[size=32]من اين ابدأ ؟ من ستكون بطلة سطوري ؟ هل ستكفي كلماتي لنقل حال النساء في العراق ؟[/size]
اسئلة تتراشق كتراشق الامطار في معترك الاعصار، قد يكون وصفي مبهماً غامضاً ماساوياً، لكن هي هذه الحقيقة.. الحقيقة التي جعلتني اكره واقعاً حمل رداء التغيير بعد 2003 ؛ فكانت اولى معالم التغيير ان تكون المراة العراقية بطلة وبامتياز بعد قتل وجودها وسبيها كجاهلية القرون التي مضت .. قصتي الاولى ستكون لتلك التي قضت سنوات عمرها تربي اولادها؛ ليكبروا بعد ان فقدت زوجها بحرب ضروس أكلت الاخضر واليابس، حرب عراقية ايرانية بامتياز جعلتها حبيسة ذكريات الماضي وهي تودع حبيبها شهيدا؛ ظانةً ان المستقبل سيكون افضل، عملت ليل نهار، حاكت من اصابعها خيوطا لأولادها كي تقول لزوجها استطعت ان اكمل مسيرتك!! صبورةُ.. صفة لازمتها حتى كبروا الاولاد؛ فكان منهم القانوني والمهندسة والمحاسب ، لم تعلم ان الحروب ستبقى رهينة حياتنا، لم تعلم ان رقعتنا الجغرافية كانت نقمة جعلتنا نمضي سنوات عمرنا في قتال ودمار.. علمت تلك الصبورة كل هذا متاخراً؛ بعد ان داهمها الاقتتال بحجة الطوائف والاديان، بتغيير لوح به الامريكان ومن معهم من ضالة الدول؛ فقتل فيها كل الحياة ، بعد ان سحب الارهاب اولادها بحجة انهم كفار فمذهبهم لا يتماشى مع مذهب الاخر ..ماتت امرأة حروب الثمانينات وهي تتلفظ انفاس الوداع لتقول: لما ولدت ولما عشت ؟؟ كثيرات تلك النساء اللواتي ترملن وفقدن اغلى ما لديهن، كثيرات من حملن اسم الارملة ولديها ايتام، هل يعقل في بلد غني ببترول الاقتصاد والثروات ان يكون حال النساء فيه كهذا الحال ؟ تجولت عبر حاسوبي عن ارقام تلك الشريحة التي تجاوزت مليون ونصف ارملة ،لكن الاقسى من ذلك هو 4 ملايين طفل يتيم رافققوا تلك الارامل اللواتي اغلبهن لم يتجاوز اعمارهن العشرين .. مشهد يراوح بين اجيال تعاقبت رافقت كل متغيرات السياسة بكل الوانها الحربية، النساء كانوا اولى ضحايا العنف المتكرر فالنزاع المسلح لايرحم احد الا ان المراة في تلك النزاعات الضحية الاكبر، قد يحاججني البعض ويقول المجتمع العراقي باسره تعرض للدمار، وانا اقول نعم الكل اكتوى بنار الحروب والاقتتال ونزاع المذاهب والاطياف واخرها الارهاب الداعشي، الا ان السؤال الذي لا يمكن لاحد ان يتجاوزه ،هل سمعتم بسوق الرقيق وسبي النساء ؟ اعرف انكم سمعتم، لكنكم سمعتم عبر التاريخ وبمراحل زمنية ارتهنت بالجاهلية وما بعد الجاهلية ،وها نحن بالقرن 21 تباع المراة العراقية بفعل دواعش الارهاب بعد دخولها مدينة الموصل في حزيران عام 2014 فشردت وقتلت واغتصبت وسبت، والمصيبة كل هذا تحت غطاء الدين، الذي ادى لنزوح جماعي وصل الى 28 الف نازح، وتشريد اللاف وقتل المئات ، واغتطاف اكثر من 1600 امراة ،وكان للنساء الايزيديات الحصة الاكبر ، وحكايتهن من نوع اخر فما جرى عليهن لايمكن الا ان يوصف ضمن الاعمال البربرية، التعذيب، الاغتصاب، بعضهن أحرقت وعذبت جسديا والكثير منهن عرضن للبيع في سوق الجواري واغلبهن من الطفلات بعد ان تم فصلهن عن امهاتهن . وتشير حكايات الكثير من النساء اللواتي هربن من داعش الى الاساليب الوحشية في التعامل معهن واجبار البعض منهن على اعتناق الدين الاسلامي، والزواج باكثر من رجل (عدالة من نوع اخر) !!!!.. قصة اخرى لطفلات ذنبهن انهن صغيرات لا يميزن بين الدمية وبين اللعب بمصائرهن، زوبعة اخرى حملها لنا رجال الدين المزيفون بحجة السنة النبوية وزواج الطفلات ،كانوا يدبرون لهذا الامر منذ الايام الاولى لسقوط النظام السابق بعد 2003 فتحايلوا على كل القوانين؛ بتضمينهم الدستور العراقي الجديد المادة 41 التي نصت على ان العراقيين احرار بالالتزام باحوالهم الشخصية كل حسب دينهم ومذاهبهم واختياراتهم ... (عهر من نوع اخر) نسفوا كل الاحوال الشخصية ،وزرعوا الانقسام بين المجتمع بحجة الديمقراطية التي اخاطوا لها ثوبا يلائم اجسادهم الملوثة، ووسيلة للاتجار بالصغيرات عبر فتاوى ومشاريع قوانين تقتل جمال الطفولة (اغتصاب وقتل من نوع اخر ). قصص كثيرة ترافقني حملت مأساة المطلقات والارامل و النازحات ومأساة الاقليات، ومصاعب الحياة والعمل وقسوة الاعراف والتقاليد الاجتماعية التي بخست الكثير من حقوق المرأة، والمصية كل هذا وعراب التغيير يهرج.. بانتصار التغيير !!!! اعلم ان مشاهدي معتمة ؛ كالليل ، لكنني سانقل لكم الضوء الساطع وسط تلك العتمة، فالبرغم من كل المأسي والضغوطات التي لا يتحملها عقل ولا جسد، كونها اتخذت اغلفة متعددة منها كان قانوني، ومنها ديني، ومنها من مسلمات التغيير ،الا ان الحركة النسوية العراقية جسدت ملاحم بطولة نقف لها اجلالا واكراما، فالنساء رغم كل الضغوطات اصررن على العمل والنضال لمقارعة الاحتلال والارهاب وقمع حرية الحياة ؛ فكانت لنا مواقف تاريخية .. رفضنا تزويج طفلاتنا بحجة الدستور والدين ، رفضنا قتل احلامنا واقسائنا عن زمام القيادة، رفضنا الاستسلام لارهاب داعش وقتل الحياة في ارضنا، رفضنا ان يقتل اولادنا ويذبح اكثر من 1400 رجل كالخراف( سبايكر وما ادراك ما سبايكر)، رفضنا حتى كان لنا من شهيدات النضال الكثيرات ، الاجمل من كل هذا؛ لم نختلف كوننا نحمل مسميات مناطقية او مذهبية او دينية مختلفة ؛ فكانت امية ،واطوار، وام قصي، وهناء، وفيان، وزينب، وسلسلة من الاسماء لا تعد ولا تحصى، استطعنا ان نضمن الكوتا للنساء في البرلمان والهيئات المستقلة ، وجعلنا المادة 41 من الدستور مادة خلافية وضغطنا بكل قوة حتى تمكنا من سحب مشروع قانون الاحوال الجعفرية الذي يزوج الطفلات، واستطعنا ان نواجه الطغاة بتعرية خطاباتهم وكذبهم، حشدنا للخروج في تظاهرات واعتصامات، وكشفنا للعالم اجمع زيف من حملوا رداء التغيير بحجة الديمقراطية والعراق الجديد، ولم نكتفي بكل هذا؛ بل كنا صوتا للنساء المهمشات المظلوماتفي كل محافظات العراق عبر المنابر الدولية والاقليمية ... رسالتي لكل الزميلات في النضال من المنطقة: نحن مستمرات بالنضال وما قدمناه من تضحيات دليل اصرارنا على البقاء منتصرات على قساوة الزمان والمكان والاعداء؛ لنتكاتف لنصرة قضايانا ..