تزامنت مؤخرا قضية وشاية احدى المنتسبات الى مهنة الصحافة بزميل لها في مصر، ما ادى الى القبض عليه بتهمة “الانتماء الى الاخوان”، مع صدور قانون مكافحة الارهاب، ومادته رقم (35) التي تعتبر “تاريخية” في انتهاكها لحرية التعبير، ويتوقع كثيرون ان تؤدي الى الطعن بعدم الدستورية على القانون.
وانتج هذا التزامن صورة قاتمة لمستقبل حرية الصحافة التي “اصبحت ممارستها جريمة” حسب بيان لمنظمة “مراسلون بلاحدود” امس الاول، وهذه منظمة مهنية محترمة، وليست متهمة من النظام المصري، مثل منظمات حقوقية دولية اخرى، بتسييس الاحداث لمصلحة جماعة “الاخوان” ومن يدعمونها. واعتبر صحافيون مصريون كثيرون ان هذا القانون يقضي عمليا على مهنة الصحافة اذ جعل مهمتها فقط ان تبلغ الناس ما تقوله الاجهزة الامنية بالنسبة الى الاعمال الارهابية، والا الغرامة التي تتراوح بين مائتي الف وخمسمائة الف جنيه، وهو مبلغ خرافي بالنسبة للاغلبية الساحقة من الصحافيين الذين سينتهون في السجن مع عجزهم المؤكد عن دفعه. وهكذا التفت هذه الصياغة الجديدة للمادة من اجل ابقاء عقوبة الحبس التي تتعارض مع الدستور. وعلق احد الصحافيين بأنه حتى اذا كان يملك هذا المبلغ فالمؤكد انه سيفضل دخول السجن على ان يدفعه للحكومة ويترك اولاده يتشردون في الشوارع. والغريب ان يصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي هذا القانون القمعي بعد كل الحراك الثوري الذي عرفته مصر خلال السنوات الماضية، وهو ما كان عجز عنه الرئيس المخلوع حسني مبارك قبل عشرين عاما (كان معروفا حينئذ بالقانون 93) بعد ان قرر الصحافيون النضال لاسقاطه، وهو ما حصل فعلا بالرغم من حجج مبارك ومبرراته بشأن العمليات الارهابية التي كانت عرفتها مصر في عقد التسعينيات. وحاولت الحكومة امس ان تطمئن الصحافيين بأن القانون “موجه ضد الاخوان والارهابيين فقط”، لكن الواقع هو ان عدم وجود القانون في الماضي، لم يمنع اعتقال الآلاف واصدار احكام اعدام بالجملة، وهو مايشير الى ان الهدف من اصداره القمع المباشر للمجتمع، بفضل نصوصه المترهلة التي تسمح باتهام اي شخص بالارهاب اذا كتب مقالا او خبرا يمثل “مساسا او تهديدا للسلم الاجتماعي” (..) من وجهة نظر النظام على سبيل المثال. اما حديث رئيس الوزراء عن ضرورة توافر “شرط التعمد” لتطبيق القانون فلايمثل ضمانا قانونيا، ناهيك عن ان هذا الكلام غير موجود في المادة 35 سيئة السمعة. اما بالنسبة للاختراق الامني للمؤسسات الاعلامية فليس جديدا، لكن الجديد حقا هو ان تتحول المؤسسات الى “ادوات امنية اساسا” من حيث وظيفتها، وتكوينها. ويدرك من يملكون خبرة العمل في الصحافة المصرية ان وجود واحد او اكثر من “الامنجية” او المتعاملين مع الامن كان دائما “شيئا طبيعيا ومعروفا للجميع″ في المؤسسات الصحافية، لكن ما حدث منذ نهايات عهد مبارك وتفاقم مؤخرا هو ان “المشكلة لم تعد في وجود الامنجية، ولكن في عدم وجود صحافيين اصلا” كما يتندر صحافيون، بالاشارة الى العدد الكبير من عملاء الامن. وكان ايجابيا ان يخرج اعلاميون مصريون امس مطالبين بتطهير بلاط صاحبة الجلالة الصحافة من “الامنجية” حفاظا على سمعتها ودورها، لكن من المهم ان يسأل احد لماذا تحدثت وسائل الاعلام فقط عن الوشاية الامنية بهذا المصور الصحافي، وتغاضت عن برامج يومية واعلاميين “كبار جدا” لا ينكرون اصلا علاقاتهم بالامن؟ ناهيك عن اولئك الذين ظهرت اسماؤهم (وبعضهم يعتبر نفسه من ابطال ثور يناير وثورة يونيو وربما اي ثورات اخرى على الطريق) في تسجيلات تؤكد انهم يتلقون تعليمات مباشرة من النظام حول ما يجب ان يقولوه بل وكيف يقولونه. واخيرا فمن حق النظام المصري وواجبه في آن مبدئيا ان يعيد النظر في القوانين لضمان تحقيق الامن والاستقرار ومحاربة الارهاب، ضمن منظومة شاملة للاصلاحات التعليمية والسياسية والاقتصادية، لكن ما فعله قانون مكافحة الارهاب هو انه قدم اكبر خدمة للارهاب الذي يفتقر الى اي حاضنة شعبية في بلد معروف تاريخيا بالاعتدال ثقافيا وايديولوجيا. اما اعتماد “الاعلام الامني” متحدثا باسم النظام فسيؤدي حتما الى افقاده مصداقيته، وسيعيد الى ذاكرة المصريين نوعا من الاعلام تواكب مع كوارث ونكسات تاريخية، لن يسمحوا بتكرارها.
يبدو أن الكيان العنصري الصهيوني قد تنبّه منذ النكبة لخطورة الحيوانات والأدوار الغامضة والواضحة التي يمكن أن تقوم بها! ولعل نجاة سعيد أبي النحس المتشائل من سيل الطلقات التي أطلقها الجنود الإسرائيليون صوبه في رواية إميل حبيبي، كانت بداية هذا الانتباه، لأن سعيدا يوما نجا بفضل ذلك الحمار الذي اختبأ خلفه! في الانتفاضة الأولى ابتكرت بيت ساحور أسلوبها الخاص في المقاومة، حيث لجأت ثانية لنوع آخر من الحيوانات، هو الأبقار، لاستخدام حليبها لمقاطعة الحليب الإسرائيلي، يوم أدرك الفلسطينيون أن أطفال الثورة، أطفال الشعوب التي تنشد حريتها، لن يتحرروا أبدا إذا ما شبّوا على حليب قوات الاحتلال. أتيح لي أن أستمع لقصة البقرات، وتسجيلها، عام 1990 من أفواه عدد من سكان بيت ساحور، إضافة لحكايات أخرى، وقد ظلت تلك الحكاية حاضرة في ذهني طوال الوقت، لتطويرها كعمل روائي؛ وتكررت فرصة الاستماع ثانية للحكاية من أفواه أبطالها، مرة ثانية، في خريف عام 2013، وتضاعف حجم اهتمامي بها. حكاية البقرات، البقرات التي تحوّلت إلى هاجس إسرائيلي، باعتبارها تهديدا لأمن خامس أقوى دولة في العالم، تحولت إلى فيلم وثائقي جميل يدور العالم هذه الأيام في عروض متتالية، حيث يقابل بالترحيب. وبغض النظر عن السؤال حول مدى سعة المساحة المتاحة للفيلم الوثائقي لكي يتحرّك في أجواء الفيلم الروائي، أو الخيالي، مضيفا أحداثا، ومغيّرا أحداثا ومصائر، ومبتكرا نهايات أخرى، ورؤى يمكن أن تناقش، إلا أن (المطلوبات الـ18)، أي البقرات، لعبن دورا رائعا في كشف هشاشة نظام عنصري يرعبه الحليب، هذا الكيان الذي يتفنن في إصدار أحكام بمئات الأعوام على مناضلين فلسطينيين، كما لو أن إمبراطوريات الظلم التي سبقته، وقامت على الدم، لم تزل بكامل عافيتها! إنها العنصرية التي تبيح لهذا الكيان أن يكون على يقين بأن الموت للآخرين والحياة واستمرارها له وحده! ثانية، تذكّر الإسرائيليون حمار المتشائل، حين شنّوا حملة غير عادية على حمار قرية قريوت قرب نابلس، إذ انفجر فيهم الهاجس الأمني ثانية، فهاجم مستوطنو (عليله) المجاورة لقريوت، معززين بالجنود حمار فلاح فلسطيني، وهم يطلقون النار صوبه، بحجة أن الحمار يشكل مصدر إزعاج لهم. وهكذا اجتاح المستوطنون والجنود حديقة البيت والمزروعات المحيطة به، ودمروا كل ما في طريقهم، حجّتهم أن البقعة التي رُبط فيها الحمار، خاضعة للمنطقة (ج)! وحين سأل صاحب الحمار ولكن أين أربطه؟ رد الجنود: بأن الارتباط العسكري الإسرائيلي سيحدد مكان ربطه، وسنبلغك بذلك! الإمبراطورية الصهيونية العظمى! العابرة للماضي والمستقبل بكل ثقة! لا تكتفي بمستوطنيها وجنودها لاجتياح الحقول والبيوت الفلسطينية، وحرق الصغار والكبار، فقد تبين لها أن الخنازير البرية يمكن أن تكون عنصرا فعالا في إقلاق راحة الفلسطينيين ليلا ونهارا، وتدمير محاصيلهم، ومنعهم من الاقتراب ليلا من كرومهم، ولهذا التدبير فائدة كبيرة أيضا، إذ يحرم الفلسطينيين من الوجود في أرضهم ليلا، ويمنح المستوطنين الفرصة لحرق هذه الكروم وتقطيع أشجارها. يتساءل المرء: ما الذي فعلته الأشجار ليقوموا بإعدامها بكل هذه القسوة؟! أي بشر هؤلاء الذين يكنون كل هذا العداء لزيتونة؟! المهم أن الإسرائيليين يستعينون بقطعان الخنازير، فتأتي بها شاحنات وتلقيها في الأراضي الفلسطينية، ويمدّ المستوطنون يد العون لهذه الخنازير بإلقاء فضلاتهم خارج الأسوار والأسلاك الشائكة التي تقبع خلفها مُغتصَباتهم. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ، فالتقارير تقول إن إسرائيل لا تكتفي بقوات الخنازير البرية هذه، بل تلجأ إلى التشكيلات الجوية، فتقوم بإنزال هذه الخنازير بالطائرات في بعض المناطق التي لا تستطيع الشاحنات الوصول إليها! ها قد التقت قوات الجو والبر لمداهمة حقل بطيخ أو ذرة أو خيار، واجتياح أسوار بستان رمان أو مشمش أو أجاص أو تين؛ وبات على الفلسطيني الذي يستخدم هاتفه لينذر ابنه أن هناك حاجزا عسكريا مفاجئا على طريق البيت، أن يحذره: هناك مجموعة من الخنازير البرية القاتلة تطوف حول البيت، أو في الحقل المجاور له، فكن على حذر، أو: امض ليلتك حيث أنت! في أحيان قليلة، يحدث أن يتمكن فلسطيني من قتل خنزير. بالطبع، هنا سيواجه بتهم أقلها إبادة هذه المخلوقات المسالمة، كما حدث قبل أسبوعين، إذ طوّرت الإمبراطورية الصهيونية قدراتها، وعززت انتشار الخنازير بالضباع، ومنحت لهاتين الفصيلتين المسالمتين حصانة خاصة تلزم الفلسطينيين (المتوحشين) بمراعاة كامل حقوقهما في التدمير والقتل والاجتياح وبث الرعب. في الأسابيع الماضية، التي شهدت إحراق الطفل علي الدوابشة وأسرته، وقيام الجيش بإعدام شبان فلسطينيين بدم بارد، تجاوز الفلسطينيون حدودهم حين قاموا بقتل ضبع في منطقة الخليل، فثار الإعلام الصهيوني واصفا الجريمة بأنها: وحشية! الإسرائيليون، كانت حجتهم أن الضبع نادر، ولا يعرف المرء هل سيختلف الأمر لو أن الضبع غير نادر؟! إذ يبدو أن الضباع كلها نادرة في نظرهم. ثم ماذا عن الخنازير البرية؟ هل هي نادرة أم غير نادرة في عرف هذه الأمة المتحضرة؟! العناوين كانت كالتالي: (القناة السابعة: فلسطينيون ضربوا ضبعا نادرا حتى الموت. موقع 0404: ما حجم وحشية هؤلاء؟ (الفلسطينيون) يديعوت أحرونوت: عمل غير مقبول أخلاقيا). مشكلة الفلسطينيين أنهم لا يستطيعون مواجهة الخنازير والضباع، لأن ذلك سيضعهم تحت طائل المسؤولية، كما أنهم ممنوعون من حمل السلاح بالطبع، أما قوات أمنهم الوطني فهي لا تستطيع إطلاق النار من البنادق التي بين يديها، حتى على كلب ضال، في 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية المسماة مناطق (جيم). لذا، وأمام وضع شائك كهذا، لا يبقى علينا سوى أن نتفهم إنسانية قوات الأمن الفلسطينية، وحرصها الشديد على إعادة سلاح الضابط الإسرائيلي في كتيبة «كفير» المسؤولة عن الاعتقالات الليلية بالضفة المحتلة، السلاح الذي فقده في الخليل مؤخرا، بعد حملة تفتيش تكللت بالنجاح! فمن يعرف، فقد كان يمكن أن يقوم (متوحش) فلسطيني باستخدام هذه البندقية في قتل ضبع أو خنزير. هكذا تقوم السلطة بحكمتها وبُعْدِ نظرها بحماية الفلسطيني من طيشه ووطنيته، فدرهم وقاية، عند هذه السلطة، خيرٌ من تحرير حقل مزهر وبستان مثمر من فيلق ضباع أو كتيبة خنازير! إبراهيم نصر الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
[size] إنه إلههم، تمثل لهم على هيئة عمود سحاب في النهار وعمود نار في الليل، يحميهم من فرعون وجنوده، كما ذكر «سفر الخروج» في الكتاب المقدس، ليتحقق الخلاص الاسرائيلي من العبودية بعد استجابة فرعون للضربة العاشرة على مصر، وهي فلسفة دينية استحضرها الجيش الاسرائيلي في حربه الشرسة على غزة في عملية «عمود السحاب» عام 2012، مسخرا منظومته الدفاعية «القبة الحديدية» للتصدي لصواريخ المقاومة التي بدورها استندت إلى أسطورة دينية استعارت منها اسما لخطتها الدفاعية ضد العامود «الإله» الالكتروني المعاصر، حيث أطلقت على صواريخها: «حجارة السجيل»، متكئة على حكاية أبرهة الأشرم، الذي حشد الفيلة لهدم الكعبة فسلط عليه الله طيورا ترجمه بحجارة من جهنم، كما ورد في سورة الفيل في القرآن الكريم، وبين أسطورة جيش الاحتلال وأسطورة المقاومة الفلسطينية، هناك توظيف للمعجزة الإلهية التي تتدخل لإنقاذ أصحاب كل عقيدة من العقيدتين: اليهودية والإسلامية، ولكن ممن؟ إن كان الله واحدا، فهذا يعني أن المعجزتين لن تتحققا، لأنه لا يمكن لله أن يحارب نفسه، ولا يمكن له أن يهزم نفسه أو ينتصر عليها، وإن كان لكل طرف ربه، فهذا يعني أن المعركة لم تعد بين خصمين أرضيين: محتل غاصب وصاحب أرض مغتصبة، إنما هي بين ربين يخوضان حربهما في السماء، لتصفية حسابات عقائدية لا دخل لها بنا، ولا دخل لنا بها ! لن أناقش طبعا مسألة وحدانية الرب أو تعدده، لأن الأمر يتعلق بتقنية الشحذ النفسي وشد الهمم والعزائم في الحروب التي لطالما استندت إلى البعد الديني وخيضت باسم الأرباب والآلهة وتحت لوائهم منذ «إلياذة هوميروس» وملحمة «الأولمب» وحتى «طقطقات» شعبان عبد الرحيم التسطيلية، التي يعلن فيها كرهه لبني اسرائيل في الوقت ذاته الذي يتغنى فيه بالفراعنة الجدد «السادات ومبارك» حلفاء «العامود»، فسبحان مغير العواميد ! سورة المصالحة! إن كنت متأكدا وواثقا من ربك، فلا تخف من هذا النقاش، كل ما عليك فعله هو إدارة صحنك الفضائي وتوجيهه نحو قمر «فلسطين»، لتتابع برنامج «موضوع الملف»، الذي استضاف الأسيرة المحررة الدكتورة مريم أبو دقة – من الجبهة الشعبية – لطرح أكثر المواضيع سخونة في الساحة الفلسطينية هذه الأيام: هدنة بلير بين حماس واسرائيل ! الأسيرة الحرة أبو دقة أثارت ثلاثة مواضيع هامة تختصر الحالة برمتها: فلسطين بلد احتل منذ أكثر من قرن ولم يزل محتلا، فكيف يتم توقيع معاهدات طويلة الأمد مع عدو يمارس انتهاكاته اليومية ولم ولن تردعه أية صفقة سياسية؟ هل معقول أن «حماس» و«فتح» تعقدان مصالحات مع العدو، ولم تتمكنا حتى الآن من التوصل لمصالحة وطنية بينهما؟ فلسطين ليست لـ«حماس» ولا «فتح» ولا «الشعبية»، فلسطين لكل الفلسطينيين، ولا بد أن تتوحد كلمة الفصائل وينتهي الإنقسام، فليس من المعقول أن تكون هناك غزة ورام الله وتضيع فلسطين بينهما ! الضيف الآخر كان متحدثا باسم حركة فتح، التي استهجن عزلها وتهميشها في المفاوضات، مستنكرا ازدواجية موقف حماس، التي كانت تعتبر الهدنة خيانة عندما كان أبو مازن يطالب بوقف إطلاق الصواريخ واللجوء إلى التفاوض، مهددا باسم رئيس السلطة أية محاولة لاستثنائه، فأين السؤال؟ لم يتبق على الحمساويين والفتحاويين بعد نفاد ذخيرة الخصومة سوى الاقتتال على من يطعن ظهر أخيه أولا… لكي لا يصافح أخوه عدوه قبله! إن كان الله هو الذي قاد معركة المقاومين في الحروب الصهيونية على غزة، كما روج الإعلام وهلل، فلماذا يتخلى الطرف المقاوم عن قائد المعركة، وينسل إلى مائدة الوجبات التفاوضية المسمومة؟ على من سيفاوضون؟ على أساطيرهم الدينية التي خاضوا معاركهم تحت لوائها؟ أم على سنوات من الرصاص المصبوب والحصار الاضطهادي والقتل البطيء؟ لماذا لم يفاوضوا إذن قبل أن يتكبد أهل غزة كل هذا الألم والمعاناة؟ ترقبوا إذن احتفالا إعلاميا للحمساويين بالهدنة على اعتبارها طقسا دينيا يتنزل فيه الوحي بسورة المصالحة ! سدنة البلاط الإعلامي أين ذهبت كل الشعارات، والهتافات، والتخوينات، والاستعراضات العضلية بجنود لم تروها؟ ماذا عن حرب الأساطير الدينية، وكل العدة الإعلامية التي أعددتموها لترهبوا بها عدو ربكم وعدوكم؟ هل لنا أن نسألكم إذن: ماذا ستقولون لأبطال الأنفاق والخنادق؟ كيف سيصبح أعداء ربكم حلفاءكم؟ هل توني بلير هو الوسيط المؤتمن على عهود الآلهة؟ ما هو مصير المقاومة؟ ماذا عن تصفية معركة «الأمعاء الخاوية» في السجون بعد تخدير محمد علان وإجباره على تناول الطعام وهو في غيبوبة ! من سيأخذ بثأر الله من سدنة البلاط الإعلامي، الذين عادوا من كل المعارك بمعدات إضافية، على طريقة الجاهلية، فكلما جاعوا أكلوا ربهم، ورموا عظمه للملوك؟! مأزق فتونجي لن نبتعد كثيرا عن المحور الأول لهذه المقالة، فلم نزل في إطار توظيف الدين لصالح المصالح السياسية، حيث استضاف مكي هلال الكاتبة الصحافية فريدة النقاش ورئيس قسم الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور عبد الفتاح إدريس على قناة «بي بي سي» العربية بعد انعقاد المؤتمر العالمي للفتوى في القاهرة بغية الاتفاق على صيغة مشتركة للتنسيق بين رجال الدين لمواجهة التطرف وفوضى الفتاوى . لا تخش على مكي من سخونة القضية مهما بلغت حرارتها، فهو قادر على التحكم بدرجة غليانها طالما أنه يعدُّ و ينضج ضيفه جيدا بعد أن يُدخل الحوار إلى الفرن، هدفه في طرح أية مسألة لا يعتمد الإثارة الفارغة من المضمون، ولا توجيه اللكمات إلى الضيوف، والإطاحة بهم على الهواء، أو الإنتقام منهم، فهو لا ينافس سوى القضية التي يتوجه إليها مباشرة دون فذلكة إعلامية لا تصل للمسألة بقدر ما تركب على ظهرها فتسخرها لمآرب استغلالية، وهذا تحديدا ما دفع إدريس للتهرب من سؤال مكي أكثر من مرة، فهل خاف من مأزق الزمالة الفتونجية؟ هل كشف مكي أزمة مراعاة رفاق الكار لبعضهم على حساب مراعاة ربهم حين أفحم ضيفه وأخرجه عن طوره لما أصر على سؤاله حول توظيف الآيات القرآنية الخاصة بإرهاب العدو لأغراض سياسية راح ضحيتها شباب غرر بهم في حروب لم يكن لله فيها ناقة ولا جمل؟ لم يكن أمام الشيخ بد من الاعتراف بهذه الحقيقة، بعد حشره في الزاوية، وتركيز مكي على أسماء شيوخ وعلماء دين، واستشهاده بنصوص صريحة للقرضاوي في هذا الشأن، رغم ان إدريس رفض بشدة في بداية الأمر أن يتطرق للتخصيص والتسمية، إلا أنه رضخ أخيرا، وصرخ واحتد، محتجا على استغلال الدين وتسخيره لمآرب سياسية بحتة، ليضرب بعرض الحائط كل الأسماء الطنانة ويعلي راية الله في الـ»بي بي سي». لقد حرره مكي حين أخرجه من مأزق حرج الفتونجية، ليضعه أمام الحرج الأكبر: البث المباشر من حلبة الجحيم! بلوى تطبيق الإرضاع ! السؤال المتعلق بفتوى إرضاع الكبير كان من نصيب النقاش، الذي رأى أن هذا النوع من الأحكام الشرعية يصدر من فئة مؤمنة تماما بما تفتي به، ولا مجال لفرض معتقدات فئة على أخرى أو دحضها، لأن الممارسة تخص أصحابها، وليست مُلزِمة للآخرين، فهل نسلم بهذا أم نتأمله؟ الحقيقة أن المهزلة لا تكمن في الفتوى فقط، بل بإمكانية أو فرضية تطبيقها واقعيا، فحتى لو كانت هذه الفتوى مستنبطة من قياسات اجتهادية على مواقف أو أحكام مشابهة، لا أظن أن هناك من سيقوم بتطبيقها لدافع ديني بحت، فكثير من الفرائض لا تحظى بأي اهتمام شرعي، وكثير من المحرمات يُغض الطرف عنها، فإن طق شرش الحياء، ووجدتَ من لا يترك فرضا ولا نافلة في الدين إلا وأداها، حتى وصل لفتوى الرضاعة هذه، فدمعتْ عيناه من خشية الله، وأصر على تطبيقها، اسأله عن إيمانه أين هو في ما يتعلق بانتهاك وتدنيس بيوت الله وأنت تتمتع بروح رياضية، معتبرا الأمر حرية إيمان مكفولة لصاحبها ! جرى إيه يا جدعان؟ والله لولا أنني رجل حييّ وخجول، لقلت أكثر من هذا، ولكنني سأكتفي بما يشف ولا يصف، وأنا أستذكر السياب حين استنجد بربه ليريحه من ألمه صارخا: «أريد أن أموت يا إله»، فأي صرخة تليق بكل هذا العبث المخزي سوى صرخة الأمانة الوحيدة: أريد أن أخون يا إله ! ٭ كاتبة فلسطينية تقيم في لندن لينا أبو بكر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
الانطباع الذي خرجت به حالما أنهيت قراءة «إسكندرونة» لفضل مخدّر (ديوان الكتاب ـ توزيع بيسان ـ بيروت ط. أولى 2012) أنّ هذا النصّ الروائيّ هو أقرب ما يكون إلى نمط من الأدب الروائي «الملحمي» بالمعنى الواسع للكلمة؛ وأنا أشير في هذا السّياق إلى لوكاتش في «نظريّة الرّواية» إذْ يقدّر أنّ هناك شكلا جديدا للملحمة يعلن عن نفسه في بعض أعمال دوستويفسكي. فهذا النصّ يغطّي زمنيّة مطوّلة ويشتمل على شخصيّات عديدة، ولكنّ السارد يكتفي بوضع عدد محدود من الشّخصيّات في الصّدارة، على أساس دورها الأساسيّ والمفصليّ في مجريات القصّة مثل رنين وهاتف. وهو يحرص على إبراز فرديّة كلّ شخصيّة من هذه الشّخصيّات وتفرّدها إبرازا قويّا. ويتولّى توجيهها بحسب علاقاتها بمجمل الشخصيّات. ولعلّ هذا ما يدعو إلى التّساؤل عن علاقة النصّ بفعل المقاومة أو المغامرة المحسوبة. فهؤلاء الرّجال الملحميّون هم قبل كلّ شيء رجال يتحرّكون ويفعلون. لكنّ أفعالهم هي في الغالب مغامرات، بل هي معارك أو قلْ هي تتنزّل دائما في جنس المخاطرة؛ وهذا ما يميّز السّلوك الملحميّ، سلوك البطل حيث يتعلّق الأمر دائما بالمخاطرة الأشدّ، أي المجازفة بما هو أساسيّ لدى الإنسان: حياته. وإذا ما حدث وانزلقت إلى فضاء النص ـ وهذا يحدث في فصول كلّ هذه الرواية – مشاعرُ رقيقة فذلك ذو وظيفة جماليّة تتمثّل في إبراز التّعارضات الفاعلة والمؤثّرة في سير الأحداث التي تؤلّف الرواية على نحو ما تؤلّف مجموع الملحمة. ذلك أنّ الملحمة أو أدب المقاومة لطبيعته الدّيناميكيّة يحتاج إلى تعارضات أو تقابلات أي قوى متضادّة. تتمثّل هذه الرواية في قسمها الأغنى عالم المقاومة اللبنانيّة، ولكنّها لا تقدّم المقاوم من حيث هو النّموذج الإنسانيّ الفائق في عالم المثل، أي ذاك الذي يخرق القوانين الطّبيعيّة أو الشّخصيّة الملحميّة التي تضفي على البطولة معناها، وإنّما هي تتمثّل أكثر صورة الكاتب المتماهي بخطابه. وهي لا تتردّد في تقديم مساخر الممسوخين في عالم اضطربت قيمه ومثله، ولذلك نقف فيها على المضحك والغريب وكل ما هو متنافر في تجسيد بعض الشخصيّات. وعليه فلا غرابة أن ينزع الخطاب فيها إلى الكلام الشّفهيّ (المحكيّة اللبنانيّة) والسخرية والطّرفة الشائعة. ولعلّ أجلى ما يكون في شخصيّة رنين، وفي مونولوجها أو حديثها إلى نفسها؛ كلّما عثرت في ذاتها على ما تسخر منه عند الآخرين. سخرية من نفسها وهي تتملّى صورة ذاتها التي تعاني من وطأة عالم ثقيل أعمى وافد عليها، ولا طاقة لها على تحمّله. تقول رنين متحدّثة عن تربية أولادها: «بالطبع يا هاتف..هل تتصوّر أنّ تربية يمكن أن تستقيم بلا رادع؟…وإذا اعترضت عليه [زوجها مازن] أقنعني بقول النبي صلى الله عليه وسلّم «الولد ملكٌ سبع سنين، وعبدٌ سبع سنين، ووزيرٌ سبع سنين»… ص ـ 203 أو التمثّل بالقرآن «قلْ إنّما أنا بشرٌ مثلكمْ يُوحَى إليّ…» ص ـ 194 وص ـ 309 و372، أو الحديث المنقول عن الخليفة عمر بن الخطّاب» إنّما الاعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى…» ص ـ 191. وأقدّر أنّه لا مسوّغ لهذه «الحواريّة» سوى «الشهرزاديّة» [نسبة إلى شهرزاد] التي تكاد تكون سمة كلّ الشخصيّات، فكلّهم يقصّ ويحكي، حتى لكأنّ الرواية أشبه بسلسلة حكايات يتولّد بعضها من بعض، في تأصّل وتفرّع. والخيط إنّما تمسك به رنين أو شهرزاد كما أحبّ أن أسمّيها. بين شخوص مختلفة، تتراجع الكلامَ وتتجاوب: ما نلاحظه في هذا النصّ، أنه محاورات حوار بالهاتف بين «رنين» وهي امرأة مدرّسة في العقد الخامس، ومتكلّم اسمه «هاتف» نعرف منه أنّ زوجته المتوفّاة كانت تلميذة رنين، ثمّ حوار بين رنين وابنتها المتزوّجة. وتبدأ حياة رنين بالتغيّر ونكتشف عالمها كلّما تقدّمنا في الرواية وذكرياتها عن زوجها الراحل «مازن» وهو كاتب، وولدها حسام المقيم في دبي، وأنّ لها ولدين آخرين: طارق وحنان. ونعرف أنها تكتب الرواية من خلال حوار بينها وصديقتها «أمل». كما نكتشف عالم هاتف وعلاقته بالمقاومة اللبنانيّة والحاج نعمان، وأنّه موظّف ليليّ يعمل في مركز اتصالات، بل هو كاتب خواطر هي أقرب ما تكون إلى الشعر. ونعرف في الصفحة 143 لمَ سمّيَ هاتف»هاتفا». ونطّلع على جانب من حياته العائليّة وأنّ له ولديْن: نسيم وفاطمة. الكلّ في هذه الرواية يقصّ أو يحكي وكأنه يلعب لعبة شهرزاد، الأمر الذي يستوجب أن يتغيّر المتلفـِّظ والمخاطب كلاهما، فيتغيّر مقام التلفظ بتغيّر الجواب والردّ عليه. فهذه المحاورات تنحو منحى سرديّا، أو»مسرحيّا» والمتلفظ فيها ـ على ما يوهمنا ظاهر النصّ ـ إنّما هو السارد، أي الذي يقصّ. وهو يشارك في الحكاية أو القصّة التي يرويها. وهو من وجهة نظر أدبيّة «الخالق» أو هو «المؤلّف» أو «المنشئ» بعبارتنا، واقعا كان أم خيالا. ولا ينبغي أن ننسى أنّنا هنا إزاء خطاب مباشر، أي أنّ الأمر لا يتعلّق بمجرّد وحدتين نحويّتين مستقلّتين، فحسب، بل بمقاميْ تلفّظ متمايزين؛ وبالتالي فنحن إزاء متلفّظين اثنين. ومع ذلك يظلّ السارد ساردا. أمّا المتلفظ ما توخينا الدقة فهو ليس السارد ولا هو المؤلّف. وليس بالمستبعد أن يكون المؤلّف قد استأنس بسيَر أشخاص يعرفهم، بل الأقرب إلى الصواب أنّ «اسكندرونة» تقبس من سِيَر هؤلاء، وأنّ الكاتب عمد إلى تغيير أسمائهم بما في ذلك «رنين» وهاتف، غير أنّنا هنا إزاء «مدوّنة» قصصيّة هي ليست رسائل أو تصريحات صادرة عن المؤلّف ذي السيرة، وإنّما هي ثمرة عمل «جماليّ» معقّد، هو من سعي المؤلّف ـ الكاتب. ويتمثّل هذا العمل في صنع جهاز سرديّ شامل يندرج فيه السارد: الحبكة والشخصيات والموضوعات والأسلوب، بما في ذلك تخيّر سارد مغمور يتخذ وضعا مواربا أو هو مهذار لا يؤتمن على سرّ. وهذه كلّها تؤول إلى «خطّة» أو «سياسة» أو ما يسمّيه المعاصرون «استراتيجيا الكتابة»، وإلى مقصد هو مقصد المؤلّف بهذا المعنى الحصري للكلمة. وهو ما يُصطلح عليه بـ»المؤلف المتوهّم» أو «المؤلّف المتضمّن» أو «صورة المؤلّف النصيّة». إنّ جملا كثيرة في هذه الرواية، لا تحوي علامة تلفظ، فالمتكلّم لا يُظهر بأيّ شكل من الأشكال أنّه بصدد التكلّم، خاصّة أنّ هذه الجمل عامّة، وكان يمكن أن تتصدّر أيّ فصل، إذ هي تنضوي إلى ما يسمّيه المعاصرون «الخطاب الواصف». وبالمقابل فإنّ أقوالا أخرى يمتحها الكاتب من الأسطورة: حكاية الإسكندر وابن الراوندي والحمار والعجل وعزرائيل وسليمان الحكيم أو حكاية محمود المقاوم والتحقيق معه في عسقلان وكيف حماه المصحف حال التفجير. فهذه وغيرها تكشف عن حضور كلّ من ضمير التكلّم وضمير الخطاب. والسؤال: هل السارد في هذا السياق، هو الذي يتكلّم بخطاب الشخصيّة أم هل الشخصيّة هي التي تتكلّم بصوت السارد؟ الأمر في الأدب خاصّة يرجع إلى العلاقة الملتبسة بين العلامة والواقع؛ وهي التي أفضت إلى سجالات كثيرة ولا تزال. والسؤال: أنحن نتدبّر الواقع الذي ندركه على أساس من تفصيل اللّغة إلى علامات منفصلة، أم أنّ طريقتنا في إدراك آلواقع هي التي تلزم اللّغة أن تترتّب بطريقة وليس بأخرى، بعبارة أمبرتو إيكو. فاللّغة من حيث هي نظام من العلامات أو الرّموز تسهم في وصف الواقع. والسّؤال: هل هذا الوصف حياديّ نسبة إلى الواقع؟ بل ألا تؤثّر اللّغة في إدراكنا هذا الواقع نفسه؟ بل ألا يمكن أن يكون إدراكنا الواقع هو الذي يتدبّر اللّغة ويبنيها وينظّمها في هيئة دون أخرى؟ بل أنّ هذه الأسئلة لتتشّعب بنا إلى أسئلة أخرى شائكة: فهل العلامة فعل إراديّ؟ وهل المفاهيم التي نحملها هي التي توجد الأشياء، على نحو ما يزعم المثاليّون أم هل أن وجود الأشياء هو الذي يبتعث فينا وجود المفاهيم، على نحوما يزعم التجريبيّون ؟ والعلامة إنّما تستخدم لإبلاغ معلومة، ولقول شيء أو الإشارة إليه، شيء يعرفه أحد ما ويريد أن يتعرّفه الآخرون أيضا. وهذا وصف لنفعيّة العلامة، يستعيد فكرة الفعل الإراديّ الذي يؤدّيه مرسِل ما متوجّه إلى متقبّل ما. وتتوضّح هذه «الإراديّة» من خلال التّمييز بين العلامة المصطنعة والعلامة الطّبيعيّة. فالأولى تصدرعن الإنسان على قاعدة مواثيق خاصّة مضبوطة بقصد إبلاغ أحد ما شيئا ما. والثاّنية مصدرها طبيعيّ فهي لا تتعلّق بأيّ إرادة ولا بأيّ قصد. فهذا وغيره ممّا يستوقفنا في رواية فضل مخدر «التليفونيّة» يسوق إلى إحكام التمييز بين ذات متلفّظة وذات ملفوظة، عسى أن ندرك أنّ التلفظ في النصّ عمليّة مزدوجة أو أنّ هناك ساردا ثانيا يندسّ في فعل «قال». ولعلّ هذا ممّا يسوّغ القول إنّ المؤلّف كلّما تعلّق الأمر بالنصّ، مسرب من مسارب التأويل، أو هو آخر ما يرتسم من آفاق القراءة، أو هو «نقطة التهارب» في التأويل؛ إذا توسّلنا لغة الرسم حيث مثل هذه النقطة هي نقطة تتلاقى فيها الخطوط وكأنّها متهاربة. كاتب تونسي منصف الوهايبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: عصر “الإعلام الأمني” في مصر ونشرة القدس العربي اليومية الأحد 23 أغسطس 2015 - 0:01
الانطباع الذي خرجت به حالما أنهيت قراءة «إسكندرونة» لفضل مخدّر (ديوان الكتاب ـ توزيع بيسان ـ بيروت ط. أولى 2012) أنّ هذا النصّ الروائيّ هو أقرب ما يكون إلى نمط من الأدب الروائي «الملحمي» بالمعنى الواسع للكلمة؛ وأنا أشير في هذا السّياق إلى لوكاتش في «نظريّة الرّواية» إذْ يقدّر أنّ هناك شكلا جديدا للملحمة يعلن عن نفسه في بعض أعمال دوستويفسكي. فهذا النصّ يغطّي زمنيّة مطوّلة ويشتمل على شخصيّات عديدة، ولكنّ السارد يكتفي بوضع عدد محدود من الشّخصيّات في الصّدارة، على أساس دورها الأساسيّ والمفصليّ في مجريات القصّة مثل رنين وهاتف. وهو يحرص على إبراز فرديّة كلّ شخصيّة من هذه الشّخصيّات وتفرّدها إبرازا قويّا. ويتولّى توجيهها بحسب علاقاتها بمجمل الشخصيّات. ولعلّ هذا ما يدعو إلى التّساؤل عن علاقة النصّ بفعل المقاومة أو المغامرة المحسوبة. فهؤلاء الرّجال الملحميّون هم قبل كلّ شيء رجال يتحرّكون ويفعلون. لكنّ أفعالهم هي في الغالب مغامرات، بل هي معارك أو قلْ هي تتنزّل دائما في جنس المخاطرة؛ وهذا ما يميّز السّلوك الملحميّ، سلوك البطل حيث يتعلّق الأمر دائما بالمخاطرة الأشدّ، أي المجازفة بما هو أساسيّ لدى الإنسان: حياته. وإذا ما حدث وانزلقت إلى فضاء النص ـ وهذا يحدث في فصول كلّ هذه الرواية – مشاعرُ رقيقة فذلك ذو وظيفة جماليّة تتمثّل في إبراز التّعارضات الفاعلة والمؤثّرة في سير الأحداث التي تؤلّف الرواية على نحو ما تؤلّف مجموع الملحمة. ذلك أنّ الملحمة أو أدب المقاومة لطبيعته الدّيناميكيّة يحتاج إلى تعارضات أو تقابلات أي قوى متضادّة. تتمثّل هذه الرواية في قسمها الأغنى عالم المقاومة اللبنانيّة، ولكنّها لا تقدّم المقاوم من حيث هو النّموذج الإنسانيّ الفائق في عالم المثل، أي ذاك الذي يخرق القوانين الطّبيعيّة أو الشّخصيّة الملحميّة التي تضفي على البطولة معناها، وإنّما هي تتمثّل أكثر صورة الكاتب المتماهي بخطابه. وهي لا تتردّد في تقديم مساخر الممسوخين في عالم اضطربت قيمه ومثله، ولذلك نقف فيها على المضحك والغريب وكل ما هو متنافر في تجسيد بعض الشخصيّات. وعليه فلا غرابة أن ينزع الخطاب فيها إلى الكلام الشّفهيّ (المحكيّة اللبنانيّة) والسخرية والطّرفة الشائعة. ولعلّ أجلى ما يكون في شخصيّة رنين، وفي مونولوجها أو حديثها إلى نفسها؛ كلّما عثرت في ذاتها على ما تسخر منه عند الآخرين. سخرية من نفسها وهي تتملّى صورة ذاتها التي تعاني من وطأة عالم ثقيل أعمى وافد عليها، ولا طاقة لها على تحمّله. تقول رنين متحدّثة عن تربية أولادها: «بالطبع يا هاتف..هل تتصوّر أنّ تربية يمكن أن تستقيم بلا رادع؟…وإذا اعترضت عليه [زوجها مازن] أقنعني بقول النبي صلى الله عليه وسلّم «الولد ملكٌ سبع سنين، وعبدٌ سبع سنين، ووزيرٌ سبع سنين»… ص ـ 203 أو التمثّل بالقرآن «قلْ إنّما أنا بشرٌ مثلكمْ يُوحَى إليّ…» ص ـ 194 وص ـ 309 و372، أو الحديث المنقول عن الخليفة عمر بن الخطّاب» إنّما الاعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى…» ص ـ 191. وأقدّر أنّه لا مسوّغ لهذه «الحواريّة» سوى «الشهرزاديّة» [نسبة إلى شهرزاد] التي تكاد تكون سمة كلّ الشخصيّات، فكلّهم يقصّ ويحكي، حتى لكأنّ الرواية أشبه بسلسلة حكايات يتولّد بعضها من بعض، في تأصّل وتفرّع. والخيط إنّما تمسك به رنين أو شهرزاد كما أحبّ أن أسمّيها. بين شخوص مختلفة، تتراجع الكلامَ وتتجاوب: ما نلاحظه في هذا النصّ، أنه محاورات حوار بالهاتف بين «رنين» وهي امرأة مدرّسة في العقد الخامس، ومتكلّم اسمه «هاتف» نعرف منه أنّ زوجته المتوفّاة كانت تلميذة رنين، ثمّ حوار بين رنين وابنتها المتزوّجة. وتبدأ حياة رنين بالتغيّر ونكتشف عالمها كلّما تقدّمنا في الرواية وذكرياتها عن زوجها الراحل «مازن» وهو كاتب، وولدها حسام المقيم في دبي، وأنّ لها ولدين آخرين: طارق وحنان. ونعرف أنها تكتب الرواية من خلال حوار بينها وصديقتها «أمل». كما نكتشف عالم هاتف وعلاقته بالمقاومة اللبنانيّة والحاج نعمان، وأنّه موظّف ليليّ يعمل في مركز اتصالات، بل هو كاتب خواطر هي أقرب ما تكون إلى الشعر. ونعرف في الصفحة 143 لمَ سمّيَ هاتف»هاتفا». ونطّلع على جانب من حياته العائليّة وأنّ له ولديْن: نسيم وفاطمة. الكلّ في هذه الرواية يقصّ أو يحكي وكأنه يلعب لعبة شهرزاد، الأمر الذي يستوجب أن يتغيّر المتلفـِّظ والمخاطب كلاهما، فيتغيّر مقام التلفظ بتغيّر الجواب والردّ عليه. فهذه المحاورات تنحو منحى سرديّا، أو»مسرحيّا» والمتلفظ فيها ـ على ما يوهمنا ظاهر النصّ ـ إنّما هو السارد، أي الذي يقصّ. وهو يشارك في الحكاية أو القصّة التي يرويها. وهو من وجهة نظر أدبيّة «الخالق» أو هو «المؤلّف» أو «المنشئ» بعبارتنا، واقعا كان أم خيالا. ولا ينبغي أن ننسى أنّنا هنا إزاء خطاب مباشر، أي أنّ الأمر لا يتعلّق بمجرّد وحدتين نحويّتين مستقلّتين، فحسب، بل بمقاميْ تلفّظ متمايزين؛ وبالتالي فنحن إزاء متلفّظين اثنين. ومع ذلك يظلّ السارد ساردا. أمّا المتلفظ ما توخينا الدقة فهو ليس السارد ولا هو المؤلّف. وليس بالمستبعد أن يكون المؤلّف قد استأنس بسيَر أشخاص يعرفهم، بل الأقرب إلى الصواب أنّ «اسكندرونة» تقبس من سِيَر هؤلاء، وأنّ الكاتب عمد إلى تغيير أسمائهم بما في ذلك «رنين» وهاتف، غير أنّنا هنا إزاء «مدوّنة» قصصيّة هي ليست رسائل أو تصريحات صادرة عن المؤلّف ذي السيرة، وإنّما هي ثمرة عمل «جماليّ» معقّد، هو من سعي المؤلّف ـ الكاتب. ويتمثّل هذا العمل في صنع جهاز سرديّ شامل يندرج فيه السارد: الحبكة والشخصيات والموضوعات والأسلوب، بما في ذلك تخيّر سارد مغمور يتخذ وضعا مواربا أو هو مهذار لا يؤتمن على سرّ. وهذه كلّها تؤول إلى «خطّة» أو «سياسة» أو ما يسمّيه المعاصرون «استراتيجيا الكتابة»، وإلى مقصد هو مقصد المؤلّف بهذا المعنى الحصري للكلمة. وهو ما يُصطلح عليه بـ»المؤلف المتوهّم» أو «المؤلّف المتضمّن» أو «صورة المؤلّف النصيّة». إنّ جملا كثيرة في هذه الرواية، لا تحوي علامة تلفظ، فالمتكلّم لا يُظهر بأيّ شكل من الأشكال أنّه بصدد التكلّم، خاصّة أنّ هذه الجمل عامّة، وكان يمكن أن تتصدّر أيّ فصل، إذ هي تنضوي إلى ما يسمّيه المعاصرون «الخطاب الواصف». وبالمقابل فإنّ أقوالا أخرى يمتحها الكاتب من الأسطورة: حكاية الإسكندر وابن الراوندي والحمار والعجل وعزرائيل وسليمان الحكيم أو حكاية محمود المقاوم والتحقيق معه في عسقلان وكيف حماه المصحف حال التفجير. فهذه وغيرها تكشف عن حضور كلّ من ضمير التكلّم وضمير الخطاب. والسؤال: هل السارد في هذا السياق، هو الذي يتكلّم بخطاب الشخصيّة أم هل الشخصيّة هي التي تتكلّم بصوت السارد؟ الأمر في الأدب خاصّة يرجع إلى العلاقة الملتبسة بين العلامة والواقع؛ وهي التي أفضت إلى سجالات كثيرة ولا تزال. والسؤال: أنحن نتدبّر الواقع الذي ندركه على أساس من تفصيل اللّغة إلى علامات منفصلة، أم أنّ طريقتنا في إدراك آلواقع هي التي تلزم اللّغة أن تترتّب بطريقة وليس بأخرى، بعبارة أمبرتو إيكو. فاللّغة من حيث هي نظام من العلامات أو الرّموز تسهم في وصف الواقع. والسّؤال: هل هذا الوصف حياديّ نسبة إلى الواقع؟ بل ألا تؤثّر اللّغة في إدراكنا هذا الواقع نفسه؟ بل ألا يمكن أن يكون إدراكنا الواقع هو الذي يتدبّر اللّغة ويبنيها وينظّمها في هيئة دون أخرى؟ بل أنّ هذه الأسئلة لتتشّعب بنا إلى أسئلة أخرى شائكة: فهل العلامة فعل إراديّ؟ وهل المفاهيم التي نحملها هي التي توجد الأشياء، على نحو ما يزعم المثاليّون أم هل أن وجود الأشياء هو الذي يبتعث فينا وجود المفاهيم، على نحوما يزعم التجريبيّون ؟ والعلامة إنّما تستخدم لإبلاغ معلومة، ولقول شيء أو الإشارة إليه، شيء يعرفه أحد ما ويريد أن يتعرّفه الآخرون أيضا. وهذا وصف لنفعيّة العلامة، يستعيد فكرة الفعل الإراديّ الذي يؤدّيه مرسِل ما متوجّه إلى متقبّل ما. وتتوضّح هذه «الإراديّة» من خلال التّمييز بين العلامة المصطنعة والعلامة الطّبيعيّة. فالأولى تصدرعن الإنسان على قاعدة مواثيق خاصّة مضبوطة بقصد إبلاغ أحد ما شيئا ما. والثاّنية مصدرها طبيعيّ فهي لا تتعلّق بأيّ إرادة ولا بأيّ قصد. فهذا وغيره ممّا يستوقفنا في رواية فضل مخدر «التليفونيّة» يسوق إلى إحكام التمييز بين ذات متلفّظة وذات ملفوظة، عسى أن ندرك أنّ التلفظ في النصّ عمليّة مزدوجة أو أنّ هناك ساردا ثانيا يندسّ في فعل «قال». ولعلّ هذا ممّا يسوّغ القول إنّ المؤلّف كلّما تعلّق الأمر بالنصّ، مسرب من مسارب التأويل، أو هو آخر ما يرتسم من آفاق القراءة، أو هو «نقطة التهارب» في التأويل؛ إذا توسّلنا لغة الرسم حيث مثل هذه النقطة هي نقطة تتلاقى فيها الخطوط وكأنّها متهاربة. كاتب تونسي منصف الوهايبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
القاهرة ـ «القدس العربي» : لا زال الموقف على حاله كما عكسته صحف أمس الأربعاء 19 أغسطس/آب، الغالبية الساحقة في واد والنخب والسياسيين والصحافيين والإعلاميين في واد آخر تماما. فلم تبد الأغلبية اهتماما بالمشروعات الضخمة التي بدأ العمل فعلا في تنفيذها، وستؤثر على مستقبلها، خاصة في شرق قناة السويس، وستتضمن استيعاب أعداد كبيرة من العمالة وإتاحة فرص عمل لمئات الشركات، وما حملته التصريحات الحكومية من تأكيدات على أن الدولة سيكون لها وجودها القوي في هذه الأعمال، وتملك نسبا من المشروعات حتى لا تذهب معظم فوائدها إلى غير المصريين. كما لم تجتذب اهتمامات الأغلبية أعمال المؤتمر العالمي الذي نظمته دار الإفتاء تحت عنوان «الفتوى إشكاليات الواقع وآليات المستقبل»، وحضره ممثلون عن خمسين دولة، واهتم الرئيس السيسي بالمدعوين وتحدث عن أهمية إزالة الصورة السيئة لدى العالم عن المسلمين، بسبب الإرهاب. أيضا لم تجتذب أنباء الضربات القوية التي توجهها القوات المسلحة للإرهابيين في شمال سيناء اهتمامات الأغلبية، والشيء نفسه بالنسبة لاستعدادات الأحزاب والشخصيات العامة لانتخابات مجلس النواب. الناس باختصار لم تعد تطيق سماع أو متابعة أي شيء سياسي، وإنما أخبار الحر وعدد الضحايا الجدد وعدم قدرة المستشفيات على مواجهة أعداد المصابين، وأخبار المرحلة الثالثة للقبول في الجامعات وتوزيع الشقق الجديدة. كما أن القطاع الخاص ورجال الأعمال في حيرة من يمولون من الأحزاب والمرشحين، ومعظمهم في انتظار إشارة من الدولة تكشف عن رضاها على مجموعة أو شخصيات معينة، في ما عدا رجال أعمال حزب المصريين الأحرار ورؤوف غبور، كما أنهم يحاولون تفسير قرار لجنة التحفظ على أموال الإخوان بالتحفظ على أموال رجل الأعمال وأكبر مساهم في شركة «جهينة» لمنتجات الألبان، وما أظهرته الدولة متعمدة بأن أحدا منهم لن يكون بعيدا عن إجراءاتها إذا ما اعتقد أنه قوة فوق الدولة، حتى لو كان مدعوما من جهات مالية وعدم اهتمامها بآثار مثل هذه الإجراءات على الاستثمار. وإلى شيء من أشياء لدينا… الشيخ إبراهيم البدري: الحر ابتلاء من الله ونبدأ بالقضية الأهم بالنسبة للأغلبية الساحقة والحكومة معا، وهي موجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد وتنافس الإرهاب في إسقاط الضحايا والمصابين، الذين يتم نقلهم للمستشفيات، والتحذيرات المتواصلة للشعب من عدد من الوزارات، مثل الكهرباء التي تطالب بتخفيف الأحمال، رغم صمود محطاتها في هذا الامتحان العسير إلى حد كبير، ونصائح وزارة الصحة لتجنب ضربة الشمس، التي تؤدي إلى الموت، لكنها لم تحسب حسابا آخر لآثارها غير الموت، مما يؤكد أننا دولة لا تخطط للمستقبل. فقد أخبرنا أمس زميلنا الرسام في «الأهرام» فرج حسن أنه كان يسير في أحد الشوارع أثناء الظهيرة فشاهد مشهدا عجبا، شاهد شابا واقفا تحت أشعة الشمس، وبدلا من أن يقع على الأرض ويغمى عليه أو يتوفاه ربك، فإنه أخذ يزداد طولا بينما أمه تصرخ في الموبايل مستعينة بالإسعاف وتقول: - ألو الإسعاف؟ ألحقونا الواد أتمدد بالحرارة. لكن الأم المسكينة لم تكن على معرفة دينية كافية بأسباب هذه الموجة الحارة، رغم أن الشيخ إبراهيم البدري، إمام مسجد عمر بن الخطاب في الإسكندرية تفضل في يوم الثلاثاء وأوضحها في مقال له في جريدة «عقيدتي» الدينية التي تصدر كل ثلاثاء عن مؤسسة دار التحرير القومية، التي تصدر عنها «الجمهورية» و»المساء» أخبرنا بما هو آت عما سيلاقيه بعضنا يوم القيامة: «نعيش هذه الأيام موعظةً بليغة ودروسًا عظيمة، يشهدها الأعمى والبصير، ويدركها الأصم والسميع، إلاّ أنها لا تُؤتي أُكلها إلاّ حين تصادف من كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد. مَن مِنا الذي لم يؤذه حر الصيف، ولا لفحت وجهَهُ سَمومُه؟! كلنا وجد من ذلك نصيبًا قلّ منه أو كثر، فمن أين يأتي هذا الحر؟ وما مصدره؟ أقول لكم كما قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» في ما رواه الإمام بن ماجة في سنته، «اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا، فجعل لها نَفَسين: نَفَس في الشتاء، ونَفَس في الصيف، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون من الحر من سمومها». شدة الحر التي يجدها من وقف حاسر الرأس حافي القدمين في حرِّ الظهيرة، ما هي إلاّ نَفَسٌ من فيح جهنم وقد ورد في ما رواه الشيخان في صحيحهما، أن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» قال: «إذا اشتد الحر فابردوا بالصلاة أي أخروها إلى أن يبرد الجو فإن شدة الحر من فيح جهنم، يا من لا يصير على وقفة يسيرة في حر الظهيرة كيف بك إذا دنت الشمس من رؤوس الخلق وطال وقوفهم وعظم كربهم واشتد زحامهم؟». ويقول المقداد بن الأسود في ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، سمعت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يقول: «تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى يكون منهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، منهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما»، وأشار الرسول إلى فيه «أحبتي في الله قد يكون الحر ابتلاء من الله وقد يكون عذابا يعذب الله به من يشاء من عباده». آثار موجة الحر على المصلين في المساجد ومعنى كلام الشيخ إبراهيم البدري أن الذين توفوا بسبب الحر تلقوا عقابا إلهيا بينما الذين أصيبوا وتم علاجهم ابتلاء من الله، ولم تقف آثار الموجة الحارة على الوفيات والإصابات فقط ولكن كانت لها آثار أخرى يصعب احتمالها، وهي أن كثرة العرق تفرز رائحة كريهة فإذا ذهب صاحبها لأداء صلاة جماعة في المسجد فكيف يمكن التصرف معه؟ كان ذلك سؤال نشرته «عقيدتي» أيضا في صفحة الفتاوى بعنوان «إسألوا أهل الذكر» فقد أرسل المواطن المؤمن الذي يواظب على صلاة الجماعة هيثم الحقيق من مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية يسأل: «- في هذا الحر الشديد نجد رائحة العرق الكريهة من بعض المصلين فماذا تنصح فضيلتكم؟ ورد على سؤاله الشيخ سعد الشهاوي مدير الأوقاف في المحافظة قائلا: يجب على كل مصل فيه رائحة يتأذي منها المصلون ويمكن أن يزيلها أن يزيلها، سواء كانت هذه الرائحة بسبب مخالطة بهيمة الأنعام بالبيع، أم القيام عليها، أم بسبب اتساخ الثياب أم بسبب قلة الاغتسال والعرق الكثير فيجب عمل ما من شأنه إزالة الرائحة، سواء بتبديل الثياب أو الغسل أو غير ذلك. والجماعة في المسجد يجتمعون للصلاة لا يحل لأحد منهم أن يؤذي غيره بقول أو بفعله أو حتى برائحته. وحتى لا يؤذي الملائكة فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو أدم، رواه مسلم، فهم يتأذون من الرائحة الكريهة والأقذار والأوساخ. وفي رواية النسائي عن عائشة «رضي الله عنها» قالت: كان الناس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة وبهم وسخ، فإذا أصابهم الروح سطعت أرواحهم فيتأذى بها الناس، فذكر ذلك رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فقال: أو لا يغتسلون؟» أخرجه النسائي. معركة عكاشة ومن معركة الحر واختلاف الآراء في أسبابه إلى استمرار الخلافات في قضية إلقاء شرطة تنفيذ الأحكام القبض على الإعلامي وصاحب قناة «الفراعين» توفيق عكاشة وتنفيذ الحكم القضائي لصالح زوجته الأولى الإعلامية رضا الكرداوي، التي قال عنها في «المصري اليوم» يوم الثلاثاء زميلنا في «الأخبار» عزت القمحاوي وقد استبد به غضب شديد: « كان بوسعنا استقبال حكاية توفيق عكاشة ومطلقته بوصفها فاصلاً كوميديًا صالحًا للترطيب على القلوب في زمهرير أغسطس/آب القاتل، لولا أن الأمر يتعلق بالحالة القانونية في الدولة وشرعية الحكم. الرجل الشهير كالنار على رأس جبل دخل السجن تنفيذًا لحكم بالسب والقذف صدر لصالح مطلقته، بينما أشارت النيابة إلى وجود أحكام سابقة بحقه في قضايا تبديد منقولات ونفقة للمطلقة. الأسوأ من امتناعه عن النفقة هو استخدامه منصته الإعلامية للتشهير بمطلقته وزميلته السابقة، واستخدام السيدة للمنصات الأخرى للتشهير به. وهذا عار وشنار إعلامي يمكن التغاضي عنه مؤقتًا واعتباره نوعًا من الكوميديا، لأن الدنيا نار، ومثلها أسعار الآيس كريم والمرطبات. ولكن! على مسافة من هذه الكوميديا، تقاطعت القضية مع هيبة الدولة وشرعية الحكم بطريقة درامية تدعو إلى الخوف. رفيقة السباب في قناته الخاصة خاضت حربها المقدسة دفاعًا عنه، مؤكدة أن القبض عليه تم بسبب توجيهه انتقادات لوزير الداخلية، ومثلها قالت أنثاه السابقة التي أبدت استغرابها من تحرك الداخلية لتنفيذ الحكم الأخير بينما تقاعست عن الأحكام السابقة. وطالما كان الأمر كذلك، فلا القانون ولا الداخلية كافيان للقصاص لها ولطفلها؛ فناشدت الرئيس أن يزورها، ليصافح ابنها يوسف، ويرفع عنه الإهانة. لكن هذا لم يكن فقط كل ما نال المقام الرئاسي، إذ تفتق ذهن أحد المواقع الإلكترونية عن عنوان لوذعي: «لماذا غدر السيسي بعكاشة في ذكرى فض رابعة». اختلط الحابل بالنابل مع الصائد بالمتفجرات. وتحرك اثنان من العُتُلات: مرتضى منصور ومصطفى بكرى وقابلا وزير الداخلية لطلب الإفراج الصحي عن عكاشة. وكان أمام الوزير سببان لرفض المقابلة: أولهما البعد عن الشبهات والحفاظ على هيبة الدولة، طالما خاضت الأطراف فى سمعة الداخلية ونالت من نزاهتها، والسبب الثاني المنطقي هو أن وزير الداخلية لا يستطيع أن يتفرغ لقضايا الطلاق والخلع التي تتجاوز المئة وخمسين ألفًا سنويًا. لكن لا الاحتياط السياسي نفع ولا الاحتياط المهني، واستقبل الوزير ضيفيه. وبعد اللقاء صرح مصطفى بكري بأن المقابلة التي استمرت ساعتين انتهت بتفهم الوزير لحالة عكاشة الذي يعانى الضغط والسكر، ووعد بتشكيل لجنة طبية لبحث حالته. ولا يحتاج المشاهد العادي لكثير من الذكاء لكي يعرف أن الرجل يعانى من الداءين وأكثر؛ فدمه «اللي زي العسل» يؤكد أنه يعاني من السكر، والعصبية التي يُمثل بها دور العمدة سليمان غانم فلا تنم إلا عن ضغط الدم أو عسر الهضم.» انشغال الناس بزواج المشاهير وحبسهم! وإذا تحولنا من «المصري اليوم» وذهبنا إلى «التحرير» سنجد في يوم الثلاثاء ذاته زميلنا وصديقنا الناقد الفني ناصر عراق يقول في عموده اليومي «حتى نلتقي»: «السيد توفيق عكاشة والفنان سعيد طرابيك تصدرا الاهتمام بشكل غير مسبوق، وَفقًا لما نُشر عن أهم الأحداث التي انشغل بها المصريون في الأيام الأخيرة، ماذا يعني ذلك؟ هل هجر الناس الاهتمام بالسياسة وما يستجد بها بعد أن ضجروا من ألاعيب الحكومات وجرائم الإرهابيين؟ هل اكتشف الناس أن الانشغال الكبير بالسياسة التي نهبت عقولهم طوال خمس سنوات تقريبًا لم يحقق لهم الحدود المعقولة من الآمال المرجوة؟ هل أيقن الشعب – خصوصًا الشباب- أن جماعات الإرهاب مصيرها إلى زوال وأن الحكومة تسير في طريقها الصائب في التعامل مع هذه الجماعات، ومن ثَمَّ فلا داعي للانشغال بتفجير هنا أو قانون إرهاب جديد يصدر هناك؟ اللافت أيضًا أن الاهتمام الشديد بعكاشة وطرابيك تقف وراءه امرأة، فالأول حصد اهتمامًا كبيرًا لأنه محبوس بعد أن سبّ طليقته، والثاني تربَّع على قائمة الأكثر بحثًا على «غوغل»، لأنه فعلها وتزوَّج فتاة تصغره بعقود، وهو في الرابعة والسبعين من عمره، أي أن المرأة هي التي أشعلت حماسة الملايين الذين تابعوا الحدثَين، لكن أليس للحكومات دور في تأجيج نار الاهتمام بالأحداث البسيطة عسى أن يتلهى الناس عن خطاياها؟ أكرر ندائي إلى علماء الاجتماع عسى أن يكتشفوا السر الغامض الذي يدفع المصريين إلى هجر الأمور الجادة والانشغال الشديد بزواج المشاهير وحبسهم! عكاشة يمتلك شعبية واسعة لا.. لا صديقنا ناصر يصور الأمر وكأنه يشك في مؤامرة تديرها الحكومة لإلهاء الناس وكأنها التي اتفقت مع سعيد طرابيك على زواجه، ومع عكاشة على الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية حتى يتم حبسه والاهتمام به. وعلى كل ففي العدد نفسه من «التحرير» كان لزميله نبيل عمر رأي آخر عبر عنه بالقول في عموده اليومي «أوراق خاصة»: «لا أعرف هل هي مصادفة أن يكون اسم الأستاذ عكاشة قريبا من عماشة أم لا، وعماشة شخصية سينمائية ساخرة، لعبها الفنان محمد رضا في عدد كبير من أفلامه هي أقرب إلى «أبو العريف»، الذي يتصور أنه يفهم في كل شيء، وعنده كل المفاتيح لأي معضلة وكان فيلم «عماشة في الأدغال» غطاء لعملية تفجير الحفار «كيتنج» في غرب أفريقيا، وهو الحفار الذي استأجرته إسرائيل للبحث عن النفط في خليج السويس بعد احتلالها سيناء في يونيو/حزيران 1967، وكانت تريد مرمغة كرامة مصر في التراب، بأن تسرق نفطها أمام عينيها، وهي عاجزة عن أن تفعل شيئا، وسافرت معدات التفجير وأجهزة الغطس مع بعثة الفيلم إلى نيجيريا لتنفيذ العملية، باختصار لعب عماشة دورا وطنيا، كما أن الأستاذ توفيق عكاشة يلعب دورا وطنيا، لكن قضية حبس الأستاذ توفيق عكاشة الحالية لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالسياسة، ولا بالإخوان، ولا بالحزب الوطني، وكان من أعضائه، ولا بالإعلام أو ديونه لمدينة الإنتاج، وإنما بقضايا شخصية صرف، محكوم عليه فيها نهائيا بالحبس والغرامة، وصاحبة الحكم تطارد أجهزة الدولة بالتنفيذ من فترة طويلة، حتى أجبرتها على التنفيذ، لاسيما وهى إعلامية معروفة. ولا أنكر أن الأستاذ عكاشة له شعبية في الريف المصري، وقد رأيت ذلك بنفسي، وأعرف قاهريين متعلمين يتابعونه بشغف، ويصفونه بأنه أكثر إمتاعا من أي برنامج كوميدي، لأن الأستاذ عكاشة صادق جدا في تصوراته عن نفسه والآخرين، والكوميديا تنشأ من المسافة الشاسعة بين التصور المبالغ فيه والواقع المحدود والمدهش أن مقدار الإعلانات في برنامجه أقل كثيرا مما يستحق حسب نسب مشاهدة برامج التوك شو، وهو ما يشي بأنه لا يعرف دهاليز وكالات الإعلانات وأساليبها في الدعاية وصناعة النجوم من الوهم، وأنه رجل طيب وعلى نياته، وليس على الصورة التي قد تنقل عنه من برامجه. المسألة قانون في قانون، يجب ألا تتدخل فيها الواسطة ولا المحسوبية ولا اسم المقبوض عليه، ولا مقابلات بين شخصيات عامة ووزير الداخلية. إلا أن الحل في يد عكاشة نفسه وصاحـــبة الحكم عليه هذه هي قضية الأسبوع في مصر.. تخيلوا..». السيسي والانتخابات رغم اقتراب موعد فتح باب التقدم للترشح لانتخابات مجلس النواب آخر الشهر الحالي ومعارك وخناقات الأحزاب والسياسيين والمثقفين، ورغم وصول عدد الأحزاب المسجلة إلى ما يقارب السبعين حزبا، إلا أن الغالبية غير مهتمة، رغم أنها التي ستصوت لهذا أو لذاك، ورغم المناوشات المستمرة للرئيس السيسي بما له من تأثير على الغالبية، بأن تحسن الاختيار لأن المجلس المقبل هو الأخطر وعدم اهتمام الغالبية بنداءات الرئيس، رغم ثقتها فيه سببها أنه يعلن باستمرار بأنه غير حزبي ولا يوجد مرشحون له، ولا يدعم حزبا معينا أو قائمة حزبية، وعلى مسافة واحدة من الجميع، فإنه أوقع الناخبين في مشكلة الاختيار على أساس الانتماء السياسي أو الحزبي، ويبقى الاختيار على أساس العائلة أو القبيلة والعائلة في مناطق، أو العلاقات الشخصية والعمل الخيري، أي المال السياسي، أي أن هناك مشكلة أخرى تسبب فيها موقف الرئيس، اللهم إلا إذا أعطى قبل بدء التصويت إشارات مؤكدة، وإن كانت غير مباشرة على ميله لحزب أو تجمع حزبي معين وهو ما أشك فيه أيضا. معركة داخل حزب الدستور أما أبرز ما نشر عن الأحزاب واستعداداتها، فكان أوله لزميلنا وصديقنا في «الأهرام» رئيس مجلس أمناء حزب «المصريين الأحرار» الدكتور أسامة الغزالي حرب في عموده اليومي «كلمات حرة» عن الأزمة في حزب الدستور واستقالة رئيسته هالة شكر الله: «لا أحب أن أتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب، ولكن من حقي بل ربما من واجبي أيضا أن أشعر بعدم الارتياح إزاء المعركة التي أخذت أنباؤها تشيع بين د. هالة شكر الله رئيسة حزب الدستور، وبين مجلس حكماء الحزب، أولا لأن حزب الدستور هو حزب ديمقراطي اجتماعي مثل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي يرأسه د. أبو الغار، وتلك نوعية من الأحزاب تثري الحياة الحزبية التنافسية في مصر. والسبب الثاني هو وجود سيدة بثقل د. شكر الله على رأي الحزب وذلك أمر يستحق التشجيع والمساندة، إنني أتمنى أن يعبر الدستور أزمته بسرعة ونحن مقبولون على انتخابات أولى باهتمام الحزب وتركيزه ووحدته». أبو هشيمة يمول حزب «مستقبل وطن» بمئتي مليون جنيه وفي يوم الخميس الماضي نفسه نشرت «البوابة» تحقيقا صغيرا لزميلنا سمير عثمان جاء فيه: «كشفت مصادر داخل حزب «مستقبل وطن» الذي يترأسه محمد بدران عن المبلغ الذي رصده رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، الممول الرئيسي للحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأكدت المصادر أن المبلغ وصل إلى مئتي مليون جنيه يشارك في دفعها رجل الأعمال محمد منصور صاحب معارض «منصور شفيروليه»، ورجل الأعمال فرج عامر صاحب مجموعة شركات «عامر جروب»، وهما من ممولي الحزب، لكن الدعم الأكبر يقدمه أبو هشيمة. إن أبو هشيمة الذي يعد صاحب القرار داخل الحزب سيدفع بمئتي مرشح على مقاعد الفردي، بالإضافة إلى ثمانية عشر مرشحا تم التوافق مع قادة قائمة «في حب مصر» على خوضهم الانتخابات تحت رايتها. إن رجل الأعمال استطاع خلال الأسبوع الماضي ضم عدد من المرشحين مقابل مبالغ مادية كبيرة» . محترفو التسلق والمتاجرة في السياسة يتصيدون الأحزاب ولمن لا يعلم فإن محمد بدران كان رئيسا لاتحاد الطلاب وظهر مع الرئيس السيسي على الباخرة المحروسة أثناء احتفال افتتاح القناة الجديدة، ما دفع زميلنا في مجلة «البوابة» محمد عبد اللطيف لأن يقول يوم الاثنين: «رغم أن وجود محمد بدران في المشهد فتح عليه أبواب الجحيم، مثلما حدث مع محمود بدر قبل ذلك، لكن في الوقت ذاته ظهوره بجوار الرئيس جعل حزبه قبلة يقصدها محترفو التسلق والمتاجرة في السياسة من أجل الوجاهة، راغبو الحصول على الحصانة البرلمانية فهؤلاء رأوا في الحزب أنه الأقرب لدوائر صناعة القرار، فهرولوا إليه، وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي الذي يقف خلف ما جرى تداوله في أروقة الأحزاب ومنح مزاد المقارنات بين محمود بدر ومحمد بدران». صفوت النحاس: الحزب يموله أعضاؤه ولابد من التذكير بأن «البوابة» جريدة يومية، ويوم الاثنين نتحول إلى المجلة وزيادة سعرها إلى ثلاثة جنيهات، بينما سعر النسخة اليومية جنيه ونصف الجنيه، وهي قريبة جدا من حزب الحركة الوطنية الذي يترأسه الفريق أحمد شفيق، وكان الحزب قد شهد مشاكل، سواء في استقالة شفيق ثم تجميدها أو استقالة أمينه العام صفوت النحاس، وكان رئيسا لجهاز التنظيم والإدارة في عهد مبارك، ومن قيادات الحزب الوطني، وقد نشرت له «اليوم السابع» يوم الأحد الماضي حديثا أجراه معه زميلنا مصطفى الجمل، كان أبرز ما جاء فيه: «طُرح علينا أن ندشن ائتلافا مع عمرو موسى والسفير محمد العرابي والدكتور السيد البدوي، وحزب المؤتمر الذي كان يضم حزب الحرية، أعلنا ائتلافا داعما للدستور يضم أربعين حزبا، وبعد ذلك أعلنا ائتلافا ضم نقابة العمال والفلاحين وحزب المؤتمر والغد والتجمع والحركة الوطنية ومصر بلدي، في اللحظات النهائية بعض الأحزاب خرج وانضم لائتلاف في «حب مصر» ومع ذلك استمررنا وجهزنا أربع قوائم، وكان لدينا مئتان وثلاثون مرشحا، لم يكن معنا تيار الاستقلال أو الوفد لأن مرشحيهم كانوا موجودين في دوائر مرشحينا نفسها، حزب النور أولا هو يمثل التيار السلفي بالكامل ويملك نقطتي قوة بالنسبة للعمل الوطني، أولهما أنه كان مشاركا في 30 يونيو/حزيران ونظم مؤتمرات داعمة للدستور والرئيس لم ينظمها حزب في «حب مصر»، ولكن هناك أفكارا سلفية متطرفة عليهم أن يعلنوا موقفهم منها، وبالطبع منهم من يتواصل معي كالدكتور بسام الزرقا عضو المجلس الرئاسي للحزب وزوج نجلته نادر بكار والدكتور صلاح عبد المعبود منافسين في الدائرة، وحال إعلان الحزب موقفه من الأفكار المتطرفة ستنتفي أي حجة لعدم التواصل معهم، فهم لم تتلوث أيديهم بالدماء، أحمد عز لم يتواصل معي ولكن دعني أقول لك أن أحمد عز قدم ما لم يقدمه أحد لدائرته، ولك أن تسأل أهالي دائرته، وليست هناك بوادر تنسيق بيننا وبين عز وإن نسقنا فسيكون بناء على الأرضية التي نعمل عليها وهو دعمنا للدولة والرئيس السيسي. أقسم بالله العظيم الحزب يموله أعضاؤه بشكل مباشر، حتى أن مرشحينا لم ندعمهم برواتب شهرية كغيرنا الذين يصرفون مبلغ خمسين ألف جنيه كراتب شهري لمرشحيهم، ولكننا نبحث خلال الفترة تدعيم الحزب ماليا عبر برامج واضحة وللعلم فرطنا في إقامة فعاليا كثيرة بسبب قلة الموارد» . لا أرباح للخاسرين وننتقل الآن إلى «الشروق» عدد يوم أمس الأربعاء ومقال رئيس تحريرها عماد الدين حسين وقوله: «مثل التعليم والصحة، فإنه من دون إصلاح الجهاز الإداري المترهل فلا أمل يرجى من أي محاولات للإصلاح والتقدم مهما كانت النوايا طيبة، نحن الآن جميعا مشغولون بالجدل المثار بشأن قانون الخدمة المدنية، الحكومة تقول إنه خطوة ثورية للإصلاح والتطوير، وبعض العاملين يقولون إنه سيضر كثيرا بأوضاعهم ومرتباتهم وحوافزهم. اليوم نركز على نقطة أعتقد انها جوهرية وتتعلق بفكرة الثواب والعقاب، والمساءلة والمحاسبة. من دون وجود ذلك، فلن يكون هناك التزام أو إنتاج. «الحال المايل» وصل إلى درجة لا يمكن أن يتصورها عقل في بعض المؤسسات الحكومية قبل ايام كنت في إحدى هذه المؤسسات الحكومية وأقسم لي أحد مديري الإدارات فيها أنه لا يستطيع أن يلزم بعض السائقين بالعمل وأنه يضطر إلى ملاطفتهم ومحايلتهم والطبطبة عليهم حتى يؤدوا جزءا من العمل، وعندما سألته عن سبب هذا الوضع المقلوب أجاب أن الانفلات وصل إلى حد لا يمكن تصوره. هذه المؤسسة ومثيلاتها تحقق خسائر سنوية متزايدة، يتحملها دافعو الضرائب، والغريب أن موظفيها يتظاهرون مرارا وتكرارا للمطالبة بالحصول على الحوافز والأرباح! بل العجيب أنهم حاولوا أكثر من مرة الاعتداء على كبار مسؤوليهم لأنهم طالبوهم بوقف الخسارة أولا قبل التفكير في صرف الأرباح. أدرك جيدا أن بعض السياسات الحكومية الكارثية، وهناك قيادات إدارية عينتها الحكومة لعبت دورا في تخسير وإفشال العديد من المؤسسات والشركات، وبالتالي فلا يمكننا إدانة الموظفين فقط، لكن للأسف نحن وصلنا إلى درجة أن المنظومة بأكملها لم تعد قادرة على العمل ولو بمنطق «مشى حالك». المشكلة في مصر صارت ذهنية وتتعلق أساسا بأن بعض العاملين يعتقد أن من حقه أن يتقاضى أجرا من غير عمل أو إنتاج كاف، وتصل الجرأة بالبعض إلى المطالبة بحوافز وأرباح وهو لا يعمل وشركته أو مصنعه يخسر. نحتاج أن نعيد تعريف الاشياء البديهية، ونعلم الناس أن الاجر ليس مقابل العمل فقط، بل مقابل الإنتاج، وأن نعلمهم ما تعلمناه ونحن صغار بأن «من جد وجد» و«من زرع حصد». الاستثمار في التعليم وأخيرا إلى «اليوم السابع» ومقال الكاتب فيها دندراوي الهواري وقوله: « كنت في ضيافة العالم الكبير الدكتور أحمد زويل، بجانب عدد من الزملاء الأعزاء، صحافيين وإعلاميين، يوم الجمعة الماضي، وذلك في حلقة نقاشية في منزله. المناقشة كانت مفتوحة، وغير محددة المحاور، وبدون سقف، والرجل فتح صدره، وأجاب عن كل الأسئلة المطروحة عليه بكل وضوح وشفافية، ولم يناور أو يتهرب من الإجابة عن أي سؤال طرحه عليه الزملاء الأفاضل. ومن بين ما فجّره الدكتور زويل في الحلقة النقاشية الرائعة قنبلة أن الاستثمار في التعليم الخاص في مصر يحقق أرباحًا طائلة، ربما تصل أو تتجاوز الأرباح التي تحققها تجارة المخدرات أو السلاح. الرجل كشف هذه الحقيقة المرة، وكان يعتصره الألم، حزنًا على أن التعليم الخاص تحول في مصر إلى دجاجة تبيض ذهبًا، ولا تقدم منتجًا تعليميًا على المستوى اللائق. الحقيقة ما فجره الدكتور زويل أمر لافت، ولابد من الوقوف أمامه كثيرًا، ولا ندعه يمر مرور الكرام، بل يجب على الحكومة أن تقيم الدنيا ولا تقعدها، وتتدخل وتتأكد من جودة التعليم الخاص، ومن المكاسب الضخمة، وهل تدفع ضرائب توازي هذه المكاسب التي تفوق أرباح تجارة السلاح والمخدرات؟ الحقيقة الكاشفة أن الجامعات والمعاهد الخاصة في مصر بعيدة عن قائمة أفضل 500 جامعة على المستوى العالمي، بُعد السماء عن الأرض، ولم تدخل أي جامعة خاصة في القائمة منذ أن ظهرت هذه المسابقة للنور، والجامعة الوحيدة التي دخلت القائمة هذا العام على سبيل المثال، جامعة القاهرة، الحكومية المجانية. ومادامت الجامعة المصرية الوحيدة التي دخلت قائمة أفضل 500 جامعة هي جامعة القاهرة الحكومية المجانية، فإن الجامعات الخاصة ليست على مستوى نظيراتها الحكومية في تقديم خدمة تعليمية لائقة تتوازى مع المصروفات الضخمة التي تتحصل عليها من الطلاب سنويًا. الجامعات الخاصة تدفع بآلاف الخريجين كل عام في مختلف التخصصات، غير مؤهلين، ولا يتمتعون بأي مهارات، ويواجهون متاعب شديدة في اقتحام سوق العمل، ومن ثم فإن الجامعات والمعاهد الخاصة لا يعنيها إلا تحصيل الملايين من الطلاب سنويًا، وتحقيق ثروات طائلة، ولا تنفق بالقدر الكافي في تطوير العملية التعليمية برمتها من الأستاذ للمعامل والمدرجات، وحتى التدريب العملي بعيدًا عن النظري. كارثة كبرى.. أن تحقق أرباحًا ضخمة من التعليم، ومن المعلوم بالضرورة أن كل الجامعات والمراكز البحثية في مختلف دول العالم لا تحقق أرباحًا مثلما يحدث في مصر، لكنها تحقق هامشًا بسيطًا من الربح، في الوقت الذي تهتم فيه بتطوير العملية التعليمية باعتبارها استثمارًا في بناء العقول، الذي يعد الركيزة الأساسية للأمن القومي المصري». حسنين كروم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
القاهرة ـ «القدس العربي»: قال المصور احمد رمضان الذي ألقي القبض قبل عدة أيام بعد وشاية من احدى زميلاته بتهمة انه ينتمي لجماعة الإخوان، ان النيابة سألته اثناء التحقيق الرسمي عن اسباب ادعاء زميلته عليه. وأكد في تصريحات لإحدى الفضائيات امس ان وكيل نقابة الصحافيين الذي حضر التحقيق أصر على اثبات اسم الصحافية وهي أماني الاخرس، وهي ليست عضوا في النقابة تفاديا لحبسه. ومن جهته أصرت الأخرس على انكار ابلاغها عن زميلها الا أنها اقرت بأن الرطة سألتها عنه في المحكمة بدعوى انه كان لا يجمل تصريحا بحضور محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي. وفيما تعمدت بعض وسائل الإعلام التعتيم على القضية التي اعتبرها صحافيون فضيحة لمدى الاختراق الأمني في الإعلام، شن الإعلامي سيد علي، خلال تقديمه لبرنامجه عبر فضائية «العاصمة» ،هجوما عنيفًا على من وصفهم بـ» أمنجية الصحافيين»، قائلًا: «نريد تطهير بلاط صاحبة الجلالة من هؤلاء العسس الأمنجية الذين يعيثون فسادًا في الأرض». وتابع «رئيس تحرير كبير جدًا في الأهرام استدعاني لمكتبه وقدم لي تقريرًا مكتوبا من أحد زملائي موجها لأمن الدولة ضدي، وبالرغم من أن هذا الزميل كان يأكل عيش وملح معي مع احترامي لمهنة الراقصات لكن العوالم مش بيعملوا كده في بعض». وكانت النيابة قررت الافراج عن المصور بكفالة 5 آلاف جنيه. وتدوال نشطاء مواقع التواصل هاشتاغ «أماني_اﻷخرس_أمنجية»، ليعبروا عن غضبهم بعد قيام صحافية تابعة لجريدة «اليوم السابع»، بالإبلاغ عن الزميل أحمد رمضان، مصور جريدة «التحرير»، أثناء محاكمة الرئيس «المعزول»، الأمر الذي دفع قوات الأمن لإلقاء القبض عليه، بحجة انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين. وقال الصحافي عبدالسلام صلاح، على صفحته بموقع «فيسبوك»: «صحافية بتسلم صحافي زميلها للشرطة في قاعة محاكمة مرسي، بدعوى إنه إخواني، وقاحة صحافية وسذاجة شرطية». وقال المصور الصحافي، أحمد جمعة: « ما حدث مع الزميل أحمد رمضان بعد سماع أكثر من شاهد للموقف، أحمد رمضان دخل المحكمة دون تصريح نتيجة تقاعس أمني، الأمن سأله داخل القاعة عن تصريحه وسأله عن الجريدة التي يعمل بها، واعتقد أنه إجراء روتيني يتم دومًا داخل قاعات المحكمة». وأضاف «أماني الأخرس مصورة فيديو، أبلغت أحد الضباط داخل قاعة المحكمة أن أحمد رمضان كان يعمل بنفس الجريدة التي تعمل بها وتم طرده من الجريدة لأن له خلفية إخوانية، وهذا ما أكده رئيس المباحث لأحد الزملاء، وبعدها تم التحفظ على أحمد وتعقدت الأمور معه». وكانت نقابة الصحافيين قررت منع الصحافية أماني الأخرس، من دخول مبنى نقابة الصحافيين. وعلقت النقابة قرارًا إدراريًا وقعه جمال عبدالرحيم، سكرتير النقابة جاء فيه: «تمنع أماني الأخرس من دخول مبنى نقابة الصحافيين اعتبارًا من تاريخه «، وقال جمال عبدالرحيم «إن القرار جاء بعدما تقدم عد من الصحافيين بمنعها من دخول النقابة، لوشايتها بأحمد رمضان». وأوضح أن يحيى قلاش، نقيب الصحافيين، سيتقدم بمذكرة لخالد صلاح، رئيس تحرير اليوم السابع، لإحالتها للتحقيق، وأضاف أن صحافيين يجمعون توقيعات لمنع قيدها في النقابة فيما بعد. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
لندن ـ «القدس العربي» أعلن أكثر من 340 من كبار حاخامات اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية دعمهم الكامل والحاسم للاتفاق النووي مع إيران، وطالبوا مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين بتأييد الصفقة الغربية مع طهران حول ملفها النووي، واعتبروا الاتفاق النووي أنه صفقة تاريخية، وأنه يحمي إسرائيل من السباق التسليحي في المنطقة. وحسب موقع «ذا هيل» التابع للكونغرس الأمريكي، أعلن أكثر من 340 من كبار حاخامات اليهود في رسالة مف[/size]