[size=32]هبهب مدينة عراقية صغيرة تقع على الشارع العام المؤدي الى محافظة ديالى ، وقد اشتهرت بصناعة العرق غير المطابق للمواصفات ودون رقابة حكومية ، وعرق هبهب معروف بسرعة وقوة مفعوله وتاثيره على شاربه ، وقد عرف هذا العرق بالعرق " القجغ " او المهرب غير الخاضع للرسوم الحكومية، وبعد هذا التعريف القصير نعود إلى وزارة الداخلية لنقول :[/size]
لو أن الله هدى وزير داخلية العراق وشرب كأسا واحدا من العرق، وبالذات من عرق هبهب المدعو ( أبو الكلبجة)، لأنقلب فورا من وزير داخلية، إلى وزير خارجية؛ ولحلق في فضاء العالم، وطاف شواطئ الدنيا الفسيحة، ورأى كيف يعيش الناس، وماذا يأكلون ويشربون ويسمعون ويقرؤون،ويبنون! ولأزاح إبراهيم الجعفري الذي ما حل في مكان إلا وملأه سفسطة وحذلقة وكلمات متاقطعة! وربما ما كان أرسل شرطته إلى فنادق بغداد، والمحلات العامة الأخرى ، ليطفئوا محاولة أناس للفرح ولو مرة واحدة في العام، حيث يكون قد عرف فوائد العرق السياسية قبل الروحية! الحكاية التي سأوردها الآن موجهة الى كل من يطالب بتحريم وجلد سكارى بغداد المساكين، أسوة بمجلس محافظة البصرة الذي منع شرب العرق ومشتقاته ( الويسكي الاسكتلندي هو من مشتقات العرق، فالعراقيون هم أول من عرف الجعة والنبيذ والتقطير، وقبل آلاف السنين) والآن سأوردها ثانية مع تعليق واحد: دعوا العراقيين يشربون، فتلك هي الطريقة المثلى لكي تحلوا في عيونهم، وينسون مصابهم فيكم، حتى يحين يوم الحساب،فبقاء الحال من المحال! واليكم القصة : ثمة رجل في ستينات بغداد كان بعد أن ينتهي من عمله اليومي المضني يعود إلى بيته، حاملاً مع طعام العائلة، وحاجاتها الضرورية، زجاجة ربع عرق هبهب رخيص، ليحتسيها في البيت بهدوء وصمت ولطف، بعيداً عن صخب الحانات والشوارع ومشاكلها الكثيرة! ثم يأوي إلى فراشه وينام مع زوجته، لينهض وقد استعاد نشاطه ليواصل شوط عمل اليوم التالي! الكارثة، أن زوجته التي كانت دميمة مناكدة ثرثارة تجلس قبالته تنق: ليش تشرب؟ شوكت تبطل شرب؟ امجوعنا، اموتنا، متخاف ربك؟فاضحنا، مخزينا، مصخمنا، معزينا ،الله لا ينطيك، الله لا يرضيك!
كان حظه وقدره، أنه بدلاً من أن يسمع أغنية لأم كلثوم أو عفيفة اسكندر أو حضيري مع مشروبه، يسمع هذه الثرثرة التعيسة، ومع ذلك ظل الرجل صابراً ساكتاً صامداً أمام قصفها المدفعي، النسائي، متفكراً مع نفسه، أنه ما دام لا يقتطع ثمن هذه الزجاجة الصغيرة من لقمة أطفاله، وما دام يجلب لهم طعامهم وملابسهم، وما يحتاجونه، فمن حقه أن يريح نفسه بهذا السم الزعاف! ذات ليلة ألحت عليه بالكلام وأطالت لسانها عليه أكثر فأكثر، وصار مرمى مدفعيتها إلى القلب، فما كان منه إلا أن فتح فمه ونطق بكلمات قليلة، لم يفكر في صياغتها، ولم يتوقع مفعولها السحري، بل خرجت بعفوية من قلبه وعقله، كل ما قاله لها (ولج اسكتي؛ مو هو هذا المحليج بعيني!) من يومها سكتت هذه المسكينة! صارت عاقلة تماماً، وراحت هي من يحضر مزته، ويجلو قدح شرابه ليغدو صافياً صفاء القلب، وتجلس تنادمه وقد هداها الله سواءالسبيل! بل والعهدة على الرواة أنها قالت له (عيني سمعت عرق " القوش " احسن، من عرق هبهب، ولو غالي ، جيب واشرب، ولا يهمك، خيرنا كثير!).