- تونس – العرب – صابر سميح بن عامر - وسط حضور جماهيري غفير ناهز العشرة آلاف متفرج غصت بهم مدرجات المسرح الأثري بقرطاج، بدا أب القد الحلبي الفنان السوري الكبير صباح فخري ليلة الثلاثاء 27 يوليو/ تموز 2010 مرهقا وعلى غير عادته سواء جسديا وصوتيا.
صباح فخري "77 عاما" الذي صعد على خشبة مسرح قرطاج الأثري بجبة تونسية بيضاء، منّ نفسه وجماهيره المشتاقة لسماع صوته الطروب بعد غيبة مطولة عن المسارح التونسية بليلة طربية لا تنسى، وقد أعرب عن هذه الأمنية بقوله بالعامية التونسية: "اليوم صباح فخري تونسي، وانشاء الله يسعدكم بقدوده الحلبية، وكما يقول التوانسة "للصباح يا صباح"".
لكن صاحب رائعة "ربّة الوجه الصبوح" لم يسعفه لا صوته ولا سنه ليلة الثلاثاء كي يغني للصباح، فالإرهاق زائد العمر كانا حائلا أمام جود صباح الطربي الذي كان في أيام الصبى، خاصة وأن الرجل دخل ذات حفل له موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية من خلال غنائه 10 ساعات متواصلة على الخشبة دون توقف وذلك في مدينة كراكاس بفينيزويلا..
بالعود الى الحفل، تمكّن فخري، بفضل خبرته في الوقوف على المسارح العالمية التي امتدت ما يفوق نصف قرن، من تأثيث سهرته التي تواصلت زهاء الساعتين ونصف الساعة، فغنى من معين التراث الغنائي العربي أعذب القدود الحلبية والموشحات العربية على غرار: ع الروزنة، ويامالي الشام، وسيبوني ياناس في حالي، والعزوبية، وفوق النخل، وقدّك المياس، وابعثلي جواب التي ألهبت الجمهور الحاضر تصفيقا ورقصا على ايقاع رقص صباح فخري الحاضر الغائب ليلتها، حيث تم اجلاسه -منذ الموشّح الثالث الذي أهداه صباح فخري للمايسترو التونسي صالح المهدي واضع نوتة الموشّح- على كرسي لعدم قدرة فناننا على الوقوف والتمايل رقصا كما عوّد جمهوره.
صباح فخري ورغم التعب والإرهاق وتدخل مايسترو الفرقة وآخرين لاثنائه عن آداء بعض الحركات الراقصة، إلاّ أنه كان في كل مرة يتمرّد على هذه الاملاءات فيرقص جالسا متفاعلا وبشكل كبير مع الجماهير الغفيرة التي أحبته وغفرت له هرم صوت وشيخوخة حركات من غير المعقول أن تصدر من هرم اسمه صباح فخري، الأمر الذي ذكّر سُمّار مهرجان قرطاج بليلة ممثالة لهذه الخيبة الطربية، حين غنت السنة المنقضية وردة الجزائرية بصوت عليل، فعدّها عشاقها سهرة للنسيان.
والسؤال هنا هل للصوت عمر افتراضي؟ وهل لابد للفنان من سن للاعتزال حتى يظل كبيرا في نظر أحبائه كما فعلت سيدة الآهات نجاة الصغيرة؟ أم أن للمال حسابات أخرى؟
عفوا سيدي، فأنت الذي أكدت في مؤتمرك الصحفي الذي سبق صعودك مسرح قرطاج بأيم قليلة أن موعد اعتزالك سيتزامن مع اللحظة التي تشعر فيها "أن صوتك ضاع منك" وذلك احتراما لتاريخك الفني وللجمهور الذي طالما صفق لك.. والكلام له، طبعا!
من جانب آخر يُعد حفل صباح فخري الأخير بقرطاج بمثابة المنقذة- المنعشة لخزينة مهرجان قرطاج في دورته السادسة والأربعين والتي لم تعرف الى حدود نهاية الشطر الأول من أجندة المهرجان، اقبالا جماهيريا كبيرا باستثناء حفلي الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي والفنان الأمريكي سيل.
ومن المنتظر أن تشهد بقية سهرات مهرجان قرطاج الـ46 اقبالا جماهيريا على خلفية الأسماء التي ستؤثث بقية السهرات ككاظم الساهر وسميرة سعيد وصابر الرباعي وراغب علامة وهيلان سيغارا وايروس رامازوتي.