في العاصمة العمانية، مسقط، يواصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، ممارسة الألعاب الدبلوماسية (إذْ تصحّ تسميتها هكذا، بوصفها أقرب إلى اللعب في الوقت الضائع) مع «أطراف» النزاع. وأمّا على الأرض، وبعد هزائم الحوثيين في مناطق واسعة من عدن وأبين والضالع ولحج، فإنّ التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ينجز انتصارات إضافية، وأخرى منتظَرة، في تعز ومأرب وشبوة. الأمر، من زاوية أكثر واقعية وتعبيراً عن الحال على الأرض، بات مرتبطاً بالخيار العسكري؛ حيث لا تخرج شروط اللعب عن المعادلة البسيطة التالية: لأنّ الحوثي، بمساندة مباشرة من قوات المخلوع علي عبد الله صالح، وعجز فاضح من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (مرتبط بموقف المتفرج مكتوف اليدين، الذي اتخذته الرياض أيام الملك عبد الله)، اجتاح مناطق واسعة من اليمن، بما في ذلك الجنوب، بسهولة صاعقة، ودون قتال أو مقاومة غالباً؛ فإنّ انكسار الحوثي، وقوات صالح أساساً، لم يعد بالأمر الهين، ودونه دروب شائكة، متعرجة، بعضها مسدود تماماً. وهذه الخلاصة تعيد الملفّ اليمني إلى جذوره الأعمق، التي هي أيضاً مكوّنات صانعة للصراع، حكمته منذ البدء ولسوف تحكمه حتى ينجح البلد في بلوغ حلّ عادل يشمل كلّ «الأطراف»، ويكون بمثابة برّ أمان وطني، في الحدود الدنيا. بين هذه الجذور أنّ الصعود الحوثي بدأ كمسألة اجتماعية ـ ثقافية، قبل أن يتخذ بُعداً طائفياً يستقطب شرائح واسعة من أبناء المذهب الزيدي، لم تكن في الأصل قريبة من التحرك الحوثي. أما الآن، وبعد أن أريقت دماء وتهدّم عمران وتفرقت جماعات، فلم يعد يسيراً إعادة المعادلة إلى ذلك الأصل الابتدائي، لأنّ الحوثية صارت ـ بقوّة الدم والخراب، كما يتوجب القول ـ واجهة المذهب الزيدي، الناطقة باسمه، شاء أهل أبناء المذهب (والمشيئة غالبة هنا) أم أبوا (عند أقلية منهم). الجذر الثاني هو أنّ تورط إيران في الملفّ الحوثي لم يبلغ مستوى الانخراط العسكري، المباشر على الأقلّ، ومن المرجح أنّ طهران لن تصعّد دورها في الصراع أكثر مما فعلت، حتى الآن؛ خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، وظهور تباشير ملموسة حول سياسة خارجية إيرانية مغايرة، ليس في اليمن فحسب، بل في سوريا والعراق ولبنان أيضاً. وهنا قد يرتدي الدور العُماني صفة وساطة أبعد من مجرّد النأي بالنفس عن «عاصفة الحزم»، أو احتضان الاتصالات الأممية مع الحوثي ورجال المخلوع صالح. الجذر الثالث هو أنّ صالح ظلّ رجل السعودية المدلل، حتى في ذروة التفافه على جهود المصالحة الوطنية، فحشد الموالين في المؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية، وعمل على تفخيخ موقع الرئاسة بالرغم من أنّ الرئيس هادي كان بدوره صنيعة الرياض، وأقام تحالفاً مع الحوثيين أعداء الأمس، وأسقط كلّ المحرّمات في زجّ الجيش الوطني في أتون حرب أهلية. هو هكذا، وأكثر بالطبع؛ ولكن هل يصحّ إسقاطه من المحاصصة المقبلة، أو هل يمكن ذلك أصلاً؟ أخيراً، ثمة ذلك الجذر الذي يخصّ إصرار السعودية ـ في حقبة الملك سلمان، و»عاصفة الحزم» ـ على تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 2216، الذي يطالب الحوثي وقوات المخلوع صالح بالانسحاب من المدن التي تمّ احتلالها، والعاصمة صنعاء أولاً، ثمّ تسليم الأسلحة والعتاد إلى السلطة الشرعية. وليس أدلّ على عقم هذا القرار، في جانبه التنفيذي أولاً، من عقم الاتصالات التي أجراها، ويجريها، المبعوثان الأمميان، الحالي مثل سلفه. جذور أربعة، وسواها كثير، غنيّ عن القول؛ ولا مناص من الغوص في باطن أرض اليمن، بحثاً عن المنطق الأنسب لمعالجة مفاعيلها. صبحي حديدي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
تعز مدينة استراتيجية مهمة في جنوب غرب اليمن، يطل عليها جبل صبر وهو ثاني أعلى جبل في الجزيرة العربية، وللمدينة أهمية استراتيجية كبيرة، فمنها تأتي أكثر الكوادر الإدارية والسياسية والنقابية في البلاد، وهي العاصمة الثقافية والمدنية لليمن، وتعد بموقعها الجغرافي حلقة الوصل بين جنوب اليمن وشماله، إذ هي بوابة الجنوب، والتحكم بها يعني الاقتراب من حاضرة الجنوب عدن، وتهديد أمنها، إضافة إلى قربها من باب المندب المضيق الاستراتيجي للبحر الأحمر. ومن الناحية الدينية تعد تعز أحد أهم مراكز السنة الشافعية في اليمن، وقد قامت فيها عدد من الدول اليمنية في الفترة الوسيطة، حيث كانت في حالة حروب مستمرة مع دولة الأئمة الزيدية في شمال البلاد، وقد حاولت الدويلات الزيدية المختلفة إخضاعها بالقوة على مر القرون المختلفة، الأمر الذي شكل حالة من الإحساس الجمعي بضرورة أن تكون المدينة منطلق معظم حركات المقاومة لهيمنة الزيدية على البلاد. واليوم يعيد التاريخ نفسه، أو يمضي على وتيرة مشابهة لجريانه في الماضي. فبعد أن دخل الحوثيون صنعاء في 21 ايلول/سبتمبر 2014، زادت شهيتهم – نظراً لسهولة دخولهم المدينة – للتوسع في جنوب البلاد، تحت ذرائع معدة سلفاً تتمثل في الذريعة الأساس، وهي محاربة الإرهاب والدواعش والتكفيريين. عندها توجهت جحافل الحوثيين بعد أن فتح لهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح معسكرات الجيش، إلى ذمار جنوباً، ثم إب ووصولاً إلى تعز التي بدخولها ضمن الحوثيين تأمين ظهورهم بعد دخول عدن، وكذا ضمان استمرار خطوط امدادهم بالسلاح والمقاتلين للاحتفاظ بالمحافظات الجنوبية. ومع استمرار ضربات قوات التحالف العربي على مواقع الحوثيين وقوات صالح، ومع استمرار تقدم قوات المقاومة الشعبية، خسر الحوثيون حاضرة الجنوب عدن، وكانت خسارة عدن المقدمة لخسارة مدن الجنوب واحدة تلو الأخرى باستثناء مدينة الضالع التي دحرت الحوثيين قبل فقدانهم السيطرة على مدينة عدن. وبعد خروج الحوثيين من عدن، توالت انتكاساتهم في الجنوب، في ظرف أيام معدودة بعد خروجهم من المدينة، وبدا كأن وضعهم في تعز لن يعود مريحاً لهم، خاصة بعد تدفق مقاتليهم الهاربين من عدن على تعز للاحتفاظ بها، وقمع المقاومة التي تشكلت سريعاً من مجاميع من أبناء الحزام القبلي الريفي لتعز في شرعب والمخلاف وصبر جبل حبشي وبعض مناطق الحجرية، بالإضافة إلى الكثير من أبناء المدينة الذين انخرطوا باكراً ضمن تشكيلات المقاومة في تعز بقيادة الشيخ حمود المخلافي، الذي شكل مع عدد من القادة العسكريين المجلس العسكري للمقاومة في تعز، ومن أبرزهم القائدان العسكريان يوسف الشراجي وصادق سرحان المخلافي. في المراحل الأولى للمقاومة سيطر المقاومون على عدد من الحارات الداخلية في المدينة مثل حي الضبوعة والروضة وساحة الحرية والمسبح وادي القاضي، ثم كانت أشرس المعارك في جبهة شارع (26 ايلول/سبتمبر) والمرور والمستشفى الجمهوري ومستشفى الثورة ومحيط جبل جرة المطل على المدينة مقابلاً لجبل صبر الاستراتيجي. وبعد أن حرر المقاومون وسط المدينة انطلقوا إلى شارع الأربعين ومنطقة كلابه ومحيط قلعة القاهرةو المجلية وصينة، في الوقت ذاته كانت مقاومة جبل صبر قد بدأت انتفاضتها ضد الحوثيين في قمته الاستراتيجية «العروس» ، التي خرجت باكراً من يد الحوثيين إثر معارك قادها أبناء المنطقة ضد الوجود الحوثي هناك، قبل أن يستعيده الحوثيون خلال أيام، وتستعيده المقاومة مرة أخرى لتحتفظ به إلى اليوم. وتدخل ضمن نطاق جبل صبر معارك كثيرة منها المعارك التي لمع فيها نجم قرى ذي عنقب ومشرعة وحدنان، التي تمت بالسيطرة عليها عملية تأمين واسعة للجبل لصالح المقاومة الشعبية، ليتقدم المقاومون إلى قلعة القاهرة وتتحرر ويتم تأمين الحارات والمناطق القريبة التي تطل عليها القلعة وكان سقوط القلعة ذا أثر كبير إذ تم للمقاومة أن تقع على مرتفع يطل على أهداف استراتيجية للحوثيين . إلى هنا كان الحوثيون لا يزالون يحتفظون بمناطق مهمة في المدينة كمنطقة القصر الجمهوري، بالإضافة إلى حصارهم لمداخلها من منطقة الحوبان. وقبل أسبوع شنت المقاومة الشعبية هجمات منسقة كاسحة، استولت فيها على مناطق النقطة الرابعة، وقيادة الأمن المركزي، والعرضي الذي يعد بداية الجحملية، إحدى مناطق تمركز الحوثيين (تم تطهيرها لاحقاً)، والتي كللت بالاستيلاء على مبنى محافظة تعز، ليتوجه الثوار بعدها إلى منطقتي الكمب، وجامعة تعز ليتم حصار القصر الجمهوري. وبعيداً عن تلك التفاصيل المذكورة، فإن معظم مدينة تعز يعد الآن تحت سيطرة المقاومة، فيما لا تزال للحوثيين بعض الجيوب في الجحملية العليا وصالة، التي كانت تضم المربع الأمني ومقر حكم ولي عهد دولة الأئمة المتوكلية أحمد حميد الدين، قبل ثورة ايلول/سبتمبر 1962. ولأهمية مدينة تعز، وأبعاد معركتها الرمزية والتاريخية، بدأت محافظة إب المجاورة، والتي يضمها إقليم واحد مع محافظة تعز، بدأت تلك المحافظة بالدخول شيئاً فشيئاً على خط المواجهات، وإن كان دخول إب على خط المقاومة متقدماً منذ دخول المواجهات بين الحوثيين وقبائل «الرضمة» بعيد دخول الحوثيين صنعاء. وبعد تحرك الجبهات في تعز تداعت جبهة إب، وتحرك المقاومون في إقليم آزال نفسه، حيث استولى الثوار على منطقة «عتمة»، وهي أول منطقة تسقط في يد المقاومة من مناطق محافظة ذمار التابعة لإقليم آزال الذي يضم العاصمة صنعاء وصعدة وعمران وذمار، لتصبح المقاومة على بعد أقل من مئة كيلومتر من العاصمة صنعاء التي تحركت فيها جبهة أرحب، شمال العاصمة عندما عادت قرية «الجنادب» للانتفاض مرة أخرى قبل أن يشن عليها الحوثيون هجوماً كبيراً غير متكافئ انتهى بدخولها وتفجير أكثر من عشرين منزلاً لقياديين في المقاومة هناك ، كما شهدت مقاومة آزال عمليات نوعية لمناطق متعددة من العاصمة مثل الحيمتين وبني مطر. ولعل الإمام أحمد حميد الدين كان مدركا لأهمية تعز إذ اتخذ من قصره في صالة مقراً لإدارة شؤون الدولة عندما كان ولياً للعهد. وكان أحمد حاد الذكاء، لاستشعاره خطورة تعز ورمزيتها المذهبية والثقافية، ولذا نقل مركز الثقل إلى هذه المدينة، خوفاً من انتفاضتها التي لم تتأخر بالفعل على دولته، حيث جاءت ثورة 26 ايلول/سبتمبر 1962 التي قضت على دولة الأئمة، والتي شاركت تعز فيها بفاعلية على كافة المستويات. واليوم يبدو أن تعز تقوم بالدور ذاته إذا ما اعتبرنا الحوثيين امتداداً لنظام الحكم الإمامي السلالي الذي انتهى في شمال اليمن عام 1962، حيث تتصدر تعز مقاومة «الانقلاب الحوثي» ثقافياً وإعلامياً وعسكرياً. ومن هنا يمكن أن نفهم هستيريا الحوثيين، وهجماتهم المستميتة لاستعادة المدينة، واستهداف المدنيين من النساء والأطفال بشكل عشوائي، بصورة توحي بالرغبة في الانتقام، والخوف من هذه المدينة ذات الرمزية العميقة في التاريخ اليمني الوسيط والمعاصر. محمد جميح [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
تعز ـ «القدس العربي»: المستقبل اليمني ما زال غامضا مع غموض الوضع الراهن، في ظل التجاذبات التي يشهدها في كل الاتجاهات، حيث لم تنجح المقاومة ومعها قوات التحالف العربي ـ حتى الآن ـ في حسم المعركة بشكل نهائي لصالح المشروع الوطني في كل أرجاء اليمن. كما لم تستطع جماعة الحوثي ومن يساندها من قوات الرئيس السابق علي صالح الحفاظ على المكتسبات العسكرية التي حققتها على الأرض خلال الشهور الماضية. وعلى الرغم من ذلك إلا أن اليمنيين ما زالوا يعيشون هذه اللحظة التاريخية، بكل آلامها وآمالها وتعقيداتها أيضا، أملا منهم في اقتراب ساعة الانفراج، ودخول اليمن عهدا، يطمحون فيه أن يكون جديدا في كل المقاييس، سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وتتسع فيه فضاءات الحرية لكل ألوان الطيف السياسي على أساس المواطنة المتساوية، تضع فيه حدا لحالة الاحتراب والهيمنة والاستئثار بالسلطة والثروة من قبل (الهضبة المقدسة) التي مارست تسلطا على كل شيء في البلاد طوال العهود السابقة، أحيانا بنفوذ القبيلة وأحيانا أخرى بسلطة الحق الإلهي. ويزداد الأمل اليمني المشرق في التمدد في ظل التراجع الكبير والتقهقر الذي تشهده الجبهات العسكرية لجماعة الحوثي المسلحة وخسارتها أمام التقدم العسكري المتسارع لقوات المقاومة الوطنية في أكثر من جبهة مع استمرار الدعم اللا محدود لها من قوات التحالف العربي وتمكنها خلال الفترة القصيرة الماضية من تحرير محافظات عدن ولحج والضالع وأبين، وأجزاء كبيرة من محافظات تعز وشبوة ومأرب والبيضاء، وما زال التقدم متسارعا في أكثر من صعيد وأصبح محددا واقعيا للعد التنازلي للانهيار الحوثي الكامل، الذي فتح أبواب التساؤلات عن سيناريوهات المستقبل على مصراعيها. سيناريوهات المستقبل اليمني قد لا تكون وردية في كل الأحوال، لكنها على الأقل ستكون أفضل حالا من الوضع الراهن الذي أراد الحوثيون من خلاله أن يهدموا كل المكتسبات السياسية والثقافية والاقتصادية المحدودة، بل وان يعيدوا اليمن قرونا إلى الوراء، يتحكمون فيه بكل شيء في البلاد تحت مبرر الحق الإلهي في السلطة وما ينسحب وراء ذلك من احتكار للثروة أيضا. الحرب الدائرة حاليا في اليمن ضد الحوثيين، قاسية ومؤلمة ويدفع اليمنيون ثمنها غاليا كل يوم، لكنها كانت عملية ضرورية لاستئصال الورم الحوثي الخبيث الذي تفشى في البلاد بشكل واسع وتجاوزها ليشكل تهديدا على دول المنطقة. وان معركة اليوم كانت وفقا للعديد من المحللين (معركة مؤجلة) منذ زمن طويل، وكان قَدَرُ الجيل الراهن أن يدفع ثمن تراكمات سياسية خاطئة لفترات طويلة، دمّرت اليمن ودمرت واقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكادت أن تعصف بمستقبله لولا انفجار الوضع بهذه المعركة الراهنة التي التقطها اليمنيون ودول التحالف لانقاذ اليمن والقيام بعملية تصحيح تؤسس لمستقبل أفضل. وفي ظل الوضع الراهن يقرأ اليمنيون مستقبلهم وفق رؤيتين، الأولى مفعمة بالتفاؤل والأخرى مليئة بالتشاؤم. النظرة التفاؤلية تؤمن بامكانية القضاء على التمرد الحوثي ومن يقفون وراءه من قوات علي صالح، وبناء يمن جديد يحقق كل الطموحات والآمال، والنظرة التشاؤمية باحتمالية الانكسار وعدم تحقيق تقدم لأي من الطرفين وبالتالي بقاء اليمن في (منزلة اللاحسم)، يتكرر فيها النموذج السوري والصومالي في الصراع والاقتتال الطويل الأمد، الذي يدمر البلد أرضا وإنسانا. لكن الانتصارات الأخيرة التي حققتها المقاومة الوطنية بدعم من قوات التحالف ترجح كفّة التغيير لصالح المقاومة الوطنية وبناء اليمن الجديد، الخالي من فرض الأمر الواقع بقوة السلاح والذي تتلاشى فيه سلطة صالح وهيمنة الحوثيين. وجهات النظر تتعدد حول سيناريوهات المستقبل وتتباين من شخص إلى آخر، لكنها لا تختلف كثيرا حول أهمية المعركة الراهنة وضرورة حسمها للوضع العسكري والسياسي الحاضر الذي أوصل البلاد إلى حافة الهاوية وفجّر الأوضاع الأمنية والعسكرية على نحو غير مسبوق، لا لسبب سوى تكريس الهيمنة السلطوية السادية من قبل الحوثيين وتحقيق الحالة الانتقامية من قبل الرئيس السابق علي صالح ضد خصومه الذين أطاحوا بنظامه في ثورة الربيع العربي 2011. ويرى السياسي والبرلماني اليمني علي المعمري انه لا بد من الإقرار أن سقوط الحوثيين أصبح حقيقة لا تقبل الشك، ليس لأنهم اندحروا من المحافظات الجنوبية وتعز وبدأ اليمنيون في تصعيد مقاومتهم لغزوهم واجتياحهم في إب وذمار وبعض مديريات صنعاء، ولكن لأن سيطرتهم على اليمن غير ممكنه أساساً، فلم يعد ممكناً الهيمنة الطائفية المذهبية عبر القوة والغزو والاجتياح. وقال لـ«القدس العربي» ان «الحوثيين سقطوا في إدارتهم المجحفة للمحافظات التي اجتاحوها قبل ان يبدأ سقوطهم العسكري. سقطوا أخلاقيا ووطنيا وإداريا، حيث يقتلون ويخطفون ويبيعون الوقود والمواد الأساسية في السوق السوداء بأسعار خيالية من قبل ميليشياتهم». وأوضح أن أهم ملامح المستقبل اليمني بعد سقوط الحوثيين سيكون يمناً موحداً بدولة إتحادية تتكون من ستة أقاليم بحسب ما أقر في مؤتمر الحوار الوطني ومسودة الدستور التي سيستكمل الاستفتاء عليها بعد إستعادة الدولة من قبضة حلف الغزو والاجتياح (الحوثي/صالح). وأضاف «لقد رسخ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة خيار وحدة اليمن وأمنه واستقراره، بنجدته لليمن في مواجهة الحوثي وصالح الذين هددوا الخليج كله بسعيهم لتسليم اليمن إلى إيران وكذلك لكون أمن السعودية والخليج يقتضي وجود يمن موحد ومستقر في الجوار. فسيطرة الحركة الحوثية على الشمال أو حتى على صعدة وميناء ميدي الصغير المجاور لها سيبقي خطر الحركة الحوثية على السعودية بنفس مستوى خطرها في سيطرتها على اليمن كله». ويرى الكاتب والأمين العام لمجلس شباب الثورة السلمية عبدالغني الماوري أنه بعد سقوط الحوثيين هناك سيناريوهات كثيرة لكن السيناريو الأكثر حظا هو دولة اتحادية من ستة أقاليم وهذا ما يؤكده الرئيس عبدربه منصور هادي دون ملل أو كلل باعتباره الحل الأكثر واقعية، سواء لتحقيق متطلبات الأمن القومي العربي أو لإرساء الأمن والاستقرار في البلد. وقال لـ«القدس العربي» ان «أهم أولوية يجب التركيز عليها هي إعادة بناء صورة الدولة في المخيلة الشعبية، من خلال إجراءات واضحة تفضي إلى بسط سيطرة الدولة واحترام سيادة القانون، بالإضافة إلى بناء المؤسسات وخصوصا مؤسسة الجيش على أسس وطنية واحترافية، والاهتمام بملف التعويضات، وكذا توفير الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وصحة». وذكر أن أبرز المعوقات تتمثل في عدم وجود ثقافة شعبية تحترم فكرة الدولة. ففي العقود الماضية كان اليمن مزرعة كبيرة لمجموعة من اللصوص والمنتفعين، وكانت هناك مظاهر للدولة فقط. وعندما اجتاجت ميليشيات الحوثي العاصمة صنعاء انكشف كل شيء. لقد أدى تدهور فكرة الدولة إلى التسامح مع كل الأفكار والأعمال التي من شأنها ضرب الدولة من الأساس، ابتداء من القبول بفكرة تعيينيات عائلية داخل الجيش وصولا إلى التعامل مع ظاهرة الميليشيات بطريقة كوميدية، والاعتقاد انها جهة سياسية وحسب، علاوة على ذلك وجود جماعات مسلحة عديدة في الشمال والجنوب لها مشاريع صغيرة قد تمثل عائقا أمام ترسيخ الاستقرار في البلاد مستقبلا. وأكد الماوري أن الحلول والآليات التي يجب ان تنبثق من عدة مبادئ، تتمثل في حكم القانون والمواطنة المتساوية والعدالة، حيث ستساهم الحلول المقترحة في تجاوز كثير من المشكلات المزمنة التي جعلت اليمن يعيش أزمات متلاحقة «لأن بناء المؤسسات وفق رؤية واضحة واسس متينة هو المدخل المناسب لبناء استقرار مستدام، وفي حال تم التلاعب في هذا الشأن فإنه سيكون من الصعب الحديث عن حلول حقيقية». وشدد على «اعطاء الجماعات المسلحة فرصة محددة لتسليم أسلحتها والخضوع لسيادة وقوانين الدولة، وإلا فيجب القضاء عليها ولا عدم السماح ببقاء السلاح تحت يد أي مجموعة مهما كانت، بحيث تبقى الدولة هي الوحيدة التي تحتكر السلاح». من ناحيته أكد الكاتب السياسي عبدالرقيب الهذياني ان المشهد الراهن سينتهي بهزيمة الحوثيين وصالح وعودة مسار العملية السياسية على قاعدة المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الدولي 2261 وسيكون حزب المؤتمر وجماعة الحوثي داخل هذه العملية السياسية ولكن من دون صالح ومن دون ميليشيا أو سلاح. وقال لـ«القدس العربي» «سيكون أمام السلطة أولويات عقب التحرير بانجاز مهمتين رئيسيتين هما: التطهير والتعمير». وأضاف ان من أبرز متطلبات التطهير التركيز أولا على بناء جيش وأمن وطني يحمي العملية السياسية ولا ينقلب عليها. يحمي العاصمة والمحافظات ولا يتواطؤ أو يبيعها للانقلابيين. وأضاف «من هنا يتم حل جميع الكيانات المسلحة سواء تلك التي نفذت الانقلاب أو الأخرى التي كانت في صف المقاومة الشعبية. ولعل قرار دمج المقاومة في الجيش الوطني يأتي في هذا الإطار. ولتجنب تكرار أخطاء هيكلة الـجـــيــش والأمن الـخــاطــئة التي ارتكــبها الرئيـــس هادي خلال الفترة الماضية يجب تطهير هاتين المؤسستين من القيادات الفاسدة ومن ثبت خيانتها للشرف العسكري، فالذي كان جزءا من المشكلة لا يمكن ان يكون جزءا من الحل». ويعتقد الكاتب والإعلامي عبدالله دوبلة ان «الحوثي يمثل آخر أشكال الحكم المركزي وما بعده هو يمن الاقاليم الأكثر استقلالا في ظل يمن موحد بصلاحيات أكبر للاقاليم التي تكتسب استقلالها من خلال حروب التحرير، حيث القوى المحلية هي من تفرض نفسها بديلا عن الحوثي وصالح». وقال لـ«القدس العربي» «بالنسبة للفوضى التي قد تنشأ عن وجود ميليشيا مقاومة في المحافظات فوجود التحالف العربي أمر يساعد كطرف خارجي محكم بين الأطراف العديدة المرتبطة به». لكن المعمري أشار إلى أن العديد من العوامل تؤكد أن انفلات الوضع في اليمن بعد انزياح الحوثيين غير ممكن، «صحيح أن هناك بعض التحديات مثل وجود محدود لبعض الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تستغل ظروف انهيار الدولة بعد أن قام الحوثيون باجتياحها، وكذلك بعض المكونات الانفصالية في الجنوب، غير أن هذه المخاطر لا تتعدى نسبتها الـ 10 في المئة». وأضاف «ان الجنوب مثلا أصبح قادراً على إدارة نفسه محلياً، أمنياً وحتى عسكرياً ولا مصلحة له في الإنقياد وراء المكونات الانفصالية التي أثبتت الوقائع أنها أدوات بيد علي صالح أكثر من كونها صاحبة قضية». وأوضح ان «جزءا كبيرا من الحراك الجنوبي قاتل إلى جانب قوات صالح والحوثي التي اجتاحت الجنوب وفعلت فيه ما يعجز القلم عن وصفه من الجرائم، أما المتطرفون الاسلاميون فهم أقرب إلى أن يكونوا أداة مخابراتية بيد هذا الطرف أو ذاك». وأكد المعمري أن من الأسباب التي تحجم خطر الإسلاميين وتبطل مفاعيله أن «التيارات الإسلامية في اليمن المنخرطة في مقاومة غزو الحوثي وصالح تقر بالحياة السياسية وقواعدها. فحزب الاصلاح، المكون الأكبر للحركة الإسلامية في اليمن، خاص أكثر من خمسة انتخابات في الحياة السياسية في الفترة ما بين 1990 وحتى هذه اللحظة، كما أن السلفيين لم يعرف عنهم ميلهم لاستخدام العنف لفرض آرائهم وتصوراتهم على الآخرين منذ تأسيس فصائلهم المتعددة منذ أكثر من عقدين». وذكر أن المنطلق الأساسي لوضع اليمن ما بعد إنزياح السيطرة الحوثية هو إرتباط أمنه واستقراره ودولته بأمن الخليج العربي واستقراره ودوله الخليجية المجاورة. ويقتضي الصراع المفتوح على المنطقة كلها وساحاتها ودولها وممراتها البحرية وجغرافيتها في إطار صراعات (المتسع الجغرافي والديمغرافي) أن «يكون اليمن بلداً مستقراً وعمقاً استراتيجياً للقائد الجديد للعرب، المملكة العربية السعودية، التي أعلنت للعالم كله أنها لن تقبل بانهيار العرب واستباحة دولهم من قبل النفوذ الإيراني الذي يوظفها لمصالح إيران وأطماعها في السيطرة على المنطقة». خالد الحمادي[/size]
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: اليمن: سطوح وجذور ونشرة القدس العربي اليومية الأحد 23 أغسطس 2015 - 14:50
الدوحة ـ «القدس العربي»: كشف وزير الخارجية اليمني الدكتور رياض ياسين في مقابلة خاصة مع «القدس العربي» عن العديد من القضايا المتعلقة بتطورات الأحداث في المستقبل وما خلفته من تداعيات وعن مآل علي عبد الله صالح والحوثيين الذين قالوا عنهم أنه لن يكون لهم دور في الحياة السياسية مستقبلا. واعتبر أن ما يحدث في سلطنة عمان ليس مبادرة حوار سياسي بل مجرد جلسات استماع لمطالب المنهزمين الذين نزلوا إلى قاع المساومة بعد أن خسروا كل شيء. كما كشف عن مشروع (مارشال) دولي لدعم اليمن وتحقيق نهضة شاملة تكون مفتاحا لدخوله قريبا بوابة مجلس التعاون الخليجي ونيل عضويته الكاملة. تطورات قلبت كل الموازين بداية اعتبر رئيس الدبلوماسية الذي قابلته «القدس العربي» وكله تفاؤل بما يرده من أنباء عن تقدم قوات الشرعية ميدانيا، أن هناك انتصارات تتحقق بشكل مستمر، وهو ما جعل المعركة التي خاضتها الشرعية تصنف اليمن كأحد النماذج الدولية القليلة من حيث الزمن الذي استغرقته حرب استعادة مقاليد الأمور. التغلب على ميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح التي اعتبر أنها لا تملك مشروعا سياسيا حقيقيا ولم يكن لديها امتداد شعبي في رأيه، وثبت أنها ليست أكثر من مجموعة متطرفة امتلكت السلاح وانتهزت فرصة ضعف الدولة في تلك الفترة واستغلت أيضا فرصة الطموح الإيراني ورغبتها في تصدير الثورة للخارج. وقال أن هذه المعطيات جعلت هزيمتهم تقع في أقل فترة ممكنة إذا ما قورنت الحالة اليمنية بما حدث في أفغانستان حينما استولت حركة طالبان بعد فترة على مقاليد الأمور في البلد وحتى الآن لم يتم دحرها، وكذلك تنظيم الدولة الذي يسيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا ولم يتمكن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من القضاء عليه. ويؤكد أن الذي حصل في اليمن يمكن اعتباره سابقة تاريخية توضح أن لدى المملكة العربية السعودية ودول الخليج وكل قيادة التحالف القدرة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية عندما تتخذ قرارا حازما. ويشدد ياسين أن الوجه الإيجابي لهذه الانتصارات أنها ستعيد بشكل عملي هيكلة تركيبة الوضع في اليمن وتصلح من اختلالاته السابقة وتمحو أثر السياسات الخاطئة المدمرة على امتداد عقود زمنية. فاليمن عرف بانتشار القبلية واستشراء الفساد وسيطرة بعض القوى بسبب علاقاتها الخارجية، مؤكدا أن كل ما حصل في هذه الفترة حجّم هذه القوى وجعلها في مستوى واحد وبالتالي إعادة البناء ستتم على أساس مدني ولن يعطى لأي فرد أو زعيم أو مكون أو حزب أو طائفة الحق في الاستفراد بالقرار. والميزة الأخرى في رأيه أن لدى البلد فرصة تاريخية تماما مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية مع ألمانيا أو اليابان والدول التي دمرت ودكت على الأرض فقامت على أنقاض الخراب وظهرت بمشاريع تنموية جعلت منها أقطابا متطورة ومتقدمة على جميع الصعد وهذا من خلال مشروع مارشال. ويشير إلى أن القيادة تركز في المرحلة المقبلة على تنمية اليمن ليرتفع مستواه الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي وليكون مؤهلا للدخول لمنظومة مجلس التعاون بعضوية كاملة خصوصا وأن البلد لديه تاريخ وامكانيات ورصيد حضاري ويتمتع بحضور بشري أكثر من 26 مليون نسمة وهم سيتضاعفون خلال 15 سنة مع تنوع جغرافي ثري وهو ما يمنحه ميزة أن يكون منتجا. فساد النظام السابق ويكشف وزير الخارجية أن خلال 30 سنة التي حكم فيها علي عبد الله صالح اليمن تسبب في نهب كل المساعدات التي تقدمها دول مجلس التعاون الخليجي وكان مخادعا لحكوماتها واستخدم تلك المعونات لمصلحته الشخصية وفائدته وأراد أن يلعب على التناقضات بينها وحاول أن يضرب بعضها البعض والحصول على مزيد من الأموال. ويرى أن دول التعاون بذلت على مدار الفترة السابقة جهودا لدفع عجلة التنمية في جارتهم الجنوبية لكن ذلك فشل بسبب الوضع السائد آنذاك، الذي سوف يتغير وستكون هناك آلية شفافة للاستفادة من هذه المساعدات خصوصا وأن دول الخليج ترغب في نماء وتقدم اليمن حتى يرتقي إلى مصاف الدول المتقدمة وليكون أكثر استقرارا. وقال الدكتور ياسين أنه يتم التخطيط من الآن وعلى ضوء الانتصارات الحالية لتنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن وستحضره عدد من الدول المانحة ومن خلاله ستقدم تقارير عن حجم الدمار الحاصل مبنية على الواقع ومن خلاله سيتم شرح ما الخطط التنموية والأولويات وسيكون هناك مشروع مارشال لتحقيق نهضة شاملة في اليمن. ويعتقد أن تطور الأحداث يقدم درسا لكل الميليشيات سواء في الداخل أو الخارج بأن من يستولي على السلطة بهذه الطريقة تكون نهايته سريعة ومهينة ويمنى بالفشل وفي الأخير لن يحقق أي شيء أو يظفر بغنائم أو مكاسب على أرض الواقع بسبب هذه الأساليب. انتقاد للمنظمات الدولية وفي سياق تحليله للمشهد اليمني في صورته الشاملة انتقد وزير الخارجية تقارير المنظمات الدولية مؤخرا مشيرا إلى أنه تم تسجيل عدة ملاحظات على ما تقوم به أحيانا، حين تساوي بين الضحية والجلاد ودعاها إلى أن تنتهج أسلوبا وطريقة أكثر شفافية في تحديد الملابسات بشكل موضوعي. واستدل على ذلك بما قال عنه لجوء الميليشيات إلى السلاح والهــجـــوم على الـعــزل في مــناطق الدولة وترهيــبهم فكيف لا يمكن أن تصف هذه الحالة ضمن تقاريرها على أنها إرهاب؟ حوار دون صالح والحوثي وفي رده على سؤال حول ضرورة انتهاج مسار حوار سياسي لتأمين البلد من أي انفلات على ضوء التقدم الذي تحرزه قوات الشرعية حتى لا تكون هناك اضطرابات تؤثر على المشهد، اعتبر الدكتور رياض أن الجميع واثق من هذه الانتصارات وما تحققه على أرض الميدان حيث أنها تساهم في الأخير أن تكون الدولة هي المظلة الأساسية لكافة القوى الوطنية. واعتبر أنه حينما تستقر الأوضاع سيتم الشروع في عملية حوار سياسيي شامل لكل القوى ويكون المحدد هو الحجم الحقيقي لكل تيار في البلد وليس نتيجة قدرته على حمل السلاح. وشدد على أنه سيتم النظر للمستقبل بتفاؤل وعلى أنه درس قاس للجميع خصوصا لوجود كثير من الشهداء والمصابين والجرحى وحالة تدمير واسعة، والذي يتحمل المسؤولية بارتكاب هذه الجرائم ميليشيات الحوثي وقوات علي عبد الله صالح، وبالتالي يجزم على أن الفكرة الرئيسية حاليا أن لا يكون لهم أي دور في مستقبل اليمن. ويستدل على تأكيد ذلك بأنه لا «يمكن أن نكافئ من ارتكب كل هذه الجرائم في أن نمنحه الفرصة للانخراط في الحياة السياسية، لأنه ستكون هناك آلية محددة لمحاسبة كل من ارتكب أي تجاوز في حق البلد والناس». لا مكان لمن حمل السلاح وفي رده على سؤال حول المخاوف من إقصاء مكون اجتماعي هام (الحوثي وأنصار علي عبد الله صالح) لديه حضور وتواجد سياسي، وتأثير ذلك على استقرار البلد، شدد رئيس الدبلوماسية على أنه لن يكون هناك أي إقصاء لأحد، إلا إن كان أحد المكونات الاجتماعية يستخدم السلاح والعنف والقوة لفرض رأيه. وأضاف «سبق لنا أن قمنا بعملية حوار سياسي شامل ولم يتم خلالها إقصاء أي طرف منها، لكن العامل المشترك فيها هو الالتزام بمبدأ السلمية، لكن الحوثيين للأسف الشديد هم من انقلب على ذلك واستخدم السلاح واحتجز القيادة واستلب البلد لفرض رأيه، وبالتالي نحن لن نقصي أي طرف لكن من يهدد بالسلاح أو من يحمله لن يكون متواجدا في الساحة». واستطرد «سيكون هناك حوار سياسي وطني شامل يشارك فيه الجميع لكن شريطة الالتزام بالسلمية والتخلي عن السلاح وشريطة أن تكون نسبة المشاركة في الحوار لكل طرف تعتمد على تواجده الحقيقي في الشارع اليمني». وأشار إلى «لن تكون هناك أي صيغة تعطي نسبة 20 ٪ أو 30 ٪ لمكون لا تزيد نسبة تمثيله الواقعية للسكان عن 2٪ . ولا يمكن أن تمنح مجموعة صغيرة مثل الحوثيين الذين يشكلون أقل من 10 ٪ من عدد سكان صعدة التي عدد سكانها لا يزيد عن نصف مليون نسمة أي أن الحوثيين كلهم 45 ألف نسمة أن يحكموا 26 مليون نسمة ويكونوا مشاركين بالنصف في الحكم». وأكد ياسين أنه «لا أحد يستطيع أن ينكر أن الحوثيين يمنيون وأنه لهم الحق في البقاء في البلد والمشاركة السياسية لكن ذلك يكون وفق حجمهم الحقيقي لا أكثر». لقاءات مسقط وكشف المسؤول اليمني في مقابلته مع «القدس العربي» أن «ما تقوم به سلطنة عمان ليس حوارا سياسيا، وما يدور هناك مجرد لقاءات وتشاورات لا ترقى إلى مستوى الحوار السياسي ويمكن أن نقول عنها تبادل وجهات النظر بين طرف يحاول أن يكون محايدا (عمّان) وبين ميليشيات الحوثي التي تعتقد أن منفذها الوحيد إلى العالم عبر مسقط. وأشار إلى أن هناك فعلا «لقاءات ومشاورات عديدة تتم في بلاد عديدة متنوعة لكن لا يمكن أن نصفها بالمشروع السياسي، لأن المبادرة الوحيدة هي قرار الأمم المتحدة 2216 وتطبيقها هو الأساس الذي يتم الاتفاق عليه والعالم كله ملزم بتنفيذه. وأضاف: خلال الفترات السابقة كان الحوثيون في قمة التشدد والرفض لكل شيء لأنهم اعتقدوا أنهم سيطروا على اليمن ولا يبالون بأي أمر آخر، ولم يتوقعوا أن المشهد يمكن أن يتغير في أي لحظة وتنقلب عليهم المعطيات خصوصا وأنها لم تكن مبنية على حق مشروع سوى امتلاك السلا.، وبعد هذه الانتصارات أدرك صالح والحوثيون أنهم يتوجهون نحو الاندحار الكامل ورأوا أن بالإمكان وقف عجلة انحصارهم من خلال تقديم بعض التنازلات والارتخاء في المطالب. وشدد «لا مكان لهم في أي تسوية سياسية لأنهم ارتكبوا جرائم شنيعة ولم يتركوا أي شارع إلا وكانت لهم بصمات تدميرية من قتل وتشريد ونهب وتخريب، فمن يكون هذا نهجه لا يمكن أن يطالب الشرعية الجلوس معه على طاولة المفاوضات. واعتبر أن هناك قرارا واضحا للأمم المتحدة عليهم أن يلتزموا به ولا يفكروا في الالتفاف عليه خصوصا وأنه جاء بناء على توافق تام للمجتمع الدولي وبالتالي هذا الخيار الوحيد الذي يمكن أن يلجأوا إليه. وكشف وزير الخارجية اليمني أن الحكومة اليمنية سوف تجتمع قريبا في العاصمة الجديدة للبلاد عدن والتي تم اختيارها بسبب عوامل عدة وظروف موضوعية وهذا للسنوات المقبلة حتى يتم استتباب الأمن والسيطرة الكاملة على الوضع. ويؤكد أن ذلك يأتي في سياق إعادة الاعتبار لهذه الحاضرة التي تملك مقومات موضوعية وعوامل تساهم أن تكون عاصمة ملائمة للبلد. سليمان حاج إبراهيم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
مثلما قبلت بالقرار الدولي 598 الذي أوقف الحرب مع العراق، وحصلت انسحابات مفاجئة من حلبجة والفاو ونفط شهر، هو ما يحدث الآن في اليمن، بعد نجاح إيران في التوصل مع دول 5+1 إلى اتفاق حول برنامجها النووي، والذي فتح لها باباً كان موصداً لأكثر من ثلاثة عقود، لايجاد شركة مع الغرب وتحديداً مع الولايات المتحدة، تساهم في حل إزمات المنطقة، لتصبح جزءاً أساسياً من الحلول، بدلاً من حالتها الراهنة، كجزء أساس من هذه الأزمات. صحيح إن حلول الأزمات الاقليمية حتى في اليمن تحتاج قبل كل شيء إلى إرادة دولية، في ظل وجود جدار الشك والريبة الذي يهيمن على علاقات إيران الاقليمية، خصوصاً مع دول الخليج العربية بالأخص السعودية، لكن الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، من شأنه أن يرسل إلى دول الاقليم العربية والسعودية منها بوجه خاص المعنية أساساً باليمن، رسائل مطمئنة عن الدور الإيجابي الذي تطمح أن تلعبه إيران لانهاء هذه الأزمات .. ومنها بالطبع أزمة اليمن. ويبدو من «الصفقة الكبرى» التي بشر بها الاتفاق النووي، أنها أقنعت إيران بفرملة نفوذها في اليمن برغم أنها ترفض على الدوام أن تصفه بالتدخل، أو أنه يهدد مصالح وأمن السعودية، بالانطلاق من مفهوم جديد يسود العقلية الحاكمة في إيران هذه الأيام، يقر بنفوذ السعودية في اليمن، وحقها في أن تكون لها كلمة في طبيعة الحكم وتحالفاته هناك، مثلما يحق لإيران أن يكون لها نفوذ وكلمة في دولة تجاوره كالعراق مثلاً. ورغم أن المفاوضات «النووية» الأخيرة التي جرت على مدى نحو عامين، كانت محض «نووية»، وتم الاتفاق مسبقاً على فصل الملفات العالقة بين إيران والغرب، وأن يجري العمل على حلها بالمفرق، إلا أن ما تم التفاهم بشأنه أيضاً منذ التوصل إلى الاتفاق المبدئي في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 حول النووي، أن حل المسألة النووية، يجب أن يُفضي إلى الإقرار بدور إيران المفصلي في حل الأزمات الحادة في المنطقة، حتى قبل أن تبرز المسألة اليمنية بشكلها الفاقع الأخير منذ إعلان السعودية وحلفائها، الحرب بحجة إعادة الشرعية إلى اليمن. من وجهة نظر محض إيرانية، فقد شنت السعودية الحرب على اليمن لعرقلة التوصل إلى الاتفاق النووي، أو التأثير عليه ولتكون أزمة اليمن واحدة من أوراق إضعاف الموقف الإيراني والضغط على طهران لتقدم تنازلات في المفاوضات النووية. وفي هذا الواقع تعاطت إيران مع الأزمة اليمنية بعد الحرب في مستواها الإنساني وبرزت كداعية سلام تقدم مبادرات لوقف الحرب فيما منافستها وهي «قبلة المسلمين» في العالم، تظهر أمام المسلمين والعالم في شهر رجب الحرام، وهي تشن الحرب وتصر عليها. استنزاف هكذا تعاملت إيران، وهي تنشط في الوقت نفسه على خط جر السعودية إلى حرب استنزاف لا تخسر فيها إيران جندياً، وهي تستعد لتعويض ما تقدمه من أموال لدعم حلفائها، مما ستكسبه بعد الاتفاق النووي. وإذ نجح الرئيس «المعتدل» حسن روحاني في كسب ثقة المرشد آية الله علي خامنئي، وتأييده المطلق له في «المفاوضات النووية» فانه تمكن ببراعة من تحييد الحرس الثوري الممسك بكل تفاصيل البرنامج النووي الإيراني، وفي تخفيف قبضته على أهم الملفات الساخنة: في سوريا والعراق واليمن أيضاً. كانت قيادة الحرس الثوري بدعم وربما بتحريض من مرجعيات دينية بارزة في قم مثل آية الله ناصر مكارم شيرازي، ترغب في أن يكون الرد الإيراني على حرب السعودية في اليمن، بالمزيد من التصعيد، حتى لو تسبب ذلك في تقويض المفاوضات النووية، من قراءة مفادها إن الولايات المتحدة تريد الاتفاق النووي مع إيران أي ثمن، ولا ترغب في الانجرار إلى حرب مع إيران بما يمكن الأخيرة من فرض اسلوبها في حل الأزمة في اليمن لصالحها. هذه القراءة لم يهضمها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي لجأ إلى طلاب الجامعات ليعبئهم لصالح «السلام» ورفضِ الانجرار إلى حرب مع أمريكا بأي ذريعة كانت. وأثارت تصريحاته أمام الطلبة، التي حذر فيها من حرب محتملة تكون إيران هدفاً لصواريخ العدو المفترض بما يعرض بنيتها التحتية لمخاطر جدية، غضب قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري الذي لم يكن يملك الا إطلاق تصريحات «ثورية» مضادة بينما كان ظريف ينقل للمرشد علي خامتئي تقريراً مفصلاً عن رؤيته لما سيترتب على إيران وعموم المنطقة من تكاليف باهضة لحرب مسرحها الأراضي الإيرانية!. راية اليماني وكادت إيران تنجح في مساعي طاقمها الدبلوماسي، في أيار/مايو الماضي لايقاف الحرب ولو بهدنة قابلة للتمديد والتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار يهيىء لحل سياسي. وكان يفترض أن تتوقف عاصفة الحزم على اليمن ويبدأ الفرقاء المتصارعون مفاوضاتهم السياسية، بالوكالة عن طرفي الصراع الرئيسين إيران والسعودية، غير أن تمدد الحوثيين وحلفائهم في عدن، وعدم استجابتهم لنصيحة إيران لهم بهذا الشأن، نقلت الحرب على اليمن إلى «إعادة الأمل». لم يستجب عبد الملك الحوثي لدعوات إيران بتقليص تمدده في عدن والتمهيد لانسحابه منها في صفقة تنقل اليمن إلى مرحلة جديدة من الوفاق السياسي يرضي الأطراف الاقليمية الأكثر نفوذاً كالسعودية، وأظهر أنه حليف وليس أداة، وذلك بتشجيع من قراءة دينية تعتقد أن راية ( اليماني) الذي سيكون له شأن في عصر ظهور المهدي المنتظر، هي أهدى من سواها من الرايات حتى من راية الخراساني القادم من إيران الجمهورية الإسلامية. ومع ان إيران تنفي على الدوام أنها تقدم الدعم العسكري للحوثي وتعترف على لسان المرشد علي خامنئي بعد الاتفاق النووي أنها لن تتخلى عن حلفائها، إلا أنها لا تستطيع اخفاء سر اهتمامها باليمن بعيداً عن نظرية الوصول فقط، لباب المندب، وتشكيل خطر جدي يهدد إسرائيل التي تظل في عقيدة «الجمهورية الإسلامية» كياناً غير شرعي لن تعترف به مهما كلفها ذلك من دفع أثمان باهضة. فالاهتمام الإيراني باليمن ديني وتأريخي. يعود إلى ما قبل عقود من ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية؛ حين أرسل الملك الساساني جيشاً بقيادة القائد «وهرز» بطلب من الملك اليمني «سيف بن ذي يزن» لمواجهة الجيش الحبشي آنذاك، وبعد إنهاء القتال وصد الجيش وطرده من الأراضي اليمنية؛ بقي الجيش الفارسي في اليمن وتزوج أفراد من قواته من نساء يمنيات أنجبوا ما عرفوا حينها بـ «أبناء الفرس». وتعود أصول بعض هذه القبائل اليمنية إلى هؤلاء الجنود الفرس. وأثناء البعثة النبوية الشريفة أرسل النبي محمد (ص) الإمام علي بن أبي طالب إلى صنعاء للملك اليمني «باذان» ذي الأصول الفارسية لدعوته للإسلام. نحج الإمام علي في اقناع «باذان» قبول الإسلام وبهذا دخل أهل اليمن للإسلام. وفي القرن الثالث الهجري توجه «يحيى بن الحسين الرس» الملقب بالهادي مؤسس المذهب الزيدي برفقة ثمنمئة من أنصاره من «ديلم وطبرستان في بلاد فارس والعراق نحو صعدة. وبايعته قبائل «همدان» و»خولان» و»بكيل» والذين كانوا نواة أول دولة شيعية عرفها التأريخ. أمن جماعي .. وفي سياق الإسقاطات الدينية نفسه يردد الإيرانيون في كتبهم أن الملائكة التي أرست الجبال كانت تعلم أن القرن الحادي والعشرين سيأوي علويين من ذرية أهل البيت وشيعتهم، وإلا لما خلقت تلك الطبيعة جنوب شبه الجزيرة العربية، سلسلة الجبال الشاهقة في الارتفاع التي تصل إلى الكيلومترين والتي تمتد من مكة المكرمة إلى مدينة تعز (بالقرب من عدن) وفي الطريق محافظة صعدة ومحافظة حجة ومناطق أخرى في اليمن. وجاء في كتب التاريخ الذي يؤمن به الإيرانيون وعموم الشيعة، أن الحسين بن علي عندما كان ينوي السفر إلى الكوفة منع بعض أنصاره من مرافقته وأوصاهم بالذهاب لليمن لأنهم سيجدون الكثير من محبي والده علي بن أبي طالب في جبال اليمن، فالذين يعيشون في صعدة هم من نسل المحاربين الذين ناصروا الإمام علي في حروبه، وقد أثنى الإمام عليهم مراراً. هذه النظرة الدينية لم تصطدم بموقف علي عبدالله صالح من الجمهورية الإسلامية بُعيد سقوط نظام الشاه الذي كان يتتلمذ على يد أستاذه صدام حسين. وأرسل حينها فيلقاً كاملاً من القوات اليمنية لدعم الجيش العراقي في حربه ضد إيران وكان من بين الجنود الذين أسرتهم إيران، عدد من الجنود اليمنيين. لكن في المقابل كان الجيش اليمني يضم شيعة من صعدة رفضوا الإلتحاق بالجيش اليمني في حربه على إيران لأنهم كانوا يعتبروها حرباً ضد الإمام الخميني الذي يرونه من ذرية النبي، وهو أمر لا تنساه إيران وهي تتحرك لانقاذ تفاهمها الذي رسمته ملامح «الصفقة النووية الكبرى» وتشمل وضع حلول لأزمات سوريا والعراق ولبنان والبحرين وأن تكون أزمة اليمن ساحة اختبار لنجاحها، ومن مظاهره انسحاب الحوثيين وحلفائهم المفاجئ من عدن، دون أن يمنعهم ذلك من التهديد من جديد بخيارات «الصبر الاستراتيجي» فيما لو فشل الاختبار الذي يجري تدشين مفاوضاته في سلطنة عمان بمشاركة أمريكية مباشرة، في إطار مفاوضات تسهم فيها أيضاً روسيا التي تريد مع إيران إنشاء منظومة خاصة بالأمن الجماعي لمكافحة الإرهاب، أو تحالف يضم أهم اللاعبين الإقليميين، كإيران ودول الخليج!. نجاح محمد علي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
بغداد ـ «القدس العربي»: تركزت الأحداث على الساحة العراقية هذه الأيام على عدة قضايا في مقدمتها تواصل قرارات حكومة حيدر العبادي الاصلاحية واستمرار التظاهرات وتعقيد قضية رئاسة اقليم كردستان وتحركات القوى الشيعية لإيجاد حل لزعامة التحالف الوطني. فاستجابة لمطالب المتظاهرين في المدن العراقية، واصلت حكومة حيدر العبادي اصدار قرارات جديدة لهيكلة الاقتصاد وتقليص النفقات منها خفض أعداد الوزراء والمستشارين للرئاسات الثلاث والوزراء، وتقليص أعداد حمايات المسؤولين وإعادتهم إلى القوات المسلحة، وهو الإجراء الذي وفر للحكومة مبلغ 250 مليار دينار سنويا. وفي هذا السياق فقد توجه العبادي إلى محافظة البصرة للتدخل في حل المشاكل والصراع بين القوى الشيعية التي تدير الحكومة المحلية إضافة إلى محاولة تطمين المتظاهرين إلى استمرار جهود الحكومة الاصلاحية. وفي مجال مكافحة الفساد والمفسدين في أجهزة الدولة، فقد شهد هذا الاسبوع تحرك السلطة القضائية وقيامها باصدار مذكرات قبض بحق العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين المتهمين بقضايا فساد. وبدورها أعلنت هيئة النزاهة عن تفعيل الآلاف من ملفات فساد وسوء استخدام للسلطة، عبر قيامها بإصدار مذكرات قبض أو استدعاء بحق الكثير من المسؤولين والموظفين في الحكومة. وبالرغم من كل هذه الإجراءات الاصلاحية، فلا تزال التظاهرات متواصلة في مدن العراق ومن قبل كل الشرائح الاجتماعية، وذلك لأن الاجراءات والقرارات الصادرة حتى الآن لم تمس جوانب مهمة من احتياجات ودواعي التظاهرات كنقص الخدمات وأهمها الكهرباء والماء وحل مشاكل البطالة وغيرها، إضافة إلى عدم محاسبة حيتان الفساد الكبيرة حتى الآن. والقضية الثانية التي أثارت اهتماما كبيرا لدى العراقيين وبعض الدول المهتمة بالشأن العراقي، هي انتهاء فترة رئاسة مسعود البارزاني للاقليم ودخوله الفراغ الدستوري دون التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب الكردية على صيغة محددة سواء للتمديد أو اختيار البديل. فقد فشلت العديد من اجتماعات الأحزاب الكردية الرئيسية ولجنة اعداد الدستور وبرلمان الاقليم، في التوصل إلى اتفاق مقبول من كل الأطراف. ويصر الحزب الديمقراطي الكردستاني على التمديد لرئيسه مسعود البارزاني مقابل اعتراض اربعة أحزاب رئيسية أهمها الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني وحزب التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية . ومن خلال اللقاء بالعديد من الشخصيات في اربيل، لاحظت «القدس العربي» أن الاحزاب الكردية منقسمة إلى معسكرين الأول في اربيل والثاني في السليمانية، وأن جميع الأحزاب متمسكة بمواقفها وذلك بالرغم من التدخل الأجنبي وتوافد الوفود الأمريكية والاتصالات الإيرانية والتركية لمحاولة التوصل إلى حل وتأجيل الخلافات بسبب حساسية التحديات الأمنية المتمثلة في خطر تنظيم الدولة المجاور للاقليم إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها كردستان. والغريب أن الحكومة المركزية في بغداد، في خضم هذه المعمعة، لا يبدو أنها راغبة بممارسة دورها كسلطة تمثل قانونا الشعب العراقي كله، وبضمنه اقليم كردستان، وفضلت النأي بنفسها عن أي محاولة لحل أزمة رئاسة الاقليم وكأن الأمر لا يعنيها. وتوالى هذه الأيام حراك نشيط من خلال زيارات زعماء الأحزاب والميليشيات الشيعية العراقية إلى قم وطهران كنوري المالكي والسيد مقتدى الصدر وعمار الحكيم وغيرهم، وسعيهم القاء بالمسؤولين الإيرانيين للبحث في شؤون البيت الشيعي وحركة الاصلاحات التي تقوم بها حكومة العبادي والتي ستشمل جر بعض القادة الشيعة إلى المحاكم بتهم الفساد، ولتؤكد قوى التحالف الوطني، من جديد، الدور الإيراني المؤثر في القرار الشيعي العراقي. وتشير مصادر مختلفة ان طهران لا يبدو أنها معارضة لاصلاحات العبادي لأنها لا تريد إثارة الشارع العراقي ولا تريد الظهور بمظهر المدافع عن الفاسدين، خاصة بعد أن ردد المتظاهرون في كربلاء مؤخرا هتافات ذات مغزى عندما نقلت مواقع التواصل الاجتماعي هتافات مثل ( إيران بره بره .. كربلاء تبقى حرة ). كما أن إيران تفهم جيدا الخلافات العميقة بين قوى التحالف الوطني وصراعها على السلطة والنفوذ، وهي تريد استغلال هذه الخلافات وتوظيفها بما يخدم مصالحها ولكن في الوقت الذي يكون مناسبا لها. أما على الجانب الأمني والعسكري، فقد تمكنت القوات العراقية هذا الاسبوع وبدعم من الطيران العراقي وطيران التحالف الدولي، من تحقيق بعض التقدم من خلال السيطرة على بعض المواقع في الرمادي وحول الفلوجة وبيجي، حيث وصلت القوات العراقية إلى مشارف الرمادي مركز الأنبار وحققت تقدما بطيئا بسبب انتشار العبوات الناسفة في الطرق والبيوت واستخدام تنظيم الدولة للقناصة والعربات المفخخة لعرقلة تقدم القوات الحكومية والقوات المساندة لها. ومن الجانب الأمني، فقد تواصلت عمليات التفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة في الأحياء السكنية في مناطق مختلفة من العاصمة العراقية مسببة وقوع المزيد من الضحايا الأبرياء ضمن مسلسل استهداف الشعب العراقي. مصطفى العبيدي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
عمان ـ «القدس العربي»: الإعلان الذي تقدم به رئيس وزراء الأردن الدكتور عبد الله النسور منتصف الاسبوع حول كتلة المبادرة البرلمانية والتعهد بالعمل معها تحت القبة مجددا وللموسم الثالث على التوالي لا يقف عند تأسيس مساحة لاستئناف مشوار الشراكة فقط بين الحكومة وهذه الكتلة البرامجية. لكن هذا الإعلان يؤسس في الواقع لثمار ما يمكن وصفه بنتائج التفاهم مجددا وبعد سنة ثالثة برلمان بين حكومة مخضرمة وخبيرة تجاوزت عامها الثالث عمليا وبين الكتلة التي تعتبر الأكثر تنظيما تحت قبة البرلمان الأردني في مواجهة هشاشة بقية التكتلات. تعهد الحكومة مجددا بالعمل مع كتلة المبادرة يعني على الهامش مستجدين مؤثرين فالحكومة راغبة في الشراكة وتستعد لمواجهة سيناريوهات رحيلها المحتمل عبر تجديد الثقة بأهم كتلة برلمانية صلبة. المستجد الثاني يؤشر على ان كتلة المبادرة التي تلتزم بعقل سياسي وطني مبرمج لديها قراءة متباينة في مسار الأحداث حول مستقبل حكومة النسور وتظهر الكتلة بالتالي الاستعداد لتجديد دعمها للنسور للعام الثالث على التوالي على أساس الشراكة وبصورة تخدم على الأرجح مشروعات الكتلة وأدبياتها. إنتاج كتلة المبادرة التي لفتت الأنظار منذ عامين تركز على الابتعاد عن المشاحنات والمناكفات السياسية والتركيز في المقابل على سبعة قطاعات منتجة في مستوى الخدمات تم اعداد وثائق مشتركة بشأنها مع الحكومة من خلال جلسات عمل مكثفة وعنيفة وطويلة نادرة في الحياة البرلمانية الأردنية مع الوزراء والمسؤولين التنفيذيين مباشرة. بهذا المعنى تعيد كتلة المبادرة إنتاج صورتها النمطية رغم انشغال العديد من الأوساط داخل وخارج البرلمان والسلطة في التأثير سلبا على الكتلة واضعافها وهو واقع فرضه الاصرار العنيد على اكمال مشوار البرامج برلمانيا حيث لعب طول الوقت دور الأب الروحي للمبادرة الدكتور مصطفى الحمارنة. الحمارنة ورفاقه في كتلة مبادرة كما فهمت «القدس العربي» منهم مباشرة لا يستعجلان الخوض مع الحكومة في القضايا المعقدة أو المثيرة للجدل والانقسام والفرصة في السياق متاحة للبدء بتدشين قاعدة توافق على عمل برامجي محدد يخدم الناس ويهم المواطن مثل التعليم والصحة والأمن المائي والنقل. في المقابل يبدو مشهد التكتل تحت قبة البرلمان الأردني مفتوحا في الوقت نفسه على خيارات متعددة وسط حالة انزياح وتمدد وتقلص لكتل ما زالت هلامية وتأثيرها قليل أو نادر وشخصانية في الحراك حسب وجهة نظر النائب المخضرم محمد الحجوج . بطبيعة الحال يتأثر الاصطفاف في الكتل التي تنقلب على نفسها بين دورة وأخرى بالانتخابات الموسمية لرئاسة مجلس النواب والمناصب الأساسية في البرلمان واللجان. هذه الانقلابات تحصل داخل السياق الكتلوي عشية كل دورة برلمانية جديدة الأمر الذي يمنع ولادة قوة مركزية منظمة داخل مجلس النواب الذي ما زال بدوره يعاني من ضيق الصلاحيات الدستورية حسب رئيسه المهندس عاطف الطراونة الذي المح إلى ضرورة العمل على تعديلات دستورية تعزز سلطات وصلاحيات الرقابة للنواب إذا كانت التوافقات الوطنية جادة عندما يتعلق الأمر بسلطة التشريع. يتفق الطراونة على هامش حوار معمق مع«القدس العربي» مع الرأي القائل بان تجربة الكتل ما زالت ضعيفة وبان المؤسسية في المجلس النيابي تطورت قليلا لكنها لم تصل للسقف المأمول ويرى ان صلاحيات التشريع والرقابة ما زالت تشكل حلقة أضعف في التفاعل مع السلطة التنفيذية وصلاحياتها الكبيرة. وجهة نظر الطراونة ان القصور الدستوري يمنع ولادة مشاريع كتل ناضحة ويتفق الحجوج والحمارنة مع الرأي الذي يقدر بان الفردية ما زالت تشكل طابعا صعب الهزيمة في إداء النواب الذين يتعرضون بين الحين والآخر لنقد جماعي من أبرز ثلاثة أطراف هي الشعب والدولة و في بعض الأحيان الحكومة عبر وزرائها. اتجاهات التكتل المبكرة قبل نحو ثلاثة أشهر من الدورة العادية المقبلة من البرلمان تفرز طموحات جديدة وتساهم في إنتاج استقطابات تنتهي بانسحابات واستقالات من هنا وهناك داخل الكتل المألوفة. الزحام شديد في هذه المساحة عندما يتعلق الأمر بالتنافس على رئاسة المجلس والمناصب العليا فيه والزحام لا يقل ارتباكا عندما يتعلق الأمر بتركيبة اللجان التشريعية التي تميل إلى المحاصصة والتقاسم أكثر من ميلها إلى التخصص والعمل البرامجي. لذلك وبصورة اجمالية لا مستجدات لافتة على صعيد البرلمان الأردني الذي يستعد لعام 2016 وهو عام الانتخابات. الكتل ما زالت هلامية.. ثلاثة أو اربعة نواب يستقطبون على أساس جهوي ومناطقي أصوات زملائهم للفوز برئاسة المجلس والتيار المحافظ الذي يمثل الثقل العشائري في البرلمان متحفز للانقضاض على أي عملية اصلاح تشريعي يمكن ان تمس بالمساحة المخصصة له. في المقابل هجوم موسمي متجدد على قانون اللامركزية الاصلاحي وبروفات متوقعة للحرس القديم تستهدف قانون الانتخاب الجديد وحكومة تحاول الدخول عامها الرابع بالتفاهم مع كتلة برامجية يتيمة في المجلس تمثلها المبادرة. بسام البدارين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
غزة ـ «القدس العربي»: رويدا رويدا تقترب حركة حماس ذات النفوذ القوي في قطاع غزة، من إبرام تهدئة مع إسرائيل، تمتد عدة سنوات مقبلة، يتوقف فيها الطرفان عن الحديث بلغة الرصاص والقنابل، مقابل إحلال هدوء، تمتنع فيه قوات إسرائيل العسكرية عن شن أي حروب على القطاع، وتتيح حياة أفضل للسكان المحاصرين. على مدار أيام الأسبوع الماضية، انشغل الفلسطينيون سواء في غزة مقر قوة حماس، أو في الضفة الغربية مقر حكم السلطة الفلسطينية ونفوذها، في متابعة ملف التهدئة، وانقسموا كعادتهم بين مؤيد ومعارض. غير أن ما أضفى على الأمور طابع الضبابية، هو عدم وجود ما يؤكد أن حركة حماس تلقت عروض التهدئة الطويلة من المبعوث السابق للرباعية الدولية توني بلير خلال زيارته الأخيرة للعاصمة القطرية، ولقائه هناك خالد مشعل زعيم حركة حماس. فعلى الرغم من تأكيد مسؤولين من الحركة تلقي هذه الأفكار، وقرب التوصل إلى التهدئة، وهو أمر عبر عنه القيادي أحمد يوسف، حين قال أن مفاوضات التهدئة قطعت شوطا كبيرا، مشيرا إلى قرب الإعلان عن «شيء ما» في هذا الصدد، بعد لقاء مشعل بلير في الدوحة، قال مسؤولون آخرون أن الحركة لم تتلق عرضا رسميا لهذا الاتفاق. لكن رغم ذلك يشير أغلب المراقبين والمتابعين من مسؤولي الفصائل، إلى أن هناك «طبخة» يجري تسويتها على «نار هادئة»، ستشمل دخول حركة حماس في تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل. ورغم نفي مكتب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وجود أي لقاءات مع جهات من حركة حماس من خلال وسطاء، وذلك خلافا لما جرى تأكيده من عقد اجتماع ضم مشعل مع بلير، فإن الطرفين المعنيين بالأمر فعليا يريدان الوصول إلى هذه التهدئة، لما لها من فائدة تعود عليهما. ففي إسرائيل يسعى نتنياهو الذي يقود ائتلافا حكوميا ضعيفا إلى تجنيب جنوب إسرائيل القريبة من غزة، ومناطق الوسط أي هجمات للمقاومة الفلسطينية بالصواريخ، قد ينجم عنها خسائر بشرية ومالية كبيرة، على غرار الحرب الماضية، وكذلك سيسبب دخوله في حرب جديدة في حرج وانتقاد دولي، في ظل مطالبات بمحاكمته دوليا. وعلى الجانب الآخر فإن أي حرب جديدة ستزيد من خسائر قطاع غزة على كل المستويات، خاصة وأن آلاف الأسر تعيش حالة من التشرد بعد أن دمرت منــازلهــا، لذلك لا تســعى حركة حماس للدخول في مواجهة أخرى قريبة. وما يؤكد الاهتمام بإبرام التهدئة، هو إسراع حركة حماس فور فتح مصر لمعبر رفح بشكل استثنائي الأسبوع الماضي، بالطلب من السلطات المصرية، لقاء مدير مخابراتها وفد رفيع من قيادة حماس على ان يسافر الوفد إلى قطر وتركيا، لعقد لقاء بين قيادة غزة والخارج، لبحث مشروع بلير، وما عرضته أطراف دولية على قيادة الحركة، للخروج بموقف موحد بخصوص التهدئة. يأتي ذلك مع زيارة خالد مشعل إلى تركيا، إذ التقى الرئيس رجب طيب أروغان، بعد أيام قليلة فقط من لقائه بلير، حيث كشف عن مناقشة الطرفين لملف التهدئة، وإقامة «ممر مائي» سيربط غزة بجزيرة قبرص، وهو أحد أهم أركان الاتفاق، إذ سيخضع الممر لرقابة من حلف الناتو، وتركيا أحد أعضائه. وما يدلل على وجود شيء مخفي في مباحثات التهدئة، لا تريد حماس الكشف عنه في هذا الوقت، ربما بسبب اعتبارات خاصة بها، في ظل تعقيدات الوضع الفلسطيني والإسرائيلي، كشف مستشار رئيس الوزراء التركي ياسين أقطاي، بعد زيارة مشعل لأنقرة، أن غزة تتجه نحو اتفاق شامل في قضية رفع الحصار وفتح المعابر والتوصل لاتفاق تهدئة مع إسرائيل. وترافق ذلك مع ما كشف عن عقد الحركة لقاء ضم قادتها في قطاع غزة، بحث مقترحات بلير للتهدئة، وخرج منه المجتمعون بموقف مؤيد للاتفاق، قبل الطلب من مصر بالموافقة على خروج وفدها القيادي للقاء قيادة الخارج، رغم أن هناك مسؤولين من حماس نفوا عقد هذا الاجتماع. لكن الحركة لم تخف منذ البداية وجود مباحثات واتصالات تجري عبر أطراف دولية للتوصل إلى التهدئة الطويلة، وهي اتصالات بدأها المبعوث السابق للأمين العام للأمم المتحدة روبرت سيري، بالتزامن مع رسائل نـقــلتـهـا إســـرائيل لــحركة حماس لإحلال التهدئة، عبر تج[/size]