أكد قادة الاحتجاجات في المحافظات العراقية أنهم لن
يفاوضوا الحكومة على مطالبهم لأنها غير جدية بتنفيذها واتهموا وزير الأمن الإيراني
بالقدوم إلى بغداد لارشاد سلطاتها كيفية فض الاعتصامات.. فيما أكد المرجع السيستاني
حياده تجاه مرشحي الانتخابات المقبلة.. بينما قال مبعوث أميركي إلى بغداد إنه بمهمة
لادامة التواصل مع القوى السياسية التي دعاها إلى تقديم تنازلات للوصول إلى حلول
موضحًا أن المالكي موافق على شروط الاقليم مقابل دعمه بولاية ثالثة.د أسامة مهدي لندن/ Elaph
جدد المحتجون العراقيون
اليوم الجمعة حراكهم الشعبي الذي دخل مئويته الثانية في ساحات الاعتصام تحت شعار
"التعذيب والإعدام حقيقة النظام" حيث جرت صلوات شيعية سنية موحدة وسط اجراءات أمنية
مشددة على الرغم من انفجار عبوة ناسفة وسط مصلي مدينة بعقوبة شمال شرق
بغداد.
وقال خطيب جمعة سامراء (125
كم شمال غرب بغداد) إن الاجتماعات الحالية بين ممثلي الاحتجاجات في المحافظات الست
لا تستهدف تشكيل وفد للتفاوض مع الحكومة وإنما لمتابعة تنفيذ مطالب المحتجين. أشار
إلى أنّ الحكومة لو ارادت تنفيذ هذه المطالب لفعلت من دون الحاجة لمفاوضات، ولذلك
فإن النقاشات تدور حاليًا لتشكيل لجنة "لمتابعة جدية الحكومة في تنفيذ الحقوق وليس
للتفاوض معها".
وطالب العراقيين جميعًا
بـ"دعم حراك المعتصمين منذ أكثر من ثلاثة أشهر وخاطبهم قائلاً "ايها الصامتون على
مظلومياتكم إلى متى هذا السكوت على سرقة أموالكم وخيراتكم لأن السكوت على الحق
تشجيع على الباطل وموالاة للظالمين". وتابع قائلا "ارفضوا الاستبداد واعلنوا
براءتكم من الباطل وأكدوا نصركم للحق والثورة على الباطل".
وخاطب السلطات قائلا "لن
ينفعكم تهديدنا بقوات الجيش والشرطة لأن منتسبيها هم ابناء واخوة للمواطنين ولايمكن
أن يعتدوا عليهم". وشدد الخطيب بالقول "إن حراكنا كان سلميًا ولا يزال وسيبقى كذلك
وسنواجه السلاح بالسلام والخناجر بالحناجر". ودعا المحتجين إلى الوحدة وعدم السماح
للمندسين بتفرقة كلمتهم.
وفي محافظة ديإلى شمال شرق
بغداد فقد اقام المحتجون 6 صلوات شيعية سنية جامعة على الرغم من انفجار عبوة ناسفة
بالمصلين في مدينة بعقوبة عاصمة المحافظة مما ادى إلى مقتل واصابة 5 منهم. ومن
جهتهم طالب محتجو ساحة الاحرار في مدينة الموصل الشمالية بسقوط الحكومة.
اما خطيب جمعة الفلوجة
بمحافظة الانبار الغربية فقد اتهم وزير الأمن الوطني الإيراني حيدر مصلحي الذي زار
بغداد الاسبوع الحالي بالقدوم إلى العراق لارشاد سلطاتها بكيفية فض اعتصامات
المحتجين بالقوة. وحمل رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية استمرار حملة الاعدامات
في العراق التي تصاعدت مؤخرًا. وطالب الأكراد بالوقوف "وقفة بطولية لإيقاف القتل
والاعتداءات ضد أهل السنة والجماعة".
اما المتظاهرون في مدينتي
كركوك والحويجة شمال شرق بغداد فقد أكدوا رفضهم التفاوض مع الحكومة وأكدوا أنها
أصبحت "جزءًا من إيران ودعوا إلى "بناء دولة العدل لا دولة الميليشيات" وطالبوا
"المنافقين" في إشارة إلى الوزراء الذين عادوا إلى مجلس الوزراء، بأن "يكونوا
وطنيين" مؤكدين أنهم "شركاء في إعدام الأبرياء".
ومن جهته حمل ممثل الأمين
العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر جميع الأطراف السياسية مسؤولية استمرار
التظاهرات كونها جزءاً من الحكومة مؤكدًا وجود محاولات للجوء إلى العنف لإسقاط حزب
معين فيما نفى انحيازه إلى أي جهة على حساب أخرى.
وقال كوبلر إن "التظاهرات
التي تشهدها المحافظات استمرت لمدة طويلة، ويجب العمل على الالتفات للمتظاهرين
وإنهاء هذه القضية"، محملاً "جميع الكتل والأحزاب السياسية مسؤولية استمرار
التظاهرات لأنها جزء من الحكومة والعملية السياسية".
ودعا إلى "العمل على خلق
توازن بين الطرفين وتحقيق الخطاب الوطني والابتعاد عن الطائفية" مشيرًا إلى "وجود
محاولات للجوء إلى العنف من اجل إسقاط حزب معين وهذا غير مقبول". واعتبر أن "الكتل
السياسية إذا عملت بخطاب موحد فستحقق الكثير من النتائج الجيدة"، لافتًا إلى أن
"العراق بلد الثقافة والشباب وإذا تم استغلال هذه الطاقات بشكل صحيح فسيتحقق
الاستقرار".
وحول اتهام بعض الأطراف
السياسية والمكونات الاجتماعية له بالانحياز للحكومة، أكد كوبلر في تصريح صحافي" أن
"الأطراف التي التقيت بها في كركوك أو بغداد لم يتهمني أحد منها بأنني منحاز
للحكومة ضد المتظاهرين أو أي طرف آخر وقد سمعت بهذا الاتهام عبر وسائل الإعلام"
نافياً انحيازه لأية جهة على حساب أخرى.
وكان كوبلر قال الثلاثاء
الماضي لدى زيارته إلى محافظة كركوك الشمالية إنه وجه دعوات لجميع مكونات المحافظة
للاجتماع الأسبوع المقبل ومناقشة الأمور الخلافية المؤجلة لانتخابات مجلس المحافظة.
وأكد أن الامم المتحدة لديها تحفظات على العملية السياسية في العراق وطالب
المتظاهرين بالابتعاد عن لغة الطائفية والحفاظ على سلمية تظاهراتهم.
يذكر ان محافظات بغداد
والانبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى تشهد منذ 25 كانون الأول (ديسمبر)
الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء
ومقاضاة "منتهكي أعراض" السجينات فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4
ارهاب وقانون المساءلة والعدالة واصدار عفو عام والغاء الاقصاء والتهميش لمكونات
عراقية.
مرجعية
السيستاني تؤكد حيادها في الانتخابات المقبلة
ودعت المرجعية الشيعية
العليا في العراق الناخبين إلى اختيار المرشحين القادرين على خدمتهم مؤكدة عدم
انحيازها لأي مرشح أو قائمة انتخابية وشددت على أن الاموال التي تدفع لشراء الاصوات
حرام.
وقال الشيخ عبد المهدي
الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي الاعلى اية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة
الجمعة بمدينة كربلاء (1110 كم جنوب بغداد) إن المرجعية ليس لها أي رأي داعم أو
سلبي تجاه أي مرشح من المرشحين أو أي قائمة أو كيان للانتخابات التي ستجري في
العشرين من الشهر الحالي، بل الامر متروك بتمامه لاختيار المواطن هو الذي يتحمل
المسؤولية عن ذلك.
وأكد على المواطنين حسن
الاختيار للمرشح والقائمة معًا، وذلك باعتماد المعايير الصحيحة من خلال اختيار
الشخص الذي يقوم بالخدمة والنزاهة والذي تهمه مصالح البلد، والذي لا يبحث عن مصالحه
الشخصية وأن يحاول المواطن التمحيص والسؤال من اهل التجربة ليعينوه من هو صالح عن
ذلك وأن يفحص عن القائمة وإن كانت القائمة مرضية والمرشح ايضًا.
وأشار إلى أنّه اذا أساء
المواطنون الاختيار فإنهم وحدهم يتحملون المسؤولية الآن، المرجعية أكدت على ضرورة
اعتماد المعايير بشكل تفصيلي. وأكد أنّ الانتخاب الصحيح على ركنين الشخص المرضي
والقائمة وشدد على ضرورة عدم التأثر بالولاءات العشائرية أو المناطقية التي تتعارض
مع هذه التوصيات لكي تكون معيارًا للاختيار لأن الانتخابات مسؤولية وامانة في اعناق
المواطن.
وعبر عن الامل في أن تكون
الانتخابات شفافة ونزيهة وقال: "لايمكن للانتخابات أن تكون بوابة للتغيير نحو
الافضل ما لم تطبق هذه الاجواء، اما بذل الاموال واعطاء الوعود بالتعيينات فإنها
غير جائزة وتثقل الانتخابات نزاهتها".
وأشار إلى أنّ "المال
المأخوذ مقابل انتخاب الشخص المرشح يعتبر مالاً سحتًا وحرامًا".. وتساءل بالقول
"كيف يؤتمن شخص يشتري مقعده ويكون ماله حراماً فمثل هذا الانسان ممكن أن يبيع ضميره
في المال بالمستقبل". يذكر أن 8138 مرشحًا قد تقدموا للتنافس في السباق الانتخابي
في المحافظات الاربع عشرة التي ستجري فيها الانتخابات لشغل 447 مقعدًا بينها 117
مقعدًا مخصصة للنساء و 9 مقاعد مخصصة للاقليات.
ولن تجري الانتخابات في
المحافظات الاربع الاخرى من بين 18 محافظة تتشكل منها البلاد، حيث حددت حكومة اقليم
كردستان تموز (يوليو) المقبل موعدًا لانتخابات محافظات الاقليم الثلاث وهي اربيل
والسليمانية ودهوك فيما لاتزال الخلافات بين مكونات محافظة كركوك (225 كم شمال غرب
بغداد) تعيق تحديد موعد لإجراء انتخاباتها المعطلة.
شرط
المالكي... ولاية ثالثة
وقال مبعوث أميركي إلى
العراق إنه في بغداد بمهمة لادامة التواصل مع القوى السياسية العراقية وسيقوم
بزيارة إلى اربيل في محاولة لانهاء الخلافات بينها وبين بغداد، داعيًا جميع الأطراف
إلى تقديم تنازلات للوصول إلى حلول، موضحًا أن المالكي موافق على شروط الاقليم
مقابل دعمه بولاية ثالثة.
وقال مستشار وزير الخارجية
الأميركي بريت ماكجورك خلال لقاء مع صحافيين في مقر السفارة الأميركية في بغداد
التي وصلها امس: "جئت هنا إلى بغداد لمتابعة ما حصل بعد زيارة وزير الخارجية
الأميركي جون كيري إلى العراق اواخر الشهر الماضي وسأقوم باجتماعات مع الكثير من
القادة السياسيين وسأذهب إلى اربيل وبعدها أعود إلى واشنطن".
وأشار إلى أنّ كيري أوصل
خلال زيارته الأخيرة للعراق رسالة إلى الكيانات السياسية تحثهم على ضرورة التحاور
في ما بينهم، وأن يقدم كل طرف مطالبه بشكل محدد وصريح"، موضحًا أن "كيري حث الأطراف
على تقديم تنازلات للوصول إلى حل". ودعا "جميع الأطراف في بغداد للجلوس على طاولة
الحوار"، وقال "كنا سعداء عندما وجدنا التطورات الاخيرة واللقاء الذي يحصل بين
التحالف الوطني والكردستاني ".
وأشارماكجورك إلى أن
"النقاط الخلافية بين الإقليم والمركز هي أربع نقاط، الاولى دفع مستحقات الشركات
النفطية وهذا الامر ترك ضمن الموازنة وايضا مرتبط بقانون النفط والغاز الذي لم
يشرع، والثانية المادة 140 المناطق المتنازع عليها، والثالثة قوات دجلة وتوزيع هذه
القوات، وهذا الامر موضع خلاف، والرابعة مرتبات عناصر قوات البيشمركة الكردية وهل
تدفع من الحكومة المركزية أو الجانب الكردي".
وتأتي الوساطة الأميركية
هذه بعد يوم واحد من زيارة قام بها وفد من التحالف الوطني إلى إقليم كردستان العراق
من أجل حل المشاكل بين بغداد وأربيل التي يقاطع ممثلوها في الحكومة المركزية حضور
جلسات مجلس الوزراء والبرلمان منذ حوالي الشهر.
وأضاف المستشار الأميركي في
تصريحاته التي نشرتها وكالة "المدى بريس" أن المالكي موافق على شروط الاقليم مقابل
دعمه بولاية ثالثة وهذا شأن داخلي لسنا طرفاً فيه. وقال "دور الولايات المتحدة
بالعراق حيادي، وتشجع جميع الأطراف ان يلعبوا دورًا ايجابيًا ضمن الدستور، وأن
يقدموا تنازلات لبعضهم"، مستدركًا "وإذا كان هناك اتجاه لتشكيل حكومة أغلبية فلتكن
ولكن ضمن الدستور وبموافقة الجانب العراقي".
وأكد ماكجورك قائلاً "كل
شيء ضمن الدستور نحن معه، وعلى الأطراف السياسية بالعراق أن تلعب اللعبة السياسية
وفقًا للإطار الدستوري"، وأكد أن قيام حكومة أغلبية سياسية "أمر دستوري"، موضحًا
بالقول: "فمثلاً كان كثير من اللغط يدور حول سحب الثقة عن رئيس الوزراء وكان هذا
الطلب دستوريًا ونحن معه لأنه ينسجم مع الدستور، كذلك الأغلبية
السياسية".
وتوقع مستشار وزير الخارجية
الأميركية "حدوث تغييرات كبيرة بالعراق خلال السنتين المقبلتين" وقال إن "انتخابات
مجالس المحافظات، والانتخابات النيابية ستؤديان إلى هذا التغيير، إضافة إلى حدوث
كثير من التغيّرات بالمنطقة"، لافتا بالقول "انتظروا لأنه سيحدث كثير من التغييرات
".
وشدد بالقول "على الرغم من
دورنا المحايد الذي نلعبه، لكننا صارمون جدًا في بعض الاحيان مع بعض الأطراف
السياسية عندما يتطلب الأمر، بحسب الوقت والموضوع المطروح"، وقال"نحن نلعب هذا
الدور خلف الأبواب الموصدة".
ويعمل ماكجورك حالياً
كمستشار أول لوزير الخارجية الأميركية لشؤون العراق، وعمل بالعراق ما بين سنة
2005-2009 كمستشار للسفير راين كروكر والسفير كريستوفر هيل في بغداد، وقبل ذلك عمل
مستشاراً للشؤون الدولية في مجلس العلاقات الخارجية وفي مجلس الأمن
القومي.
ورشح ماكجورك لمنصب السفير
الأميركي في العراق صيف عام 2012 قبل تعيين السفير الحالي ستسفن بيكروفت إلا أنه
استبعد من المنصب بسبب فضيحة نجمت عن علاقة غرامية أقامها ماكجورك مع صحافية
أميركية خارج زواجه، كما لاقى ترشيحه اعتراضات شديدة من قبل القائمة العراقية
بزعامة أياد علاوي التي اتهمته بأنه متعاطف مع رئيس الحكومة وسياسته، وقدمت
اعتراضًا رسميًا للكونغرس الأميركي على ترشيحه كسفير في
العراق.