إضافة إلى كونها منهجاً وحشياً للترويع بقصد إنهاء الثورة، فقد كان للمجازر، التي قام بها النظام السوري على مدى 53 شهراً أهداف سياسية وعسكرية نستطيع أن نتميز فيها ثلاث نقاط علام: الأولى تمثلها مجازر ريف درعا الأولى التي كان هدفها وقف الحراك المعارض، وامتدّت إلى بلدات ومدن وقرى كثيرة بينها بانياس والبياضة وقرية «رسم النفل» بريف حلب وبلدة «جديدة الفضل» جنوب دمشق، وداريا في ريفها، وساحة مدينة حمص، وكانت ذروتها الكبرى هي مجزرة الهجوم الكيميائي في غوطة دمشق بتاريخ 21 آب/أغسطس 2013 والتي قامت خلالها قوات من اللواء 155 في منطقة القلمون باستهداف مناطق الغوطة الشرقية وزملكا وعين ترما وعربين والمعضمية، على مبعدة 5 كيلومترات من الفندق الذي يقيم فيه المفتشون الأمميون حينها، وقتل خلالها ما يزيد عن 1400 شخص بينهم 423 طفلا. والثانية هي المجازر التي قام بها النظام وحلفاؤه لتطهير حوض نهر العاصي من القرى والبلدات ذات الأغلبية السنّية كخطوة استباقية في حال اضطرّت قوّات النظام للانكفاء ضمن إطار جغرافي لدويلة علوية في الساحل، حيث جرى تطهير طائفي لكافة البلدات والقرى غرب خط العاصي مما أدى إلى مجازر كثيرة أهمها في التريمسة والحولة القبير وحلفايا. ويمكن تأطير هجوم قوات «حزب الله» اللبناني الشهير على مدينة القصير ضمن برنامج التطهير هذا، إضافة إلى إمكانية استدخاله في أجندة الحزب الخاصة الهادفة للسيطرة على خط الحدود بين سوريا ولبنان و»تنظيفه طائفيا» وهو برنامج ما نزال نشهد فصوله تتوالى في حصار الزبداني، والذي كشفته خطة إيران لإجلاء سكانها وتوطين سكان قريتين شيعيتين تحاصرهما المعارضة في محافظة إدلب بدلا منهم. المرحلة الثالثة تتمثل في مجازر النظام السوري الأخيرة في درعا وإدلب ومؤخرا في ريف دمشق، والتي يحاول فيها إيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى بين المدنيين من خلال استهداف المناطق المزدحمة والأسواق والمستشفيات الميدانية وإعادة الإغارة للإيقاع بأعداد أكبر من المسعفين، وهذه المرحلة تحاول إرسال رسائل كبرى للمجتمع الدولي والأطراف الفاعلة في الأزمة السورية. يستخدم الرئيس السوري بشار الأسد هذه المجازر الجديدة باعتبارها ضربات يسددها كمركز فاعل بالتنسيق مع حليفيه الرئيسيين، روسيا وإيران، حيث أنجدته الأولى مؤخرا بعدد من طائرات الميغ وبإمدادات جوّية «إنسانية» عاجلة، فيما اندفعت الثانية إلى تقديم «مبادرة» سياسية لإنقاذ النظام وإعادة تدويره، بعد أن استردّت أنفاسها إثر معركتها السياسية الكبرى لإنجاز الاتفاق النووي واستعادة ملياراتها المصادرة ورفع العقوبات الكبيرة عن اقتصادها. المجازر الأخيرة، بهذا المعنى، هي ضربات موجهة نحو السعودية بعد إعلان وزير خارجيتها عادل الجبير من موسكو الرفض التامّ لمشاركة الأسد في أي حل سياسي، ولتركيا التي بدأت حربا على «حزب العمال الكردستاني»، وهو حليف موضوعي للأسد، يتلقّى، كما تؤكد مصادر عديدة، الدعم المالي والعسكري من إيران، كما أنها عقوبة لأنقرة على اشتغالها على إنشاء «منطقة آمنة» داخل الأراضي السورية، كما أنها ضربات للتحالف الدولي والعربي الذي لم يذعن، لـ«المبادرات» والضغوط السياسية الروسية والإيرانية، لاستبقاء الأسد على رأس السلطة خلال «المرحلة الانتقالية» التي تحدثت عنها آليات «جنيف 1». المجازر الأخيرة إذن هي ورقة روسيا وإيران والنظام السوري لإعادة الأزمة السورية نحو مبتدئها الأول الذي قامت لأجل إنجازه: إسقاط نظام الاستبداد السوري، في استعادة لأسلوب الأسد المفضل في التعامل مع شعبه: القتل، فإذا لم ينفع، فالقتل أكثر فأكثر. المفارقة هنا أن وسيلة الأسد لإقناع العالم والسوريين بضرورة بقائه هي نفسها التي أفقدته كامل شرعيته السورية والدولية وحوّلته إلى استعصاء وجودي لا يمكن لسوريا أن تفتح صفحة جديدة في تاريخها قبل أن تزيحه. رأي القدس [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
تعلّمَ اللغة العربية، الكثير من أبناء جيل ما بعد الاستقلال في الجزائر، على يد المصريين والسوريين والعراقيين وغيرهم، وكانت لكل واحد عاميته التي يتقنها للتدريس بها، وكانوا يبذلون جهودا مضاعفة لجزأرة كلامهم من أجل خلق وسيلة اتصال توصل المعنى المراد. وكان الخطاب يمر بسهولة نسبية، إذ لم يكن هناك أي عائق يمنع من تعلم العربية على القواعد والأصول، لأنه كانت من وراء ذلك إرادة فولاذية ورغبة حقيقية لتعلم اللغة العربية. يمكننا أن نقول على الأقل إن جيل ما بعد الاستقلال، ثمرة المدرسة الفرنسية في الأصل، الذي كان يمكن أن يكون فرانكفونيا خالصا لا يعرف الشيء الكثير عن اللغة العربية. كان مقتنعا بجدوى تعلم لغة حرم منها طويلا في الحقبة الاستعمارية. كان كمن يسترجع حقا سلب منه بالقوة. تعرب هذا الجيل واكتسب اللغة العربية بحب كبير جعلته يتحمل الصعاب، ويتحول بدوره إلى قناة حية وجسر واصل، لتعليم اللغة العربية على مدار النصف قرن الأخير للأجيال اللاحقة. طبعا، بجانب هؤلاء، هناك جزء من هذا الجيل ظل يعيد إنتاج الأطروحات الاستعمارية بوعي أو من دون وعي، معتبرا العربية لغة الغوغاء بينما الفرنسية هي لغة الصفوة، فلم يجد لا الحاجة ولا الرغبة في تعلم العربية. وظل يرى في العربية، بدل إصلاحها وتطويرها، وسيلة تخلف يجب التخلص منها بتعويضها باللغة الأم أي العامية؟ أخطاء التعريب القسري لم تساعد على تصحيح الوضع اللغوي المرتبك الذي خرج عن خاصياته البيداغوجية واللسانية وتحول إلى معارك نفوذ سياسية واقتصادية وغيرها. أين المشكلة، اليوم، مع عودة نقاش في الأصل بُني للأسف على السياسي وليس على اللساني، إلى الواجهة بعد أن ظنناه انتهى، على الأقل في وجهه المسطح والسهل الذي يلعب على العواطف، يقصي ويلغي كما يشاء. لهذا يصبح هذا السؤال أكثر من ضرورة: هل الإشكال يتعلق بتأصيل وتقنين اللهجات في المدرسة الجزائرية، وهذا حالة يمكن أن توجه للمختصين البيداغوغيين لكي يدلوا بوجهات نظرهم فيها؟ أم في الناس الذين كانوا ينتظرون الوزيرة عند أول زلة لتصفية حسابات قديمة معها، ولن يرتاحوا إلا بعزلها؟ هناك جيش من العاطلين الإداريين والمستعاشين لا ينتظرون إلا ذلك. لن يغفروا لها ضرب الكثير من المصالح المادية الخاصة التي نزعتها من مخالبهم، ونزع بساط المبادرة من الكثير من النقابات التي نسيت دورها النضالي وارتكنت إلى المقايضة لتضمن مصالحها. بدل الدفاع عن مصالح التلاميذ وتحسين المنظومة التربوية وترقية البرامج الكارثية المتخلفة، والتكوين، وتنشيط القراءة، وتطوير الوسائل البيداغوجية، راحت تثبّت الفعل النقابي في المصالح المكتسبة التي تعودت عليها. من هنا، أول شيء يجب القيام به، هو إخراج اللغة بما فيها اللهجات من فعل التسييس، ووضعها بين أيدي المختصين من اللسانيين وعلماء النفس التربوي. وإعادة النظر في كيفيات تعليم اللغة العربية نفسها التي تدرس اليوم، وكأنها لغة أجنبية. الطفل الانكليزي أو الفرنسي أو الألماني عندما يدخل إلى المدرسة لأول مرة يتعلم الكتابة وليس الكلام أوالمحادثة، لأن الكلام يملكه في الأصل من الممارسة اللغوية الأمومية التي لا تختلف في شيء عن لغة التعليم. لا توجد الازدواجية اللغوية داخل اللغة الواحدة Dichotomie. في تعلم اللغة العربية الفصحى بوصفها لغة وفاقية أو اصطناعية، يكتسب الطفل الكتابة ولكن أيضا المهارات الشفوية. وهذا ما يحدث عندما يتعلق الأمر بتعليم لغة أجنبية كاللغة الإنكليزية، كما يحدث ذلك في المخابر لتحسين النطق والكلام. الفارق بين العربية الفصحى والعاميات كبير، ويتسع كلما تعلق الأمر بلهجات غير منحدرة من اللغة العربية كالأمازيغية. أكثر من ذلك كله، يمنع النظر بيداغوجيا في هذه القضايا تارة باسم الدين، وتارة أخرى باسم القداسة اللغوية التي ليست إلا ردفا للجهل. اللهجة العامية في الجزائر وفي أغلبية البلدان العربية، لا تملك وضعا اعتباريا يؤهلها لتصبح تعليمية وعالمة ومالكة لمرجعية ثقافية واسعة. القوانين نفسها والدساتير والمواثيق لا تدرجها كلغات تتكلم بها الشعوب العربية قاطبة. مع أن المسالة اللغوية يجب أن تطرح في أفق حل هذه المساءلات والبحث عن سبل تسهيلها لتصبح في متناول المتعلم. وبدل مناقشة هذا الوضع الاعتباري الذي دفعت به الوزيرة إلى الواجهة، ووجه بتهديدات مسبقة، حتى قبل توضيح ما يراد من وراء إثارة قضية اللهجات بشكل أدق. التهديد بالإضرابات، شل المنظومة التربوية مع تحميل الموضوع أكثر مما يجب. ما يدفع إلى الاعتقاد أن المشكل ليس في اللغة ولكن في الوزيرة وتمثلاتها الثقافية، وما تمثله اليوم من رغبة كبيرة في إصلاح منظومة متهالكة ثقافية كانت وراء التسرب المدرسي وإشاعة ثقافة الضغينة ورفض الاختلاف. ربما كان على السيدة الوزيرة بدء إصلاحاتها بهذا. المدرسة الجزائرية منكوبة بالمعنى العقلي. يصل أطفالنا إلى الجامعة وهم منغلقون في الأغلب الأعم، لا يعرفون ما معنى أن نكون مختلفين عن الآخر من دون أن نكون مالكين للحقيقة المطلقة، لا قراءة، بل ينامون على ميراث مختل من القيم الدينية الشكلية وثوابت لا قيمة معرفية لها. لنعلم الطفل أولا كيف يعيد النظر في نفسه قبل أن يعيد النظر في الآخرين. أن يكبر في ظل ميراث فلسفي ونقدي ليكون كائنا طبيعيا وابن عصره. هذه أمور حيوية وهي من يعيد للمدرسة بهاءها. ستبدأ بعد أقل من شهر، السنة الدراسية بقنبلة موقوتة، وسيقوم الكثير من النقابات وبعض الجمعيات المدنية التي تدور في فلكها، بشل كل شيء وكأن الوضع الاستاتيكي الذي نحن فيه هو الأمثل، مع أنه الخزان الطبيعي لكل المعضلات الاجتماعية. ستعطل المدرسة كما حدث في المرات السابقة، وهذه المرة سيكون اللعب على الخطاب اللغوي كبيرا لأهداف سياسية أكثر منها تربوية، لأن موضوعا مثل هذا، أي استعمال العامية كسند بيداغوجي، يمارس منذ عشرات السنين في المنظومة التربوية ولم يقف ضده لا سدنة اللغة العربية ولا حراس الدين الإسلامي الحنيف والسخي؟ هل هو الخوف في النهاية على مصير اللغة العربية؟ اللغة، أي لغة في العالم، التي لا تنتج معرفة تمرض وتموت إذا لم تستدرك قبل فوات الأوان. الكثير من العرب، من العائلات الميسورة تحديدا والمتحكمة في سياسات بلدانها، يبعثون أبناءهم لتعلم الفرنسية أو الإنكليزية أو الألمانية، في أوروبا، لأن اللغة العربية في تراجع معرفي وثقافي حقيقيين، وتحتاج إلى هزة عنيفة. علم البرمجيات مثلا، وهو علم العصر، يكاد يكون أجنبيا كليا والسبب بسيط، لأننا أمة ضعيفة ارتكنت إلى الاستهلاك وتستثقل العمل المعرفي. لولا جهود اليابانيين والصينيين والأوروبيين لصالحنا، لبقينا خارج العصر كليا. المشكلة في الجزائر أكبر بكثير من مسألة اللهجة العامية وتفعيلها في المدارس الابتدائية. أية لغة عربية نريد؟ لغة العقل والعلم والنقد وتقبل الآخر وتعلم لغاته، أم لغة تبرر الموت في كل ثانية وتزرع الضغينة وتتخفى وراء جلباب الدين، وهي أقرب إلى منطق داعش المعادي لأي تحضر، منها إلى إسلام العلم كما هو في صفائه؟ هل إثارة العامية اليوم في المنظومة التربوية من أولويات الإصلاح؟ لا أعتقد. تحصين العقل النقدي أولى بكثير، لكن ذلك مسألة أخرى. تاكسي بالزينات في «بيشاور» سيارة نقل ضخمة تحولت إلى «تاكسي» تحيطه الزينات تركبه هذه الطفلة الباكستانية وتطل من شباكه في بلدة «بيشاور». واسيني الأعرج [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
كان العام 2000، وكنت أعمل في واحدة من أوائل وكالات الأخبار الإلكترونية في مكاتبها في العاصمة الأردنية عمان، ومن قسم الصحافة الساخرة في الوكالة كنت أسعى حثيثا لأتثبت في قسم السياسة وغرفة الأخبار، التي كنت أعمل فيها أيضا، وقد كانت الإنتفاضة الفلسطينية عنوان الأخبار كلها. وفي خضم خلية عمل مجنونة يطلب مني رئيس التحرير آنذاك الزميل رمزي خوري رسميا التوجه صباح اليوم التالي إلى أحد فنادق عمان لإجراء حوار حصري للوكالة مع الفنان العربي نور الشريف!! ضايقني الطلب، فأنا أسعى بجهد لأكون في الأخبار، وتكليف رمزي يوحي بتوجهات أخرى بعيدة عن طموحاتي، وحين حاولت مجادلته بقولي إنني أحب نور الشريف، لكن الأخبار الفنية بمجملها هي من نوعية «ما هو لونك المفضل وأكلتك المفضلة؟» وأنا لا أحب الخوض في تلك السطحية الساذجة. أجابني رمزي بدهاء: ومن قال لك إن حوار نور الشريف فني؟ ومع إشارة تطمين منه أن الحوار سيكون فوق ما أتصور مع شخصية مثل نور الشريف قبلت بالتكليف. صباح اليوم التالي، كنت في «لوبي» الفندق المتواضع في عمان، وكان لدى الأستاذ علم بوجودي، فما أن نزل حتى سأل عني بكل تواضع وأدب، فالتقيته وأنا مرتبك، فأزاح الارتباك بسؤاله لي إن كنت أفطرت، وطبعا دعاني إلى تناول الفطور معه في مطعم الفندق، ليبدأ الحوار مع النجم الخارج لتوه من شخصية ابن رشد، وقد جسدها في فيلم يوسف شاهين «المصير»، وكانت اللحية لا تزال على حالها «الأندلسية» وكذلك الحالة الذهنية، مما جعلني أدخل في عوالم من الحوار مع رجل موسوعي بدأ حديثه يومها بحديث الساعة وكان عن «العولمة» ليخوض فيها مواضيع الثقافة والأدب والسياسة والاقتصاد والفن والسينما والإعلام لينتهي كما بدأ بالعولمة، وكنا غادرنا المطعم إلى اللوبي وبعد كثير من القهوة والشاي كان الحوار الذي امتد لثلاث ساعات.. أجمل حوارات العمر والمهنة. نعم، نور الشريف، خسارة فادحة جدا.. أمام ما نشهده من فن تجهيلي وفنانين جاهلين. ولروحه الرحمة ولأهله كما لنا العزاء برحيله. وشكرا متأخرة للمعلم رمزي خوري. شعراء الصدفة وفي الحديث عن الفن المحترم الذي لا يموت بموت أصحابه، وضمن سياق حالة فانتازية شخصية لدي، فإنني حين أقرأ شيئا من الشعر القديم من الجاهلي حتى العباسي المتأخر، أو أشاهد برنامجا مثل «على خطى العرب» يتحدث عن عنترة العبسي مثلا ويتتبع خطاه، أجدني أفكر في عبقرية الرحابنة وأي خدمة قدمها أخوان قادمان من أنطلياس في جبل لبنان لشاعر عربي قديم اسمه عنترة، فوضعا كلماته بعد تزويقها بالموسيقى في حنجرة فيروز الملائكية، فتعود الحياة لقصة حبه على تلك الأعرابية عبلة، ويعرف الجميع حتى اليوم أنه تذكرها والرماح نواهل منه، والسيوف تقطر من دمه. أو كيف استطاع الأخوان من أنطلياس، أن يعيدا الإعتبار لأبي نواس، وقد تكالب عليه المؤرخون ذوو الأجندات السياسية في عصره وبعد عصره، لتهميشه واغتيال شخصيته، فيجدان لشعره الرقيق الجميل العاطفي متسعا لدى فيروز لتصدح به لنعرف أن حامل الهوى تَعِبُ. هذا بالضبط، مكمن الفرق والمفارقة بين فنان مثقف يقرأ بلا ملل ولا تعب، وبين فناني الصدفة والعلاقات العامة ممن انتكبنا بهم في أيامنا. ومن هنا، أيضا نفهم كيف يمكن أن تصل فنون الدعاية الحديثة إلى الشعر نفسه، ليصبح الشعر علاقات عامة «وخاصة أيضا» ويصبح لدينا شعراء و شاعرات الصدفة، فتخلى لهم المسارح ويجمعون التصفيق كما يجمعون «اللايكات» على صفحات الـ»فيسبوك». الصياغات التلفزيونية الثلاث طبعا، أنا من ضحايا التلفزيون الأردني الرسمي، كمتلق دفع رسم الدينار طوال عمره، وتلقى ما يقل عن النصف دينار قيمة إعلامية. وحين ترد الأخبار عن وجود نية (رسمية أيضا!) لتأسيس محطة تلفزيون الخدمة الرسمية، بما يشبه الخدمة الإعلامية التي تقدمها «بي بي سي» أو الـ»دويتشة فيله»، فإنني أنفعل مبتهجا أول الأمر، متخيلا خدمة حقيقية تمثل الدولة لا الحكومات، والدولة هنا تعني جميع المكونات بالمطلق، إلا أنني حين أتذكر تفاصيل آلية العمل الإعلامي في الأردن، والمرجعيات ثم الأسماء التي تتحكم بالماكينة، أصاب بالإحباط الشديد على تجربة أجدني أحكم عليها بالفشل فورا إذا لم تتغير المعطيات التقليدية من حولها. ذات زيارة ملكية في الخارج، كنت ضيفا على أحد المدراء العديدين في التلفزيون الأردني، وكنت في غرفة الأخبار اتابع دقائق ما قبل نشرة الثامنة والتحضيرات المحمومة، التي لم تكن محمومة أبدا، فالنشرة باردة وعادية، والخبر الرئيس حول الزيارة الملكية في الخارج، كان فقط محط اهتمام المدراء الذين كان يحمل كل منهم فاكس الصياغة المفترضة من مرجعية ما. وأمام ثلاث صياغات كانت الحيرة تلف الإدارة، أي منها يجب اعتماده بدون إغضاب المرجعية الأخرى، وبدقيقة تم توليف نشرة من الصياغات الثلاث لا تقدم ولا تؤخر، مثلها مثل الصياغات الثلاث نفسها. من أجل خدمة تلفزيونية بمستوى الدولة، يجب قص كل الحبال الوريدية مع المرجعيات التي تعتبر نفسها حواضن شرعية، ومن ثم إطفاء «الفرن الحراري» ذي الوهج الأمني المشع، لضمان نجاح التجربة واستمرارها. لسنا بحاجة إلى تلفزيون «مواز» .. بتكلفة أعلى. لعبة «الموازي» فقدت نكهتها. ٭ إعلامي أردني يقيم في بروكسيل مالك العثامنة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
أسيل مداد كثير حول موضوع العلاقة بين الثقافي والسياسي في الممارسة العربية منذ أواسط القرن الماضي. كان «الثقافي» مختزلا في مواقف المثقفين وانحيازهم الإيديولوجي. كما كان «السياسي» مفهوما في ضوء العلاقة مع الحزب أو الدولة، أو في نطاق الانتماء إلى قضايا التقدم والتحرر. لكن الموقف من الشعب، من لدن المثقفين، لم يكن يتعدى الحلم برمزيته المتعالية على الزمان والمكان، أو اتخاذه موضوعا للمزايدة الإيديولوجية، أو ادعاء تضامنه مع طروحاتهم، وتعاطفه مع تصوراتهم للتغيير. وفي كل هذه الحالات، كانت القطيعة قائمة بين فئات الشعب المختلفة، وشرائح عريضة من المثقفين، سواء كانوا باحثين أكاديميين، أو مناضلين حزبيين. ولقد استمر هذا الوضع إلى الآن، مع اختلافات طفيفة. تبدو لنا تلك الصورة واضحة مع أحداث الربيع العربي، حيث كان دور المثقفين فيها لا يتعدى المشاركة أو التعاطف؛ ولم يكن طليعيا كما كان مفترضا، لغياب تفاعل حقيقي ومؤسساتي بين المثقفين والمجتمع. يمكننا التمثيل لهذه العلاقة بين المثقف والمجتمع من خلال التجربة المغربية، ذات التاريخ العريق في ممارسة التعدد السياسي، وخوض معارك انتخابية منذ بداية الستينيات إلى الآن. كان المثقفون يشكلون قاعدة أساسية للمعارضة، باعتبارها امتدادا للحركة الوطنية، ولذلك كان تعاطفهم السياسي يتحدد في ضوء العلاقة مع الأحزاب الأكثر معارضة للسلطة المركزية: من حزب الاستقلال، والشورى والاستقلال إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، فالاتحاد الاشتراكي، ثم اليسار الجديد. وفي مختلف المحطات الانتخابية والمنعطفات السياسية كان متخيل «مقاطعة الانتخابات» هو القاعدة الأساسية التي تحكم السلوك السياسي لدى المثقفين، حتى في الحالات التي كانت تنخرط فيه الأحزاب التي يتعاطفون معها أو ينخرطون فيها. يتحدد موقف «المقاطعة» في كون الانتخابات ضربا من الممارسة السياسية البورجوازية، من جهة، وفي اعتبارها لعبة يتحكم النظام في قواعدها، من جهة ثانية. كما أن أي مشاركة في الانتخابات كان ينظر إليها من زاوية كونها إعطاء شرعية للنظام، من جهة ثالثة، لذلك كان يتصدر مختلف تلك المحطات الانتخابية خطاب الدعوة إلى المقاطعة. وفي الوقت نفسه، كان يذيل بخطاب التلويح بتزوير الانتخابات، وظل «المسلسل الديمقراطي» الذي اختطه المغرب أسير هذا الوعي وتلك الممارسة. وكان الرابح الأكبر في هذا المسار هو النظام من جهة، والأحزاب التقليدية أو التي تؤسس قبيل الانتخابات. لكن المعارضة الحزبية التي كانت لا تدعو إلى المقاطعة لم يكن لها تأثير مباشر وفعال على مثقفيها ليكونوا جزءا من هذا الواقع. فقلما كان يتم ترشيح المثقفين، وحين يكون ذلك يتم في دوائر لا يمكن أن تتيح لهم إمكانية الوصول إلى نتيجة (تجربة عبد الله العروي نموذجا). كانت المقاطعة، ضمنا أو مباشرة، تعبيرا عن سلوك سياسي وثقافي في الآن نفسه. ولم ينجم عن ذلك غير عزلة المثقف عن الواقع والمجتمع معا. كما كان لمواقف الأحزاب من المثقفين أثره في تعزيز هذه الصورة ( استقالة محمد عابد الجابري من المكتب السياسي مثلا). بينما ظل المثقفون ـ السياسيون يحتلون مواقع في الأحزاب، حسب درجة ولائهم لهذه الجهة المتنفذة داخل الحزب أو تلك، أو بناء على طموحاتهم الخاصة، التي كانت سياسية بالدرجة الأولى. لا أريد استعادة طرح مقولة «الالتزام» أو «الانتماء» بالنسبة للمثقف. كما أنني لا أبغي طرح السؤال حول «دور المثقف» ووظيفته في المجتمع. فهذا من الموضوعات التي باتت بلا معنى، منذ أن بدأ التراجع عن تطارح القضايا الثقافية العميقة وعلاقتها بالمجتمع والواقع والتاريخ. حتى إن كنا لا نعدم من يتحدث عن المعنى والتأويل والنقد الثقافي والمجتمع المدني، وهلم جرا. أتيحت لي في نهاية الثمانينيات فرصة أن أكون عضوا مراقبا في مكتب انتخابي في منطقة شعبية في العاصمة. وكان من بين أهدافي معاينة «نوعية» المنتخبين، وإنجاز قراءة للحدث الانتخابي. وطوال يوم كامل جعلته لرصد الناخبين وفئاتهم وكيفيات تصرفهم، وهم يتسلمون الأوراق ويضعونها في الصناديق، فرأيت عجبا. كانت النسبة الكبيرة من الناخبين فوق الخمسين، ولم يتعد عدد الشباب خمسة. كانت الأغلبية، ولا شك أنها انتخبت مرات عديدة، لا تعرف كيف تتصرف عند دخولها مكتب الانتخاب. بعضهم يأخذ فقط الورقة التي أوصوه بالتصويت عليها، وبعضهم يأخذ كل الأوراق ويحاول الانصراف من باب الخروج قبل أن يؤدي مهمته، كان الناخبون يأتون أفواجا ودفعة واحدة. وواضح هنا أنهم كانوا يحملون حملا إلى التصويت. كانت الخلاصة التي خرجت بها، أن صاحبي لن يفوز ولو بصوت واحد؟ وكذلك كان. وأن مسافة ضوئية تفصلنا عن دخول زمان الانتخابات المصيرية، التي تحدد للشعب مكانته في المعترك السياسي. وفعلا كانت «الديمقراطية» لعبة محددة القواعد. تغيرت أمور كثيرة منذ ذلك التاريخ إلى الآن، لكن هل تغير الوعي الانتخابي لدى المواطنين؟ ما هي مسؤولية الأحزاب والمجتمع المدني والمثقفون بهدف الارتقاء إلى متطلبات هذه اللحظة التاريخية؟ إنه السؤال الذي يحرج السياسي والثقافي في الممارسة العربية، وبدون التفكير فيهما بكيفية جماعية وواعية، لا يمكن أن يكون للعمل الثقافي أي حضور في الواقع الاجتماعي. كاتب مغربي سعيد يقطين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: المجازر وسيلة الأسد المفضلة للبقاء ونشرة القدس العربي اليومية السبت 22 أغسطس 2015 - 23:37
القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يزال الحر وآثاره وضحاياه هو الموضوع الأكثر إثارة لاهتمامات الأغلبية، رغم أن الصحف الصادرة أمس الثلاثاء امتلأت بالأخبار والموضوعات الأكثر سخونة من حرارة الشمس، مثل ردود الأفعال على تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون مكافحة الإرهاب، بما يعني أن النظام سيواصل إجراءاته ضد الإخوان، وكل العناصر الإرهابية، من دون أي توقف. وتبين أن كل ما نشرته الصحف المستقلة في الأيام الماضية عن اقتراح بمصالحة يقودها صديقنا أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط لا أساس له من الصحة. وخبر وفاة والدة الرئيس وطلب الرئاسة من المواطنين عدم نشر أي إعلانات تعازي، ولمن يريد فليتبرع بقيمتها لأعمال الخير. واهتمت الصحف بأعمال المؤتمر العالمي للإفتاء، وقام زميلنا إبراهيم عيسى، مساء أول من أمس الاثنين في برنامجه على قناة «أون تي في» بشن هجوم على الأزهر وشيخه والنظام كذلك، واتهمهم برعاية السلفيين المتطرفين، وأبدى دهشته مما قاله الرئيس في كلمته في الاحتفال بليلة القدر بتاريخ الرابع عشر من الشهر الماضي يوليو/تموز عن مسؤولية الأزهر في عدم نجاح تجديد الخطاب الديني، وقارن بين ذلك وما قاله يوم الأحد الماضي مشيدا بما حققه الأزهر، وتساءل عيسى أيه ده؟ أما رئيس الوزراء إبراهيم محلب فإنه كان سعيدا وهو يلتقي بممثلي المصريين في الخارج بما يحققه الاقتصاد من نمو. وإلى شيء من أشياء كثيرة لدينا…. من يضمد جراح العالم العربي المفتوحة ونبدأ بالرئيس عبد الفتاح السيسي وأبرز ما نشر عنه، وكان أوله في يوم السبت عبر مقال للدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة، ورئيس مجلس إدارة مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، حيث طالب بعودة مصر لأن تحتل مكانتها القيادية في المنطقة، كما كانت أيام خالد الذكر، ومما قاله فيه: «للأجيال الجديدة التي ولدت وشبّت عن الطوق بعد هذين العقدين، فقد كان جمال عبد الناصر هو بطل تلك الحقبة، بلا مُنازع ـ مصرياً وعربياً وأفريقياً. لكن عبد الناصر كان بطلاً تراجيدياً، فقد حقق من الانتصارات بقدر ما ارتكب من أخطاء أوقعت به من الهزائم، التي مازلنا ندفع فواتيرها إلى الوقت الحاضر ـ أي بعد رحيله بخمسة وأربعين عاماً. الوطن العربي، هو فى أمسّ الحاجة إلى من يضمد جراحه المفتوحة، في اليمن، وسوريا والعِراق وليبيا. وليس هناك من هو قادر على ذلك في الوقت الحاضر، غير مصر، ورئيسها عبد الفتاح السيسي، حينما تعرضت الحكومة الشرعية اليمنية المُنتخبة لتمرد جماعة الحوثيين، وزحفها من المُرتفعات الشمالية والاستيلاء على العاصمة صنعاء، بل التحرش بالجارة السعودية، وجدت مصر نفسها مرة أخرى مُطالبة من المدنيين اليمنيين، ومن الشقيقة السعودية بضرورة دعم النظام الشرعي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فلبّت النداء، وإن جزئياً، وبحذر شديد، تاركة للمملكة العربية السعودية زمام المُبادرة، بوصفها الجارة الأقرب لليمن، ولكونها الدولة المحورية في بُلدان مجلس التعاون الخليجي. وخُلاصة القول إن مصر، حجماً وموقعاً وموضعاً، عليها دور لا بد أن تلعبه نحو جيرانها، ونحو أمتها. وهي قادرة على ذلك. فعلى قيادتها، مُمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تتقدم للقيام بهذا الدور. فإنها إن لم تفعل، فسيتقدم لاعبون إقليميون آخرون لملء الفراغ الاستراتيجي الذي نشأ واتسع في أعقاب ثورات الربيع العربي. فيا مصر ويا سيسي هيا، ولبيا نداء العرب والعروبة، بالتحفز وأخذ الزمام لإصلاح شؤون البيت العربي، حتى لا يفعل ذلك غير العرب، ولمصلحتهم هم وليس لمصلحة العرب. فهل من سميع؟». أي مستقبل للاستثمار في مصر؟ وهل هذا سؤال يا سعد؟ طبعا سيفعل وقد تؤدي بعض أفعال نظامه إلى غضب صاحب الجريدة «المصري اليوم» رجل الأعمال صلاح دياب، الذي يكتب عمودا يوميا باسم نيوتن وسبب غضبه وانزعاجه قرار لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها بمنع رجل الأعمال صفوان ثابت من التصرف في أمواله وممتلكاته، بعد أن ثبت للجنة أنه كان يدعم الجماعة ماليا، واعتبر صلاح دياب ذلك رسالة سلبية للمستثمرين وقال: «بعد مؤتمر الاستثمار في شرم الشيخ. بعد افتتاح القناة الجديدة. بعد دعوة العالم كله ليروا ما فعله المصريون. في عام لم يزد يوماً. أفاجأ بأمر يضع أموال الإخوان قيد التحفظ. إجراء احترازي نؤيده من صميم قلوبنا. لكنه يجب أن يكون مبنياً على تحقيقات. لا تكفي فيه تحريات من طرف واحد. من جهات أمنية. وإلا أصبحت فيه شبهة تجاهل للقانون. وهذا أخطر ما في الأمر. مجرد إصدار قرار بالتحفظ على الأموال، أو قرار بالمنع من السفر، كلا القرارين عقوبة لو تم من دون تحقيق. أحد الضحايا رجل من كبار الصناعة، المهندس صفوان ثابت، نجاحه في الاستثمار جذب أكبر شركة في العالم لصناعة الألبان ومنتجاتها، شركة دنماركية/سويدية. جاءت لتضيف على استثماراته، لتعظم قدرته التنافسية فيكون مركزاً لتصدير منتجاته للعالم، مصدراً للعملة الصعبة، ثم يقف ثلاثة من الوزراء ليشهدوا حفل التوقيع، منير فخري عبدالنور وزير التجارة والصناعة، أشرف سالمان وزير الاستثمار، نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي. إذن الدولة تبارك نشاطه وترعاه، الدولة نفسها تضع أمواله يوم الخميس الماضي تحت التحفظ، من دون تحقيق.. من دون مراجعة.. من دون إنذار. غيلةً وبليل. نفاجأ بالقرار، الوزراء الثلاثة ورابعهم صفوان ذاته، نعم صفوان جده من الإخوان- الهضيبي ما ذنبه في هذا. إذا كانت جدته بمبى كشر، ما ذنبه أيضاً، هل هكذا يؤخذ الناس بالأعراق، بالهوية؟ المؤتمرالاقتصادي في شرم الشيخ، افتتاح القناة الجديدة، أسفار رئيس الدولة والوزراء لأنحاء العالم، كل هذا في اتجاه. ليعزز للمستثمرين مناخ الأمن والأمان. وقرار يوم الخميس في الاتجاه المضاد تماماً، يعطينا الانطباع بتجاهل القانون وروحه، هذا ما يقضي على الأمن والأمان الذي ينشده أي مستثمر. الجميع يراقبون تطبيقه في كل مجال. على مَن يُسجن من دون إجراء قضائي، على مَن يستمر سجنه بالمخالفة للقانون، لا يعنينا هنا مَن هم، كانوا علاء وجمال مبارك، أو كانوا «عتريس وفؤادة»، في النهاية القانون هنا متروك، متجاهَل لا مقام له». قرارات التحفظ على أموال الإخوان وانعكاساتها على الاستثمار وصلاح يشير إلى المرشد السادس للجماعة محمد المأمون الهضيبي، والحقيقة أن قرار التحفظ الذي صدر استبعد أسهم صفوان في شركة جهينة، حتى يبعدها عن أي تأثير، وهو ما أكده وزير الاستثمار نفسه أشرف سالمان في يوم الأحد نفسه في كلمة له في افتتاح مجمع خدمات الاستثمار في الإسكندرية ونشرته «الأخبار» يوم الاثنين في تحقيق لزميلنا محمد جابر جاء فيه: «أكد أشرف سالمان وزير الاستثمار أن قرارات التحفظ على أموال رجال الأعمال الإخوان تأثيرها محدود على مناخ الاستثمار، قد يكون له تأثير وقتي على الاستثمار، ولكنه غير مستمر إلا أننا نحمي المستثمر الجاد. والقرار في حد ذاته قرار قضائي غير مؤثر على الاقتصاد. إننا سنثبت للعالم كله أننا أفضل مكان للاستثمار، الحكومة مصممة على مواجهة تداعيات تلك القرارات واتخذت تدابير لمواجهة هذا التحدي، من أبرزها التوضيح للمستثمرين في الداخل والخارج أن هذا القرار يعتبر أمرا قضائيا استثنائيا، وإذا تقدم أي مستثمر بتظلم بشكل محايد ويتم تقديم كل الدعم والمساندة، أن أزمة تراجع العملة الصينية « اليوان» أكثر ضررا على الاقتصاد المصري من قرارات التحفظ على أموال الإخوان». التبرع بقيمة إعلانات التعازي لصندوق «تحيا مصر» ونظل مع رجال الأعمال والرئيس، إذ طلب السيسي عدم نشر إعلانات تعازي له في وفاة والدته والتبرع بقيمتها لأعمال الخير، وقد أخبرنا أمس الثلاثاء زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم في جريدة «المصري اليوم»، أنه كان يسير في أحد الشوارع فشاهد رجل أعمال واقعا في حيص بيص، وطلب عمرو مساعدة رجل الأعمال في الخروج من الحيص بيص وهو ممسك بسيجار في يد وطبلة في الثانية وعمل مسابقة لذلك جاء فيه: – طالب الرئيس السيسي بعدم نشر أي تعازي في وفاة والدته والتبرع بقيمة أموال التعازي لصالح صندوق تحيا مصر، ساعد رجل الأعمال المجامل على الخروج من هذه الورطة». وزارة الداخلية تحقق نصرا بالقبض على عكاشة! ومن رجال الأعمال الإخوان إلى ردود الأفعال على قرار آخر وهو تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضد الإعلامي صاحب قناة «الفراعين» توفيق عكاشة لصالح زوجته الأولى، بسجنه ستة أشهر لأنه حكم نهائي واجب النفاذ، وهو ما أغضب زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رفعت رشاد رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق وأمين الإعلام في أمانة الحزب الوطني في محافظة القاهرة الأسبق «ناصري» فقال يوم الاثنين في مقال له في الجريدة: «حققت وزارة الداخلية نصرا كبيرا بالقبض على المجرم الخطير توفيق عكاشة، عوضت الداخلية إخفاقها في القبض على أي طرف من قتلة النائب العام هشام بركات بالقبض على أخطر رجل في العالم ليس فؤاد المهندس ـ توفيق عكاشة، لا توجد علاقة مباشرة بين هشام بركات وتوفيق عكاشة لكن صارت العلاقة الآن بينهما واضحة تعويض الفشل في القبض على قتلة نائب مصر العام بالقبض على عكاشة! ما الرسالة التي تريد الداخلية إرسالها للمواطنين بحبس عكاشة؟ بالطبع ستقول الداخلية أن عكاشة هارب من حكم قضائي واجب النفاذ، وهذا صحيح ولا تدخل في هذا الأمر فالمفروض أن الداخلية تنفذ الأحكام القضائية، لكنني أسأل عن مبرر قيام الداخلية بالحشد الضخم لقواتها للقبض على عكاشة في كمين ليلي وكان من الممكن أن يقبضوا عليه في أي وقت، أو يرسلوا لاستدعائه فيذهب إليهم. عرفت عكاشة منذ ما يقرب من عشرين عاما لمست فيه الصدق والإيمان بالدولة المصرية، خادم الناس القريب منهم. قيل إن القبض على عكاشة قرصة ودن لأنه هاجم الوزارة والوزير، نرفض أن يعود عصر قرصات الودن بعد ثورة 30 يونيو/حزيران فما حدث لعكاشة لم يجرؤ أن يفعله الإخوان». «اللي مالوش خير في ابنه مالوش خير في وطنه» ولكن ما أن قرأ زميلنا في «الوفد» عصام العبيدي دفاع رفعت عن عكاشة حتى صرخ فيه في يوم الاثنين نفسه قائلا: «في قضية حبس المدعو توفيق عكاشة.. كل أطراف الأزمة أخطأت. الداخلية أخطأت: لأنها انتظرت «سنوات» من دون أن تنفذ حكماً قضائياً نهائياً ضد المذكور.. رغم صرخات الزوجة.. واستغاثاتها بكل المسؤولين في مصر.. خاصة أن المدعو عكاشة.. رفض الاعتراف ببنوة طفله المسكين.. الذي شاءت إرادة الله أن يخرج للحياة معاقاً ذهنياً.. وبدلاً من أن يقوم المذكور باحتضان طفله.. ورعايته تبرأ منه.. ولم يسمح له بأن يحمل اسمه! بل امتنع عن الإنفاق عليه تماماً.. حتى وصل مبلغ النفقة المتجمدة إلى 600 ألف جنيه كاملة.. وحفيت أقدام الزوجة.. حتى تطول منه مليماً واحداً.. من دون جدوى بسبب أن عكاشة.. راجل واصل، حسبما كان يقال لها في كل جهة تشكو لها المسكينة. ولما هاجم عكاشة وزير الداخلية.. استخدمت الوزارة الحكم كسلاح للتنكيل به.. وقبضت عليه فوراً لتنفيذ أحكام النفقة.. وكذلك السب والقذف في حق مطلقته! أخطأ المتعاطفون مع عكاشة.. الذين جعلوا منه بطلاً ومناضلاً كبيراً، رغم أنه شخص بالبلدي كده مالوش خير.. في ابنه.. يبقى حد ينتظر منه أي خير لوطنه! وهو الآن محبوس في قضية الامتناع عن سداد النفقة لطفله المعاق.. الذي لم يعترف ببنوته.. يعني قضية تفضح.. وليست نضالاً سياسياً.. ضد الإخوان.. كما يردد السفهاء من أنصاره.. فهل أمثال هذا الشخص.. يستحق أي تعاطف.. فين عقلكم وضميركم يا ناس؟! من يستحق منكم التعاطف.. عكاشة.. أم طفله المعاق ذهنياً.. الذي تخلى عنه أب ﻻ يعرف الرحمة.. ولم يرحم ضعفه ومرضه؟». السبب في قضية عكاشة عائلي وليس سياسيا ولو تركنا «الوفد» وتوجهنا في يوم الاثنين نفسه إلى «التحرير» سنجد زميلنا وائل عبد الفتاح في عموده «مفترق طرق» يقول: «توفيق عكاشة محبوس بحكم نهائي 6 أشهر لسب طليقته والامتناع عن نفقة ابنه، الذي لم يعترف به، كانت تحيطه فرقة حراسة من الداخلية لأن اسمه موجود، على حسب وصفه، على كل قوائم الاغتيال، لكن وزير الداخلية سحب الحراسة بعد أن انتقده عكاشة في واحدة من مونولوجاته الطويلة، هذا يعني أن عكاشة كان تحت الحراسة بعد صدور الأحكام ولم يتم تنفيذها، عكاشة بعد سحب الحراسة وبعد آهة حسرة طويلة قال: «اتفضل يا سيادة الوزير لفق لي قضية»، وهذا يعني أن المذيع العراف المطلع على كواليس الأجهزة الأمنية يعترف أو يكشف علنا أن الوزير يلفق قضايا لمن يغضب عليه، وهذا الاعتراف المجرد جاء في لحظة فلتة لسان أو غلطة كاشفة لما يسميه علماء النفس اللا وعي». تباطؤ النظام في تطبيق القانون وأحكام القضاء «أما المدهش في الأمر كله فإن الجميع أصبح يركز الآن على وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، وأنه قام بتنفيذ الحكم القضائي بعد أن هاجمه عكاشة، بينما جميع الصحافيين والكتاب والسياسيين يعلمون جيدا أن هذه خطوة يستحيل على وزير الداخلية اللجوء إليها من تلقاء نفسه، لا بالنسبة لعكاشة، وإنما بالنسبة للصحافيين والسياسيين عموما، وهذا ما نعرفه جميعا، وحتى يسهل توجيه الاتهام للوزير وكأنه ينفذ أو لا ينفذ القانون حسب مزاجه، فقد تم تجاهل أن عكاشة لم يهاجمه وحده، وإنما هاجم السيسي بطريقة غير مباشرة، عندما انتقد عدم وضع صورة للرئيس الأسبق مبارك على جدارية قناة السويس الجديدة بجوار ناصر والسادات والسيسي، وأخذ يشيد بمبارك وإنجازاته ويشن حملات عنيفة على خالد الذكر، وهدد بالنزول بمليونية في الشوارع دفاعا عن مبارك وذلك في مكايدة مكشوفة للسيسي وتهديد غير مباشر له، كما يتجاهل من حصروا الهجوم في اللواء عبد الغفار أن عكاشة تحدث عن مجموعات تثير الفتن داخل الرئاسة منهم أربع قيادات عسكرية اثنان على المعاش واثنان في الخدمة وهذا في رأيي ابتعاد عن الأمانة المهنية، وأنا لا دخل لي بهذه القضية ولا أدافع عن وزير الداخلية في هذه الواقعة، لأننا أولا إزاء قضية حكم قضائي نهائي لابد من تنفيذه والاعتراض سيكون على أسباب تأخر تنفيذه، لأن عكاشة لم يكن هاربا إنما هو يذهب إلى مدينة الإنتاج الإعلامي كل يوم والاعتراض يكون أيضا على تباطؤ النظام في تطبيق القانون وأحكام القضاء، وأن يتم استخدام ذلك لإجبار بعض مؤيديه من تجاوز حدودهم ولعب ادوار خارج ما هو محدد لهم لحسابهم أو لحساب آخرين». الاحتفاظ ببعض المكاسب خير من خسارة كل شيء ثم ننتقل إلى المعارك والردود المتنوعة التي امتدت إلى قضايا عديدة سيبدأها زميلنا جمال سلطان رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة «المصريون» وقوله عن الذكرى الثانية لأحداث رابعة والنهضة والحزن ظاهر عليه، لأن أحدا لم يستمع إلى نصائحه من التيار الإسلامي: «كتبت مرارا، وتحدثت مرارا، أناشد أنصار مرسي أن لا يخوضوا الصراع بمنطق المعادلة الصفرية، لأن نتائج ذلك كارثية ومروعة، إما قاتل أو مقتول، ولا وسط، إما أن تعلقوهم على المشانق في ميدان التحرير، كما كنتم تتوعدون أو يعلقوكم هم على المشانق في السجون والمعتقلات، ولا وسط، وقلت وقتها إن هذه القضايا الملتبسة يصعب أن تتعامل منها بمنطق المبادئ والثوابت الديمقراطية، لأن البلاد في مرحلة انتقالية وزخم الثورة ما زال حاضرا وحراك الشارع أقوى من حراك المؤسسات، والديمقراطية الوليدة هشة جدا، والأفضل الوصول إلى حلول وسط، وأن تخسر بعضا وتحتفظ ببعض المكاسب أفضل من أن تغامر بخسارة كل شيء.كانت هذه رؤيتي، وقلتها بإخلاص شديد وتجرد كامل، وقلق على الجميع، وعلى الوطن. بعد قرابة عامين على المذبحة قرر مجلس الوزراء في اجتماع رسمي أن يغير اسم الميدان، من ميدان «رابعة العدوية» إلى ميدان «المستشار هشام بركات»، وهو النائب العام الذي منح الإذن بعمليات الفض، ثم كان هو نفسه ضحية لتوابع وتداعيات الدم على الوطن فاغتالته خلية إرهابية في طريقه إلى مكتبه، وقد كان بإمكان الحكومة أن تجامل ذكرى المستشار الراحل بإطلاق اسمه على الميدان الذي كان يسكن فيه، أو الميدان الذي كان يقع في نطاقه مكتبه «ميدان الإسعاف»، ولكن، لأن ذكرى رابعة تشغل بال الجميع، وتهيمن على ذاكرة الجميع، وتضغط على أعصاب الجميع، ذهبوا ـ في حالة كيد بدائي ـ لإطلاق اسمه على الميدان الذي شهد المذبحة. أيا كانت التفاصيل وتحميل المسؤوليات هنا أو هناك، فإن مصر ستعاني طويلا ولسنوات مقبلة من تلك الذكرى الكئيبة، ولا أحد يعرف كيف سنخرج من لعنتها، وكيف سيتجاوزها أي مشروع سياسي أو تصالحي في المستقبل القريب أو البعيد» . نبيل عمر: اللعب بالدِّين أمر خطير أما زميلنا نبيل عمر في عموده «أوراق خاصة» في جريدة «التحرير» فقد ترك ما تناوله سلطان واتجه إلى قضية أخرى ليست بعيدة عن التيار الإسلامي هي الخطاب الديني قال: «يبدو أن البعض فهم دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني، على أنها «رسالة سرية» لدعمه من المؤسسات الدينية، وإصدار فتوى لصالحه، وبعد أن أفتى الدكتور علِي جمعة بأن «طاعة الرئيس من طاعة الرسول وأن عصيانه من عصيان النبي»، تقدَّم وكيل وزارة الأوقاف صبري عبادة، خطوة إلى الأمام وقال إن «الخروج عليه خروج على ثوابت الإسلام» فلم يعد عصيانه عصيانًا للنبي، ومعصية خطيرة بل خروج على ثوابت الدين كله، وقد رجعت بنفسي إلى ثوابت الدين فلم أجد المصدر الذي لجأ إليه هذا الشيخ ليأتي بفتواه العجيبة نحن نعيد الكرة، بالتفاصيل المملة، كما لو أننا لا نتعلّم ولا نفهم أن اللعب بالدِّين أمر خطير، وإقحام له في عالم السياسة الذي لا يتمتع بأي قداسة من أي نوع، بينما الدين مقدس في كل جوانبه. هؤلاء الشيوخ سواء الذين أفتوا لمرسي أو الذين يفتون للسيسي ينسون أمرًا جوهريًّا هو أننا جاوزنا القرن السادس الميلادي بخمسة عشر قرنًا كاملة». مؤتمر عالمي لتنظيم الإفتاء وفي «الوطن» الأحد نشرت حديثا مع المفتي الدكتور الشيخ شوقي علام عن المؤتمر العالمي لتنظيم الإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء في القاهرة وأجراه معه زميلنا وائل فايز وقال فيه المفتي: «ليس الأول عالمياً، لكنه الأول لدار الإفتاء المصرية، ونهدف من خلاله إلى إعادة الدور الريادي لـ«الدار»، كمؤسسة إفتائية عريقة لها ثقل علمي وتاريخي، والارتقاء بالإفتاء من أزمة الفوضى والجمود إلى الإفتاء الحضاري بمنهجه العلمي الفعَّال والأصيل، والتعرف على المشكلات في عالم الإفتاء المعاصر، ومحاولة وضع الحلول الناجعة، خاصة ما يتعلق منها بمعرفة المخرج الشرعي الصحيح من الاضطراب الواقع في عالم الإفتاء، لذا ارتأينا دعوة مجموعة كبيرة من كبار المفتين من أكثر من 50 دولة من قارات العالم أجمع في محفل علمي، لنتباحث معاً الوصول إلى حلول حاسمة لفوضى الفتاوى ووضع ميثاق للعمل الإفتائي ونرسخ لمبادئ الوسطية في الفتوى والنظر إلى المآلات، وإعمال الرخص في مجالها، والتعرف على مواطن الأخذ بالعزائم، وتفعيل المقاصد. ونهدف من خلال ما نتوصل إليه في حلقاتنا النقاشية خلال المؤتمر أن يكون حداً فاصلاً بين عصر فوضى الفتاوى، التي تتسبب في زعزعة استقرار المجتمعات، وأدت إلى التطرّف، وبين عصر الفهم الدقيق لطبيعة الدور الإفتائي وما يكتنفه من ضوابط يمكنها مع التطبيق أن ترتقي به إلى أعلى مستوياته وتسهم في عجلة البناء والتنمية. نسعى لإصدار ميثاق شرف للفتوى في العالم لمنع غير المتخصصين، وسنمد أيدينا لوسائل الإعلام لمنع غير المتخصصين وضبط عملية الفتوى، لإيجاد إجماع عالمي لمواجهة الإرهاب من خلال المؤتمر رصدنا عشرات الفتاوى المتطرفة عبر مرصد التكفير بدار الإفتاء وتمت مواجهتها والرد عليها وتفنيدها، فضلاً عن إصدار ما يزيد على 25 تقريراً». قانون الإرهاب قدم خدمات جليلة للإعلام الأجنبي قانون الإرهاب الذي وقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 17/8/2015، صدر وكأن مصر، قطعة جغرافية تعيش وحدها على كوكب آخر! ويفترض أنه لا يوجد صحافيون إلا في مصر!.. وأنه لا يوجد خارجها، صحف ومواقع إلكترونية ومؤسسات إعلامية ضخمة وعابرة للحدود والقارات.. هذا ما بدأ به محمود سلطان مقاله في «المصريون» مواصلا كلامه: «وبمعنى آخر: يفترض ترزية هذا القانون، أنه إذا قُطعت ألسنة الصحافيين في مصر، فلن يتكلم آخرون خارجها، بشأن ما يجري فيها من قمع وعمليات إرهابية و»السكوت» على أخطاء سياسية وأمنية في مواجهته. ففي الوقت الذي كان فيه القانون قد صدر لتوه، فإن محطات إخبارية ومواقع إلكترونية عالمية وتحظى بالمصداقية والمهنية وواسعة الانتشار، كانت تنشر تقارير عن عمليات إرهابية ومحاكمات لقيادات في مؤسسات حساسة، لو نشرتها الصحف المصرية، فإن مصيرها ومصير صحافييها سيكون ـ وبحسب قانون الإرهاب ـ أبعد مما هو وراء الشمس. هذه التقارير نشرت على نطاق واسع، وعلى صدر الصفحات والمواقع الأجنبية الناطقة بالعربية، وبالتأكيد اطلع عليها العالم كله، وقطاع كبير من المصريين، ومن بينها أخبار بالغة الخطورة، ماسة بالمؤسسات التي وقفت وراء صدور هذا التشريع، المؤسس لدولة الظلام. العالم كله قرأ التقارير، واطلع عليه مصريون، ولم يستطع القانون حجبها أو منعها من الوصول إلى «الجمهور المستهدف».. بل إنها سببت حرجًا شديدًا للسلطات المصرية، ففي حين غلت يد الصحافيين المصريين عن النشر، فإنها لم يصدر منها ما ينفي أو يؤكد ما نشر.. ما يشير إلى مستوى الارتباك، داخل الإدارات الرسمية التي خصها القانون، وحدها دون غيرها، بإصدار البيانات وجعلها مصدرًا وحيدًا لا شريك له للمعلومات، وإلزام الصحافيين بها، وإلا كان مصيرهم التجويع والتشريد والسجن.. والعمل على تنظيف دورات المياه للسادة ضباط الشرطة في أقسام البوليس. صباح يوم 18/8/2015، نشرت صحف أجنبية تقارير عن الإرهاب في سيناء، وتضمن بعضها إدانة واضحة للسلطات المصرية، ولم تعفها من مسؤولية تهيئة الأجواء المساعدة على العنف، بسبب السياسات الأمنية التي لا تخضع عادة للمراجعة. ما أريد قوله: إن القانون سيبقى سيفًا مسلطًا على رقاب الصحافيين المصريين.. ولكنه لن يوقف من تدفق التقارير والأخبار الأجنبية، التي تنقل مشاهد العنف وتفاصيل المواجهات مع الإرهابيين، سواء كانت حقيقية أو مبالغًا فيها، أو كتبت بنزعة تآمرية.. وسيجعل بالضرورة مواطنين مصريين، شغوفين بالبحث عن الأخبار من مصادر أجنبية، بما فيها مواقع «داعش» على الإنترنت، وقد يصدقها، بسبب خبرته الطويلة والسيئة مع مصداقية الإعلام الرسمي. وفي المحصلة الأخيرة فإن القانون أساء إلى النظام، وعزز من صورته «القمعية» في عيون العالم.. فيما قدم خدمات جليلة للإعلام الأجنبي «المتآمر» على الدولة.. وخدمة أكبر لإعلام «داعش» الإرهابي.. الذي سيجد فراغًا إعلاميًا وطنيًا.. سيتمدد فيه بطريقته الدعائية والمؤثرة في تجنيد المزيد من المقاتلين». نور الشريف أخيرا إلى الحكايات والروايات وستكون عن الفنان الراحل نور الشريف وكتبتها في مجلة «روز اليوسف» يوم السبت زميلتنا الجميلة شيماء سليم وجاء فيها: «كان الشريف من أكثر المتحمسين والمدافعين عن القضية الفلسطينية، حيث انسحب من إحدى الحفلات التي كان يتم تكريمه فيها، بعد أن قام المونولوجست عادل الفار، بتقديم فقرة كاريكاتيرية عن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وفي مناسبة أخري كتب نور «بيانا باسم السينمائيين ونقاد السينما العرب في مهرجان فينسيا عام 1982 يعلن فيه عن موقفه المساند للقضية الفلسطينية بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأرسل برقيات إلى عرفات والملوك والرؤساء العرب بعد هذا البيان بعشر سنوات تخرج إلى النور وثيقة تعبير «الشريف» عن دعمه للقضية الفلسطينية وهو فيلم «ناجي العلي» الذي قام ببطولته وإنتاجه وقام بإخراج الفيلم الراحل عاطف الطيب، وتم عرض الفيلم للمرة الأولى في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1992. عقب عرض الفيلم شنت الصحف المصرية القومية هجوما عنيفا على نور وعلى خلفية انتقاده السابق لاتفاقية كامب ديفيد وعصر الانفتاح في عهد السادات، وقادت جريدة «الأخبار» الحملة الشرسة بمقالة إبراهيم سعدة رئيس تحريرها تحت عنوان «من أجل حفنة دولارات» كتب فيها أنه بقدر تقديره وحبه لنور الشريف كفنان مهم، إلا أنه لن يتسامح معه في سقوطه بسبب هذا الفيلم، المرفوض الذي ساهم نور في إنتاجه، وقام ببطولته وتناول فيه قضية فنان كاريكاتير متواضع الموهبة فلسطيني الجنسية جند ريشته لسنوات طويلة متصلة، وحتى آخر يوم في حياته من أجل التشهير بمصر. استمر الهجوم على الفيلم من معظم الصحف الموالية للحكومة، وفي الوقت نفسه استمر الاهتمام بالفيلم وتم عرضه في بعض الجامعات والجهات الثقافية. هدأت الحرب مع تدخل بعض المسؤولين في الدولة، ثم اتصال صفوت الشريف وزير الإعلام في عهد مبارك بالفنان نور الشريف ليطلب منه القيام ببطولة مسلسل «الثعلب». وكان التلفزيون أرسل له سيناريو المسلسل وتردد في قبوله ولكن صفوت الشريف أكد له بوضوح أن «الثعلب» مسلسل مخابرات من إنتاج التلفزيون المصري، وأنه سوف يؤدي شخصية الضابط المصري وهذا كله يؤكد أن الدولة ليست ضده وأمام هذا الموقف من الدولة قبل نور الشريف العمل في المسلسل. حسنين كروم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
عمان ـ «القدس العربي»: لا تقف حادثة اعتداء عشرات الضيوف العراقيين على شاب ورجل أمن في الأردن عند محطة السؤال السياسي والديمغرافي الذي يتردد أصلا في كل القنوات المحلية، بقدر ما تتجاوز باتجاه التذكير بحادثة مماثلة تم فيها الاعتداء على ناشط أردني وأمام الكاميرات من قبل حرس السفير العراقي قبل نحو عام. عمان من عائلاتها لنخبها ولصالوناتها مشغولة هذه الأيام في تناقل الأنباء عن مشهد «العنف العراقي» الذي شهده شارع حيوي في عمان الغربية مقابل أحد الفنادق. القصة التي أثارت انتباه وقلق حتى المراجع السياسية في الأردن بدأت مع شبان عراقيين ضيوف ضمن دورة أمنية للتدريب يتجولون خلال إجازة بسيارة فارهة ويتوقفون لمضايقة فتاة أردنية تعبر الشارع. يثير المشهد حمية شاب أردني فيتدخل لحماية الفتاة من سلوك تحرشي، لكنه يضرب بصورة خشنة وجماعية قبل ان تتدخل دورية أمنية للشرطة الأردنية في الجوار فتتعرض هي الأخرى لاعتداء الشبان العراقيين الذين تجمعوا بالعشرات في استعراض خشن في الشارع بعد استدعاء بعضهم بالهاتف الخلوي من أحد الفنادق. الشبان العراقيون كانوا بصدد التجمع للمشاركة في تدريب أردني، ومناطق عمان الغربية تعتبر من مناطق النفوذ لطبقة رجال الأعمال والنافذين من الضيوف العراقيين. طبعا مارست السلطات الأردنية كل مظاهر ضبط النفس وأظهرت ميلا لاحتواء الحادث حتى لا يستثمر في إثارة نقاش سياسي، وفيما كان السفير العراقي في عمان يبدأ بإجراءات مصالحة «عشائرية» وقانونية للمشكلة مطلقا حزمة من التصريحات الإنشائية والدبلوماسية في هذاالسياق، في هذا الوقت بدأت ماكينة التدوير السياسية تعيد إنتاج الجدل حول كلفة ونفوذ التركيبة الديمغرافية التي تعاني منها عمان العاصمة تحديدا هذه الأيام. المشكلة أثارت جدلا عاصفا على مستوى وسائط التواصل الاجتماعي وصدرت دعوات لطرد العراقيين المتسببين بالمشكلة واتهمت السلطات المحلية بالتساهل لأن الاعتداء على رجال أمن في الأردن بالعادة ليس من السلوكيات المألوفة. وتم تنظيم حملات على فيسبوك تطالب بأن يتأدب الضيوف وبأن تتخذ إجراءات غير متساهلة تجاه أي مخالفات للقانون، وهو ما تم بخصوص قضية الشبان العراقيين سالفة الذكر ولكن من دون احتواء الجدل المتعاظم في السياق. النقاش الأعمق في نمو واضح للاعتراضات النخبوية على التساهلات الحكومية في استضافة وتسهيل إقامة ملايين الضيوف العرب في البلاد وتحديدا من السوريين والعراقيين، في الوقت الذي تبرز فيه مشكلات شح الموارد والمياه والضائقة الاقتصادية في الوقت الذي تعتبر فيه الاعتراضات ان هذه التسهيلات تنضج على حساب ومصالح المواطن الأردني. من جانب الحكومة، المنطق المستعمل يؤشر على أن حركة النشاط الاقتصادي للمغتربين والضيوف والمقيمين واللاجئين، هو السبب في الحفاظ على نسبة منطقية من السياحة العربية أولا وتنشيط الدورة الاقتصادية والتجارية ثانيا. لكن نوابا في البرلمان يقولون علنا بأن هذه الإيجابيات تتواضع قياسا بالتأثيرات الناتجة عن خلط التراكيب الديموغرافية وآثاره على رفع أسعار العقارات والخدمات ومنافسة الأردني على خدمات الكهرباء والماء والتعليم والصحة. مخاوف فعاليات البرلمان تتزايد من تكثف «مراكز القوى» التي تتشكل في عمق المجتمع الأردني وتمثل المقيمين والضيوف المنتجين لإيقاعات عامة لا يمكن نكرانها، وبصورة تترافق مع تحديات ومشكلات «أمنية» لا يمكنها إسقاطها من الحساب المعمق، خصوصا في ظل الاعتراف الأمني بأن البلاد تشهد أو بدأت تشهد بين الحين والآخر «نسخة سورية» من الجرائم المنظمة وغير المنظمة ونسخة عراقية أقل حضورا. حجم القضايا التي تسجل في المحاكم الأردنية اليوم وبين أطرافها عراقيون أو سوريون يزيد، وكذلك حجم التداخلات الأمنية وشكاوى المراكز الأمنية ونزاعات المجتمع ومشاجرات الشارع، وفي الوقت ذاته يعلن وزير الداخلية سلامة حماد أن إجراءات هيبة القانون ستطال كل الأطراف والمحافظات. بسام البدارين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
بيروت ـ «القدس العربي»: نبهت المديرية العامة للأمن العام إلى «أن التسريبات المتعلقة بالشيخ أحمد الأسير غير دقيقة»، ولفتت في بيان صادر عنها إلى ما يلي «تنشر بعض وسائل الإعلام أخبارا وتسريبات وسيناريوهات تتعلق بعملية توقيف الشيخ الفار أحمد الأسير واعترافاته خلال التحقيق معه، بالإضافة إلى ظروف ومكان توقيفه، وتنسب هذه الوسائل معلوماتها إلى مصادر أمنية أو مصادر مطلعة. تنبه المديرية العامة للأمن العام أن كافة هذه المعلومات والأخبار المتداولة هي غير دقيقة وغير صادرة عن أي مصدر في المديرية، وتأمل من جميع وسائل الإعلام تقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها في نشرها للمعلومات، تسهيلا لتنفيذ المهام لاحقا». وكانت معلومات صحافية ذكرت «أن الأسير في يومه الثالث في «ضيافة» الأمن العام تحول إلى عبء على معظم داعميه أو المتضامنين معه محليا، بدليل أن الأسماء اللبنانية التي اعترف بأنها كانت تموله في زمن «إمارة مسجد بلال بن رباح»، ظلت في معظمها في السنتين الماضيتين، أي أثناء فترة التواري، تقدم اليه أموالا «لتسهيل أموره وعائلته وبعض المقربين»، وهي معادلة لم تقنع المحققين، خصوصا أنه كان لا يكتفي بالأموال لهذه الغاية، بل قدم دعما لمجموعات إرهابية بغرض شراء أسلحة وذخائر ووسائل اتصال، وأبرزها مجموعة الموقوف الشيخ خالد حبلص في بحنين في قضاء المنية في الشمال. وتوقعت صحيفة «السفير» «أن يتمحور التحقيق حول الشق السياسي قبل حوادث عبرا وبعدها، ومن ضمنه طبيعة علاقاته السياسية والأمنية داخليا وخارجيا، وذلك استنادا إلى خريطة تعقب للاتصالات عمرها أكثر من أربع سنوات، وتشمل ليس الأسير وحده بل معظم المقربين منه. وكان لافتا للانتباه أن الأسير أمضى، غداة فراره من مسجد بلال بن رباح، معظم وقته في منزل استأجره قرب «مسجد النور» في حي حطين في مخيم عين الحلوة، على مقربة من مركز لأحد التنظيمات السلفية، فيما كان يقيم فضل شاكر في منزل آخر في الحي نفسه، وذلك بسبب خلاف اندلع بين الاثنين، خصوصا بعد أن حاول الأخير فتح قنوات أمنية تفاوضية بعث خلالها رسائل متعددة إلى أجهزة أمنية لبنانية أقسم خلالها اليمين أنه لم يطلق رصاصة أثناء معركة عبرا وأن دوره اقتصر على التحريض، وطلب ضمانات قبل تسليم نفسه، وهو الأمر الذي أثار غضب الأسير وجعله يبتعد عنه نهائيا! وأظهرت خريطة تنقلات الأسير، أنه زار منطقة الشمال مرتين على الأقل (مرة بضيافة حبلص في بحنين ومرة ثانية بضيافة شخصية شمالية ثانية تكتمت الجهات الأمنية حول اسمها)، وكان يتردد على منطقة شرحبيل وتحديدا على منزل لأحد معاونيه هناك (نصب له أكثر من كمين بالقرب منه، وكان الأخير في شهر تموز/يوليو المنصرم)، كما زار جدرا مرة واحدة، حيث أقام ليلتين في منزل عبدالرحمن الشامي قبل توجهه إلى المطار. وما توقفت عنده الجهات الأمنية المعنية، هو تعامل بعض المرجعيات الرسمية اللبنانية مع توقيف الأسير بطريقة مرتجلة، اذ إنها فور تبلغها نبأ توقيفه، سارعت فورا إلى تسريب النبأ، الأمر الذي قطع الطريق على المجموعات التي كانت في طريقها إلى جدرا لإلقاء القبض على الشامي وعدد من المتوارين الذين أقر الأسير بأسمائهم سريعا بصفتهم كانوا يسهلون عملية دخوله إلى عين الحلوة وخروجه منه. وكان واضحا من خلال أجوبة الأسير أنه لم يكن ينوي بعد وصوله إلى نيجيريا القيام بأية حركة توحي بأنه قد غادر الأراضي اللبنانية، وذلك مخافة أن يرتد ذلك سلبا على فلوله في لبنان، بل هو كان يريد الاستفادة من قدرته على الحركة في نيجيريا بحماية مجموعة لبنانية ـ فلسطينية، لأجل تعزيز حضوره الإعلامي محليا والإيحاء للأمن اللبناني، أنه برغم تضييق الخناق عليه، يستطيع أن يتحرك إعلاميا، وخصوصا عبر مواقع التواصل والبث الدوري للرسائل الصوتية. وتوقف المحققون عند النبرة القاسية التي تميز أجوبة الأسير خلال حديثه عن «تيار المستقبل» وآل الحريري، وهي لغة شبيهة بتلك التي استخدمتها إحدى زوجتيه أمام إعلاميين زاروها إذ قالت لهم إن النائبة بهية الحريري «وفت بوعدها لأهالي موقوفي أحداث عبرا عندما وعدتهم بالإفراج القريب عن معظم أولادهم وكذلك بصدور أحكام مخففة بحق البعض الآخر، وذلك مقابل تعهدها لهم بتعليق المشنقة للأسير!». في هذه الأثناء، قلبت عملية توقيف الأسير الأمور رأسا على عقب في المسار القضائي لملف موقوفي أحداث عبرا في حزيران/يونيو 2013. وبعد أن كانت القضية تسير نحو إصدار الحكم على 74 مُدعى عليهم في أقل من شهرين، أضحى وكلاء الدفاع عنهم مقتنعون أن «لا محاكمات في المدى المنظور». من جهتها، أعلنت زوجة الأسير أمل شمس الدين المنقبة بشكل تام «أن زوجها لم يخلف وعده بهروبه من المعركة». سعد الياس [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
جنوب دمشق ـ «القدس العربي» أعلنت «جبهة النصرة» في الثامن من شهر آب/أغسطس الجاري، عن تسليمها لكافة نقاط تمركزها في ريف حلب الشمالي إلى «الجبهة الشامية» التابعة للمعارضة السورية المسلحة، ضمن اتفاق عسكري أبرم بين الجانبين، النقاط التي تخلت عنها «النصرة» لصالح «الشامية»، تعتبر نقاط تماس مباشر بين جبهة النصرة، وتنظيم «[/size]