مايكل سبيني، المحلل السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، يختصر أسباب موجات اللجوء الواسعة الأخيرة في هذه المعادلة: «الدولة الإسلامية» و»جبهة النصرة» هي المسؤولة أولاً، ضمن «مخطط ستراتيجي كبير»، «قد تكون سرّعت في تنفيذه مزاعم عن هجمات عشوائية، ربما نفّذها نظام الأسد ضد المدنيين». لاحظوا نبرة الإطلاق الجازمة في حديث سبيني عن مسؤولية الجهاديين، مقابل نبرة الترجيح الركيكة (في استخدام «قد» و»مزاعم» و»ربما») بصدد مسؤولية النظام؛ وكأنّ المحلل العسكري الجهبذ لم يسمع عن مئات البراميل المتفجرة التي تسقط على المدنيين كل يوم، أو يقرأ التقارير الموثقة عن لجوء النظام السوري إلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، المدفعية والصاروخية والكيميائية، والطيران الحربي، وصواريخ الـ»سكود» في قصف سوريا، دولاً وعرضاً. نموذج سبيني ليس شائعاً، في صحافة اليسار واليمين والوسط، على امتداد أطراف «المجتمع الدولي»، وفي الولايات المتحدة وأوروبا خاصة، فحسب؛ بل يبدو هذا الانحطاط في حسّ العدالة والإنصاف مجرّد واجهة لباطن أسوأ، أشدّ إسفافاً وهبوطاً، لأنه يختزل مأساة اللجوء الراهنة إلى مستويات تبسيطية وتسطيحية فاضحة: «الحرب الأهلية»، «الصراع الطائفي»، «لعبة الأمم»، و… «البحث عن مستقبل أفضل»! وحين يُشار إلى النظام السوري ـ المسؤول، الأول والثاني والثالث والعاشر…، عن واحدة من أبشع الجرائم بحقّ الإنسانية، على امتداد التاريخ المدوّن ـ فإنّ التوصيف يتخذ وجهة التلعثم والغمغمة، حول الـ»قد» والـ»ربما» والـ»مزاعم». للبرميل فصاحة وحشية، وللضمير تاتأة خائنة! معطيات اللجوء السورية لم تعد خافية على أحد؛ حتى في إحصائياتها الدنيا، ومعدّلاتها وأرقامها، التي توافقت عليها منظمات دولية رسمية محايدة (وهي، بالطبع، أقلّ مما تشير معطيات الأرض التي توصلت إليها استبيانات أخرى، محايدة بدورها لكنها أكثر اتكاءً على المؤشرات الميدانية). ثمة ملايين هُجّروا، خارج بيوتهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم، داخل سوريا؛ مقابل ملايين لجأوا خارج سوريا، في أربع رياح الأرض، وحتى قبل أن يسمع أحد بـ»جبهة النصرة» و»داعش»؛ وثمة ملايين ينتظرون، مكتوفي الأيدي وعاجزين عن القيام بأيّ من طرازَي اللجوء، ينتظرون مصائرهم تحت رحمة البرتميل المتفجرة أو القذائف الصاروخية أو الأسلحة الكيميائية. فهل الخروج إلى عرض البحر وقيعانه؛ أو الاختباء في شاحنة تبريد، أو مغامرة التيه في جغرافيا اغتراب لا تستثني القطب المتجمد… أهذا، كله، خيار إرادي، أم إجبار وقسر؟ وفي المقابل، إذا صحّ أنّ هذه الدفعات الهائلة من أمواج اللجوء الأخيرة تخلق، بالفعل، مشكلة معقدة الحلول؛ أفليس صحيحاً، في المقابل، أنّ تفاقم معدّلات اللجوء، خلال الأسابيع والأشهر القليلة الماضية، كان نتيجة مباشرة لترابط عنصرَين متلازمين في المشهد السوري: 1) استقواء النظام على المدنيين العزّل، واستخدام المزيد من البراميل والقذائف، وتشديد القصف على التجمعات السكانية أساساً؛ و2) انحدار «المجتمع الدولي» إلى حضيض غير مسبوق من الصمت إزاء جرائم النظام، بل التواطؤ معه أيضاً، تحت ذريعة أنّ محاربة «داعش» اكتسبت أولوية قصوى؟ أليس الارتباط وثيقاً بين «الخطّ الأحمر» ـ الذي رسمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ذات يوم، واتضح أنه ليس خطاً وهمياً فقط، بل هو خطّ أخضر لارتكاب جرائم أبشع بحقّ الإنسانية في سوريا ـ وبين مساخر «سياسة» البيت الأبيض حول الملفّ السوري، ثمّ المنطقة بأسرها، بما في ذلك التخبط في العراق، واليمن، وفلسطين، ولبنان؟ أليس بين آخر هذه المساخر قرار أوباما بقبول عشرة آلاف لاجىء سوري، في بلد قام أساساً على مبدأ الهجرة والنزوح واللجوء؟ وبالتالي، لماذا يُلام محلل مسطح العقل، مثل مايكل سبيني؛ إذا كان رئيس القوّة الكونية الأعظم، سليل محتد أفريقي، يعتمد المقاربة ذاتها؟ صبحي حديدي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
حقيقة أحس بانجذاب كبير نحو الطريقة التي يدون بها الكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل، أفكاره عن القراءة والكتابة، سواء في تلك المحاضرات التي يشارك بها هنا وهناك، أو في الكتب التي يصدرها تباعا، وباتت الآن تترجم للعربية بسخاء، ويستطيع المتلقي العربي أن يعثر بداخلها على ما أسميه ابتكارات مانغويل وحيله لقراءة جادة. في كتابه «المكتبة في الليل» يواصل الأرجنتيني، الإبهار بأدواته المبتكرة ويقدم لنا المكتبة بوصفها كائنا حيا يتنفس بأرواح الكتب التي تسكنها. ويمكن لقارئ الليل خاصة، أن يصادف كثيرا من تلك الأرواح أثناء وجوده في المكتبة، لكنه لا يراها. سيصادف روح شكسبير في «تاجر البندقية»، وروح همينغواي في «الشيخ والبحر»، وروح دستويفسكي وتولستوي وسارتر في تلك الكتب التي أبدعوها ورحلوا، لكنها باقية حية، تتحدث نيابة عنهم، وتمشي بين الناس بخطواتهم، وتخرج للقارئ في الليل من أجل أن تقضي وقتا طيبا. إنه خيال الكتابة الذي طالما تحدثت عنه بوصفه الأداة التي لا تشيخ، ولا تضل الطريق إلى أهدافها أبدا، ما دامت تستخدم مع الموهبة، فلن يشدني على الإطلاق كتاب يقول إن المكتبة مجرد رفوف عامرة بالكتب المختلفة، وفيها كذا رواية وكذا كتاب تاريخي، وكذا كتاب في الفلسفة، وأن القارئ يحتاج للهدوء كي يطالع تلك الكتب. إنه وصف كلاسيكي، تعليمي بالطبع، لكنه ليس الوصف المبهر الذي يجعلني أواصل القراءة. وأواصلها حين يوحي إلي المؤلف أنه معي في كتابه هذا، ويتحدث بلسانه الشخصي عبر الصفحات التي أطويها صفحة إثر صفحة. القراءة عند مانغويل، طقوس متشعبة، وكثيرة وينبغي الالتفات إليها كلها من أجل قراءة ممتعة، وأعجبني تعريفه عن الفرق بين القراءة والتعلم. ففي التعلم يأتي القارئ حازما وجامدا، وفي عقله مساحة أخلاها خصيصا، ليستوعب بداخلها المعرفة التي سيكتسبها مجبرا، شاء أم أبى، وفي القراءة من أجل القراءة، يأتي الشخص بذهن مكتظ بكل شيء، ولا نية لاكتساب معرفة. لكنه رغم ذلك وفي لحظات نشوة ما، يكتسب شيئا جديدا، يتخذ مكانه في الذهن المكتظ بلا تعب. هذه خلاصة ما فهمته من الفرق بين القارئين، وحين عدت لطريقتي في قراءة الكتب العلمية، والكتب الأدبية، اكتشفت بالفعل أن هناك جدية وحزما في تلقي العلم، وثمة فوضى في تلقي الأدب، لكن أيضا ثمة معرفة، ستدخل الذهن لا محالة. يقول ألبرتو مانغويل إن المكتبات القديمة، كانت مشاريع جادة، أنشأها الأباطرة والحكام كنوع من اكتساب الريادة، فقد كلفوا النساخ والمكتبيين بالبحث والفهرسة، وتشييد المعرفة بجميع أنواعها، معرفة الطب والزراعة والصناعة والعمارة وعلم الفلك، وغيرها من العلوم. ويقول أن مكتبة الإسكندرية التي شيدها البطالسة، كانت ربما سابقة لمكتبات الإغريق، وأن حضارة الإغريق أخذت منها الكثير. هذا الافتراض ربما يكون حقيقيا، إن عرفنا أن مكتبة الإسكندرية لم تكن كيانا هزيلا بأي شكل من الأشكال، ولكن كل الوثائق التي تحدثت عنها وصفتها بالعملقة، وأنها إحدى أشجار المعرفة المثمرة أبدا. ماذا عن تنظيم المكتبات، وفهرسة الكتب؟ في الواقع، معظم الناس يملون من تنظيم فوضى المكتبات، داخل بيوتهم، والمكتبيون الذين توظفوا في مكتبات عامة، يحسون بإرهاق شديد حين يعيرون أحدا كتابا طلبه، وحين يستلمون كتابا انتهت إعارته، وحين يفقد كتاب لم يرده من استعاره. ويقول مانغويل إن أفضل المكتبيين، أي أمناء المكتبات، من كان بلا هواية اسمها القراءة. فالمكتبي القارئ يتحيز لرف أو كتب معينة، قرأها وتذوقها، وينفر من رفوف أخرى بها كتب لم تدخل تذوقه، وهكذا ثمة تناغم ومودة في إعارته للكتب التي يحبها، وتأفف وضيق حين يعير الكتب التي لم تدخل تذوقه. هذا رأي بالطبع يحتمل اعتباره رأيا صادقا، أو رأيا نظريا تخيليا، فأمناء المكتبات الذين أصادفهم، أثناء استعارتي للكتب عادة، يبدون لي آليين في تعاملهم مع الجمهور، يعيرون الكتب بآلية مطلقة، ويتلقونها بعد انتهاء استعارتها بنفس الآلية. وبخصوص تنظيم المكتبات المنزلية، فكما هو معروف فأن الأجيال الناضجة السابقة للجيل الناضج الحالي، كانت أجيال قراءة نهمة، لأن لا ترفيه سوى ترفيه القراءة آنذاك. وكان الكتاب الذي يصدر في أي مكان، يذهب إلى كل الأمكنة، ويمكن للنسخة الواحدة أن تدور على مئة شخص وتعود إلى صاحبها، وهكذا. وكان المحظوظون مَن استطاعوا تكوين مكتبات في البيوت، من كتب جمعوها من هنا وهناك، إما شراء وإما هدايا. وأذكر أنه كانت في بيتنا مكتبة متوسطة، فيها مئات الكتب، وشخصيا لا أذكر كيف تكونت، وكيف تمت فهرستها، لكنها موجودة، وما زالت إلى الآن في نفس المكان الذي أنشئت فيه، وهو جانب من صالون البيت، وإن كان عدد رفوفها قد زاد، وسكنتها إصدارات حديثة لم تكن موجودة أيام والدي. مانغويل يؤكد في هذا الشأن أن المكتبة العظيمة، حتى ولو ضمت كتبا قليلة، تضم معها ذكريات شتى، ذكريات الشراء والقراءة الأولى لكتاب ما، ورد الفعل على كتاب معين قرأه صاحب المكتبة ذات اليوم. هذه الذكريات قد تشمل ساحة رببليكا في وسط روما، وكشك الكتب المستعملة في وسطها والبائع العجوز الذي اشتريت الكتاب منه، والتقطت معه صورة. قد تشمل شارع أوكسفورد في لندن، حين كنت تجلس على مقهى، تقرأ رواية لجون غريشام، واندلقت القهوة فجأة على قميصك. تذكر أنك كنت تحمل هذا الكتاب في بيروت، فسقط المطر فجأة، وأتلف صفحات عدة منه. وهكذا تتوالى الذكريات مع تقليبك للكتب، وقراءة الإهداءات المكتوبة على الصفحات الأولى لبعضها، وربما تضحك لأن المؤلف كان صديقك وكان يحب الضحك، أو تبكي لأن الشاعر العظيم الذي صادقته ذات يوم، وأهداك هذا الديوان، مات وهو يقرأ قصيدته على مسرح شعري. بهذا الافتراض، عدت إلى مكتبتي المتخمة بالفوضى، والتي تحتاج قطعا لإعادة تنظيم من أجل أن يصبح منظرها جاذبا في البداية، ومن أجل سهولة الحصول على كتاب عند الحاجة، أمسكت ببعض الكتب التي كانت إما محشورة في الرف لن يستطيع أن يراها أحد، وإما بارزة وتغطي غيرها، وبدأت أقلبها، وكانت ثمة ذكريات، لن يعتبرها المرء ذكريات مهمة، إلا بخيال ألبرتو مانغويل: كتاب تاريخي اسمه «السيف والنار»، عن مذكرات الجنرال النمساوي سلاطين باشا الذي كان موجودا أيام الثورة المهدية في السودان، تذكرت أنني بحثت عن هذا الكتاب في معظم مكتبات الخرطوم، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي ولم أعثر عليه، ثم عثرت عليه في مكتبة صغيرة في الدوحة، واستغربت فعلا. كتاب باللغة الإنجليزية، اسمه «بيوت الديكتاتوريين»، لفت انتباهي في مكتبة عادية، في مدينة «استوك أون ترنت» في بريطانيا، وقرأته في يوم واحد، لأفاجأ بجمال وأناقة بيوت الديكتاتوريين، وكيف كانوا يحتفلون بالمناسبات، ويدعون الضيوف ويقدمون الأشياء الفاخرة، من أكل وشراب، ولا رائحة لدم، من ذلك الذي يراق خارج بيوتهم، أو صوتا لعظم يتهشم في الشوارع بفعل قراراتهم. رواية «خزي» للجنوب أفريقي كويتزي، التي تتحدث عن أستاذ جامعي، ينخرط في علاقات جانبية بطالباته، ويخسر مهنته، وموقعه في المجتمع ويذهب إلى ريف بعيد. وضحكت حين تذكرت أن فتاة أعرفها وكانت قارئة عظيمة، أرسلتها لي منذ عشر سنوات وكتبت على الصفحة الأولى للكتاب: «لقد خجلت من إكمالها، إن كنت لم تقرأها بعد، ربما تكملها بعدم الحياء الذي يملكه الرجال». ولكن ما آلمني حقيقة أنني عثرت على كتاب لشاعر تراثي سوداني، جمع بعد وفـاته، وأهداه لي صـــديق كان يملك كشكا لبيع الكتب في مدينة بورتـســودان بهذه الكلمة: «عزيزي الأمير.. محبة منــي، لا تنــتـهي». لكن الصديق ذاك مات بعد إهدائه لي ذلك الكتاب بعامين فقط، وكان في الثامنة والثلاثين. المكتبات النعمة، والمكتبات النقمة: صفتان مترادفتان، ربما تختصان بهما المكتبات، فالمكتبة تكون نعمة حقيقية حين تمنحك الكتب والصدر الرحب، وتكاد تكون قرأت معظم ما بداخلها، وتكون نقمة حين تتحول إلى ديكور منزلي، يضم في كل يوم كتابا جديدا، لكن لا رغبة لأحد في طرق بابها، وإزعاج أرواحها أو مؤانستهم. المكتبات كائنات حية كما يقول مانغويل ومن الجرم أن نقتلها في بيوتنا. كاتب سوداني أمير تاج السر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
الموقف التركي من قضية اللاجئين السوريين Posted: 12 Sep 2015 02:05 PM PDT [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تركيا هي الدولة الأولى الأكثر تأثراً بأزمة اللاجئين السوريين منذ الأشهر الأولى للاحتجاجات الشعبية في سوريا، وقد أصبحت قضية اللاجئين قضية خلافية بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الأشهر الأولى من انطلاق الثورة السورية بتاريخ 15 أذار /مارس 2011، لأن تدفق اللاجئين السوريين أول ما بدأ كان إلى تركيا. حاول الأسد أن يستغل صداقته مع أردوغان لمطالبة حكومتها بعدم استقبال اللاجئين السوريين ولا فتح مخيمات اللجوء لهم، وعدم إثارة القضية في وسائل الإعلام التركية، ولا السماح للإعلاميين العالميين بزيارة مخيمات اللجوء السورية في تركيا، وعدم اتخاذها وسيلة لفضح عنف النظام وبطشه للمتظاهرين بدرجة قاسية، حيث كان يقتل في اليوم الواحد أكثر من مئة متظاهر، بهدف أن يدخل الرعب والخوف في قلوب الشعب، الذي ظن الأسد وشبيحته انهم لا يزالون على عهدهم القديم في الخوف منه ومن شبيحته ومعتقلاته وقتله وإرهابه. وقد كان جواب الحكومة التركية واضحاً وقوياً بانها إن لم تقف إلى جانب الشعب السوري وحمايته من بطش النظام فإنها لن تكون إلى جانب النظام السوري، وانها لن تغلق الحدود ولن تمنع السوريين من الفرار إلى تركيا، وأعلنت انها سوف تستقبلهم وتعاملهم معاملة الضيوف وليس اللاجئين ولا المشردين ولا النازحين. نقول ذلك للتذكير، لأن الحلول التي يتحدث عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم بان الأسد على استعداد لقبول حكومة وطنية منتخبة من الشعب السوري أن تشاركه في الحكم جاء متأخرا جداً، بل جاء بعد أوانه أيضاً، فالعرض الذي يتقدم به الأسد للشعب السوري جاء بعد خمس سنوات من القتل والتشريد، قتل فيها نصف مليون مواطن واعتقل وشرد أكثر من نصف الشعب السوري، ثم يأتي بعد ذلك ليقدم عرضاً تقدمت به الحكومة التركية له في الأشهر الأولى من انطلاق الثورة، لأنه تجاهل أنها ثورة شعب، وتجاهل مطالبها وتجاهل احترامها وتجاهل إرادتها، كما عوده أبوه حافظ الأسد، وكما طالبته الدول الدكتاتورية الايديولوجية التي طالبته بعدم الاستماع إلى النصائح التركية، وطالبته بالأخذ بيد من حديد لقمع الثورة وضرب طلائعها والمقربين منها، فكانت هذه النصائح الروسية هي طريق الدمار لسوريا وشعبها، وقد أيدت هذه النصائح الدولة الأكثر ايديولوجية في قمع شعبها، أقصد الدولة الإيرانية الطائفية. وقد أخذ بشار الأسد بالأوامر الروسية والإيرانية وقام بكل ما يملك من عمليات القتل والإرهاب والمحاربة للشعب السوري، وهو يتوقع أن مجازره وجرائمه سوف تؤتي اوكلها قريباً، حتى انتهت الستة أشهر الأولى من القمع والقتل والإرهاب والمطاردة للمتظاهرين دون ان تحقق نجاحا كان يرجوه، وعندها بلغت القناعة التركية بأن الأسد كذاب ولا أمل منه، ولن يستطيع إيجاد حل سياسي سلمي للمصالحة مع الشعب السوري، أعلن اردوغان فقدان ثقته بالأسد والحكومة السورية التي تتبع لأوامره. لقد كانت الأشهر الستة الأولى دليلاً كافياً لبشار الأسد وحزبه على ان قمع الثورة الشعبية مستحيلاً، ولكن القيادة الروسية رأت خلاف ذلك وهي التي لا تستسلم أمام الإرادات الشعبية، وتقمع ثوراتها بالحديد والنار، فطالبت بشار الأسد أن يدخل الجيش السوري في قمع الثورة الشعبية، فأدخل بشار الجيش السوري لقمع الثورة وكانت النتائج عكسية مئة في المئة أيضاً، حيث أخذت عناصر الجيش السوري تفر إلى تركيا والأردن مثل باقي الشعب السوري الأعزل، وأخذت تركيا تستقبل ضباط الجيش المنشقين عن الجيش السوري، وسمحت لهم القيام بما يرونه ممكنا لتقديم الدعم إلى شعبهم وحمايته من القتل والتدمير والتعذيب. ولكن البطولة الأكبر ظهرت من شجاعة الشعب السوري في الداخل فقد أوشك أن يأخذ مبادرة المعركة من النظام السوري وشبيحته وجيشه مع نهاية عام 2012، بالرغم من اعداد اللاجئين إلى الدول المجاورة بما فيها تركيا قد بلغ مئات الألوف، وعشرات المخيمات في دول الجوار، مع تحمل تركيا لكل أعباء الإيواء داخل تركيا دون طلب مساعدة من أحد، لأن إمكانيات الدولة التركية تسمح بذلك أولاً، وهي تستقبل اللاجئين السوريين على أساس مفهوم المهاجرين والأنصار الإسلامي كما أكد ذلك رئيس الوزراء التركي أردوغان ذلك في أكثر من مناسبة، وعلى أساس ان تاريخ العودة أصبح قريباً لأن أيام النظام أصبحت قريبة النهاية. مع نهاية عام 2012، بعد الانتصارات التي حققتها فصائل الثورة السورية، ودعم الشعب السوري لها بكل أطيافه وقومياته ومكوناته الفكرية والسياسية. لقد كان مرور عامين من القمع والقتل والتشريد والتدمير كافياً ليصل بشار الأسد لقناعة بان قمع الثورة مستحيل، ولم يبق أمامه شيء إلا ان يبحث عن خلاص له، بالنفي إلى موسكو أو إيران أو غيرها من الدول، ولكنه بدل ذلك خضع للنصائح والأوامر الروسية والإيرانية الجديدة، والتي توصلت إلى ان عجز القوات الأمنية والجيش السوري على قمع الثورة الشعبية لا يعني بالضرورة أنه لا يوجد طرق أخرى لقمع الثورة الشعبية، فالدول التي تنقصها بضائع معينة يمكن استيرادها من الدول الأخرى، وطالما ان النظام السوري فقد الأمن والحرس والجيش السوري الذي يحميه فالحل باستيراد مقاتلين من الخارج، فكان الحل ان يستورد الأسد المقاتلين الإيرانيين المشبعين بالعداء الطائفي للعرب والمسلمين، وتم توريط مقاتلي «حزب الله» اللبناني بأمر من فلاديمير بوتين. لم ينته عام 2014 إلا وكانت أجزاء كبيرة من سوريا تحت سيطرة فصائل الثورة السورية، وأجزاء أخرى تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية بينما كان اللاجئون السوريون قد بلغوا الملايين داخل سوريا وخارجها. وقد واكبت الدول الأوروبية وأمريكا كل هذه التطورات، وكانت الاستراتيجية الأمريكية ترى بان متطلبات تغيير خرائط الشرق الأوسط تحتاج إلى نشوء فوضى وحروب في هذه الدول، وقد وجدت في قمع بعض الرؤساء العرب مثل القذافي وعلي عبدالله صالح وبشار الأسد فرصة لتطبيق نظرياتها في الفوضى الخلاقة، بل والحروب الأهلية المدمرة، التي تفتح قريحة الذهنية الأمريكية للخرائط السياسية المستقبلية للشرق الأوسط، ولتحريك الاقتصاد الأمريكي الراكد، ولذلك كانت السياسة الأمريكية غير جادة في منع محاربة بشار الأسد لشعبه بالدبابات والطائرات بل والأسلحة الكيميائية حتى فضح أمرها، واتخذت تحذيراتها له بعدم استخدام الأسلحة الكيميائية ذريعة لتدمير هذه الأسلحة وليس لتدمير نظامه. ولم تكن أمريكا تلتفت إلى صرخات أطفال اللاجئين ولا أنين امهاتهم في الليل البارد شتاء، ولا النهار الحار صيفاً، وكانت تماطل بإرسال المبعوثين الدوليين واحدا بعد الآخر وهي تعلم انها تؤخر نهاية الصراع في سوريا، وكذلك تابعت المؤتمرات الدولية، وخلقت العراقيل أمام المعارضة السورية ومجالسها الثورية وائتلافاتها السياسية وهي تعلم انها تكسب الوقت في تفاهماتها النووية مع إيران وتمنيها بالنفوذ السياسي مقابل التنازل عن المشروع النووي، وهو ما تم لها في النهاية في اتفاق فيينا. في كل هذه السنوات لم تقف التنديدات التركية من أهمال أمريكا والغرب بمسألة اللاجئين، بدأت من نقد رئيس الوزراء التركي ومن وزراء الخارجية الأتراك متهمة الغرب الأوروبي والأمريكي بإهمال وتجاهل قضية اللاجئين، ولكن دون التفات من الدول الأوروبية ولا من أمريكا، وكثيرا ما ندد الرئيس التركي بالمواقف السلبية الأوروبية التي تتناقض مع ما تنادي به أوروبا من دفاع عن الحقوق الإنسانية. فخلال السنوات الأربع الأولى لم يكن عدد اللاجئين السوريين الذين دخلوا البلاد الأوروبية يزيد عن مئتي ألف (200000) لاجئ، في حين كانت تركيا تستضيف في بعض الأوقات أكثر من مليوني لاجئ، وكذلك الأردن ولبنان. ولكن فشل الحرس الثوري وتوابعه الطائفية المتشيعة في قمع الثورة السورية أو القضاء على فصائل المقاتلين الذين جاؤوا من كل أنحاء العالم قد فرض على العالم أزمة لا يمكن مواصلتها. تغيرت معادلات الصراع في سوريا، فأصبحت المعركة داخل سوريا بين فصائل معارضة من الشعب السوري، وأخرى تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، وأخرى تابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني وتوابعه من «حزب الله» اللبناني، وأخرى من وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، وقلة قليلة من بقايا نظام بشار الأسد، التي لا تسيطر على أكثر من 20٪ من أراضي الدولة السورية، ولكل قوة عسكرية منها سيطرة على بقعة جغرافية أو أكثر، في شماله أو جنوبه، وفي شرقه أو غربه، وهكذا أصبح نصف الشعب السوري مشردا داخل بلاده وخارجها، وأصبحت الحلول السياسية المقبلة لا بد ان تأخذ بعين الاعتبار توزيعة القوات العسكرية المسلحة على الأراضي السورية، وانسجامها مع التركيبة الطائفية التي تنتمي إليها. وهكذا وجدت الاستراتيجية الأمريكية ان الوقت قد حان لتقسيم سوريا على أسس طائفية وعرقية، كما فعلت في العراق وصياغة دستوره الطائفي عام 2003، ولكن أمريكا لا تستطيع ان تفرض هذا التقسيم ولا يوجد لها جندي أمريكي واحد على الأرض السورية، وقد فشل الجيش الإيراني في إحكام السيطرة على سوريا مهما قام من جرائم ومجازر خلال سنتين وأكثر، وبالتالي فقد جاء الدور الروسي لتثبيت التقسيم في سوريا على أسس طائفية وعرقية، وروسيا التي خسرت معركتها الأولى على يد بشار الأسد في السنتين الأوليتين 2011 و2012، وخسرت معركتها في سوريا على يد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في السنتين التاليتين 2013 و2014، فإنها تامل ان تستطيع من خلال قواتها المسلحة وجيشها وطيرانها العسكري ان تحفظ مصالحها ووجودها في سوريا، من خلال صناعة كيان سياسي لبشار الأسد أو النظام السوري الذي يرثه، والذي يتبع لإيران المتشيعة في تشيعه وطائفيته، بينما يمكن التقارب مع الكيان الكردي والتصالح معه، ليكون صديقاً للكيان السوري العلوي التابع لروسيا سياسياً، أو لا يكون عدوا له على أقل تقدير، وتحاول روسيا تسويق ذلك على دول مجلس التعاون الخليجي وحفظ مصالحها الجزئية، مقابل كف يد إيران في اليمن، وإلا فإن الخيارات الأخرى ستكون أصعب. وأما باقي السكان السوريين وهم من السنة وهم الأغلبية السكانية فإن معظمهم اليوم في مخيمات اللجوء في تركيا والأردن ولبنان وبعض الدول العربية، وقلة منهم في الدول الأوروبية، وهؤلاء لا يوجد تصور لعودتهم إلى سوريا المقسمة، وبالتالي لا بد من فتح مجال بيعهم للدول التي تحتاجهم لتغذية مجتمعاتها واقتصادها بالشباب الفتي والأسر صغيرة العمر والأيدي العاملة القوية، ولذلك ارتأت بعض الدول الأوروبية أن تستقبل بعضاً منهم، وأعربت عن رغبتها باستقبال أعداد من اللاجئين السوريين على أراضيها، فاعلنت ذلك في إعلامها قبل أسابيع، لرفع الحرج عن نفسها وقد تناقضت مواقفها الإنسانية مع أزمة اللاجئين منذ أربع سنوات. وهكذا نشأت أزمة اللاجئين بفعل التقصير الدولي في معالجة الصراع في سوريا منذ بدايته، وتم ترك سوريا والشعب السوري فريسة لبشار الأسد وشبيحته لأكثر من سنتين وهو يقتل شعبه دون حسيب ولا رقيب، ثم تم ترك الشعب السوري لأكثر من سنتين أخريين للحرس الثوري الإيراني وميليشيات «حزب الله» اللبناني تقتل به طائفياً، وتشرده إلى خارج بلاده. وأخيرا جاءت الرأفة الدولية عند الدول الأوروبية لاستقبال عشرات الألوف من اللاجئين على أراضيها لذر الرماد في العيون، فأقامت الدنيا بضجة إعلامية كبيرة لتبرير أخذ ضحايا بشار الأسد وضحايا خامنئي وضحايا فلاديمير بوتين إلى سوق النخاسة الأوروبية، وكل دولة تريد ان تمن على الشعب السوري وعلى العرب وعلى المسلمين وعلى الإنسانية بانها تستقبل اللاجئين وتساعدهم في عمليات تزوير للحقيقة، وسرقة للبشر ومتاجرة بهم، وهم الذين يبحثون عن مأوى يلجؤون إليه ولو كان في معتقلات أوروبا وسجونها. لقد جاء الرد التركي على هذه المشاهد المؤلمة على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فقد انتقد جهود الدول الغربية قائلا «إن إدعاءات سعي الغرب لجلب الحرية إلى كل من العراق وسوريا وليبيا، بدأت تفقد مصداقيتها، حين نرى تلك الدول الغربية لا تحتمل وجود بعض اللاجئين على أبوابها». ثم جاء التنديد التركي على لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو ، فقد انتقد تقصير المجتمع الدولي لحل مشكلة اللاجئين التي لاقت صدا عالميا في الأيام الأخيرة، واصفا جهود تلك الدول بـ «المحدودة والهزلية. وطوال المرحلة السابقة ولأكثر من أربع سنوات وتركيا تطالب بإيجاد منطقة آمنة في شمال سوريا بهدف تأمين أراض آمنة للاجئين في سوريا نفسها، سواء في شمالها على الحدود التركية السورية، أو في جنوبها على الحدود الأردنية السورية، طالما أن الحدود الشرقية مع العراق والغربية مع لبنان طائفية، فالمنطقة الآمنة تهدف إلى أن يجد الفارون من القتل الطائفي، ومن البراميل المتفجرة مكاناً يأوون إليه داخل بلادهم، وقد كانت أمريكا والدول الأوروبية تستطيع تأمين ذلك المكان لو كانت جادة في معالجة أزمة اللاجئين السوريين، ولكن الأجندة الأمريكية والأوروبية لم تكن تفكر في مساعدة الشعب السوري ونازحيه، وإنما بتأمين مصالح العقلية الاستعمارية وسيطرتها وهيمنتها على منطقة الشرق الأوسط، ولو بحجة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي وجد كنتيجة لفشل الحرس الثوري الإيراني في مهمته القذرة في سوريا. ولم تستطع الحكومة التركية فرض منطقة آمنة صغيرة في شمال سوريا بمفردها، لأن أمريكا كانت ترفض ذلك، ولكن الحكومة التركية فرضت على أمريكا قبول المنطقة الآمنة عملياً ولو وصفتها بالمصطلح الأمريكي منطقة «خالية من الأخطار»، وقد ذلك للحكومة التركية بعد أن ربطت الحكومة التركية بين استخدام أمريكا لقواعدها العسكرية التركية من قبل قوات التحالف الدولي وأمريكا تحديداً وبالذات قاعدة إنجيرليك بموافقة أمريكا على هذه المنطقة، مهما كان حجمها، فالمهم أن تكون هناك منطقة آمنة يلجأ إليها الشعب السوري هرباً من القتل ومن البراميل المتفجرة والغازات السامة، وهكذا تأخرت أمريكا والمجتمع الدولي أربع سنوات لإقامة المنطقة الآمنة بحسب الرؤية التركية لمساعدة اللاجئين السوريين، بينما كان الحل بين أيديهم لو كانوا صادقين. محمد زاهد جول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61368مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: أخلاق الغرب… المتحضّر ونشرة القدس العربي اليومية الإثنين 14 سبتمبر 2015 - 2:23
أوروبا واللاجئون: من المسؤول عن «الخروج» السوري العظيم؟ Posted: 12 Sep 2015 02:05 PM PDT [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كشف الخروج السوري (إكسودس) باتجاه أوروبا عن ملمح مهم في الحياة السياسية الأوروبية وهو التناقض بين الحكام والمحكومين. فالحكام كما قالت صحيفة «أوبزيرفر» يوم الأحد الماضي غلبوا مصالح وطنية ضيقة وتناسوا الفكرة الأساسية التي قامت عليها فكرة أوروبا الموحدة. ولم يفهم الظرف التاريخي الذي فرض على القارة سوى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي واجهت المخاوف من اللاجئين بسياسة الكرامة وهو ما لم يفهمه العالم بشكل عام. لعبة تلاوم فقد عشنا خلال الأيام الماضية لعبة تلاوم دارت بين ساسة أوروبا الذين رفضوا التعاون واستقبال المهاجرين. ولعل موقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كان واضحا حيث ظل متمسكا بفكرة مساعدة اللاجئين في البلدان التي لجأوا إليها ورفض استقبالهم في بلاده. ولكن التعاطف الشعبي مع الطفل الكردي إيلان الذي غرق عند السواحل التركية أجبره على تغيير موقفه والقبول بعشرات الألوف من السوريين. ويوم 10/9/2015 أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن قبول 10.000 لاجئ سوري. وعلى خلاف بريطانيا التي أعلنت عن خطط لتوسيع حملتها العسكرية لتشمل سوريا، تقود الولايات المتحدة حربا ضد تنظيم الدولة الإسلامية. واتسمت سياستها تجاه سوريا بالتردد. وهذا نابع من مخاوف الرئيس باراك أوباما من التورط مرة أخرى في الشرق الأوسط. فقد تحدث مارك لينتش المحاضر في جامعة جورج تاون في مقال نشرته مجلة «فورين أفيرز» (عدد سبتمبر/أكتوبر 2015) عن رؤية أوباما للشرق الأوسط وسوريا أيضا وقال إنها تعبير عن محاولة من أوباما لتحديد الدور الأمريكي وبطريقة صحيحة. واعترف الكاتب أن فكرة أوباما صحيحة لكنها لم تكن ناجحة بالتطبيق. ومن هنا فتردده إزاء سوريا التي ظل يقول إنه لم «يطور استراتيجية واضحة» لها يجعله مسؤولا عن كارثة اللاجئين الحالية. وهو ما أشار إليه روجر كوهين بمقال له في «نيويورك تايمز» «كابوس أوباما» (9/9/2015) وقال فيه إن عدم التدخل الأمريكي في سوريا والتدخل ثمنه فادح. فقد أدى موقف الإدارة المتردد لخلق فراغ يشبه نفس ما حدث في افغانستان بعد خروج الإتحاد السوفييتي منها نهاية الثمانينات من القرن الماضي. وها نحن اليوم أمام سيناريو مماثل يملأ فيه الجهاديون الفراغ في سوريا. وعليه ففرار المدنيين سواء من تنظيم الدولة أو رعب نظام بشار الأسد كان كما يقول كوهين وقائع رواية معلنة. وسيعقد التدخل الروسي الحالي في سوريا من مهمة أوباما، فالمسألة لم تعد مرتبطة بتدريب معارضة سورية بعينها ولكن التصدي لموجات اللاجئين. ومن هنا رأت «واشنطن بوست» (9/9/2015) أن عدم تناسق سياسة الولايات المتحدة كانت سببا في دخول روسا الحلبة، فقد اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحقيقة التي رفض أوباما التفكير بها وهي أن أي تسوية في سوريا يجب أن تقرن بقوة على الأرض. ولا بد من الإشارة إلى مسؤولية روسيا الأخلاقية عن أزمة اللاجئين، فقد عملت المستحيل في الأمم المتحدة لمنع أي تحرك دولي ضد نظام الأسد الذي ظلت توفر له الدعم العسكري واللوجيستي طوال الأزمة. الواقع الفظيع هذا عن دور الدول الكبرى في الأزمة، لكن إذا مضينا في لعبة الإتهام فالقائمة ستطول، فهناك دول الخليج التي لم تستقبل اللاجئين السوريين والإتحاد الأوروبي وهناك من حمل والد إيلان المسؤولية. لكن المسألة لا تقرأ بهذه الطريقة فلم يكن اللاجئ كما يقول كوهين ليلجأ للهجرة لو لم تعد الحياة صعبة ولا تطاق في مخيمات اللجوء. وهو نفس ما أشار إليه كينيث روث، المدير التنفيذي لهيومان رايتش ووتس بـ «الواقع الفظيع» فلو لم تكن هناك براميل متفجرة لما هرب السوريون بهذه الأعداد وهذا يقودنا إلى المسؤول الأول عن كارثة سوريا وهو الرئيس الأسد الذي حول انتفاضة سلمية مدنية عام 2011 إلى ثورة وتمرد قمعها بالحديد والنار ودمر خلالها عموم سوريا وقتل أكثر من 250.000 شخص من بينهم 10.000 طفل وشرد الملايين. وطبعا يجب أن لا ننسى الدور الذي لعبه تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الوقت الذي يتم فيه التركيز على الجهاديين كان الأسد وميليشياته يواصلون حملاتهم ضد المدنيين. وقتل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر آب/أغسطس 1.205 مدني سوري. ومن هنا فمن أجل حماية السوريين ومنع تدفقهم على أبواب أوروبا يجب أولا وقف البراميل المتفجرة ووقف الحرب. وهذا يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي حول مستقبل سوريا والأسد بالضرورة وإنهاء خطر التنظيم. وحتى يتم هذا فاللاجئون سيواصلون عبورهم باتجاه أوروبا التي أصبحت بمثابة «أرض الحليب والعسل» و «الأرض الموعودة». وهو ما يطرح تحديات كثيرة على القارة التي تواجه أزمة هوية. فبحسب سبستيان مالابي وبول فولكر(مجلس العلاقات الخارجية 10/9/2015) ففوضى الحدود التي تعيشها أوروبا هي الأزمة الثانية التي تواجهها بعد أزمة منطقة اليورو. وبهذه المثابة سيكون اجتماع وزراء الداخلية والعدل في الإتحاد الأوروبي اليوم الاحد لمناقشة أزمة اللاجئين مناسبة قد تقود لتقوية أوروبا أو تؤكد انقسامها. قوتان ولعل التخبط الأوروبي نابع من حقيقة مهمة وهي تعاملها مع الأزمة منذ البداية. فقد أغمضت أوروبا عيونها للحرب الدموية في سوريا وحاولت آن تبعد المعاناة ذات الوجوه المتعددة عن أبوابها. لكن سوريا البعيدة القريبة أصبحت فجأة في قلب الإهتمام الأوروبي وأجبرت القارة على فتح أبوابها مدفوعة بقوتين الأولى أخلاقية نابعة من التعاطف العالمي مع الطفل الكردي إيلان أما الثانية فهي الجرأة السياسية للمستشارة ميركل التي أقنعت شعبها بالتخلي عن مخاوفه من المهاجرين وإظهار الرحمة والتعاطف مع المحتاجين. ونتيجة لذلك تدفق عشرات الألوف نحو ألمانيا، بالحافلات والسيارات والقطارات وهم يهتفون «ألمانيا.. ألمانيا» وسط ترحيب الجماهير بهم. فقد أظهرت ألمانيا أن أوروبا القديمة قادرة على استقبال المتعبين والفقراء المشتاقين لتنشق عبق الحرية. وقالت ألمانيا إنها تستطيع استيعاب مئات الألوف من المهاجرين. وكما تقول مجلة «إيكونوميست» (12/9/2015) فموقف كهذا سيثير الكثير من المخاوف والمشاعر العنصرية وسيتحدث البعض عن اختلاف الثقافات وهو ما سمعناه صراحة في الأيام الماضية من دعوات لقبول المهاجرين المسيحيين فقط، كما دعا الأسقف السابق للكنيسة الإنكليزية لورد كيري، وكما عبرت جمهورية التشيك وبولندا وقبرص وتحدثت المجر عن هذا. وفي أمريكا تحدث السياسيون عن إقامة جدار لمنع المهاجرين من التدفق نحو حدود الولايات المتحدة. ومن هنا ترى المجلة أن النزعة التي ترى في المهاجرين عبئا يؤثرون على الاقتصاد والخدمات الاجتماعية يعبر عن فهم خاطئ. والجواب لا يكون من خلال بناء أسيجة جديدة ولكن عبر إدارة الضغوط والمخاطر والتأكد من تغيير تجربة الهجرة حياة المهاجرين والدول المضيفة لهم. ومن هنا تستطيع أوروبا الغنية والمستقرة التعامل مع أعداد اللاجئين والمهاجرين القادمين إليها الباحثين عن حياة فضلى. فهناك 4 ملايين لاجئ سوري مقارنة مع 1.5 مليون لاجئ من حروب البلقان في التسعينات و 15 مليون بعد الحرب العالمية الثانية. وتقدر المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أعداد اللاجئين في العالم بحوالي 59.9 مليون نسمة. ومن الناحية الواقعية لا تستطيع أوروبا استيعاب هذا العدد بالكامل. مخاوف ورغم ما يصاحب موجات الهجرة من مخاوف ومشاعر عنصرية مبالغ فيها إلا أن المهاجرين عادة ما يغنون ويثرون البلد المضيف، وقصص نجاح اليهود والأرمن والفيتناميين والأسيويين من يوغندا واضحة. وفي هذا السياق كان شعار «الترحيب بالثقافة» (ويلكومينزكولتور) صحيحا أخلاقيا واقتصاديا وسياسيا وقدم مثالا يحتذى به لقادة العالم. ثلاث مجموعات وتقول «إيكونوميست» إن الترحيب بالقادمين الجدد يقتضي من صناع القرار في البلدان الأوروبية التفكير في ثلاث مجموعات: اللاجئون والمهاجرون الاقتصاديون والناخبون. فاللاجئون ومعظمهم سوريون هاربون من براميل بشار الأسد المتفجرة يحق لهم التقدم بطلب اللجوء السياسي وبناء على ميثاق الأمم المتحدة للاجئين الصادر عام 1951. ومن هنا فمساعدة السوريين يعتبر واجبا أخلاقيا لا يمكن لأحد الجدال فيه. لكن مساعدتهم ليست مسؤولية أوروبا وحدها بل تقع على كاهل المجتمع الدولي بشكل عام. وتحتاج الأزمة السورية في جانبها الإنساني لتنسيق بين الدول وعمل جماعي لاحتواء الحرب ومنع تدفق أعداد جديدة من اللاجئين. والحل يبدأ من إنشاء مناطق محمية للاجئين في بلادهم. ولم تعد وكالات الأمم المتحدة تستطيع حمل وحدها تحمل العبء وسط نقص في الأموال والمصادر المتوفرة لها. وحذر المفوض السامي للاجئين أنطونيو غاتريز من «إفلاس مالي» رغم المناشدات المتكررة للحصول على الدعك. وكما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» (8/9/2015) فالسبب الذي يدفع اللاجئين السوريين للمخاطرة بحياتهم والسفر إلى أوروبا هو أن حياتهم في مناطق اللجوء التي هربوا إليها أولا لم تعد تحتمل. فمن بين 12 مليون سوري شردتهم الحرب فر 4 ملايين لدول الجوار: لبنان والأردن وتركيا. ولم تعد دول الجوار قادرة على توفير المساعدات للاجئين السوريين. ودعت الصحيفة الدول الغنية في الخليج لزيادة تبرعاتها. ويجب على أمريكا والدول الغربية الأخرى ودول الخليج أيضا استيعاب أعداد من اللاجئين السوريين، تماما كما تم استيعاب اللاجئين من الهند الصينية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. كما ويجب على الدول التي يمر منها اللاجئون استيعاب أعداد منهم. وهناك حاجة لتحرير اللاجئين من قبضة المهربين وفتح الباب أمامهم للتقدم بطلبات لجوء في أوروبا بدون تعريض حياتهم للخطر. ويجب على دول أوروبا التشارك في العبء وجعل مسار اللاجئين في دول البلقان آمنا. وعادة ما تتداخل مسألة اللجوء بالمهاجرين الاقتصاديين وفي هذه الحالة يجب على الدول الأوروبية زيادة تأشيرات العمل من أجل منع المهاجرين غير الشرعيين. فحاجة أوروبا للمهاجرين الاقتصاديين حقيقة واقعة. وهناك من يرى بقرار المستشارة ميركل محاولة للحد من تراجع نسبة النسل عند الألمان وتعزيز الاقتصاد. ورغم كل ما يمنحه المهاجرون واللاجئون البلدان المضيفة من منافع اقتصادية وثقافية إلا أن الناخبين يجدون صعوبة في تقبل ضيوفا جددا يشاركونهم الخدمات الصحية والمدارس والجامعات. وبعيدا عن تقبل الناخبين لفكرة السوق المرن والمفتوح كمقابل لفكرة أوروبا المغلقة إلا أن الناخبين يخشون من عدم قدرة المهاجرين على التكيف مع الفكرة القديمة عن عالم المسيحية والتي شاهدنا بعض ملامحها في تصريحات الساسة الأوروبيين وقادة دينيين. فقد أعطت أزمة اللاجئين الفرصة للمحافظين الجدد في أوروبا والليبراليين الداعين للتدخل العسكري في سوريا فرصة للحديث كما أشار المعلق شيموس ميلين في الغارديان (10/9/2015). فمنذ هجمات إيلول/سبتمبر 2001 والهجمات على أوروبا توترت العلاقة مع الأقليات المسلمة في القارة. لكن التعاطف مع المحتاجين والهاربين من الموت قد يكون بديلا عن الجهاديين الكاريين لأوروبا. وكما تقول «إيكونوميست» فترك اللاجئين السوريين ليعيشوا على هامش أوروبا وبأوضاع مزرية لن يؤدي إلا إلى التطرف. إبراهيم درويش [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
التوزيع الديموغرافي للمهاجرين إلى أوروبا Posted: 12 Sep 2015 02:05 PM PDT [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لندن ـ «القدس العربي»: تخطى عدد المهاجرين عبر البحر المتوسط خلال هذا العام الـ300 ألف مهاجر، بحسب ما ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويمثل هذا الرقم إرتفاعا كبيرا مقارنة بالعام الماضي، الذي شهد عبور نحو 219 ألف شخص المتوسط. وقالت وكالة «فرونتيكس»، ومقرها العاصمة البولندية وارسو، إن عدد المهاجرين نحو أوروبا تعدى حاجز المئة ألف خلال شهر واحد لأول مرة منذ بدأت تسجيل أعداد المهاجرين عام 2008. وبحسب بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في «هيومن رايتس ووتش» فإن من بين ما يقدر بـ 103 ألف شخص وصلوا إلى شواطئ الاتحاد الأوروبي حتى منتصف حزيران/يونيو كان 60 في المئة قد جاءوا من أفغانستان وإريتريا والصومال وسوريا ـ وهي بلدان يجتاحها النزاع المسلح أو الانتهاكات الحقوقية الجسيمة. وتعد اليونان البوابة الرئيسية إلى أوروبا ودول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً للمغادرين من سوريا، الذين يشكلون 59 في المئة من نسبة المهاجرين فيما تشكل أفغانستان 25 في المئة، وباكستان 5 في المئة. وشكل السوريون غالبية المهاجرين الواصلين إلى أوروبا هذا العام مع اشتداد المصاعب التي تواجههم، ويلجأ الآف منهم للمهربين لشحنهم عبر المتوسط إلى أوروبا عبر قوارب مطاطية أو خشبية أو سفن صغيرة تحمل أعداداً من المهاجرين فوق طاقتها ما يتسبب في غرق آلاف المهاجرين. ويعتمد السوريون واللاجئون من وسط آسيا ودول شرق المتوسط على البوابة التركية بشكل أساسي وذلك لسهولة دخول تركيا من دون تأشيرة أو التسلل إليها عبر الحدود البرية. ومن اليونان يمر اللاجئون عبر مقدونيا وصربيا للتوجه شمالا نحو المجر والنمسا حيث تبدأ رحلة التهريب إما براً أو بحراً أو جوا. ووفقاً للإحصاءات، يغادر من سوريا وأفغانستان وباكستان قرابة 132،240 مهاجر ولاجئ متجهين إلى تركيا ومنها يتوجهون نحو اليونان أو رومانيا أو بلغاريا. ويبلع عدد المهاجرين الأفارقة من (إريتريا، نيجيريا، أفريقيا جنوب الصحراء ودول أخرى) 91،302 لاجئ. وفي أرقام نشرتها مجلة «إيكونوميست» البريطانية، ذكرت أن 102،342 مهاجر يتجهون نحو المجر ودول البلقان الغربية. ويعد الطريق من السواحل الليبية إلى جنوب إيطاليا واحدا من أكثر الطرق التي يسلكها المهاجرون غير القانونيين وأخطرها. ويصل المهاجرون إلى ليبيا تسللاً من البلدان المجاورة أو عن طريق مطاري معيتيقة ومصراتة. بعد الوصول إلى ليبيا تبدأ رحلة التهريب بالقوارب نحو السواحل الإيطالية. وفي الشهر الماضي إنقلب قاربان اثنان، كانا في طريقهم إلى أوروبا، وعلى متنهما قرابة 500 لاجئ قبالة السواحل الليبية. وتقول مراسلة «بي بي سي» لشؤون شمال أفريقيا، رنا جواد، إن ليبيا غير مؤهلة للتعامل مع مثل هذه الكوارث وإتمام عمليات الإغاثة بســبب صغر زوارق خفر السواحل. كما ويواصل مئات المهاجرين مسيرتهم عبر النمسا إلى ألمانيا، بعدما قررت المجر السماح لهم بعبور أراضيها. وأفاد نائب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأن ألمانيا استقبلت منذ بداية العام الجاري 450 ألف مهاجر من بينهم 105 آلاف وصلوا خلال شهرأغسطس الماضي و37 ألف في الأسبوع الأول من الشهر الحالي. وتتوقع ألمانيا استقبال 800 ألف طالب لجوء في العام 2015 أي أربع مرات أكثر من السنة السابقة فيما يسجل رقما قياسيا في أوروبا. وتدافع ألمانيا، مدعومة بالمفوضية الأووربية، على فكرة فرض حصص لتوزيع المهاجرين على الدول الأوروبية، ولكن العديد من دول أوروبا الشرقية تعترض على الفكرة. وتعتبر إيطاليا الوجهة الأولى للهجرة غير الشرعية للقادمين من أفريقيا، حيث تبلغ نسبة القادمين من إريتريا 26في المئة، فيما يشكل النيجيريون نسبة 12 في المئة، أما نسبة الهجرة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ودول إفريقية أخرى فتبلغ 11 في المئة . بينما ينظر إلى إسبانيا باعتبارها وجهة أولية لكل من القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا أيضا، حيث تبلغ نسبة اللاجئين السوريين إليها 57 في المئة، وغينيا 10 في المئة، وكوت ديفوار 5 في المئة. ويشكل المهاجرون من قطاع غزة والسودان ومالي ونيجيريا نسبة كبيرة. وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإنه في بعض الأيام يصل عدد الذين يجتازون الحدود اليونانية المقدونية براً إلى ألف شخص يومياً. تقدر المفوضية أن نحو 2500 لاجئ ومهاجر فقدوا هذا العام، في محاولة للوصول إلى أوروبا. وفي العام الماضي لقي نحو 3500 شخص حتفهم أو فقدوا في البحر الأبيض المتوسط. وعلى الرغم من الجهود المتضافرة للعملية الأوروبية المشتركة للبحث والإنقاذ في إطار ما يعرف بعملية فرونتكس، والتي أنقذت عشرات الآلاف من الأرواح هذا العام، ما زال البحر الأبيض المتوسط من أكثر الطرق المهلكة للاجئين والمهاجرين.
نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي
توجد تفاوتات كبيرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بتوفير ظروف الاستقبال ومعدلات الاعتراف وتدابير الاندماج، وفقاً للأمم المتحدة. وتصارع دول الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق بشأن سبل التعامل الزيادة غير المسبوقة في أعداد المهاجرين الساعين للجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي. وتواجه المفوضية الأوروبية ضغوطات لتكثيف الجهود لرصد وإنفاذ المعايير، بما في ذلك متابعة وضمان الاحترام الكامل لحقوق طالبي اللجوء والمهاجرين. وقالت جوديث ساندرلاند المديرة المساعدة لأوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: «أهدر الاتحاد الأوروبي كثيراً من الوقت بسبب الخلافات الداخلية. حان الوقت لكل حكومة في الاتحاد الأوروبي لتقييم مسؤولياتها تجاه مئات آلاف الناس المحتاجين إلى الحماية، والوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ.» وقال وليام سبيندلر متحدثا باسم مفوضية اللاجئين «لدينا أزمة لاجئين على أبواب أوروبا. معظم من يعبرون المتوسط يفرون من الحرب أو الاضطهاد، ليس هؤلاء مهاجرون لأسباب اقتصادية». وأضاف ان «سبب حصول أزمة ليس عدد اللاجئين بل عدم قدرة أوروبا على التعامل مع هذا الأمر بشـكـل منـــسـق». وتابع سبيندلر ان «على الدول الأوروبية ان تعمل معا لا ان تتبادل توجيه الاتهامات». ريما شري [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
هل تهدد حركة اللاجئين حرية التنقل داخل أوروبا؟ Posted: 12 Sep 2015 02:05 PM PDT [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
برلين ـ «القدس العربي»: إعلان النمسا إيقافها حركة القطارات مع المجر بشكل مؤقت على خلفية تزايد أعداد اللاجئين القادمين بواسطتها، سبقه إيقاف آخر لحركة القطارات بين ألمانيا والدنمارك، حيث سعت الأخيرة لمنع انتقال المزيد من اللاجئين إلى أراضيها، ومع إعلان مقدونيا أنها تفكر في إقامة سياج حدودي بري على أرضها للحد من حرية التنقل إليها، يرى مراقبون أن هذه الخطوات قد تكون بداية لإغلاق الحدود البرية بين الدول الأوروبية بعد أعوام طويلة من نجاحهم في إلغاء الحدود وإقامة ما يسمى بالحدود المفتوحة. ومع توافد آلاف اللاجئين على الدول الأوروبية وتنقلهم بين الحدود المفتوحة التي ضمنتها إتفاقية شنغن، الأمر الذي جعل الدول الأوروبية في حالة من الترقب، خوفا من الموجات الكبرى للاجئين وتركزهم في مناطق دون أخرى. وهو ما يعني تحمل دول بعينها عبء اللجوء دون الأخرى بالإضافة إلى كسر اللاجئين لاتفاقية دبلن السارية داخل دول الاتحاد الأوروبي والقاضية بتسليم اللاجئ نفسه لدولة أوروبية واحدة لتبت في أمره والتي عادة ما تكون هي دولة الوجهة الأولى. وعادة ما تعرف منطقة الشينغن بأنها تضم 26 دولة أوروبية، وهي اثنين وعشرين من الثماني وعشرين دولة أعضاء الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدول الأربعة الأعضاء في رابطة التجارة الحرة الأوروبية هم أعضاء مشاركون في منطقة شنغن والتي ألغت جواز السفر وضوابط الهجرة على الحدود المشتركة الداخلية في ما بينها. وهي بمثابة دولة واحدة لأغراض السفر الدولي، مع وجود سياسة تأشيرات مشتركة. وبعد الاتفاق ألغت الدول الأعضاء في منطقة شنغن الرقابة على الحدود الداخلية مع أعضاء دول شنغن الأخرى، وتعزيز الرقابة على الحدود الخارجية مع الدول غير الأعضاء في شنغن. وكان وزير خارجية مقدونيا نيكولا بوبوسكي قد صرح أن حكومته تبحث إقامة سياج حدودي على غرار ما تشيده المجر لوقف تدفق المهاجرين. وقال بوبوسكي في مقابلة مع مجلة «فيغيلو» الأسبوعية الاقتصادية المجرية إن مقدونيا ربما تحتاج أيضا «إلى نوع من أنواع الدفاع الملموس» على الرغم من أن هذا الأمر لن يكون حلا طويل الأمد وأضاف بوبوسكي «لكن إذا أخذنا ما تطلبه منا أوروبا على محمل الجد سنحتاج إلى ذلك أيضا.. إما نشر جنود أو (إقامة) سياج أو مزيج من الاثنين.» وانتقدت ألمانيا مرارا استمرار المجر لإقامتها سياج بطول بطول 175 كيلومترا وارتفاع 3.5 متر على طول حدودها مع صربيا بهدف توجيه المهاجرين إلى المعابر الشرعية ليمكنهم تسجيل أسمائهم. حيث أكد وزير الدولة الألماني لشؤون أوروبا مايكل روث «إن بلاده تتوقع من الدول المعنية تسجيل اللاجئين الذين يدخلون إلى الاتحاد الأوروبي عبر حدودها لكن إقامة الأسيجة ليس الحل الصحيح» وقال روث «علينا أن نبني أوروبا نحمي فيها الحرية ونضمن الأمن ولا يوجد مكان لا للأسيجة ولا للجدران». صحيفة «دي فيلت» الألمانية نشرت على موقعها الالكتروني عن حيرة الشرطة في التعامل مع حركة اللاجئين، فوفقا للصحيفة فإن الشرطة الألمانية وصلتها معلومات بأن عشرات اللاجئين استقلوا القطار السريع (ICE) المتوجه نحو العاصمة الدنماركية كوبنهاغن. وفور توقف القطار في مدينة «كيل» دخل رجال الشرطة القطار عثروا على حوالي 200 لاجئ أخبروهم أنهم يريدون الوصول إلى السويد. وتابعت الصحيفة أن الشرطة طلبت من اللاجئين النزول فورا من القطار وتسليم أنفسهم في ألمانيا، إلا أن اللاجئين رفضوا. وبعد توقف طويل لحركة القطارات قررت الشرطة في «كيل» السماح للاجئين بمواصلة الرحلة. وعلق متحدث باسم الشرطة على الحادثة للصحيفة الألمانية بالقول «كان أمام الشرطة الألمانية خياران إما السماح لهم بمواصلة الرحلة أو إجبارهم على النزول بالقوة وهو ما أردنا تجنبه. لأن آخر ما نريده أن نمارس القوة مع أناس هاربين من ممارسة البطش ضدهم». وذلك بحسب المتحدث باسم الشرطة. ودخل أكثر من 160 ألف مهاجر المجر من جهة الجنوب هذا العام بعد أن مروا باليونان ومقدونيا وصربيا هاربين من دول تنهشها الحروب الأهلية أو الفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. ويسعى الجميع تقريبا إلى الوصول إلى الدول الغربية الأكثر ثراء في شمال الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا والسويد. وأعلنت ألمانيا أنها سجلت قدوم 450 ألف لاجئ جديد منذ بداية العام بينهم 37 ألفا في الأسبوع الأول من أيلول/سبتمبر. وقال نائب المستشارة الألمانية سيغمار غابريل «هذا يظهر صراحة أن تقسيم 160 ألف لاجئ في أوروبا ليس سوى خطوة أولى إذا أردنا استخدام تعبير ودي. يمكن أيضا أن نقول أنها نقطة في بحر». وتريد هذه الدولة، التي تملك أكبر اقتصاد في أوروبا، وضع آلية توزيع ملزمة وطويلة الأمد للاتحاد الأوروبي من دون قيود على الأرقام . ولكن آلية التوزيع الملزمة تواجه مقاومة شرسة من الأعضاء الشرقيين في الاتحاد الأوروبي، حيث قال رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو أن بلاده لن «تخضع» لبرلين». وأضاف «نحن نقول لا للتوزيع الملزم، لا أريد أن استيقظ في يوم واجد 50 ألف شخص هنا لا نعرف عنهم شيئا». ولا يلوح في الأفق أن التدفق المتواصل للاجئين خصوصا من سوريا والعراق في طريقه للنضوب. وفي هذا الإطار تم تسجيل 22500 لاجئ ومهاجر حلال أيام فقط في جزيرة ليسبوس اليونانية التي يقطنها 86 ألف نسمة. علاء جمعة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]
أزمة اللاجئين إلى القارة البيضاء تراوح مكانها Posted: 12 Sep 2015 02:05 PM PDT [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أقرّ البرلمان الأوروبي، يوم الخميس الماضي، الإجراءات العاجلة التي اقترحها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، لتحسين توزيع واستقبال اللاجئين بين دول الاتحاد. ووافقت الدول الأعضاء، بغالبية 432 صوتاً مقابل رفض 142، وامتناع 57 عن التصويت، على توزيع 160 ألف لاجئ موجودين حالياً في اليونان وإيطـــاليــا والمــجـــر، بالإضــافة إلى اتفاق عــلـى وضــع آلية دائمة، لـتـوزيع اللاجئين بحـصـص محددة على البلدان الأعضاء. أزمة اللاجئين إلى القارة البيضاء، لا تزال تراوح مكانها على عتبة ذروتها التي وصلت إليها مع تزايد الانقسامات بين أعضاء الاتحاد الأوروبي ليعيد هذا الانقسام إلى الأذهان أوروبا الموزعة بين الشرق والغرب، رغم أن الخلافات باتت أيضا بين شمال أوروبا النائي عن بوابات القارة حيث أول مقاصد اللجوء، وجنوبها الذي يحاول بكل الطرق المواءمة بين مصالحه الوطنية ومواثيق حقوق الإنسان والقيم التي ينادي بها. شرق ووسط أوروبا الذي مثلته هنغاريا بامتياز، وهي أولى بوابات الدخول إلى فردوس الشنغن، غاضب من عدم وجود معايير وقيود تنظم عملية الهجرة إلى القارة، ومخاوف متزايدة من التغيير الديمغرافي بسبب قبول هذا العدد الضخم من نازحي الحروب والكوارث، وهو ما صرح رئيس وزراء المجر، فكتور أوربان دول القارة به، معلنا عن انتهاجه سياسة مختلفة عن سياسة الكبار التقليديين في أوروبا (ألمانيا وفرنسا)، مؤكدا في لقاء أجراه الخميس مع سفراء المجر في العالم، أنه يعتبر «..الاتهام المستمر للمجر بأنها فاشية أمرا مهينا ..ومن غير المطيق أن نظل ندافع ونشرح وكأننا أمامهم طلاب في مدرسة ونثبت لهم كل يوم اننا لم نسرق الحلوى من الدكان»!!. وفيما أعلنت المجر استعدادها لنشر قوات على حدودها، لوقف تدفق عشرات آلاف اللاجئين. وأجرى الجيش المجري مناورات عسكرية، في جنوب البلاد، استعداداً لتكليفه بمهمة مراقبة الحدود، قبيل دخول القوانين الجديدة لمكافحة الهجرة حيز التنفيذ، فإن ألمانيا، الأكثر «كرماً» على اللاجئين، بالنسبة للتسهيلات التي تقدمها لطالبي اللجوء أو لاستعدادها استقبال أعداد كبيرة منهم، أعلنت الخميس، أن 450 ألف مهاجر وصلوا إلى البلاد، منذ بداية العام، بينهم 37 ألفاً في الأيـــام الثــمــانية الأولى من الشهر الحالي. وفي اتصال هاتفي أجرته «القدس العربي» مع بابور بالوتش، المدير الإقليمي في وسط أوروبا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، أكد أن من المتوقع ان يدخل إلى أوروبا من الحدود الهنغارية ما يقارب الأربعين ألف لاجئ موجودين خلف الحدود ويتأهبون لدخول أوروبا. بالوتش وحين سؤاله عن الضجة الإعلامية التي رافقت دخول اللاجئين إلى المجر أكد لـ «القدس العربي» أن السلطات المجرية قامت بواجبها في مساعدة اللاجئين وضمن إمكاناتها المحدودة، وقد ساهمت السلطات المجرية في تقديم التسهيلات للمنظمة الدولية. وفي حين طالب المسؤول الأممي دول اوروبا بمساعدة دول حدودية مثل هنغاريا وإيطاليا واليونان، فقد أكد على أن بودابست ملزمة باتباع القوانين الأوروبية، موضحا أن على الدول المتشددة ان تتفهم بأن اللجوء ليس جريمة حسب القوانين الأوروبية. إشارة بالوتش حول الوضع المتفاقم يوميا على حدود القارة من جهة الشرق، يعكس جزءا من سطح جبل جليد الخلافات في اوروبا، والذي انعكس في تصريحات زعمائه، وقيادات الأحزاب فيه، خصوصا انتعاش أحزاب اليمين الرافضة للمهاجرين مبدئيا، ففي آخر تصريحاتها المثيرة للجدل دعت مارين لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي، دول الاتحاد الأوروبي إلى تغيير تحالفاتها بالكامل في الحرب ضد الإرهاب، مطالبة بالتعاون مع روسيا وسوريا ومصر لمواجهة هذا الخطر حسب قولها. وأكدت، في مقابلة مع قناة «روسيا ـ1» التلفزيونية، أن «السياسيين الأوروبيين يتخذون قرارات تعرض شعوب أوروبا لخطر كبير جداً»، مشددة في مقابلتها على أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي والحالي فرانسوا أولاند مسؤولان عما يحدث في ليبيا وسوريا، حيث أسهما ـ حسب قولها ـ في زعزعة الاستقرار فيهما، وفتحا المجال للتنظيمات الإرهابية المتطرفة، ما أوجد أزمة المهجرين التي تشهدها أوروبا حالياً. وفي سياق الحديث عن مواقف اليمين المتطرف في اوروبا، فإن الأزمة تشكل مناخا خصبا للسياسي الهولندي اليميني المتطرف «خيرت فيلدرز»، الذي وصف في جلسة للبرلمان الهولندي يوم الخميس، موجة اللاجئين بأنها «غزو إسلامي» على حد تعبيره، مضيفا حسب قوله ان»..حشودا من الشبان الملتحين في العشرينيات من العمر يهتفون الله أكبر في أنحاء أوروبا، إنه غزو يهدد رخاءنا وأمننا وثقافتنا وهويتنا». المخاوف الشعبية من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، ليست ظاهرة عامة كما توحي تحذيرات أحزاب اليمين، فالاستقبال الشعبي للاجئين في ألمانيا والنمسا عكس حالة إنسانية على المستوى الشعبي متعاطفة مع معاناة هؤلاء كضحايا كوارث، وهو ما وصل ذروته بعد انتشار صورة الطفل الغريق إيلان الكردي، على شواطئ تركيا الأسبوع الماضي، لكن هذا الاستقبال الشعبي أيضا يقابله حذر شعبي أيضا تعكسه وسائل الإعلام المفتوحة على الرأي العام، من تأثيرات اقتصادية أو إجتماعية نتيجة هذه الموجات من المهاجرين. البروفسورة فرانسواز دو بيلير، اكاديمية متخصصة في الديموغرافيا في الجامعة الأوروبية في فرنسا، أجابت على تلك التساؤلات المتعلقة بالتغيرات المتوقعة وقالت في حديثها لـ «القدس العربي» أن ألمانيا تحديدا، ومثل كثير من دول أوروبا لديها مشكلة سكانية، فالمجتمع عجوز بالتوازي مع معدلات خصوبة منخفضة، وهذا يجعل تلك المساحة الشاسعة قادرة على استيعاب المهاجرين الجدد، بالإضافة ـ تقول البروفسورة دو بيلير ـ أن الاقتصاد الألماني يعلن دوما عن حاجته إلى حرفيين أو ما يسمى Average skills وهو ما لا تخفيه التقارير الاقتصادية الألمانية. وتضيف البروفسورة أن الحديث عن المخاوف بالتغيير الديمغرافي لا أساس علميا لها، وهي كلها مرتبطة بالانتخابات وعمليات تواصل انتخابي وسياسي. مضيفة ان الحديث أيضا عن خطر يحدق باتفاقية الشنغن لا أساس له، فالدول الاوروبية كلها تدرك جيدا ان اتفاقية الشنغن تجلب لكل منها منافع أكبر بكثير من المخاطر التي يتحدثون عنها. وتؤكد المختصة الأكاديمية بعلوم السكان، ان لا مخاوف حقيقية من موجات اللجوء القادمة، فأوروبا قادرة على استيعاب تلك الأعداد، وهي كانت دوما تستقبلهم طوال عقود. الحديث عن المجتمع العجوز، والذي أوردته الدكتورة في سياق حديثها لـ «القدس العربي» كان أيضا أحد محاور حديث رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمام الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الخميس. يونكر في كلمته المطولة والتي تضمنت جوانب عاطفية تتحدث عن القيم الأوروبية التي تدعم فكرة فتح الأبواب للاجئين، قال في كلمته أن أوروبا أيضا بحاجة إلى فتح قنوات جديدة للمهاجرين، مشيرا إلى أوروبا كقارة عجوز، وأن المهاجرين يمكن أن يتحولوا من مشكلة إلى مصدر تتم إدارته بشكل جيد. مؤكدا في الوقت ذاته ان اتفاقية الشنغن لن يمسها تغيير ضمن رئاسة مفوضيته، وأن الاتفاقية يجب حمايتها دوما. لكن..لماذا يختار اللاجئون دولا دون أخرى في أوروبا؟ وفي اللجوء السوري، لماذا الآن انفض اللاجئون عن تركيا بهذه السرعة؟ توجهنا بتساؤلاتنا إلى الناشط السوري في حقوق الإنسان المقيم في بلجيكا إياس قعدوني، والذي أجاب بقوله أن الطريق إلى اوروبا والدخول إليها وإن بطرق غير شرعية كان متاحا بسهولة أكثر في السنوات السابقة وبكلفة أقل بكثير، لكن أسباب هذا التدفق المفاجئ الأخير يعود إلى عدة عوامل أهمها طول أمد الأزمة والمعطيات السياسية التي لا توحي بأي انفراج قريب، بالإضافة ـ والحديث للقعدوني ـ أن معطيات السياسة التركية الداخلية ساهمت إلى حد كبير بهذه الطفرة المفاجئة. القعدوني استطرد لـ «القدس العربي» موضحا ان الهزة التي ألمت بحزب العدالة الذي يقوده أردوغان جعلت اللاجئ السوري يخاف على مستقبله في بلد اللجوء التركي، خصوصا كما يقول القعدوني ان السوري بات يلمس مؤخرا تغيرا في المعاملة داخل تركيا توحي بضرورة البحث عن ملاذ آمن، وهو ما يجعله ينتقي بين دول اللجوء أفضلها في تحقيق معادلتين، أولهما بلد تحقق لك العمل بأسرع وقت ممكن، وثانيهما البلاد ذات الشروط الأفضل في معاملات لم الشمل، مما يجعل ألمانيا والسويد الخيار الأفضل للاجئين. هل أوروبا أمام محك اختبار لمفهوم القيم الأوروبية الإنسانية؟ سؤال توجهنا به إلى ألبرتو فرناندز، سفير أمريكي سابق وخبير في شؤون الشرق الأوسط، حيث التقته «القدس العربي» في بروكسل على هامش اجتماعات في الاتحاد الأوروبي فقال أنه برغم السلبيات التي رأيناها في الإعلام إلا أنني أراهن على انتصار القيم الأوروبية المبنية على تضامن أوروبي أخلاقي فيما يخص حقوق الإنسان، والذي سينتهي بقبول عام للاجئين. لكن ـ يستطرد فرناندز ـ فإنه على المدى البعيد هناك سؤال يرتبط بكل المهاجرين من أي هوية حول مدى استعداهم للإندماج والانسجا[/size]