر الخلفاء الراشدين وفي عصر الدولتين الأموية والعباسية والذي لا يزال ينفث في شعلة خلاف حاد بين المسلمين؟ التساؤلات أعلاه، السياسية والدينية، ليس المقصود منها توجيه أصابع اتهام باتجاه مختلف، في الواقع، المقصود منها قطع كل أصابع الاتهام، ومحاولة الجلوس إلى طاولة تاريخ محايدة، قدر المستطاع، طاولة لا تحاول إظهار مثالية غير موجودة، بل طاولة واقعية تشير إلى بشرية صناع التاريخ وحقيقية أخطائهم وإلزامية زمنهم الذي أجبرهم أحيانا على خيارات ما كنا لنختارها في زمننا هذا. إن محاولة خبز تاريخنا السياسي في خبزة المظلومية المستمرة يجعلنا وباستمرار نتحرك من منطلق الضحايا، ونتصرف من زاوية المتآمر عليهم، «غير الضالين» بل المساكين المنتظرين لمخلص ينقذهم من طمع الآخرين فيهم واضطهادهم لهم. كما أن استمرارية عجن تاريخنا الديني في عجينة الكمال يتسبب في تكرر حرق خبيزنا الزائف قليل الطحين كثير الماء. وفي حين أننا ننطلق من منطلق الضحايا دائما في كتابة تاريخنا السياسي، إلا أننا دوما ما ننطلق من منطلق الأبطال، أصحاب الحق الأوحد في كتابة التاريخ الديني، فلا نكاد نتبين الحق، ولا نستطيع تفادي الحفر في الطريق، وكيف نتفاداها ونحن لا نعترف بها، وكيف نعبد طريقا نحن موهومون بكماله وتمامه؟ بلوانا تكمن في كتب التاريخ، كتب سياسية تستعرض «مسكنتنا» وكتب دينية تستعرض عظمتنا، وكأننا نعيش بشخصيتين مختلفتين متضادتين. كتبنا السياسية تحتاج لأن تخفف جرعة المظلومية وتبدأ النظر في المسؤولية، وكتبنا الدينية التراثية تحتاج لنفضة قوية عميقة تخفف جرعة الغطرسة وتؤسس لنظرة واقعية. أنظمتنا العربية هي نتاج تاريخ كتبوه وفرضوه فابتلعناه، ومؤسساتنا الإرهابية هي نتاج تاريخ كتبوه وحرموا مناقشته فعبدناه. داعش لم يبتعد كثيرا عما ورد في الكثير من كتب التراث من كافة الطوائف الإسلامية، وعما نبجل ونمجد من قصص الفتوحات والغزوات، ونظام الأسد لم يتنح كثيرا عما ورد في كتب التاريخ التمجيدية لأبناء استمروا على ما وجد عليه آباؤهم، فمتى تأتي «الصحوة»؟ د. ابتهال الخطيب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
مَن لم يمت بسيف «داعش»، التي تغذّ المسير نحو مطار الـ»تي فور»، حيث كان العقيد حسان الشيخ، مهندس الرادار والمراقبة الإلكترونية جوية؛ مات برشّاش سليمان هلال الأسد، نجل ابن عمّ بشار الأسد، في قلب اللاذقية، عاصمة النظام والبقعة الأكثر «أماناً» في سوريا المعاصرة. ومَنْ لم يمت، ذبحاً، لأنه ينتمي إلى الطائفة العلوية، حتى بسبب مصادفة بيولوجية محضة؛ مات، قتلاً، بسبب تجاسره على عدم إخلاء الطريق أمام سيارة آل الأسد. وإذا جاز للسيدة أم كمال، والدة القتيل، أن تقول على الملأ أنّ ابنها العقيد القتيل «فدا لضيّ عيونّا رئيسنا الغالي»؛ جاز لخالة القاتل أن تذكّر المعتصمين ضدّ الجريمة، ومعهم العلويين أجمعين، علانية أيضاً وعبر الفيسبوك: «تبقى الأسود أسوداً، والكلاب كلاباً»… ولكي لا يستبق المرء طبيعة «العدالة» التي سوف تطبقها عائلة النظام على واحد من مجرميها الأكثر فحشاً في انتهاك ذاك الذي يحرص النظام على إحاطته بهالة قدسية (ما يُسمّى «الجيش العربي السوري»، خاصة إذا كان موضوع الانتهاك ضابطاً من أبناء الطائفة العلوية، عاملاً على جبهة قتال ساخنة)؛ من الخير التوقف هنا عند واحدة، بين أخرى كثيرة، من دلالات الجريمة، في انتظار حيثياتها «القضائية»، إذا جاز استخدام المصطلح أصلاً! هذه الدلالة الخاصة هي مصائر عدد من ضباط النظام، تحدروا من الطائفة العلوية، وشغلوا مواقع متباينة من حيث النوع والسياق، وآلوا إلى نهايات متغايرة المغزى، ورحلوا وهم في ذروة الولاء للنظام، عموماً؛ وللعائلة الأسدية، خصوصاً. وأكتفي، في هذا المقام، بثلاثة نماذج، لقي كلّ منهم مصرعه خلال عهد الأسد الابن. الأوّل هو العقيد الشيخ، الذي ولد في بسنادا، الضيعة المعروفة بسمعتَين: تصدير المعارضين (عارف دليلة، الغنيّ عن التعريف، وفاتح جاموس الذي دخل إلى المعتقل زعيماً لـ»حزب العمل الشيوعي» وهو اليوم ضيف دائم على إعلام النظام)؛ وتصدير ضباط النظام (والأسماء أكثر من أن تعدّ، بينهم أحمد دليلة مدير مدرسة المشاة واحد جزّاري حلب مطلع الثمانينيات). في عبارة أخرى، ترعرع الشيخ في وسط جامع للنقائض، وأكمل اختصاصه العسكري في بلغاريا، حيث أقام ستّ سنوات، ثمّ تدرّب أيضاً في الصين وكوريا الشمالية؛ أي أنه احتكّ بالعالم خارج سوريا وكان، بالتالي، عسكرياً محترفاً، حتى ضمن اختصاصه الفني الصرف، ولا سبب يدعو إلى الارتياب في ولائه للنظام، بدليل أنّ الأسد كرّمه شخصياً، قبل خمس سنوات. ولعلّ الشيخ انطلق من هذه الخلفية العسكرية، ممتزجة بما قدّره من تبجيل خاصّ يحظى به «الجيش العربي السوري» في اللاذقية إجمالاً (ثمّ، خصوصاً، عند راكبي السيارات الشبحية، الطيّارة، المنفلتة من كلّ عقال، المتجردة من اللوحات…)، حين نزل من سيارته، وعرّف السائق الغاضب على شخصه، ورتبته العسكرية. «… أختك على أخت الجيش»، يُقال إنّ ابن الأسد ردّ عليه، قبل أن يفرغ الرصاص في جسده. ولعلّ قسطاً كبيراً من ردود الفعل الغاضبة، التي أعقبت شيوع خبر الجريمة؛ وكذلك مستويات النفاق التي اكتنفتها من جانب النظام (ابتداءً من سلوك محافظ اللاذقية، مروراً بالتعزية التي قدّمها للأسرة نجلا آصف شوكت، وانتهاءً بالطنطنة الإعلامية حول اعتقال القاتل)؛ كان مردّه هذه الخلاصة تحديداً: أنّ القتيل كان مقاتلاً (دفاعاً عن البلد، أو الجيش، أو النظام، أو الطائفة… سمّ ما شئتَ من تأويلات مرجحة)، وأنه لم يُقتل بسيف «داعش» أو «جبهة النصرة» أو «أحرار الشام»، بل برشّاش ابن الأسد. النموذج الثاني هو العميد محمد سليمان، الذي اغتيل أمام منتجعه الساحلي الشخصي على شواطىء طرطوس، في مثل هذه الأيام، سنة 2008؛ وكان ينتمي إلى الحلقة الأضيق المقربة من الأسد، وأحد أبرز مستشاريه في ملفات حساسة واسعة النطاق، أمنية وسياسية وعسكرية: من تسليح «حزب الله»، أو الصلة مع محمد عماد مغنية؛ إلى مشروع مفاعل «الكبر» النووي في ظاهر دير الزور، أو اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وكان سليمان قد لفت أنظار الأسد الأب في طور مبكر، فأوصى بتقريبه من نجله باسل، وريثه المرشح الأول الذي مات في حادث سيارة مطلع العام 1994. جهة اغتيال سليمان لم تتضح حتى الساعة، رغم أنّ مؤشرات كثيرة تذهب باتجاه اتهام المخابرات الإسرائيلية؛ لكنّ التفصيل الدالّ، الذي تكفلت «ويكيليكس» بكشف النقاب عنه مؤخراً، هو أنّ الأسد نفسه فوجيء (وتقرير السفارة الأمريكية في دمشق قال إنه «صُعق»)، حين أبلغته استخبارات النظام بأنها عثرت، داخل شاليه العميد القتيل، على سيولة بقيمة 80 مليون دولار أمريكي. أكان هذا المبلغ ـ الذي ظهر بالطبع، وللمرء أن يتخيّل ما خفي من ثروة سليمان ـ هو ثمن ولائه للنظام؛ أم ثمن خيانة ما، أو سلسلة خيانات، ذات صلة بوظائف موقعه الحساس داخل حلقة السلطة الأعلى؟ وإذا صحّ أنّ الأسد «صُعق» حقاً، أيعود السبب إلى سؤال الولاء، أم سؤال الخيانة؛ وقيمة المبلغ، أم كيفية تجميعه وإخفائه عن مالك مزرعة النهب الأوّل، الأسد نفسه؟ النموذج الثالث هو اللواء غازي كنعان، الذي نُحر أو انتحر أواسط العام 2006؛ وكان غيابه/ تغييبه طارئاً هائلاً على أعراف «الحركة التصحيحية»، من حيث ارتجاج المعمار الأمني والعسكري والسياسي الذي شيّده الأسد الأب لبنةً لبنة، وجهازاً بعد جهاز، وتابعاً بعد آخر، يوماً بعد يوم، وسنة إثر أخرى. فإذا جاز الربط بين رحيل كنعان وتقرير ديتليف ميليس، واغتيال الحريري عموماً؛ فإنّ الجائز الرديف، في المقابل، هو اختلال محاصصات القوّة في مستوى الحلقة الأضيق ذاتها، يومذاك. لقد اتخذ الأسد قراراً مفاجئاً بنقل اللواء بهجت سليمان إلى «المقرّ العام» ـ قبل أن يكفّ يده عن أيّ نفوذ في جهاز المخابرات العامة، فيرسله سفيراً إلى عمّان ـ لأسباب تخصّ ضرورة تثبيت سلطة كنعان في وزارة الداخلية، التي نُقل إليها من لبنان، وبهدف تحييد جهاز المخابرات العامة لكي لا يظلّ سلطة ثالثة عالقة بين كنعان، وإدارة الأمن السياسي؛ وآصف شوكت، وجهاز المخابرات العسكرية. لكنّ مقتضيات شتى، كثير منها ما يزال غامضاً حتى الساعة، اقتضت إزاحة كنعان عن المشهد؛ نهائياً، وليس بعيداً عن واجهة السلطة فقط. والأرجح، بذلك، أنّ كنعان قضى لأنه رفض مغادرة السفينة على نحو ما فعل سليمان (وقبله، راضياً أم صاغراً، أمثال حكمت الشهابي، ناجي جميل، علي دوبا، علي حيدر، رفعت الأسد، محمد الخولي…)؛ ليس لأنّ كنعان اعتبر حصّته في السفينة تأسيسية أساسية، فحسب؛ بل أيضاً لأنّ البديل هو الغرق، عن طريق الإغراق! تعددت الأسباب، وراء مقتل حسان الشيخ ومحمد سليمان وغازي كنعان، إذاً، ولكنّ القتيل متماثل بمعنى مشترك واحد، على الأقلّ: أنه نموذج من نماذج الحطب الذي احتطبه نظام «الحركة التصحيحية» ـ على نحو منهجيّ منظّم، عن سابق وعي وتخطيط ـ من جسوم الشرائح المختلفة لأبناء الطائفة العلوية؛ هنا وهناك، من قرى الفقر الفلاحية النائية، إلى ضِيَع الطبقة الوسطى شبه المدينية، حيث الكليات العسكرية تخرّج ضابط المشاة مثل ضابط الأمن، والطيّار مثل المهندس الفنّي، والطبيب البشري مثل خبير الفيزياء النووية… حطب احتُطب لكي يكون وقود اشتغال نظام الاستبداد والفساد والنهب، فمَن لم يحترق بلهيب «داعش»، أحرقه رشّاش آل الأسد! ٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس صبحي حديدي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
هذا المقال ليس أكثر من إشارة تخطّفناها، من قراءتنا في تراث العرب الشعري. وهو تراث عظيم، لم نعرف بعد كيف نعيد تأصيله وقراءته. وهي إشارة تخصّ هؤلاء الشعراء «الأغفال» الذين أغفلناهم؛ وظلّوا في ثنايا التاريخ نسيا منسيّا؛ ومنهم هذا الشاعر الحبشي الأصل سُحَيْم عبد بني الحسحاس، وشعره أو ما بقي منه، يرقى إلى مرتبة نصوص الفحول من شعراء العربيّة، أي النصوص القويّة التي نستطيع أن نعود إليها، من دون أن نبرأ من سحرها وفتنتها. وهي فضلا عن ذلك تجعلنا نقترح لمثل هذا الشعر الذي عاش أصحابه زمنين اثنين معا: الجاهلي والإسلامي، مصطلح «النصّ المخضرم». أمّا الموضوع الأثير في شعر هذا الحبشي فهو صورة الجسد «العاري». وهي صورة مشدودة إلى صورة الجسد المضخّم أو المثال، في ثقافة العرب. وبما أنّ الاثنين جزء من جسد أو جسم آخر يضمّهما معا مثلما يضمّ غيرهما من الأجزاء، هو النّصّ سواء أكان نثرا أم شعرا، فإنّ تحوّلات الصّورة لا يمكن أن تُكتنه الاّ في سياق التّجربة الفنيّة الكليّة لهذا النّصّ: نصّ الحبّ أو العشق وهو يسلسل جاهليّا إلى إسلاميّ؛ حتّى أنّنا لا نستشعر أيّ حرج في أن نسمه بـ»النّصّ المخضرم» كما أسلفت؛ أو النّصّ الذي يطلّ برأسين وينظر في زمنين اثنين. سُحَيم شاعر لم يركب في شعره سبيل الالتواء، ولم يتقيّد بأيّ نسـق دينيّ أو اجتماعيّ، بل لم يـجعل مـن مشاغله إقامة مثل هذا النّسق، كما كان يفعل أكثر شعراء عصره في صدر الإسلام، من المنشدّين إلى السّلطة السّياسيّة وأنساقها (الفرزدق ـ جرير ـ الأخطل ـ ذو الرّمّة…). إنّما اتّجه سحيم ـ وهو العبد ـ إلى مخاطبة الجسد العاري من ثوب الثّقافة، ومن المسبقات اللاهوتيّة والمعتقدات الدينيّة، التي ترسّخت بفعل ذاكرة تقيس اليوم بالبارحة، فكان العري أشبه بعودة إلى الطّبيعة، وتوكيدا لقيمة الجسد الحسّية المباشرة. وليس يهمّ كثيرا إن كان سحيم صادرا في ذلك عن محاولة لإثبات الذّات في مجتمع يميّز بين العبد وغيره، بل لعلّ هذه المحاولة هي التي تجعل من القصص المنسوبة إلى سحيم ومن شعره أيضا، «مغامرة ذات» لا سند لها إلاّ نصّها، مغامرة قلّما نقف عليها في شعر الشّعراء الذين ذهبوا مذهبه، وأبرزهم عمر بن أبي ربيعة الذي نسك في آخر حياته. فقد انتهى هؤلاء، أي عمر وأمثاله إلى احتضان الثّدي الذي منحهم مع الحياة حرّية مؤجلة، بعبارة معاصرة، في حين سار سحيم حتّى النّهاية سيرة الابن الضالّ، فذهبت نفسه ثمنا «لضلاله» واجترائه. يروي صاحب «الشّعر والشّعراء» عن سحيم عبد بني الحسحاس، أنّ عبد الله بن ربيعة المخزومي والد الشاعر المعروف عمر بن أبي ربيعة اشتراه وكتب إلى الخليفة عثمان بن عفّان «انّي قد اشتريت لك غلاما حبشياّ شاعرا فكتب إليه: «لا حاجة لنا فيه، انّما حظّ أهل العبد الشّاعر منه إذا شبع أن يشبّب بنسائهم، وإذا جاع أن يهجوهم». ويروي صاحب «الأغاني» أنّ الخليفة عمر بن الخطاب سمع سحيما ينشد: ولقد تحدّر من كريمة بعضهمْ / عرَق على جنْب الفراش وطيبُ فقال:» ويحك إنّك مقتول!» فسقوه الخمر، ثم عرضوا عليه نسوة، فلما مرّت به التي كان يُتّهم بها، أهوى إليها [ببصره]، فقتلوه. يجالس سُحيم نسوة من بني صبير كان من شأنهن إذا جلسن للتـّغزّل أن يتعابثن بشقّ الثيّاب وشدّة المغالبة على إبداء المحاسن والمفاتن، فلا يستشعر أيّ خجل في أن يشاركهنّ لعبة التّـعرّي. فلعلّ في التعرّي عودة إلى مرحلة لم يستلبها المجتمع ولا الثقافة، مرحلة من الجنسيّة الطفليّة يجهل فيها الطّفل كلّ حياء، أو هو يبدي لذّة لا التباس فيها في كشف جسده؛ كما يقول علماء النفس. يقول سحيم في هذه القصص المنسوجة حول سيرته: كأنّ الصبيرياّت يوم لقيننا / ظباءٌ حنت أعناقهنّ المكانــــــــسُ فكم قد شققنا من رداء مزنّر / ومن برقع عن ناظر غير نــاعسِ إذا شقّ برد نيط بالبرد برقعٌ / على ذاك حتى كلنا غير لابـــسِ (الصّبيريّات نسبة إلى قبيلة. و»مكانس ج. مكنس: جحر الظّباء والوحش) إنّ الثّقافة بالمعنى الأنثُروبولوجي العميق، تستولي على الجسد وتستلبه بطرق ووسائل شتّى، لتجعل منه لغتها الخاصّة ولغة المجتمع الذي تنضوي إليه على نحو ما ينضوي إليها، لذلك فإنّ النّسوة اللاتي يصورهنّ سحيم وهنّ يتعابثن بشقّ الثيّاب ويتغالبن على إبداء محاسن الجسد ومفاتنه، لا يمزّقن مجرّد نسيج من الصّوف أو الجلد؛ على قدر ما يمزّقن أقنعة الثّقافة والضّوابط الاجتماعيّة التي تحول دون تحرّر الجسد وانطلاقه. ولعلّ سحيما هو أوّل شاعر عربي أشار إلى ما يمكن تسميته باحتفاليّة «التعرّي الجماعي»؛ حيث تعـبـّر الأجساد بلغة خرساء لغة العري والحركة عن طبائعها ورغائبها والعلائق المتبادلة بينها. وقد تبدو هذه الإشارة معزولة في سياق قصص الحبّ أو الغزليّة العربيّة، إلاّ أنّها ليست كذلك في الحقيقة، فلها جذور في أساطير العرب ومعتقداتهم وطقوسهم الدينيّة. فقد كان من عادة العرب قبل الإسلام أن يطوفوا بالبيت (الكعبة) عراة تحمّسا في الدّين. وقد قصر البعض هذا الطّقس على الرّجال دون النّساء، فالرّجل يطوف عاريا بينما المرأة تضع ثيابها كلّها الاّ درعا مفرّجا (مشقوقا من قداّم أو من خلف) تطوف فيه، بحيث يعبّر الثّوب عن رمزيّة اجتماعيّة عميقة الغور، فيستر ما يجب أن يستر من أعضاء الجسد ويكشف ما يجب أن يكشف منها. ولكنّ الجاحظ يشير في رسائله إلى أنّ المرأة كانت تستطيع أن تمارس هذا الطّقس الدّيني عارية. وقد عزّز ذلك بشواهد من أخبار العرب في الجاهليّة والإسلام. لكن إذا كان العري في المجتمع العربي قبل الإسلام، سلوكا يجسّم الانتقال من الحلّ إلى الحرم، أو من الدّنيوي إلى القدسي، فإنّ طرافة سحيم تكمن في نفي هذه الثنّائية بنقل القدسيّ إلى سياق الدّنيوي. ولا يقف تدنيس المحرّم في القصص المنسوبة إلى سحيم، وهي ليست سوى نصوص تفسّر شعره، عند حدود هذه الصّورة العارية، وإنّما يتخطّاها ليشمل ما أقرّه المجتمع واصطلح عليه، العرف. فسحيم مثله مثل عدد من شعراء عصره الذين ظلّوا منشدّين إلى الإرث الجاهليّ معرضين عن الدّيانة الجديدة، لا يحبس في نفسه مشاعر ولا يكظم أهواء. فإذا كانت المرأة تتجلّى في تجربة غيره جسدا مستسلما أو راغبا على تمنّـعه، فإنّها عند سحيم جسد فاعل، يستشعر العاشق لذّة في أن يكون موضوعا لرغبته، فإذا هي التي توسّد وتثني، وتحوي… والقصيدة كلّها وحدة فنيّة وصفيّة كاملة تنطوي على مقوّمات القصّ الجاهلي، وتتكشّف عن ملامح قصّة متعدّدة المشاهد أكثر مماّ هي متعدّدة المواضيع، تتظافر فيها ثلاثة أساليب سرديّة هي: الوقفة والثـّغرة والمشهد. وهي أساليب مطّردة في أكثر هذا القصص، تتّصل ببنية النّص الظّاهرة، ويمكن النّفاذ منها إلى بنيته المضمرة ومعاينة صورة الجسد المخفي ومن ثم الاستحواذ على بعض دلالاتها. إنّ الوصف هو محور الصّورة السّردية القائمة على «الوقفة» في الجمل المقصورة على وصف حالة المرأة أو أعضائها، ما عدا بعض الجمل الخاطفة فهي جزء من الصّورة المشهديّة. والوصف سكون أو زمن واقف، يتجلّى في الصّورة التي يضفيها الشاعر على المرأة. وهذه الصّورة تطّرد أو تكاد في مجمل شعر الحبّ عند العرب، حتّى ليمكن القول إنّها صورة لـ»بيضة الخدْر» في معلّقة امرئ القيس. جاء في هذه القصص أنّ سُحيما اشتراه رجل يقال لـه أبو معبد، وأنّه خرج في سفر، فتشوّق إلى ابنته، فكان يتمثّل بهذا البيت: عُميْرة َودّعْ إن تجهّزتَ غاديــا / كفى الشّيبُ والإسلامُ للمرء ناهيا فأكمل سُحيم القصيدة بما يزيد على مئة بيت، فمنها في التّشبيب بابنة مولاه، وهو ضرب من القصص الشّعري: فبتنا وسادانا إلى عَلَجــانةٍ / وحقْفٍ تهداه الرّياح تـــــــــهاديا توسّدني كفا وتثني بمعصــم / عليّ وتحوي رجلها من ورائيا وهبّت شمال آخر الليل قــرّة / ولا ثوب إلاّ بردها وردائيـــــا فما زال بُرْدي طيّبا من ثيابـها / إلى الحول حتّى أنهج البُرد باليا وتقول القصّة إنّ هذا المولى علم بذلك فـعرضه للبيع، ثمّ رقّ له وردّه. وأراد قومه قتله، فضنّ به ثمّ رفع أمره إلى الوالي، فضربه ثمانين جلدة. ولكنّه بقي على إصراره في التّشبيب بابنة سيّده، فما كان منه إلاّ أن أحرقه. وهذه لا شكّ رواية أخرى تخالف تلك التي تقول إنّ عمر بن الخطّاب أو عثمان بن عفّان هو الذي أمر بقتل سحيم. كاتب تونسي منصف الوهايبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
وسط الحراك السياسي والاجتماعي العربي أين تقف الموسيقى وما دورها الحالي والمقبل؟ كيف يمكن أن تعيد الموسيقى حضورها بعد أن أصبح الاهتمام بالثقافة ثانوياً؟ هل تحتمل شعوبنا وسط الموت والحروب والتهجير والنزوح شيئاً من الموسيقى؟ أسئلة كثيرة تشغلني ومعي ربما كل العاملين في مجال الإبداع، لا فقط الموسيقي. كلنا يعرف أن الفنون سريعة الضرر في الأزمات، وأيضاً آخر ما يتم تصليحه هو عالم الجمال، كونه يحتاج بيئة طبيعية وآمنة وصحية ليتحرك ومن ثم لينتعش. حسب تجربتي المتواضعة، نعم الموسيقى حاجة للإنسان في كل الأوقات، خاصة الحالكة منها، وربما تصبح أكثر ضرورة في الظروف الصعبة، كونها تلعب أكثر من دور في آن، فهي لترميم الروح ورفعها، وعلاج النفس، ومتعة السمع والفكر، ومساحة للإنسانية. لكن كيف يمكن تقديمها في الأزمات؟ كما أن الخطاب الفكري والصحافي والسياسي يتغير في الأزمات والحروب والثورات والأحداث الاستثنائية، كذلك الخطاب الثقافي ومنه الموسيقى، يحتاج إلى تعديل وتبديل في التعبير واستنهاض القوة الخفية داخل المبدع تجاه القضايا المعقدة، والتعبير عنها بحرية وجرأة ليصل العمل الموسيقي ويصبح نتاج زمانه ومتناسقا مع إيقاع الحياة من حوله، هذا في جانب، أما الدور الأساسي للموسيقى فهو أن تبقى تُمارس دورها الطبيعي والمعتاد بنوع المؤلفات، كما في الظروف الطبيعية، لأنها يفترض أن تخرج المرء من ضغط الأحداث إلى منطقة كانت ذاكرته قد ألفتها ولها فيها صور وذكريات. وهنا لا أقصد الغناء بل الموسيقى الآلية، كون الغناء يحتمل نصا من الممكن بسهولة أن يعبر عن مضمون الحدث. من تجارب الحياة التي عشناها وكان أغلبها حروبا، منذُ الثمانينيّات وحتى اليوم في العراق تحديداً، وفي السنوات الخمس الماضية في دول عربية عديدة وفلسطين في حربها المقدسة والمتواصلة ضد الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من خمسين عاماً، كانت الموسيقى حاضرة متى بحثت عنها، وحاضرة إذا بادر شخص لقيادتها وسرعان ما تجد عدداً من المؤلفين لديهم الاستعداد والرغبة والمقدرة على كتابة أعمال تتناول الراهن الذي يعايشونه، ولديهم الرغبة الكبيرة في التعبير عنه. وتجارب العراق ومصر وفلسطين ولبنان وسوريا كلها، تناولتها تجارب الموسيقيين وكُتبت الأعمال الجيدة عنها من مواطنيها، أو من آخرين، لكن كون الموسيقى الآلية لها جمهور خاص لم يصل من ذلك النتاج إلا القليل للجماهير العريضة، عكس الأغنية التي بسهولة فهمها وخطابها تصل لشرائح أكبر من المجتمع. في الأزمات والحروب، ووسط الموت عندما يصبح حاضرا في كل لحظة، تختلف طباع المتلقين، أو ربما تنزاح وربما تحتاج إلى دفعات موسيقية مختلفة. ففي يوم عادي قد يستيقظ أحدهم على صوت فيروز التي تفتح له الصباح وتحضر الشمس إلى وسادته وتوقظه، وقد يكون معتادا لسنوات طويلة على فيروز مع القهوة. في الحروب تختلف الحاجة أحيانا، يصبح صوت فيروز أكثر حنانا من اللحظة، فجأة نجد فيروز قد أصبحت في درج مقفل بإحكام، فيما احتلت مكانها الأثير موسيقى مختلفة تماما، تصبح فيروز حنينا قديما في مستودع الذاكرة، ويتردد الشخص نفسه مرات ومرات وهو يفكر بأن يفتح درج فيروز ويجلس معها في قهوة على المفرق، يقرأ فنجانها وينادي شادي البعيد. عبر صفحات التواصل الاجتماعي كنت ألحظ هذا التغير في الأمزجة العامة لمحبي الموسيقى، لم تختلف الذائقة، لكن الطبع هو الذي اختلف، أو أن اللحظة هي التي فرضت الاختلاف. أحيانا يشعر المرء بأن هناك موسيقى على رقيها لا تليق بالموت، وهذا الشعور يأتي من التربية، وهو شعور لو حاولنا أن نفهمه ونعالجه لاكتشفنا أن على الأشخاص الذين يحبون صوت عمل موسيقي ما في الصباح أو في وقت معين ومحدد، يصرون على العمل نفسه في أوقات الأزمات، ولكن كنوع من التأزيم الذاتي والاستغراق أكثر. في غياهب الموت نخبئ ما نحب في الدرج ونخاف أن نفتحه لا لأننا لا نريد، بل ربما لأن لحظتنا معها قد يعكر صفوها متلصص ما، يرى أن الموت يحيط بِنَا في ما نحن مستغرقون بلحظات السماع، لأن الحالة قد لا تسمح بذلك، لكن روحك تُلِّح بشوق للعمل نفسه. أظن أن خوفنا من الآخر، خوفنا من أن نُفهم بشكل خاطئ هو الذي يحكم أدراج الموسيقى في حياتنا. هذا الخوف أيضا هو الحاجز الذي نضعه كل صباح بيننا وبين ما نريد ليومنا أن يمضي وفقه. في صفحات التواصل الاجتماعي تراجعت أنواع كثيرة من الموسيقى وحلت محلها أنواع أخرى، جاءت موسيقى مختلفة راقية أيضا، لكنها تصلح للمتلصصين وتصلح كي نفتح صفحاتنا أمام الضيوف، قد يكون مزاجك أن تضع عملاً موسيقياً عظيماً، ولكن خوفك من رد فعل أصدقائك على الإنترنت يدفعك لوضع عمل آخر يناسب الحدث العام ولكنه لا يشبه رغبتك أو ذوقك أو ما تحب في تلك اللحظة. أدعوكم للبحث عما يشبهكم من الموسيقى وتبنيها، ووضع برنامج لسماعها، واجعلوا الموسيقى تمثلكم أمام أصدقائكم عندما تنشرون شيئاً منها، لأنها تصبح أحياناً مرآة عاكسة للروح الصافية المتصالحة مع الجسد الذي يحملها والعقل الذي يحركها. وقل لي ما تسمع أقل لك من أنت. موسيقي عراقي نصير شمه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: الكلّ منهمك في إبادة المدنيين! ونشرة القدس العربي اليومية الجمعة 14 أغسطس 2015 - 19:22
القاهرة ـ «القدس العربي» من: الحر ونتائجه التي أدت إلى وفاة عشر ات المواطنين كان الموضوع الأكثر إثارة لاهتمامات الأغلبية، بل وتأثيرا على الحملات الانتخابية، لدرجة أن زميلنا الرسام في «الأخبار» أحمد عبد النعيم، أخبرنا أمس الخميس أنه حضر مؤتمرا انتخابيا لأحد المرشحين في دائرته وسمعه يتعهد لأبناء الدائرة بالآتي: - أوعدكم لو نجحت في الانتخابات مش ح تحسوا بالحر أبدا لأني راجل بارد. وبخلاف وعود هذا المرشح الوردية، فإن وزير الكهرباء أبدى شماتة أو فرحة مفاجئة بسبب موجة الحر، إذ توعد مستهلكي الكهرباء بفواتير نار سيدفعونها لوزارته. والموضوع الثاني الذي اجتذب الاهتمام كان بدء أعمال المرحلة الثانية لقبول التنسيق في الجامعات، وتراجع الاهتمام كثيرا بالمشروعات العملاقة التي يتم الإعلان عنها في شرق بورسعيد في سيناء، مع ملاحظة أنه في سيناء كانت مدينة بورتوفيق تتبع محافظة بورسعيد، ولكن بسبب عدم وجود ظهير لها زراعي أو صحراوي مثل كل المحافظات، فقد تم ضم مساحة كبيرة شرق القناة في سيناء إليها، ومع ذلك فقد لفت انتباهي إعلان في إحدى الصحف المصرية يوم الثلاثاء لأحد المستشفيات الخاصة الكبرى، جاء فيه، «بمناسبة افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة «مصر بتفرح»، عرض خاص على جراحة القلب المفتوح للشرايين التاجية وصمامات القلب، بخمسة وأربعين ألف جنيه فقط، هذا العرض سار حتى 31 أغسطس/آب» . واهتمت الصحف المصرية كذلك بجنازة الفنان الراحل نور الشريف، وذبح جماعة أنصار بيت المقدس الرهينة الكرواتي، وتوعدت الشرطة الإخوان المسلمين بأنهم سيواجهون منها ما لا يمكن توقعه، إذا خرجوا اليوم الجمعة في الذكرى الثانية لفض اعتصام رابعة. كما أصدرت وزارة الداخلية قرارا بإحالة أمين شرطة في محطة مترو دار السلام إلى التفتيش القضائي، بعد واقعة تصويره وهو يصفع مواطنا على قفاه، وتابعت بعض الصحف الإفراج عن صديقنا المهندس أبو العلا ماضي بعد انتهاء مدة احتجازه وتصريحه لزميلنا عبد الوهاب ربيع في جريدة «التحرير» بأنه سيعود إلى ممارسة منصبه رئيسا لحزب الوسط، ولكنه سيعطي معظم الوقت لأفراد أسرته. وإلى بعض مما عندنا…. المصريون أحبوا وطنية عبد الناصر ولم يحبوا نظامه ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على افتتاح قناة السويس الجديدة، وبدء المرور فيها، وزيادة أعداد وحمولات السفن، والإعلان عن البدء الفوري في سلسلة مشروعات أخرى ستنفذها هيئة قناة السويس والهيئة الهندسية للقوات المسلحة شرق القناة أي في سيناء، بعضها ضخم، بالإضافة للمشروعات الأخرى في محور قناة السويس التي بدأ الرئيس السيسي مناقشتها لإشراك دول ومستثمرين عرب وأجانب فيها. ولذلك وجدنا أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة يقول يوم الاثنين في عموده اليومي «وجهة نظر» في جريدة «التحرير»: «لو كان السيسي مهموما بذاته، أي بمجده الشخصي فقط، لتمنى أن تكون نهاية علاقته بالسلطة شبيهه بعبد الناصر، الذي ما زالت ذكراه العطرة تغمر الملايين، رغم مسؤوليته المباشرة عن هزيمة 1967. أما إذا كان مهموما بمصر ومستقبلها فمن الطبيعي أن يفكر بطريقة مختلفة تضمن لمصر الاستقرار من بعده، فالشعب المصري أحب في عبد الناصر وطنيته التي جسدتها إنجازات داخلية وخارجية ضخمة لا مجال لتفصيلها هنا، لكنه لم يحب بالضرورة نظامه الذي أفرز السادات الذي جري اغتياله، ومبارك الذي اندلعت ثورة للإطاحة به. لذا يتعين على السيسي أن يهتم بتأسيس نظام سياسي قابل للدوام والاستقرار أكثر من اهتمامه بتحقيق إنجازات سهلة قد يعصف بها من يأتي بعده، معيار وطنية أي حاكم لم تعد تقاس اليوم بما يحققه من قفزات سريعة أو من إنجازات طموحة ولكن بقدرته على حماية ما تحقق من قفزات أو إنجازات بعد رحيله، وهو ما نفتقده في مصر منذ أكثر من قرنين». أين دولة القانون التي يتشدق بها الجميع؟ وإذا تركنا نافعة في «التحرير» وذهبنا إلى «المصري اليوم» في يوم الأربعاء فسنجد صاحبها رجل الأعمال صلاح دياب، الذي يكتب عمودا يوميا بتوقيع نيوتن يتحدث لنا عن القانون قائلا: إذا طُبِّق القانون في دولة على الجميع بلا استثناءات تحققت العدالة. فقط الدولة التي يسود فيها القانون على الكبير والصغير، هي دولة تحققت فيها المدنية. وبالقانون أعني قانون المرور. قانون المظاهرات. النشر. الآداب العامة… كل هذا. القانون هدفه أولاً وأخيراً خدمة المواطن وتحقيق مصلحته. أين دولة القانون التي يتشدق بها الجميع؟ إذا استحدثت في مصر ظاهرة ما. تحقق فيها العرض والطلب. فعلى الدولة تنظيمها. وتقنينها بما لا يضر بمقدم الخدمة ولا المستفيد منها.. وبما يفيد المواطن بصفة عامة. حتى العربات التي تُدفع باليد لتعرض غذاءً. فول. ذرة مشوية. أي نوع من المأكولات… إلى آخره. طالما عليها طلب من المواطنين، على الدولة فوراً عدم تجاهل هذا. تحدد لهم مكاناً يعرضون فيه بضاعتهم، لتكن ناصية لا تعطل المرور، عليها مراقبة المعايير الصحية من دون ابتزاز، بالتوجيه وحسن المعاملة. من المعروف أن الحاجة الأهلية دائماً توفر حلولاً لكل مشاكلها. لذلك اخترعت الميكروباصات كوسيلة للمواصلات، هي الآن تتجاوز 65٪ من مواصلات الأهالي. على الدولة أن تنظم لها محطات للوقوف. أماكن للانتظار. حماية من الجباية والابتزاز. التأكد من قدرات السائقين. التأكد من حالة الميكروباص ذاته. لا تحاربه بل تيسر تقديم خدمته على أكمل وجه. هذا ينطبق أيضاً على التوك توك، الذي لم يعترف به غير الرئيس السابق مرسي في جولاته الانتخابية. لم يتم عمل التراخيص اللازمة له، تُرك ليسرح في الشوارع كالحيوانات المجهولة النوع. لم تحدد له أماكن واضحة للسير، يراعى فيها الانتقال من العشوائيات إلى المستشفى القريب إذا اقتضت الحالة، إنقاذاً لحياة مريض مثلاً وهكذا. القوانين والنظم لم توجد لتعذيب الناس، هي وُجدت لتيسير حال الناس. يجب ألا تغيب. يجب ألا تتأخر. يجب أن تسير بسرعة ولادة أي ظاهرة أهلية. هنا فقط تكون الدولة في خدمة الشعب». الدكتوراه الفخرية لإبداء كرم الضيافة وفي العدد نفسه من «المصري اليوم» نقرأ لحسن حنفي الكاتب فيها مقالا في شأن آخر لا يقل أهمية عن القانون وهو قضية الدكتوراه الفخرية التي تُعطى هنا وهناك بقرارات إدارية ولأهداف أخرى غير علمية يقول: «بقدر ما كثرت زيارات الفنانين لمصر بقدر ما وزعت عليهم الدكتوراه الفخرية، تحية للضيوف وكرم الضيافة. وعادة ما يكون هذا الكرم في حفل، قاعة كبرى للجامعة، تحدث فيها من قبل مشاهير الزعماء مثل محمد نجيب وعبدالناصر. ويكثر العطاء عندما تريد الدولة أو الجامعة انفتاحاً على الخارج عن طريق دعوة المشاهير مثل نيلسون مانديلا، وأن يظهر ذلك في أجهزة الإعلام المحلية والعالمية. ويرتدي الأساتذة الأرواب الجامعية، ويقفون في طابور طويل كي يسير الضيف بينهم وهم على الصفين. وتُطلق إحدى وعشرون طلقة لمزيد من الحفاوة، والربط بين القلم والسيف مما يثبت معه أن الدولة مفتوحة الحدود، مقبولة الرؤساء، تتعامل مع غيرها من الدول على مستوى العلم والعلماء. وما يحدث فى الواقع هو إعطاء الدكتوراه الفخرية للفنانين، ممثلين ومغنين، نجوماً عند الجماهير، ثم تختم الدولة هذه النجومية بخاتمها وهو الدكتوراه الفخرية، فيسير العلم في ركب السياسة ويخرج من أسوار الجامعة إلى صالات التمثيل والغناء حتى لو كان المؤدون من الشباب، ومن يسلم الدكتوراه الفخرية من شيوخ الجامعة من دون حرج. وما أبعد الشقة بين الدكتوراه والفنان، فالدكتوراه تحتاج إلى سهر وعرق وتعب وبحث عن المراجع. وتنتهي بمناقشة علنية ونقد علمي أمام الجميع. والفنان الشاب الهندى أو غيره لم يعرف إلا الضحك والمناورة، والاعتماد على الموهبة التي تصل أحياناً إلى الذكاء العملي الذي يصل أحياناً إلى «الحداقة» و«الفهلوة»، بما في ذلك جمال الوجه ورشاقة الجسد. وتعطى الدكتوراه الفخرية من مشاهير الجامعات والمدارس العليا للفن، فيزداد الفنان شهرة على شهرة، وتنال الجامعة والدولة شهرة بهذا العطاء. والجامعة تغوص في أعماق التاريخ. والفنان على علم بالحداثة، فيجتمع الاثنان معاً، القديم والجديد، فتولد عبقرية الفنان. وبهذا الفعل يقل في الحقيقة شأن الجامعة الواهبة، وتقل أهمية درجاتها العلمية مادامت تُعطى هنا وهناك بقرارات إدارية ولأهداف أخرى غير علمية، وفي مقدمتها السياسية، وتقلل من شأن تخصصاتها. إن إلقاء محاضرة تذكارية في قاعة الاحتفالات الكبرى في الجامعة تحتوي على أهم الأفكار التي من أجلها يُعطى صاحبها الدكتوراه الفخرية أفضل ألف مرة من إعلان شفاهي لا يذكره أحد. الدكتوراه الفخرية إذن ليست فخراً لأحد لا لواهبها ولا لحاملها، إنما فقط للمجتمع الذي يتم التعامل بها فيه. هو نوع من التظاهر على الرغم من إبطال التظاهرات». أجمل ملكات مصر «نفرتيتي» حبشية الأصل ومن «المصري اليوم» إلى زميلنا وصديقنا في «الأخبار» الأديب جمال الغيطاني الذي أثار يوم الثلاثاء في عموده اليومي «نقطة عبور» قضية أخرى مختلفة عن أوبرا عايدة التي تم تقديم فصل منها في الاحتفال بالافتتاح قال: « صديقة عزيزة اتصلت بي يوم الخميس ليلا وسألتني جزعة، هل جرى شيء لم يعلن عنه؟ سألتها. لماذا؟ قالت إن الرئيس يبدو مكفهر الملامح على غير ما بدا فوق المحروسة وبين ضيوفه أثناء افتتاح القناة، سارعت إلى التلفزيون بعد أن مكثت أمامه خمس ساعات، وعندما بدأ عرض الفصل الأخير من أوبرا «عايدة» أدركت فجاجة الاختيار وسوء التقدير، لأنني أعرف المشهد الأخير المهين لإثيوبيا ولأفريقيا كلها. وهنا يجب التأكيد على أن هذا ليس إبداعا مصريا، هذا تلفيق مدفوع الأجر مقدما إلى موسيقار إيطالي لا يعرف شيئا عن علاقات مصر بأفريقيا وبالحبشة خصوصا. لا يعرف أن أجمل ملكات مصر «نفرتيتي» حبشية الأصل. وفي تقديري أن هذا المشهد يزيف التاريخ. وربما كان الخديوي نفسه وراء الفكرة، فقد شن حربا على الحبشة وهزمت الحملة العسكرية المصرية هزيمة منكرة. وكان أحد الضباط أحمد عرابي، وكما حدث في حرب فلسطين 1948. وخلال حصار الفالوجة، أدرك الضباط الوطنيون أن التغيير يجب أن يبدأ من القاهرة فكانت ثورة 1952. عاد أحمد عرابي وعلي الروبي والبارودي ليقودوا ثورة ضد سيطرة العناصر الشركسية، وبدأت أحداث الثورة العرابية، أي أن أوبرا عايدة تزيف التاريخ ومارش النصر الذي يعد أشهر مقطوعاتها لا أساس تاريخيا للحدث الذي يعبر عنه، عدت إلى شاشة التلفزيون لأرى ملامح الرئيس غير ما كانت عليه وهو يقف فوق المحروسة، ليس لدي معلومات، ولكنني أقرأ المشهد من موقعي كمواطن يتابع، ويمكنني القول إن الرئيس اكتشف الكارثة السياسية والأخلاقية والفنية أثناء عرضها. فلنتصور الوضع قادة افريقيا يجيئون لمشاركة مصر في حدث تاريخي وبينهم رئيس وزراء إثيوبيا، فيشاهدون عرضا فنيا للأسطي فردي (لقب الأسطى ليس من عندي لكنه الوصف الذي كتب في بطاقات الدعوة لمشاهدة العرض الذي لم يتم في افتتاح القناة زمن الخديوي)، يرون الأفارقة، خاصة الأحباش عبيدا مكبلين أسرى تحت أقدام المصريين. وبالمناسبة هذا تزييف للتاريخ مرة أخرى، لقد حكم مصر فرعون حبشي في نهاية الحضارة المصرية. لابد أن الرئيس فوجئ. هذا المشهد الذي يعتبر عرضه غير لائق يهدد أهم ما يقوم به في قضايا الأمن القومي. إذ يحاول جاهدا التأسيس لعلاقة جديدة مع افريقياعامة والحبشة خاصة، هذا يعني أن زيارات سامح شكري والوفود الشعبية ورجال الأعمال وجهود السفارة المصرية التي يقود فريق العمل فيها سفير مقتدر – محمد ادريس – ربما تذروها الرياح، أتمنى ألا تكون هناك تداعيات لهذا الخطأ الجسيم، هنا ملاحظة، في مثل هذه المناسبات التاريخية التي يندر تكرارها. يجب ألا ينفرد شخص واحد بتقرير ما سيذاع أو يقدم. لابد من لجنة علمية تضم خبرات علمية وتاريخية وثقافية. لو أن مدير الأوبرا مد بصره قليلا خارج المؤسسة المسؤول عنها لرأى على سبيل المثال العرض الفني الرفيع الذي يقدمه الفنان انتصار عبدالفتاح بعنوان «رسالة سلام» وفيه يقف الشمامسة الأقباط إلى جانب منشدين مسلمين من شتي أقطار العالم، شيعة وسنة، من أندونيسيا إلى بروكلين، وممثلي كنائس شرقية وغربية ينشدون للمحبة والسلام. رأيت هذا العرض في مصر ومراكش وفرنسا وأعرف جيدا تأثيره الإيجابي. كان أحد العروض المناسبة جدا لحفل افتتاح القناة. لكن ما العمل إزاء قصور الرؤية وانعدام الحس السياسي والثقافي عند بعض المسؤولين في وزارة الثقافة وربما أيضا.. سوء النية». إبراهيم القرضاوي: أيها الإعلاميون اتقوا الله ونبقى في يوم الأربعاء ولكن في جريدة «الوفد» التي بكى فيها الوفدي إبراهيم القرضاوي بمرارة، لأنه لم يتم وضع صورة الرئيس الأسبق حسني مبارك على جدارية القناة الجديدة بجوار صور عبد الناصر والسادات والسيسي، وقال بعد أن جفف دمعة وترك الثانية كما هي متوعدا الناصريين بعذاب أليم في سقر يوم القيامة: «إنني على يقين من أن السادات بل وخليفته حسني مبارك، رغم الكثير من سلبياته أعلى هامة وقامة من جمال عبد الناصر. إن سر كراهية الشيوعيين والناصريين ومن على شاكلتهم لحسني مبارك ليس أبدا كما يدعون لإتاحته زواج السلطة برجال الأعمال، فهم أشد فسادا وإفسادا، وإنما لسبب رئيسي دفين هو مسيرته وسره على خط وخطى السادات، هذه هي الحقيقة بلا أي قناع زائف. إن أحدا من المصريين لا يوافق على بقاء حاكم مدى الحياة أو توريث منصبه، ولكن لم تكن هذه هي الأسباب الحقيقية لغضب الناصريين. لستم بحاجة إلى تذكيركم بيوم القيامة فلن يكون معكم إلا أعمالكم تزينها شهادة الحق أو تمحقها آيات التدليس والزور. أيها الإعلاميون اتقوا الله أنه جل جلاله وتقدست أسماؤه وآلاؤه لعن الزور قولا وفعلا وأنزل المزورين في كل زمان ومكان قاع سقر». التنطع باسم الدين أما زميلنا الناصري في «الأخبار» نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف فقد قال في عموده اليومي «في الصميم» ردا على فتوى من بعض مشايخ جمعية الدعوة السلفية بأنه على من اشترى شهادات قناة السويس أن يتبرعوا بفوائدها للدولة، لأن الفوائد حرام شرعا قال جلال: «آخر تلك المحاولات جاءت عن طريق التنطع باسم الدين، والزعم بان أرباح شهادات الاستثمار التي مولت مشروع القناة حرام. علماء الإسلام الحقيقيون حسموا القضية مرارا وتكرار لكن الغرض مرض كما يقولون، والتنطع هنا لا يستهدف وجه الله ولا صحيح الدين، وإنما يريد أن يغلق أبواب التنمية الوطنية بأيدي المصريين وأموالهم كي يسلكوا الطريق الآخر الذي لم يحقق شيئا لدول عديدة اعتمدت على الاستثمار الأجنبي والمعونات الخارجية وحدها، فكانت النتيجة سلبية من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية». الشيخ أحمد كريمة: المرجعية القانونية والدستورية للفتوى هي الأزهر وفي حقيقة الأمر فإن الضجة التي قامت بعد أن قال أحمد شاكر من جمعية الدعوة السلفية إن فوائد شهادات قناة السويس ربا، ثم قال نائب رئيس الجمعية ياسر برهامي إنه يقترح أن يتبرع أصحاب الشهادات بالفوائد للدولة ولا يصرفونها لأنها ربا هذه الضجة لم يكن لها مبرر بالمرة، وتبادل الاتهامات بشأنها وتصوير الأمر وكأنه مؤامرة، لأن الأمر أبسط من ذلك، والدليل أنها تلاشت بسرعة. وقد شاهدت مساء الأحد على قناة «صدى البلد» في برنامج «على مسؤوليتي» الذي يقدمه زميلنا وصديقنا أحمد موسى، ما أثير عن هذه القضية، وكان موسى قد استضاف الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور الشيخ أحمد محمود كريمة وأستاذ الاقتصاد الدكتور صلاح جودة، حيث أكد الشيخ كريمة أن المرجعية القانونية والدستورية للفتوى هي الأزهر، لا لهؤلاء. وأن فوائد الشهادات حلال، لكنه نسي أن مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر عام 1965 أيام حكم خالد الذكر أصدر فتوى بتحريم الفائدة الثابتة على الودائع في البنوك، وكتبنا أكثر من مرة عن هذا الموضوع وقلنا إن رد النظام كان متجاوبا إلى حد ما للتوفيق بين من أيدوا الفوائد الثابتة ومن عارضوها من المشايخ، وهي قضية قديمة منذ عام 1900 عندما بدأت تظهر الدعوات لتأسيس بنوك، وكان أول وأبرز من دافع عن صرف فوائد ثابتة على الودائع، المجدد الشيخ محمد عبده، لأنها ليست ربا، المهم أن الدولة أنشأت فروعا في بنك مصر للمعاملات الإسلامية لمن يريد نقل او وضع ودائعه فيها، حيث النظام الإسلامي القائم على المرابحة، لكن الناس فضلوا الحصول على الفوائد الثابتة ولم يستمعوا لفتوى الأزهر، رغم أن شيخ الأزهر المرحوم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق جددها واعتبر الفوائد الثابتة ربا، بينما المفتي وقتها وشيخ الأزهر في ما بعد الدكتور محمد سيد طنطاوي لم يعتبرها ربا، أي أن ما قاله برهامي وغيره من أعضاء جمعية الدعوة السلفية لا جديد فيه ولا هو مؤامرة أو غيره، بل إنني أرى أن هذه الفتوى لصالح النظام، لأن التنازل عن فائدة الاثني عشر في المئة سنويا للدولة تخفيف للعبء عليها، والتبرع بها للفقراء فيه فائدة أيضا. والمشكلة أن معظم قرض الستة والستين مليار جنيه جاء من البنوك المصرية لا الأفراد الذين لم تتجاوز مساهمتهم مبلغ ستة وعشرين مليا». مصلحة مصر فوق الجميع وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء وبدأها يوم الثلاثاء زميلنا في «الأخبار» المسائي اليومية الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم ماجد علي بقوله: «رفضت القاهرة طلب بعض الشركات المصرية استيراد الغاز الطبيعي من إيران، وعللت مصادر الرفض ذلك بموقف إيران، ودعمها للحوثيين وتدخلها في شأن الخليج العربي ودعمها لحماس ومحاولة إيران إحياء الحلم الفارسي بالسيطرة على الشرق. ورفض استيراد الغاز الإيراني هو رفض سياسي في المقام الأول وليس رفضا اقتصاديا يرتكز على لغة المصالح والحسابات الاقتصادية، ففي الوقت الذي يصل فيه سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي عالميا ثلاثة عشر دولارا أمريكيا فإن سعر هذه الوحدة من الغاز الإيراني لا يزيد عن سبعة دولارات وهو ما يجعل التوفير في حالة الاستيراد من إيران نحو 50٪ في فاتورة استيراد الغاز من دول أخرى، لغة المصالح تقود إلى ضرورة أن تدرس مصر إمكانية استيراد الغاز الطبيعي من إيران، ولم لا ومصر كانت تتعامل مع إسرائيل وتصدر إليها الغاز المصري، رغم أن تل أبيب هي العدو الأول للدولة المصرية. صحيح أن الدنيا قامت ولم تقعد لرفض الموقف المصري في هذا الشأن وأوقفت مصر ضخ الغاز إلى إسرائيل لكن إيران ليست إسرائيل، رغم عدم تغييب الخطر الإيراني ومحاولات فرض المثلث الشيعي في المنطقة، لكن استيراد الغاز من إيران هو عملية تجارية بحتة تحقق وفرا 50٪ وكله في صالح الميزان التجاري وميزان المدفوعات المصري فلو كانت هناك ضغوط على مصر من جانب قوى عربية أو خليجية في المنطقة فإن القاهرة يمكن أن تلعب وتناور بهذا الملف «ملف الغاز»، لتحقق مكاسب اقتصادية تصب في النهاية في صالح خفض عجز الموازنة وتحسين ميزان المدفوعات، لكن تبقى مصلحة مصر فوق الجميع». أغراض شخصية تكمن وراء انتقادات البعض وفي اليوم التالي أي الأربعاء خاضت زميلتنا الجميلة أمينة النقاش رئيسة تحرير صحيفة «الأهالي» لسان حال حزب التجمع اليساري، معركة ضد الاشتراكيين الثوريين وأشباههم من المتطرفين بقولها في عمودها «ضد التيار»: «من أكثر الآراء لفتا للانتباه في الكتابات الصحافية ومناقشات الفضائيات وحوارات الندوات والمنتديات السياسية تلك التي تحمل مظلومية دائمة من الوضع السياسي الراهن، لا تنسب إليه أي فضيلة، ولا تعترف له بأي إنجاز، وتسوق خلال ذلك نقدا قد يبدو موضوعيا لأحوال مائلة بالفعل، لكنها تفشل في التستر على الأغراض الشخصية التي ينطوي عليها هذا النقد. ولا يكف هؤلاء عن افتعال المعارك مع ما يسمونه المكارثية، التي تتشكل في مصر، وانسداد أفق الطريق الديمقراطي نهائيا، والحرب الممتدة التي يقودها السيسي على الشعب المصري وثورته، والفاشية العسكرية إلى تحكم مصر والقوانين التي تصدر من دون ضرورة لها واعتقال شباب الثورة والإفراج عمن ثاروا عليهم، وغير ذلك من الصراخ الأجوف والترهات التي تبدو من حيث الشكل في منتهى اليسارية، هؤلاء يظنون أنهم اشتراكيون ثوريون، لكن قائد الثورة الروسية لينين وصفهم هم وأمثالهم بتجمع سياسي نموذجي للبوراجوزية الصغيرة المتفسخة طبقيا، وأوضحت الأدبيات الماركسية أنهم قليلو الوعي عديمو الخبرة، مؤكدة أننا حين نذهب إلى أقصى اليمين فسوف نجد هناك أقصى اليسار». مقالات «يا حلاوتك يا جمالك» أما في «المصري اليوم» في يوم الأربعاء ذاته، فكانت معركة خفيف الظل رامي جلال وهو ابن زميلنا الراحل الساخر والكاتب جلال عامر ضد نوعية أخرى من الإعلاميين فقال عنها: «هناك صحف في مصر يُعد الكُتاب فيها بالمئات (بجد) وهذا الإغراق يعوق لمعان المميز، فى ظل عشرات المقالات التي بلا لزوم، فكيف تُكتب تلك المقالات؟ هناك نوعية من المقالات تسمى «الرايجة الكدابة» وهي التي يتفهم كاتبها اتجاهات مواقع التواصل الاجتماعي فيسبح مع التيار ليصفق له البعض. وهناك نوع آخر اسمه مقالات «يا حلاوتك يا جمالك» وهي التي تختص مسؤولا أو مؤسسة بوصلة غزل صريح وغراميات وشوقيات للكبار فقط. ونوع ثالث اسمه «جرحوني وقفلوا الأجزخانات» وهو الذي يحكي فيه الكاتب عن مشكلة حدثت له أو خناقة قام بها مع أحدهم، من دون أي ربط للخاص بالعام، وهناك مقالات «عميقة جداً» يستخدم كاتبها مجموعة مصطلحات معقدة من معارف متعددة ويبدأ في تركيبها معاً في عملية تقنية قد يقوم بها أي طفل يحب لعبة «الميكانو»، وستفاجأ إذا حاولت إعادة صياغة المكتوب إلى لغة طبيعية، بأنه كمكعب الثلج الصغير تحت شمس أغسطس/آب الحارقة. بعض المقالات عبارة عن وصلات ردح أو كلام حماسي إنشائي «المقال المتنكر»، هو قمة الإعجاز المقالي، لأنه ليس مقالاً لكنه «بيعمل نفسه» مقال ببراعة شديدة، فأنت لن تجد فيه فكرة جديدة أو معلومة طريفة أو أسلوبا رشيقا أو بيانا صحيحا أو وجهة نظر مميزة أو تحليلا منهجيا أو حتى تسلية ما. هو كائن حي له بداية ووسط ونهاية، ويفيد كثيراً في ملء الصحف». لم يعد هناك فرق بين الإعلاميين والطبالين صحيح من قال ذلك الشبل من ذاك الأسد لم يكذب، ونظل في «المصري اليوم» لنكون مع زميلنا وصديقنا محمد أمين ومعركة أخرى خاضها في عموده اليومي «على فين»: «يستحق الإعلام صفرا مربعا في تغطية افتتاح قناة السويس، معذور هذا الجمهور حين يصف الإعلاميين بالمطبلاتية، لم يعد هناك فرق بين الإعلاميين والطبالين، هكذا يرى كثيرون الآن وأصبح الإعلام ينوب عن مجلس شعب كان يصفق فقط ويوافق فقط. الرأي الآخر أصبح نادرا او أصبح شتيمة، كانت هناك مئات الكاميرات، صورة الرئيس هي رقم واحد صورة الحاضرين رقم ألف، صورة القادمين من المحافظات كانت محظورة. تسع محطات قدمت بثا مشتركا لكنها قدمت «هلولة» فقط كل واحد قال كلمتين فارغين لا قدم تحليلا ولا قدم معلومات لا عرفنا جديدا من التغطية ولا رأينا طرائف ولا نقوا لنا كواليس، فهل هذا إعلام مهني ألا يستحق صفرا كبيرا؟ الفضائيات التي ذهبت للتغطية ذهبت لتجامل الرئاسة لم تضع المهنة في اعتبارها». مأساة أن تكون مصر ضعيفة أمام الغزو الوهابي وتنتهي رحلتنا مع المعارك المتنوعة في جريدة «المقال» يوم الأربعاء أيضا مع رئيس مجلس إدارتها وتحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى الذي حاول أن يتراجع عن دمجه ما بين النظام السعودي وسياساته وما بين الوهابية فقال: «الوهابية أصل الإرهاب وجذره وفصله ليس في ذلك شك، الغلو والتطرف وضيق الأفق والتزمت والتنطع هي سمات رئيسية لهذا الفكر الصحراوي البدوي، الذي انتشر بأموال النفطيين في أرجاء مصر منذ السبعينيات، عن طريق السلفيين الذين عاثوا في عقل مصر تخريبا، دعنا أولا نفرق بين موقفنا الرافض للوهابية ونضعها في صف الخطر الرهيب على الأمة العربية والعالم الإسلامي، بل الإنسانية جمعاء، وبين الشعب السعودي الذي هو في قرة أعيننا كما كل شعوبنا العربية، ونستطيع أن نميز بين الوهابية والحكومة السعودية. نحن نختلف مع سياسة هذه الحكومة وهو حق طبيعي لنا، وهو أحيانا واجب علينا، لكن لا يجب أن يخصم هذا أبدا من احترامنا لموقفها الرائع مع مصر في الثلاثين من يونيو/حزيران. هذه الحكومة رغم التزامها الوهابي فإنها تعاني من ضغوط تطرف الوهابيين وابتزازهم كهيئات دينية ووعاظ وجمعيات وممولين، انتهينا من التمييز تعال إذن إلى مأساة أن تكون مصر ضعيفة أمام الغزو الوهابي لاعتبارات المنح والدعم السعودي، وهو أمر شديد الوطأة على الكبرياء المصري، ثم أنه المسؤول عن انتشار التسلف ثم التطرف ثم الإرهاب في مصر». الفتاوى وأخيرا إلى الفتوى من «اللواء الإسلامي» من صفحة «أنت تسأل والإسلام يجيب» التي يشرف عليها زميلنا عبد العزيز عبد الحليم، فقد أرسلت زينب محمد كمال رشاد من الجيزة تسأل: - بالنسبة للذين يوصون أن تقرأ الفاتحة لروح النبي «صلى الله عليه وسلم « عند قبره فهل هذه الوصية صحيحة؟ ورد على سؤالها الشيخ علي الطهطاوي رئيس جمعية أهل القرآن والسنة قائلا: هذه الوصية لا يلزم تنفيذها لأنها وصية بأمر غير مشروع فالنبي «صلى الله عليه وسلم « لا يشرع أن يعبد الله ثم يجعل ثواب العبادة للرسول «صلى الله عليه وسلم « لأن هذا لو كان مشروعا لكان أسبق الناس إليه الصحابة «رضي الله عنهم»، ولأن النبي «صلى الله عليه وسلم « لا يحتاج لمثل هذا فإنه ما من إنسان يعمل عملا صالحا إلا كان للنبي «صلى الله عليه وسلم « مثل أجره، لأنه هو الذي دل على الخير والدال على الخير كفاعله، وأنا سمعت ناعقا ينعق ويقول الفاتحة زيادة في شرف النبي «عليه الصلاة والسلام»، وهذا القول هو خطأ في حق النبي «عليه الصلاة والسلام»، ولو كان يفهم ما قاله لأن في اللغة أن الزيادة تأتي بعد النقصان، فكأن الفاتحة هذه تزيد من شرفه «عليه الصلاة والسلام» وهذا عيب فظيع في حق النبي «عليه الصلاة والسلام» وأنا اتحدى أي عالم على وجه الأرض يثبت لي أن النبي «عليه الصلاة والسلام» قرأ قرآنا لميت، وكانت السيدة خديجة «رضي الله عنها» أحب المخلوقات إلى قلبه «عليه الصلاة والسلام» فلو كان القرآن الكريم ينفع الميت لكانت هي أولى. حسنين كروم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
غزة ـ «القدس العربي»: تقول مصادر فلسطينية مطلعة إن حركة حماس التي تلقت الكثير من الأفكار حول إبرام تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، طلبت من الوسطاء الدوليين أن تقدم اليها «أفكارا مكتوبة». وتواصل الحركة في قطاع غزة لقاءاتها مع بقية الفصائل الفلسطينية في إطار عمليات «جس النبض» حول الاتفاق، فيما بدأ رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل زيارة لتركيا، والتقى بالرئيس رجب طيب أردوغان، بعد لقائه برئيس الوزراء احمد داود أوغلو. وحسب مصادر فلسطينية مطلعة فإن حماس لم تتلق حتى اللحظة «أفكارا مكتوبة» حول اتفاق «التهدئة الطويلة الأمد» التي يسعى الكثير من الأطراف الدولية» لإحلاله في قطاع غزة، ليدوم لأكثر من عشر سنوات. ورسميا طلبت الحركة أن تحصل على هذه الأفكار مكتوبة كي تقوم بدراستها وإطلاع الفصائل الفلسطينية عليها، قبل الرد عليها بشكل رسمي. وبسبب ذلك تشير المصادر الفلسطينية التي أطلعتها حركة حماس خلال اللقاءات التي جرت في غزة مؤخرا مع الفصائل، إلى أن ملف التهدئة لا يشهد التقدم الذي تحدثت عنه الكثير من التقارير مؤخرا. وقال جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي التقت حماس تنظيمه قبل عدة أيام، إن اللقاء كان بطلب من حماس، وإن[/size]